الحل العربي للمسألة السورية

2023.04.25 | 06:47 دمشق

اجتماع جدة لبحث عودة النظام إلى جامعة الدول العربية
+A
حجم الخط
-A

بعد أن انتهى اجتماع جدة في السعودية من دون أن يثمر عن أي نتائج، يصح القول عن مدى جدوى هذه الاجتماعات في ظل هذا الانقسام العربي حول القضية السورية، لكن الطريف في الأمر هو التصور العربي ذاته للحل في سوريا واختصار هذا التصور في إعادة تأهيل الأسد وإعادته إلى مقعد الجامعة العربية التي يبدو أن الأسد ذاته غير مهتم بها.

دون أن يدرك هذا التصور أن هذا لا يشكل أي حل للمسألة السورية المتشعبة والمعقدة فإعادة الأسد لن يقنع ملايين اللاجئين بالعودة إلى وطنهم ما دام الأسد في الحكم، وتأهيل الأسد لن يقنع ملايين النازحين بالعودة إلى مدنهم وقراهم وخاصة أولئك الملايين على الحدود السورية التركية الذين لا يرغبون بأي شكل بالعودة إلى "حضن الأسد" حيث القتل والتعذيب والإبادة.

كما أن عودة الأسد إلى مقعد جامعة الدول العربية لن يطلق سراح مئات الألوف من المعتقلين السياسيين الذين ينتظرون طريقهم في التعذيب والقتل، ولذلك أقل ما يوصف بهذا التصور العربي أنه أقرب للسذاجة منه إلى حل للمسألة السورية، فعودة الأسد لحضن الجامعة لا يمثل بأي شكل حلا لأي من قضايا المسألة السورية المتشعبة بالعكس تماما عودة الأسد يعني تقويته ضد الشعب السوري كي يستمر في التعذيب والقتل كي يستمر في مصادرة أملاك النازحين واللاجئين كي يستمر في حلفه مع إيران ضد رغبات الشعب السوري في الحرية وبناء دولة ديمقراطية.

لم يشهد التاريخ العربي المعاصر قاتلا أثخن بشعبه كما فعل الأسد وإذا سمح العرب بعودته يعني انهيارا كاملا للمنظومة العربية أخلاقيا وسياسيا مما سيعني بشكل أو بآخر مدى خواء هذه المنظومة العربية على المستوى الحقوقي والأخلاقي

عودة الأسد للجامعة تمثل إهانة للشعب السوري ولملايين السوريين الذين تعرضوا للتعذيب والتهجير والتشريد، ولذلك وجدنا رفضا شعبيا لمثل هذه الخطوات العربية السعودية والإماراتية وغيرها من الدول العربية التي تتبنى هذا التصور الساذج في اعتقادها لإنهاء المسألة السورية عبر مجرد مد السجادة الحمراء للأسد الذي تفنن في قتل آلاف السوريين عبر البراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي والحصار وغيرها من أدوات القتل والتعذيب. الذين على ما يبدو تناسوا كل ذلك وما حصل للشعب السوري على مدى 12 عاما وقرروا مصافحته مجددا.

لم يشهد التاريخ العربي المعاصر قاتلا أثخن بشعبه كما فعل الأسد وإذا سمح العرب بعودته يعني انهيارا كاملا للمنظومة العربية أخلاقيا وسياسيا مما سيعني بشكل أو بآخر مدى خواء هذه المنظومة العربية على المستوى الحقوقي والأخلاقي وكيف أن هذه المنظومة العربية سياسيا تعتمد على معايير عربية مغرقة في انتهاكات حقوق الإنسان ومغرقة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، عودة الأسد تعني السماح العربي لقاتل من طراز الأسد أن يصبح جزءاً من المنظومة العربية وجزءاً من المنظومة السياسية العربية.

عودة الأسد للجامعة العربية يعني تداعيات كبيرة على مستوى الجامعة العربية صورتها ومصداقيتها على مستوى العالم، كيف سينظر لها العالم والولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من الدول ينظر لها كمنظومة إقليمية تضم مجرما من حجم الأسد الذي امتلأت خزائن الأمم المتحدة بتقارير تصف طرق شرطته وأجهزته الأمنية بالتعذيب والقتل وارتكاب أكبر الفظائع بالشعب السوري الذي يحكمه بالقوة والقتل والنار.

شكرا للدول العربية التي عارضت عودة الأسد للجامعة العربية كقطر والكويت والأردن والمغرب، فهي الأقل تدرك حجم التداعيات الخطيرة على عودة مجرم بحجم الأسد إلى الحظيرة العربية التي نأمل دوما أن تكون انعكاسا للقيم العربية في التضامن واحترام حقوق الإنسان والعدالة ، هذه هي القيم التي يجب أن تعكسها الثقافة العربية وليست قيم القتل والتعذيب والتشريد.