الأردن في عين العاصفة: صفقة القرن وإلا..!

2021.04.06 | 06:59 دمشق

hamza-ben-elhusseinjpg.jpg
+A
حجم الخط
-A

أياً كانت الجهات الخارجية التي رفض المتحدث باسم الحكومة الأردنية، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، الكشف عنها خلال مؤتمره الصحفي الذي سارعت الحكومة الأردنية لعقده حسما للشائعات التي ربما تصب الزيت على نار محاولة زعزعة الأمن في الأردن، فإنه من الواضح أن هناك الكثير مما لم يقل، أو ليس من صالح الأردن في الوقت الراهن أن يقال، عن الجهات الخارجية المتورطة في العملية الأمنية الأخيرة.

تولى الأمير حمزة بن الحسين ولاية العهد بالمملكة في الفترة ما بين 7 شباط/فبراير 1999 و28 تشرين الأول/نوفمبر 2004، كما كان ضابطاً سابقاً في الجيش الأردني

قرار السلطات الأردنية إحالة الأمير حمزة بن الحسين وشخصيات أخرى إلى محكمة أمن الدولة بتهمة "حياكة مؤامرة" ضد المملكة بحسب ما أعلن نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية أيمن الصفدي، يعد بلا شك إجراء غير مألوف في ملكية عربية درجت الأعراف الدبلوماسية على إبقاء الخلافات الأسرية متكتما عليها. لكن تورط باسم عوض الله الشخصية المعروفة في الأردن والذي تولى رئاسة الديوان الملكي سابقا، بالإضافة إلى الشريف حسن بن زيد وهو شخص غير معروف للأردنيين، والتلميح بضلوع جهات خارجية في التواصل مع زوجة الأمير الهاشمي، واعتقال نحو 16 شخصا على ذمة القضية، يشي بخبايا لا يمكن الإفصاح عنها ما لم تستكمل التحقيقات ويتم الحصول على اعترافات من المتورطين.

تولى الأمير حمزة بن الحسين ولاية العهد بالمملكة في الفترة ما بين 7 شباط/فبراير 1999 و28 تشرين الأول/نوفمبر 2004، كما كان ضابطاً سابقاً في الجيش الأردني. وهو ينوب عن الملك عبد الله الثاني في مناسبات ومهام رسمية مختلفة داخل المملكة وخارجها، كما أنه يرأس اللجنة الملكية الاستشارية لقطاع الطاقة، والرئاسة الفخرية لاتحاد كرة السلة الأردني.

ورغم تفاقم الأزمات المعيشية في الأردن، وتزايد أعداد الإصابة بفيروس كورونا وتفشيه في بلد يعد من الدول القليلة في المنطقة التي تمتلك بنية تحتية طبية جيدة، ومرور موجات الربيع العربي بشكل هادئ في الأردن، شأنه في ذلك شأن العديد من الملكيات العربية، إلا أن موقف الأردن الأخير من صفقات المقايضة (التطبيع في سياق صفقة القرن)، ورفض العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني التنازل عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، حوّل الأردن إلى "دريئة" أمام هجمات "الطامحين" لتمرير الصفقة، ولو على حساب الأمن القومي الأردني والتنازل عن الوصاية الهاشمية على المقدسات المقدسية.

الموقف الرسمي العربي، والدولي، سارع إلى تأييد الإجراءات الحكومية الأردنية، وسواء تكشفت التحقيقات الجنائية عن تورط الأمير حمزة بشكل مباشر في المؤامرة الأخيرة أو لا، فإن محاولة زعزعة أمن الأردن في ظل الظروف الراهنة يظل مطلبا إسرائيليا بامتياز، قد يشاركه فيه بعض المحاور العربية التي ترى في رفض الأردن لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية عبر تدويل ملف الوصاية على المقدسات الفلسطينية (الإسلامية أو المسيحية) أو حتى التنازل عنها لجهة أخرى، هدفا لتمرير تفاصيل الصفقة التي تعثر قطارها مع مغادرة إدارة ترامب وصهره كوشنر للبيت الأبيض.

محاولة زعزعة الاستقرار في الأردن، بصرف النظر عن حجمها وآثارها وتبعاتها على المجتمع الأردني والأمن القومي الأردني، لا يمكن فصله عن السياقات الإقليمية والدولية

الوصاية على المسجد الأقصى وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة آلت عام 1924 إلى الشريف حسين بن علي الهاشمي، قائد الثورة العربية الكبرى. ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية التي وقعت في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994، أكدت على دور الأردن في الوصاية على الأماكن المقدسة. وفي عام 2013، أكدت اتفاقية "حماية الأماكن المقدسة في القدس" الموقعة بين السلطة الفلسطينية والأردن أن الوصاية على هذه الأماكن آلت إلى الملك عبد الله الثاني.

صفوة القول: إن محاولة زعزعة الاستقرار في الأردن، بصرف النظر عن حجمها وآثارها وتبعاتها على المجتمع الأردني والأمن القومي الأردني، لا يمكن فصله عن السياقات الإقليمية والدولية التي تحاول استغلال الأزمات المعيشية في الأردن لتمرير مواقف سياسية مبدئية من القيادة الأردنية تجاه ملف الوصاية على المقدسات الفلسطينية، والتلويح بورقة الأمن وربطها بالأسرة الحاكمة لتعزيز المخاوف إزاء زعزعة الاستقرار في الأردن، ما يعني أن الأردن بات بحاجة إلى غربلة خيارات التحالف لديه، والتحسب لأي مغامرة تستهدف أمنه، وبناء شبكة من التحالفات الجديدة (أو تمتينها) مع دول ظلت على مواقفها الثابتة من قطار التطبيع وملفات صفقة القرن، وهو ما ستتكشف عنه الأيام بحكم الظروف الضاغطة والراهنة.

كلمات مفتاحية