التصعيد الروسي على إدلب إلى أين؟

2020.09.23 | 00:01 دمشق

1_15.jpg
+A
حجم الخط
-A

يأتي التصعيد الروسي على إدلب بعد فشل مفاوضات أنقرة الأخيرة بين الوفد التقني الروسي والتركي والتي جرت في يومي 15 و16 سبتمبر/أيلول الجاري، وبعد رفض تركيا الطلب الروسي بسحب نقاطها الواقعة في مناطق سيطرة روسيا، إدراكاً من تركيا أن الروس يبحثون عن قضم جديد للأرض وفرض أمر واقع وإنهاء المطالبات التركية المتكررة بانسحاب قوات النظام إلى ما بعد نقطة مورك.

وقد جاء في تحليل صادر عن معهد دراسات الحرب: “أن هجوم النظام على إدلب قد يكون وشيكًا بالتوافق بين روسيا وتركيا “

 وهنا لا نتوافق مع ما جاء في تحليل معهد دراسات الحرب، وأتوافق مع ما جاء في تقرير معهد سياسة الحرب في أن انسحاب تركيا من جنوب طريق M4 هو بناء على تفاهمات روسية تركيا لعدة مؤشرات:

أولاً: ضعف مصدر المعلومة التي اعتمد المركز عليها وهي مجرد تسريب روسي على الإعلام، وهو ما نفته أنقرة أصلاً.

ثانياً: معطيات الأرض التي تؤكد زيادة تركيا لعدد جنودها في المنطقة ونشرها لعشرات النقاط الجديدة وهو ما يؤكد تمسكها بالمنطقة.

احتمال أن يقوم النظام بعمل عسكري على جنوب M4 فهو احتمال وارد.. لكنه يبقى احتمالا ضعيفاً أمام خشية النظام من المواجهة مع الجيش التركي والتي ستكون كلفتها باهظة على ميليشيات النظام

ثالثاً: استهداف ميليشيات النظام للنقاط والجنود الأتراك في دلالة واضحة على أنه تصرف بضوء أخضر روسي ضد تركيا، وهو ما يدحض فرضية التفاهمات حول الانسحاب التركي من جنوب M4 وسحب النقاط الواقعة في مناطق السيطرة الروسية، أما احتمال أن يقوم النظام بعمل عسكري على جنوب M4 فهو احتمال وارد تبعا لمؤشر حشد النظام لقواته في هذه المنطقة لكنه يبقى احتمالا ضعيفاً أمام خشية النظام من المواجهة مع الجيش التركي والتي ستكون كلفتها باهظة على ميليشيات النظام.

لا أتوقع في المدى المنظور أن تنسحب تركيا من جنوب M4 لعدة مؤشرات وأسباب،

 أولاً: لأن مثل هذه الخطوة ستفقد تركيا السيطرة على الطريق ما يعني عدم حاجة الروس لتركيا في تأمين الطريق وهو يشكل خسارة لورقة مهمة بيد تركيا.

ثانيا: تتخوف تركيا من السياسة الروسية القائمة على القضم المرحلي للجغرافيا ثم عقد اتفاقات مؤقتة ثم العودة للتصعيد من جديد والقضم للمزيد من الأرض، وهو ما ترفضه تركيا تماماً.

ثالثا: إن المؤشرات كلها تدل على تمسك تركيا بالمنطقة ونشر العشرات من النقاط فيها لمنع أي تقدم للنظام إليها.

تشكل هذه النقاط ورقة تفاوضية مهمة بالنسبة لأنقرة مع موسكو لتحقيق مصالح تركيا في إبرام وقف اطلاق نار شامل

أما بالنسبة لنقاط المراقبة التركية في مناطق سيطرة النظام فإن تركيا تتمسك بها لعدة اعتبارات،

 أولاً: تشكل هذه النقاط ورقة تفاوضية مهمة بالنسبة لأنقرة مع موسكو لتحقيق مصالح تركيا في إبرام وقف إطلاق نار شامل ثانيا تعتبر هذه النقاط عبارة عن قوة عسكرية متقدمة ربما تلجأ لها تركيا في حال قررت القيام بعمل عسكري شامل ضد قوات النظام في المنطقة.

 ثانياً: إن وجود هذه النقاط العسكرية المتقدمة يعزز الرؤية التركية بعدم شرعية سيطرة قوات النظام على المنطقة الواقعة فيها وشرعية مطالبة تركيا للروس بسحب قوات النظام من هذه المنطقة ليتسنى للمدنيين أن يعودوا إلى ديارهم ومدنهم وبلداتهم التي سيطر عليها النظام .

‏حالياً يتجه التصعيد الروسي على إدلب إلى ثلاث سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: اتباع التصعيد والقصف الجوي بعملية عسكرية للسيطرة على جنوب طريق M4 وقضم جديد للأرض، ثم العودة للمفاوضات وتثبيت الأمر الواقع باتفاق جديد بين روسيا وتركيا ضمن تهدئة مؤقتة.

‏السيناريو الثاني: إنهاء عملية التصعيد والعودة مجددًا للمفاوضات حول النقاط العالقة بين تركيا وروسيا والتي تتعلق بمستقبل النقاط العسكرية التركية الواقعة في مناطق سيطرة روسيا والنظام، وفتح طريق M4، وتفكيك الفصائل المصنفة على قوائم الإرهاب.

‏السيناريو الثالث: وهو الأرجح هو اكتفاء روسيا بالتصعيد الجوي والقصف للضغط على تركيا ودفعها نحو التفاوض والقبول بالطلبات الروسية دون اجتياح عسكري للمنطقة، إدراكًا من روسيا أن كلفة الاجتياح ستكون باهظة في حال قامت القوات التركية باستهداف قوات النظام .