الأسد رئيس في مرتبة أمير أمراء الحرب

2021.05.23 | 06:01 دمشق

1608301846515017600-780x468-1.jpg
+A
حجم الخط
-A

تعكس لافتات الدعاية الانتخابية الخاصة بدعم ترشيح وانتخاب بشار الأسد صورة واضحة عن القاعدة الجديدة التي تلتف من حوله حاليا، والتي تكونت خلال الأعوام الأخيرة من الحرب. ويظهر من خلال المظاهر والرموز والشعارات ورافعي اللافتات تراجعا كبيرا في الشرائح التقليدية المتنوعة، وظهور فئة متجانسة أكثر شريكة في النظام ومستفيدة منه وداعمة له، وهي تتشكل من أثرياء حرب، قبائل وعشائر جنت ثروات، أفواج وفرق للمهام الخاصة، ولا سيما في الساحل مثل فوجي طه وحيدر. والميزة الأولى لها أن تكون قد حاربت إلى جانب الأسد، حتى إن المؤيدين من حزب البعث وجدوا لزاما عليهم أن يقدموا أنفسهم على شكل كتائب مقاتلة، رغم أنها تحولت في الآونة الأخيرة إلى ورشة خياطة، ينحصر عملها في خياطة أعلام وشعارات من أجل الحملة الانتخابية. والصفة الثانية لوجهاء قاعدة الأسد الجديدة هي أنهم من أثرياء الحرب، وهذا غير ما حظي به الأسد في ولايتيه الثانية والثالثة عندما دعمته شركات معروفة من القطاع الخاص ورجال أعمال كان بعضهم قد بدأ معه، عندما استلم الحكم في عام 2000، وهم من الذين كانوا يعرفون بـ "الذئاب الشابة".

أمراء الحرب بصورة عامة يحققون أرباحهم من استمرار النزاع، لا من إيقافه

ويبدو أن الموجودين في مشهد اليوم هم نوع آخر من "الذئاب". حثالات من قاع المجتمع صاروا من أصحاب الثروات التي جنوها من التهريب الذي أصبح نمط الاقتصاد السائد والأساسي، ومثال هؤلاء في حماة وحمص الحاج أبو الخير (خير الله عبد الباري) الذي أقام مؤخرا وليمة في الملعب البلدي في حماة لدعم ترشيح الأسد حضرها 1300 شخصية وكلفت مليار ليرة. ورجل الأعمال هذا كوّن ثروته من التهريب في ظل الحرس الثوري الإيراني، وهو من أهالي مدينة مصياف، يبلغ من العمر 58 عاماً. أنهى وظيفته كمساعد في المخابرات الجوية منذ بداية الثورة السورية، ليلتحق فيما بعد بصفوف "الحرس الثوري"، وأصبح يمتلك سلطة نافذة في محافظة حماة تضاهي أعلى سلطة أمنية فيها. وبات حديث الشارع حين فشل في الوصول إلى مجلس الشعب الخاص بالنظام في الانتخابات الأخيرة عام 2020، ولكنه نجح في فتح معابر للتهريب بين سوريا ولبنان.

أمراء الحرب بصورة عامة يحققون أرباحهم من استمرار النزاع، لا من إيقافه. ويراهنون على دولة مركزية ضعيفة، بمؤسسات محدودة التأثير، والنزاع المسلح المحلي، ينتج مجموعة من المقاولين والمهربين والمرتزقة، يستفيدون من وجود الفوضى، ويراهنون على صلات دينية أو عشائرية، والمثال الصارخ عن أمراء الحرب في سوريا هو مجموعة قاطرجي التي وصل صيتها إلى الاعلام العالمي. ويحظى حسام قاطرجي، بموقع في مجلس الشعب، فيما يحتل شقيقه محمد براء قاطرجي مقعدا في اللجنة الدستورية، في الوقت الذي يحتل فيه قريب لهما، موقعاً ضمن غرفة تجارة حلب. وتحدثت صحيفة "لوموند" الفرنسية باستفاضة عن هذه العائلة التي لم تكن معروفة قبل 2011، ولكنها تحولت اليوم إلى مصدر إمداد رئيس للأسد، بالنفط والقمح، بوصفهم وسطاء مع "قسد"، في منطقة يملكون فيها خبرة عشائرية كبيرة، وعبر استثمارات مهمة في حلب في عدة قطاعات يغسلون أموالهم، بعد ما استحوذ الأشقاء "قاطرجي" على مفاصل تجارة وصناعة النفط في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ويتمتعون بهامش من حرية الحركة، سمح لهم بنقل تحالفهم من الضفة الإيرانية إلى الضفة الروسية، بعد أن تاجروا بالنفط مع داعش في شرقي سوريا.

عنونت صحيفة الإيكونوميست البريطانية إحدى المقالات بـ "أسماء الأسد أميرة الحرب"

دعم الأسد بلا حدود يعني ترسيخا للزعامة على المناطق التي يديرونها، أو تشكل منطقة نفوذ لهم. وهي مناطق جباية وإقطاعيات تتمتع بحكم ذاتي، وتدار من قبل أمراء الحرب، الذين ولاؤهم مباشر للأسد. وشيئا فشيئا باتوا شركاء لعائلة الأسد. وفي شهر كانون الثاني/يناير الماضي عنونت صحيفة الإيكونوميست البريطانية إحدى المقالات بـ "أسماء الأسد أميرة الحرب". ولم يكن ذلك من فراغ، فهي دخلت بزنس الحرب من أوسع أبوابه، ولكن الرأس المدبر الذي يجلس في القمة هو زوجها الذي بات يستحق عن جدارة لقب أمير أمراء الحرب، الذين صعدوا بقوة في مؤسسات الحكم، ولا سيما المؤسسة التشريعية في دورتيها الأخيرتين.