العلاقة المجهولة بين الممثل وائل رمضان وزهران علوش

2021.01.12 | 00:06 دمشق

rnmmmd.jpg
+A
حجم الخط
-A

أدلى الممثل "وائل رمضان" قبل مدةٍ، بتصريحٍ مفاده: أنه أدى دوراً في أحد المسلسلات، يجسد شخصية رجل دينٍ فاسدٍ، وقال ما في معناه، إن ذلك الدور كان يرمز للسيد "زهران علوش"، المؤسس والقائد السابق لتنظيم "جيش الإسلام"، وقال السيد "رمضان" أيضاً: إن تأديته للدور نابعة من معرفته الشخصية بعلوش، حين كان طالباً في كلية الحقوق بدمشق..

صبيحة يوم الثلاثاء 26 حزيران 2012، استدعي الطبيبان المتبقيان في قدسيا إلى مشفى "يحيى التخصصي"، كان العديد من الجرحى قد وصلوا للمشفى مقطعي الأوصال، نتيجة إصابتهم بشظايا قذائف "الهاون"، والدبابات، أحد أولئك الطبيبين كان أخي، الذي كان يتخصص في طب الأطفال، لم يستطع الطبيبان فعل شيء، أو إنقاذ أي جريح؛ في المساء التقيت بأخي وكان غاضباً؛ لا توجد في المشفى أمصال، ولا أكياس دم، ولا أدوية، ولا غرفة عمليات مجهزة، بعدما هجرها مالكها، والعاملون فيها، وفضلاً عن ذلك، فأخي والطبيب الآخر لم يكونا جرّاحين، ولا حتى متخصصين في طب الطوارئ، ولم يستطيعا التعامل مع حالات القطع والبتر، التي وصل بها المصابون؛ وسينتهي الحال بأخي بعد سنواتٍ، أن يُكتشف نشاطه، لتطلبه المخابرات العسكرية، فأهربه مع عائلته إلى إدلب، فيما سينقلب الحال بالطبيب الآخر، فيغدو بدوره مريضاً يتلقى العلاج من أثر الصدمة، ويعتزل مهنة الطب نهائياً.

من بين الجرحى الذين نُقلوا للمشفى، واستشهدوا، كان مسعفٌ ميدانيٌ، يحمل لقب الـ (22) على أجهزة الاتصال؛ واسمه الحقيقي: "محمد رمضان"، وهو بالأصل من أبناء مدينة الزبداني..

في أحد الأيام الموالية، اتصل بي القائد "أبو لؤي"، كان يريد مكاناً للاجتماع بشخصٍ أرسله قائد "لواء الإسلام"، وحصل الاجتماع في حديقة منزلي الخالي، لم أكن موجوداً، ولم أحضر اللقاء بين القائد "أبو لؤي" والقائد "أبو خالد الجبل".

جاء "أبو خالد الجبل" مبعوثاً من زهران علوش، بهدف انضمام مجموعات الجيش الحر في قدسيا للواء، وبالفعل جرى اتفاق أولي على الانضمام، فأرسل "لواء الإسلام" ضابطاً منشقاً برتبة نقيبٍ، حمل لقب (الكابتن) لقيادة مجموعات الحر في قدسيا، فيما قام القائد "أبو خالد الجبل" بإحضار كميات من الأسلحة والذخائر المتنوعة، كان من بينها بنادق بلجيكية: Fusil Automatique Leger، عيار: 7.62 مم ناتو، والمعروفة اختصاراً، باسم (FAL)، وبنادق ألمانية: Gewehr، والمعروفة اختصاراً، باسم (G3)، عيار: 7.62 مم ناتو، وبنادق أميركية: Colt، والمعروفة باسم M16))، عيار: 5.56 مم ناتو، كانت قد قدمتها دول عربية، وغربية للجيش الحر.

بقيت مجموعة "أبو خالد الجبل" في وادي بردى، وانضمت إليه مجموعة "الحمزة" من قدسيا، وبقيت تقاتل معه هناك، تحت علم "لواء الإسلام".

أسس القائد "أبو خالد الجبل" مجموعة عسكرية في قدسيا، وبقي فيها مع "الكابتن المقنع"، رغم انتهاء الاتفاق بين الجيش الحر في قدسيا، و"لواء الإسلام"، برفض الانضمام؛ وقاتل "أبو خالد الجبل" في قدسيا، إلى أن وقع الانسحاب، عبر نفق مجرى مياه عين الفيجة، يوم الجمعة 6 تشرين الأول 2012، وحين عادت مجموعات الجيش الحر إلى قدسيا، بقيت مجموعة "أبو خالد الجبل" في وادي بردى، وانضمت إليه مجموعة "الحمزة" من قدسيا، وبقيت تقاتل معه هناك، تحت علم "لواء الإسلام".

أشهر المعارك التي خاضها، و/أو شارك في قيادتها "أبو خالد الجبل"، معركة السيطرة على حاجز "الفاخوخ"، الواقع خلف جبال قريتي "إفرة"، و"هريرة"، كان الحاجز يمتد على مسافة تزيد على 1 كم طولاً، غنم القائد "أبو خالد الجبل" من ذلك الحاجز، العديد من الأسلحة الثقيلة، بما فيها: الدبابات، والمدرعات، والكثير من الأسلحة المتوسطة، والخفيفة، والذخائر المتنوعة، ذلك النصر كان مهماً من الناحية العسكرية والإستراتجية، إذ أصبح الطريق من وادي بردى، وصولاً لمدينة يبرود محرراً، وأصبح الطريق من ريف دمشق الغربي، مروراً بالقلمون الغربي، فالقلمون الشرقي، وصولاً للغوطة الشرقية، سالكاً أمام الثوار، والسلاح؛ فيما كان النجاح الأكبر للقائد "أبو خالد الجبل"، مشاركته في قيادة عملية السيطرة على مستودعات "دنحة" الإستراتيجية، ومستودعات الفرقة الثالثة، في منطقة القلمون، والتي حصل من خلالها "لواء الإسلام"، على كمياتٍ هائلةٍ من الأسلحة الثقيلة، والذخائر المتنوعة، بما فيها: صواريخ قصيرة، ومتوسطة المدى (كاتيوشا)، وصواريخ مضادة للدروع (كورنيت)، ودبابات، ومدرعات، وصواريخ مضادة للطائرات (سام)؛ وعلى إثر ذلك رفَّع "زهران علوش" القائد "أبو خالد الجبل" لمنصب القائد العسكري العام ل"لواء الإسلام"، في القلمون الغربي.

كان القلمون الغربي في تلك الفترة، مخترقاً بشكلٍ فاضحٍ من قبل عملاء النظام، الذين قاموا بعدة جرائمٍ، منها تفجير مسجد بلدة "سوق وادي بردى" وتفجير مسجد "خالد بن الوليد"، في سهل رنكوس، بسيارات مفخخة، وقت صلاة الجمعة، فأوقعا عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والمقاتلين؛ كما اكتشف الشهيد "الحمزة"، والذي كان يعمل تحت قيادة "أبو خالد الجبل" ولواء الإسلام، أنَّ أحد أشجع المقاتلين في مجموعته، وكان مجنداً منشقاً، كان عميلاً لاستخبارات النظام، وتسببت عمالته باستشهاد بعض خيرة الشباب.

عَبرتُ حاجز "الفاخوخ" فجراً، أواخر العام 2013، في رحلة سريةٍ، قصيرةٍ إلى بيروت، وعند عودتي من "عرسال" اللبنانية إلى "يبرود" السورية، حضر صديقي الشهيد "أبو صدقة"، والمقاتل "أبو عمر جحدر" لاصطحابي، وانطلقنا حوالي الساعة ال11 ليلاً، باتجاه وادي بردى، وعند وصولنا لبلدة "عِسال الورد"، أوقفنا حاجز مسلحين، ادعوا أنهم من الجيش الحر، سألونا من أين أنتم، وما أن أجابهم "أبو عمر"، حتى هجموا علينا، بأسلحتهم، وأنزلونا من السيارة، وصادروا كل ما معنا، وألقونا منبطحين على الأرض، ووضعوا بنادقهم على رؤوسنا لإعدامنا، لكن الله كتب لنا النجاة، - دون الخوض في التفاصيل الآن -، ووصلنا إلى قرية "بسيمة"، حيث أمضيت ليلةً مع القائد "أبو لؤي"، وعدت في اليوم الثاني إلى قدسيا، لألتحق بدوامي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم بدمشق، كأي موظفٍ "ما دخلو بشي".

أثناء تلك الفترة، كان السيد "زهران علوش" قد أصدر أمراً بإعفاء القائد "أبو خالد الجبل" من مهامه العسكرية، ونقله لمكتب في إسطنبول، بعد تحميله مسؤولية خسارة معركة "قارة"، لكن "أبا خالد الجبل" رفض قرار "علوش"، وأعلن انشقاقه عن "لواء الإسلام"، وقام بتأسيس سريةٍ، أسماها: "خالد بن الوليد"، واستكمل بها المعارك ضد قوات النظام.

في الحقيقة، كان للشهيد "أبو خالد الجبل" الكثير من الأعداء، والمتربصين في وادي بردى والقلمون، وكانت قوات النظام في تلك الفترة تتقدم باتجاه مدينة "يبرود"، وبدأت ميليشيات "حزب الله" هجوماً شرساً على حاجز "الفاخوخ"..

استبسلت كتيبة "الحمزة" في الدفاع عن الفاخوخ، دون أن تآزرها مجموعات وادي بردى، لكن الحاجز سقط بيد "حزب الله"، بعد استشهاد القائد "الحمزة"، ومعظم أفراد كتيبته، وهم من خيرة أبناء قدسيا، واستشهد معهم صديقي "أبو صدقة" الذي انضم مع "أبو لؤي"، لمؤازرة "الحمزة".

قبلها بأيامٍ فاصلةٍ، وفي منطقة سهل رنكوس، في ساعة متأخرة من الليل، أوقف حاجزٌ مسلحٌ سيارة "أبو خالد الجبل"، وسألوه عن هويته، فأخبرهم، فرحبوا به، وأجابوه: تفضل بالمرور، وما أن تحركت سيارة "الجبل" حتى عاجلها المسلحون بإطلاق النار من الخلف، ولاذوا بالفرار، بعد تأكدهم من مقتل القائد "الجبل"، ومرافقه، الذي تظاهر بالموت.. لينجو.

"أبو خالد الجبل" هو شقيق المسعف، الشهيد الـ"22"، الذي حاول أخي إنقاذه، صيف العام 2012، وهما في الحقيقة من عائلة "رمضان" من مدينة الزبداني، ومن أبناء عمومة الممثل "وائل رمضان"

دُفِن القائد "أبو خالد الجبل" مكان استشهاده، في بقعةٍ مجهولةٍ من سهل رنكوس، بحسب وصيته: أن يُدفن حيث يستشهد، وتناقلت صفحات النظام خبر تحييد القائد "الجبل"، دون أن تعرف من يكون في الحقيقة.

لكن، من كان ذلك القائد المدعو "أبو خالد الجبل"؟

"أبو خالد الجبل" هو شقيق المسعف، الشهيد ال"22"، الذي حاول أخي إنقاذه، صيف العام 2012، وهما في الحقيقة من عائلة "رمضان" من مدينة الزبداني، ومن أبناء عمومة الممثل "وائل رمضان"، الذي كانوا يتشاركون معه يوماً ذات العائلة، وذات الدم.

العائلة، الدم الذي يمكن أن تحولهما رذيلة: حب الدنيا.. لا إلى ماء وحسبٍ، بل إلى ذرات ترابٍ، تذروها الريح.. والزمن.