العرّافة العمياء تعجز عن التنبؤ بالفائز بالرئاسة السورية!

2021.05.22 | 05:42 دمشق

unnamed.jpg
+A
حجم الخط
-A

توقّعت العرّافة البلغارية بابا فانغا، بعد ضرب الرمل (ضرباً مبرحاً)، وقراءة الفنجان (بالهيروغيليفية) ورمي الودع، وقراءة كفِّ الغيب، والنظر في النجوم، ومهاتفة الجان والعفاريت بالهاتف الخليوي أنَّ بشار الأسد سيحقق مفاجأة نوعية، وسيفوز على منافسيه المناضلين التقدميين الناصريين القويين بالنقاط، وبفارق صغير قد يكون عدة أصوات مبحوحة، مع أنه يتمتع بخصائص بشريّة وقوميّة حزبيّة وطائفيّة، وفي الهيئة، مثل طول رقبته، وهي صفة لا تتوفر في خصميه، وإذا كانت بابا فانغا قد أًصابت في كثيرٍ من تنجيماتها وإخبارها عن الغيب المحجوب، فإنّها أخطأت في وصفها لمنافسيه عبد الله سلوم ومحمود مرعي بالقويين، وجانبت الصواب.

هي عرّافة لا تعرف أنَّ بشار الأسد رجل كريم، وأنه تبنّى تكاليف صيانة حملتي خصميه الانتخابية وإصلاحهما، من عرق جبينه في العمل بالفاعل وسهر الليالي وتجارة الكبتاغون، لأنهما سيؤديان دورًا مهمًا في فلم الانتخابات، وسيخرجان من المنافسة الإمبريالية الشرسة بدخول التاريخ والفيزياء ومادة الرسم والأشغال.

كان أبو المرشح السوري بشار حافظ الأسد ذكيًّا ويستشير العرافين والكهنة، فادّخر قروشًا سياسية تقدمية ديمقراطية

وهما عضوان من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وأمثالها، ولا يفرِّق السوريون بين أحزاب الجبهة التي تتشابه أسماؤها وأفعالها وباصات نقلها الداخلي الميكرو باص، وهي جميعًا ناصرية وشيوعية من عصر الديناصورات والراصورات.

كان أبو المرشح السوري بشار حافظ الأسد ذكيًّا ويستشير العرافين والكهنة، فادّخر قروشًا سياسية تقدمية ديمقراطية في مطمورة الجبهة التقدمية ليوم ابنه الأسود، وقد جاء اليوم الأسود، فكسر المطمورة الفخاريّة السياسية، واستخرج المرشحيّن من الجبهة الوطنية التقدمية وجعلهما منافسَين له، حتى يقنع الصين الشعبية وروسيا غير الشعبية ودول الطوق والكلبشات، بأنّه ديمقراطي مثل بوتين ومثل دنغ شياو بينغ وكيم ايل سونغ.

 العرّافة تجهل أنّ المرشحين الخاسرين سيفرحان طويلًا بشرف منافسة الأسد الذي سجد له مناصروه، وهو شرف لم يكونا ليحلما به إلا بعد حرب امتدت عشر سنوات، ومليون شهيد، وساعات جدارية، وقطيع من العنز، وإنهما سيكبران في عيون أولادهما وأحفادهما وجيرانهما، وفي عيني بقّال الحارة وبائع المازوت وجرار الغاز، بترشحهما للرئاسة في مواجهة الأسد، الذي تغلّب على مؤامرة كونية اشتركت فيها 83 دولة، وسيفخران بيوم خسارتهما مثلما احتفل فريد الأطرش بيوم مولده، ويتبركان به، وسيجعلانه يومًا للاحتفال، ويعلمان أنَّ التاريخ سيذكرهما كمثالين، وجسرًا لعبور سوريا من عصر الاستفتاءات بالمرشح الوحيد، إلى عصر الانتخابات التنافسية والديمقراطية التي لم نكن جاهزين لها، فصرنا جاهزين بعد الحرب وفي أثنائها!

ويختلف المحللون حول صفات هذا العبور وأسبابه، هل كان ثمرة لتضحيات السوريين، أم أنه منّة من الأسد امتنّها على الشعب السوري وعلى الديمقراطية التي نضجت في الحرب، أم أنها كالعادة حرق للمراحل؟ فالأسد طباخ معروف بحرق المراحل، فتنازل، وقبلَ بمنافسين، وليس واحدًا، تنتشر صورهما على اللوحات في سوريا الأسد، وكأنهما من نجوم الصف الأول في الدراما، وكان ذلك كفرًا سياسيًا في العصور السابقة.

 كما تنازل تنازلًا آخر، فكشف اللثام عن برنامجه الانتخابي النووي، وأكثر من صوره الجميلة بالفوتوشوب حتى يسبي بها قلوب العذارى وأصوات الثكالى والأيامى وأبناء السبيل وفي الرقاب.

لا يتمتع المرشحان بمواهب خطابية وفلسفية كالتي يتمتع بها صاحب الدورة الرئاسية الرابعة، وليس لهما والد عظيم ومقدّس (حسب سهيل النمر)، وخسارتهما حتمية، كما يجدر بهما شكر الأسد أنه لم يدخل المعركة الرئاسية بجميع أسلحة سيرته الذاتية لإقناع الناخب بنفسه، وإلا كان سبق المرشحين بسنين ضوئية.

يظهر في أدبيات الانتخاب أنَّ المرشحين الثلاثة إخوة متحابون، يؤْثرُ واحدهم زميله على نفسه ولو كان به خصاصة، كأنهم غير متنافسين على منصب لم يُسلّ في تاريخ العرب سيفٌ كما سُلَّ عليه. ويذكر أن الأسد، وإن كان قبلَ بمرشحين يُذكران معه في التاريخ والكيمياء، فإنه لم يبلغ به الجنون الديمقراطي أن يقبل بمناظرة تلفزيونية مع أحدهما أو كليهما، فالعفو عند المقدرة.

ويُذكر أنّ نبوءة العمياء ذكرت أنَّ أسباب فوزه هي وقوف الممثلين والفنانين والشيوخ والملائكة أجمعين معه. ويلاحظ أنَّ من أسباب فوزه الحتمي أنَّ شعارات خصميه الانتخابية ليست وعودًا يعدان بها المواطن في حال فوزهما، وإنما هي أمنيات مواطنين ورعايا، وأحيانا تشبه طلبات "ما يطلبه الجمهور".

خلت المنافسات من الأثرة، واتسمت بالإيثار، فالمتنافسون يتخلّقون بأخلاق العروبة والفداء، وسجايا حاتم الطائي والمقدام سهيل النمر.

حرمان السوريين من الانتخاب لن يحرم الأسد من الفوز وتحقيق نبوءة السيدة بابا فانغا، وأنه ما هكذا تورد الإبل والحمير يا ألمانيا ويا بيروت

وذكرت تقارير روسيّة أنَّ روسيا عرضت على معاذ الخطيب الترشح للرئاسة مع ضمان نزاهة الانتخابات والخسارة المؤكدة، لكنه أبى واستكبر، ويؤسفنا أنَّ دولة أوروبية، وأخرى عربية شقيقة منعت إجراء الانتخاب الديمقراطي والتمتع بها في سفارة سوريا، وأنَّ حرمان السوريين من الانتخاب لن يحرم الأسد من الفوز وتحقيق نبوءة السيدة بابا فانغا، وأنه ما هكذا تورد الإبل والحمير يا ألمانيا ويا بيروت، وإن كانت هذه الدول تريد إيذاء نظام الأسد، فهناك طرق أخرى غير هذه الطريقة السخيفة طعنًا في الظهر والمؤخرة، فالانتخاب السوري صحيح شرعيًا، حتى إنه التزم بالصمت الانتخابي، وإذن البكرِ صِماتها.

وإنَّ الفرحة الديمقراطية كانت ستكون أكبر لو أنَّ الأسد قَبِلَ بمنافسة مرشحة حسناء عيطبول، الأمر الذي كان سيثبت أنَّ سوريا قد تعافت من السرطان والكورونا والإرهاب والذكورية، ودخلت عصر الحب والخصوبة، ونزل الأسد دركتين بدلًا من دركة واحدة من الشجرة العالية التي تسلّقها كالقرد، ويظن أنَّ عدم قبول الرئاسة بمرشح نسائي هو أنه كان سينزل لها عن الرئاسة في هذه المرحلة الحرجة، لمروءته، وعملًا بمقولة: ليديز فيرست.