الرابحون والخاسرون في انتخابات 14 أيار في تركيا

2023.05.20 | 06:10 دمشق

الرئيس التركي
+A
حجم الخط
-A

جرت الانتخابات التركية في 14 من أيار ومع انتهاء وثبوت نتائج الانتخابات البرلمانية فقد تأجلت نتيجة الانتخابات الرئاسية أسبوعين إلى 28 من أيار 2023. ومن خلال الاطلاع على نتائج الانتخابات يمكننا الوقوف على أبرز الرابحين والخاسرين من انتخابات 14 من أيار.

بشكل عام يمكن القول إنّ الشعب التركي يعتبر رابحاً بهذه النسبة العالية من المشاركة التي وصلت إلى 88% وهي ثالث أعلى نسبة في تاريخ الانتخابات التركية.

لن نتحدث عن نتيجة الانتخابات الرئاسية سوى أن الرئيس أردوغان حقق فارقا يزيد على 4.5% عن أقرب منافسيه وهو كمال كليتشدار أوغلو بالرغم من دعم إطار واسع من الأحزاب لكليتشدار أوغلو.

أمام بالنسبة لنتيجة الانتخابات البرلمانية فيمكننا القول إن أبرز الرابحين كانوا كالتالي:

أولاً: الحركة القومية: ربح حزب الحركة القومية بشكل تخطى التوقعات حيث حصل على 10% بينما كانت كل شركات الاستطلاع وحتى أوساط مقربة من الحزب ترى أن الحزب توقفت شعبيته عند 7%. كما كان قرار رئيس الحركة القومية دولت بهتشلي صائبا عندما اتخذ قرار المشاركة في الانتخابات البرلمانية تحت شعار حزبه وليس ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية إذ كان هذا القرار العامل الأساسي لحصول تحالف الشعب على الأغلبية البرلمانية.

وفي السياق ذاته يمكن القول إنّ التيار القومي عموماً بالمؤيدين للحكومة أو الموجودين في المعارضة كان تيارا رابحا في هذه الانتخابات وأحد محددي النتائج بشكلها الحالي.

ثانيا/ الأحزاب المحافظة التي انضمت للمعارضة، فقد حصلت أحزاب السعادة والتقدم والديمقراطية والمستقبل على أكثر من 30 نائباً في البرلمان على قوائم حزب الشعب الجمهوري وهو رقم كبير جدا أكبر من شعبية هذه الأحزاب بأضعاف مضاعفة حيث أثبتت النتائج أن هذه الأحزاب لم تقدم أي إضافة ملموسة لحزب الشعب الجمهوري حيث لم ترتفع نسبة حزب الجمهوري عن انتخابات 2018 إلا بنسبة قليلة جدا، وعلى الأغلب لم يكن السبب في ذلك دخول الأحزاب المحافظة معه بل نشاط الحزب المتزايد في المدن الكبرى. ولكن مع ذلك تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب المحافظة الصغيرة التي انضمت للبرلمان ستتعرض لتراجع بعد الانتخابات في ظل سيناريو خسارة كليتشدار أوغلو وبدء عملية محاسبة داخل حزب المعارضة الأكبر قد تحدث فيه تفككا ستستمر معالجاته فترة طويلة.

ثالثا/ حزب الرفاه الجديد، حصل حزب الرفاه الجديد بقيادة فاتح أربكان على 2.8% وهي نسبة كبيرة بالنظر إلى أنه حزب جديد وله منافسون على الكتلة الانتخابية نفسها أبرزهم حزب السعادة وفي حين كانت التوقعات تعطي الحزب 1.5% على الأكثر فإن حصول الحزب على هذه النسبة واختياره الانضمام لتحالف الشعب الذي حصل على الأغلبية البرلمانية يدل على صحة قراره وانضمامه للجانب الفائز وسيوفر البرلمان منصة مهمة للحزب ونوابهم للانخراط في السياسة التركية والاستفادة من دعم الدولة للأحزاب السياسية المنضوية تحت قبة البرلمان.

رابعا/ حزب العدالة والتنمية، بالرغم من تراجع الحزب من 42% في 2018 إلى 36% في النتائج الأخيرة إلا أن الحزب بقي في الترتيب الأول في السياسة التركية وذلك بالرغم أيضا من كل التحديات التي واجهها في السنوات الأخيرة والتي لم يكن الزلزال سوى الحلقة الأخيرة فيها.

يمكن القول إن محرم إنجه وحزبه حزب البلد كانا من الخاسرين حيث كان انسحابه تحت الضغوط مؤشر ضعف وقد تلا ذلك انقسامات داخل حزبه

خامسا/ حزب الهدى بار، لم يكن حزب الهدى بار مرئيا على السياسة التركية ولكن مع انضمامه لتحالف الشعب فقد وضع نفسه ضمن الأحزاب الفائزة بالبرلمان وأصبح لديه لأول مرة 5 نواب في البرلمان التركي.

أما بالنسبة للخاسرين. فإن أول الخاسرين هي شركات الاستطلاع حيث تأكد الجميع أن نتائجها إما كانت موجهة أو كانت بعيدة عن المنهجية العلمية المعتمدة في إجراء استطلاعات الرأي.

أما ثاني الخاسرين فهو حزب الشعب الجمهوري إذ ثبت عدم نجاح مراهنته على الأحزاب الستة التي راهن عليها ضمن تحالف الأمة، وكذلك لم ينجح من خلال مقاربته التعاونية مع حزب الشعوب الديمقراطي ذوي الأغلبية الكردية.

وعلى جبهة البرلمان فقد خسر حزب الشعوب الديمقراطية قرابة 3% من أصواته ومع ذلك نجح في دخول البرلمان، ولكن الخسارة لم تكن رقمية بل كانت في الاستنتاجات التي باتت راسخة لدى الأحزاب التركية من الحكم والمعارضة وهي أن فكرة الفوز عبر التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطية باتت مشكوكا فيها بشكل كبير بعد عدم قدرة كليتشدار أوغلو على الفوز من خلالهم وبعد تراجع نسبتهم في البرلمان.

من زاوية أخرى كان لدور رئيسي بلدية أنقرة وإسطنبول في تكذيب نتائج الانتخابات قبل انتهاء عملية الفرز وإعلان نتيجة غير النتيجة الحقيقية وقع سلبي على الشارع التركي مما استفاد منه حزب العدالة والتنمية في تكريس انتقاده للمعارضة وسلوكها.

يمكن القول إن محرم إنجه وحزبه حزب البلد كانا من الخاسرين حيث كان انسحابه تحت الضغوط مؤشر ضعف وقد تلا ذلك انقسامات داخل حزبه واستقالات يصعب أن تقوم من بعدها له قائمة، لكن محرم إنجه قد يقفز من سفينة الخاسرين إلى سفينة الرابحين إذا لعب بشكل صحيح فيما يتعلق بالجولة الثانية.

من أبرز الخاسرين الذين لا يمكن المرور عنهم دون الإشارة إليهم هم حزب الظفر الذي تبنى سياسة معارضة للأجانب واللاجئين حيث حصل فقط على 1% ولم يدخل أوميت أوزداغ للبرلمان، ولم يلق اعتبارا من الشعب التركي ولعل من قد يقول إن مرشحهم للرئاسة سنان أوغان قد حصل على 5% ولكن هذه الأصوات كانت لأي مرشح ثالث بين أردوغان وكليتشدار أوغلو كخيار ثالث بغض النظر عن فكره وبرنامجه الانتخابي.