السوريون في اليوم العالمي لـ مكافحة الاتجار بالأشخاص

2020.07.29 | 23:55 دمشق

cq5dam.thumbnail.cropped.750.422.jpeg
+A
حجم الخط
-A

في نهاية عام 2015 قبضت الشرطة التركية، على الإسرائيلي "بوريس فولفمان" في مطار أتاتورك في إسطنبول، لدى وصوله على متن رحلة من بانكوك، بعد التأكد من ضلوعه في إدارة شبكة دولية للاتجار بالبشر وبتجارة الأعضاء والقيام بعمليات احتيال، ضد مواطنين سوريين، ألجأهم العوز ليكونوا ضحايا لعمليات احتيالٍ منظمة، تفضي إلى بيعهم لأعضائهم أو الوقوع في شبكات الرقيق الأبيض.

لقد كشف مركز أبحاث «غلوبال ريسيرش» عن إلقاء القبض على تاجر أعضاء «إسرائيلي» ملاحق من الشرطة الدولية. وأكد المركز أن «بوريس فولفمان»، كان يبيع أعضاء بشرية، مأخوذة من سوريين مقابل 70 إلى 100 ألف يورو، كما ورد في نص الاتهام الموجه إليه، فيما كان يدفع إلى المتبرع عشرة آلاف يورو فقط.

ما إن يخرج المواطن السوري من مساحة الحرب الدائرة في أرضه، حتى تتصيده شبكات تجارة الأعضاء، وتجّار البشر، ليصبح سلعةً متداولةً ومطلوبةً بشكلٍ كبير، بين أيدي مافيات الدعارة والمخدرات، وتجارة الأعضاء البشرية، وتجارة الأطفال، التي تتوزع بحرفيةٍ عاليةٍ في الأرض السورية، وفي دول الجوار، وعبر منافذ التهريب براً وبحراً.

هذه الشبكات المحلية والدولية تحصد مئات الملايين من الدولارات ثمناً لتلك التجارة المحرمة دولياً، إضافة لآلاف عمليات الخطف بقصد طلب الفدية والتي تمارس بشكل كبيرٍ ويومي في المدن السورية وفي مقدمتها دمشق وحلب.

ولا توجد إحصائيات تقارب حجم هذه الجريمة، وأعداد ضحاياها، التي تختلط بالقتلى والمختفين قسرياً، لدى فروع الأمن السورية، وفي سجون الميليشيات الموجودة على الأرض السورية.

يعرِّف بروتوكول الأمم المتحدة، الاتجار بالأشخاص "بأنه تجنيد أو نقل أو تحويل أو إيواء أو استلام الأشخاص عن طريق التهديد، أو استخدام القوة، أو أي نوع آخر من أنواع الإكراه، أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استخدام القوة، أو الاستغلال لموقف ضعيف، أو إعطاء أو تلقي دفعات أو فوائد؛ للحصول على موافقة شخص يتمتع بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال". وتكمن خطورة هذه الجريمة من خلال انتهاكها حق الإنسان في الحياة والحرية والخلاص من العبودية بكل أشكالها.

وهي جريمة وصفتها الأمم المتحدة، بأنها وصمة عارٍ وخزيٍ في جبين الإنسانية. وقد أصبحت هذه التجارة اليوم في سوريا، تتصدر الأنشطة التجارية غير المشروعة، إلى جانب الاتجار بالمخدرات.

يعرِّف بروتوكول الأمم المتحدة، الاتجار بالأشخاص "بأنه تجنيد أو نقل أو تحويل أو إيواء أو استلام الأشخاص عن طريق التهديد، أو استخدام القوة، أو أي نوع آخر من أنواع الإكراه..."

وتشير بعض الأرقام والدراسات، إلى أنه يعيش 27 مليون إنسان حول العالم -80% منهم من النساء، والأطفال - كضحايا الاتِّجار بالبشر التي أمست أكبر تجارة غير شرعية في العالم، وتقدر منظمة العمل الدولية (I.L.O)   أرباح استغلال النساء والأطفال جنسياً بنحو 28 مليار دولار سنوياً!! كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بنحو 32 مليار دولار سنوياً!! وتؤكد المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والفتيات، ويتعرض نحو 3 ملايين إنسان في العالم سنوياً للاتجار بهم، بينهم 1.2 مليون طفل.

وكما تطوَّر مفهوم الاستعمار من نمطه القديم إلى أنماطه الحديثة، التي تجاوزت شكلية الاحتلال العسكري، وانتقلت إلى آلياتٍ مختلفة، ربما يكون صندوق النقد الدولي، متربعاً على ذروة سنامها، كذلك تطورت آليات القرون الوسطى في استرقاق البشر، وتسخيرهم لصالح الأقوى، من الشكل القديم للعبودية، إلى أشكال أكثر مناسبةً للقرن الحادي والعشرين، حيث يساق الآلاف من البشر اليوم، مقيدين بعقودٍ وهميةٍ ووعودٍ زائفة، فيجنَّدون طوعاً وكرهاً تحت ضغط الفقر والحاجة، ليكونوا موضع استغلال جنسي أو خدماً في البيوت، وفق عقود مذلة وممارسات لا إنسانية، كما تتعداها إلى بيع الأعضاء البشرية وبيع الأطفال واستغلال النساء في تجارة الجنس.   

وقد نُقل عن رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق، "الدكتور حسين نوفل"، منذ أعوام أن عددَ حالات سرقة الأعضاء في المناطق الشمالية من سوريا، تقدر بنحو 18 ألف حالة، معظمها من الأطفال.

وسبق أن أكَّد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس "أنَّ منظمة العمل الدولية تفيد في تقاريرها، أنَّ عدد ضحايا العمل القسري والاستغلال يبلغ 21 مليون ضحية في أنحاء العالم، وتُقدّر الأرباح السنوية لتلك الممارسات بـ 150 مليار دولار" وبعيدًا عن الأرقام، هناك تكلفة بشرية؛ إذ يلقى أشخاص حتفهم، وتمزَّق مجتمعات، وتُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي".

وتشكل شبكات هذه التجارة المشؤومة، تنظيماً دولياً تنتشر عناصره، بدءا من القرى والبلدات الصغيرة، حيث يعشش الفقر والفاقة، ويغدو الإنسان في ظروف الحرب، مستعداً لبيع بعض أجزاء جسده، لينقذ أطفاله وأسرته من العوز الشديد، وربما الموت مرضاً، وصولاً إلى شبكة المشافي التي يشرف على غرف عملياتها السرية، أطباء محترفون ومجرمون، وانتهاءً بشبكات النقل والبيع في السوق العالمية، حيث يملك زمامها الأغنى والأقدر على دفع الثمن.

فهل من حالٍ أكثر بأساً وأشدَّ فظاعةً من حالنا كسوريين؟ إذ باتت أعضاؤنا وأجسادنا، وأبناؤنا وبناتنا سلعةً رائجةً، ومطلوبةً في سوق النخاسة العصري.

 

يعدُّ يوم الثلاثين من تموز من كلِّ عام، اليوم العالمي  لمكافحة الاتِّجار بالأشخاص.

كلمات مفتاحية