إيران المحاصرة شرقاً وغرباً.. معركة استمرار الولاية

2021.07.30 | 05:23 دمشق

2021-07-28t091219z_2082425020_rc2kto9jtnbn_rtrmadp_3_iran-nuclear-usa.jpg
+A
حجم الخط
-A

أرادت إيران تسجيل موقف من خلال وقف مسار التفاوض. أوصلت رسالة للولايات المتحدة الأميركية بأنها هي من تتحكم بالتوقيت وتفاصيله وهي من تختاره، ففضلت انتظار تولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي لمنصبه لتبدأ بعدها المفاوضات من جديد. واشنطن بدورها تفضل أن تعقد الاتفاق مع المحافظين في إيران وليس مع المعتدلين الذين خطوتهم قد يتم التراجع عنها بفعل ضغوط الحرس الثوري الإيراني. 

لا يبدو وضع إيران جيداً، لا على الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الخارجي. الحركة الاعتراضية التي تشهدها المحافظات الإيرانية ستكون مؤشراً لمزيد من الضغوط الداخلية التي ستتعرض لها، أولاً الإضرابات في قطاع النفط والتي تشهد عملية تعتيم كبرى، بالإضافة إلى شح المياه الذي يصيب إيران ويدفع السلطة إلى قطع المياه عن مناطق الأكراد، وهي ستكون محفزاً إلى مزيد من التحركات الشعبية. هذه كلها مؤشرات للتصعيد المطلبي. تتقابل مع حركة في مناطق قريبة من باكستان وأفغانستان، وما كنا قد ذكرناه حول المصاعب الأفغانية والباكستانية التي ستنعكس على وضع طهران السياسي. 

تفكر إيران بسيناريو مشابه للسيناريو الذي تم اعتماده في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وباستنساخه في باكستان وأفغانستان عبر إنتاج ميليشيات شيعية تعمل على حماية الطاجيك والهزارة، كنوع من خط الدفاع الأولي عن الأراضي الإيرانية. بينما روسيا لا تجد نفسها قادرة على إعادة تكرار تجربة ما بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان وهي إعادة إنتاج حلف شمالي بين الأوزبك والطاجيك، لا قدرة لموسكو للقيام بذلك في ظل ما بلغته طالبان من دور وقدرة وسيطرة. لذلك فإن خط الدفاع الروسي أمام طالبان الوحيد هو طاجيكستان، والتي تعلن حالة الطوارئ وتتحضر لدخول قرابة 100 ألف لاجئ من أفغانستان.

تفكر إيران بسيناريو مشابه للسيناريو الذي تم اعتماده في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وأن تستنسخه في باكستان وأفغانستان عبر إنتاج ميليشيات شيعية تعمل على حماية الطاجيك والهزارة

بلا شك أن إيران تفاجأت بقرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وهي تخشى أكثر من الانسحاب الأميركي من العراق، ولا بد من الإشارة إلى أن الرئيس باراك أوباما كان قد انسحب من العراق، ولم يعد الأميركيون إلى العراق إلا بعد ظهور داعش ولولا الدخول الأميركي لتورطت إيران أكثر في العراق. الحسابات الأميركية مختلفة جذرياً هذه المرة، وهي ستنعكس سلباً على إيران، من الداخل والخارج. ستجد طهران نفسها أمام مواجهة جبهات متعددة، الأحواز غرباً، والبلوش شرقاً، بالإضافة إلى الخشية الكبرى من الانسحاب الأميركي من العراق، أما عن العلاقة السلبية بين إيران والأكراد فحدث بلا حرج. 

لا يمكن فصل كل هذه التطورات التي ستعصف بإيران عن المسار الإيراني في سوريا، ما يعني أن الزخم الإيراني في المنطقة سيخفت، وهي دخلت نفقاً لن يكون من السهل الخروج منه، على وقع الاحتجاجات الشعبية، وعلى وقع التطورات السياسية في الخارج، وهنا لا يمكن إغفال الحسابات الإيرانية حول توفير أكبر قدر من التوافق على خليفة المرشد علي خامنئي، وسط اتجاه الأنظار إلى إبراهيم رئيسي الذي يريد استنساخ تجربة خامنئي نفسها من الرئاسة إلى الولاية، ولكن هناك فارق لا يمكن إغفال عوامل عديدة وهي أن البنية التي عززت دور خامنئي وموقعه قد تخلخلت بشكل كامل، ولا يمكنه بناء قاعدة تجعله قادراً على استنساخ التجربة، وهذا سيكون له تبعات خطرة جداً على الواقع السياسي برمّته.