أسباب إضافية محتملة للأحداث الأخيرة ضد السوريين في تركيا

2021.08.16 | 06:03 دمشق

1628953016.jpg
+A
حجم الخط
-A

استيقظ السوريون في الرابع عشر من آب/أغسطس على عبارات عنصرية ضدهم في شارع "زبيدة هانم" ضمن مدينة أنطاكيا التابعة لولاية هاتاي التركية جنوب البلاد.

التطور هذا جاء بعد يومين فقط من محاولة لتكرار أحداث العاصمة أنقرة في مدينة أنطاكيا، حيث رصد الأمن التركي دعوات للتجمهر في منطقة "برايمول"، وانتشر على إثرها بكثافة لمنع الاعتداء على المحال التجارية للسوريين.

وقبل يوم فقط من عبارات "زبيدة هانم"، حذر البرلماني التركي المحسوب على المعارضة "أوميت أوزداغ" مما وصفها "حملة ثوران كبيرة" ضد السوريين في ولاية إسطنبول. فيما بدا أنه تهديد واضح للحكومة التركية بأزمة في الولاية التي تحضن مئات آلاف العرب.

وتبدو هذه التحركات في ولاية "هاتاي" مستغربة إلى حد ما، وذلك لأنها امتازت على مدار السنوات الماضية بالتعايش بين السوريين والأتراك، على اعتبار أنها تضم نسبة كبيرة من الأتراك ذات الأصول العربية، وبحكم نظرة الكثير من السكان الإيجابية إلى سوريا بحكم الاتصال الجغرافي.

هناك رغبة لدى مفتعلي هذه المواجهات بأن تتدحرج وتنتقل إلى ولايات تركية تستضيف مئات الآلاف من السوريين بحيث يصعب على الحكومة التركية مواجهتها

وسبق أن حاول بعض أصحاب السوابق تفجير أزمة في مدينة أنطاكيا خلال الانتخابات الرئاسية عام 2018، وذلك من خلال تهجمهم على ممتلكات تتبع لسوريين، لكن الشرطة استطاعت احتواء الأمر بشكل مباشر، دون أن يلقى تفاعل من الأتراك.

قراءة المعطيات والتطورات الخاصة بالأزمة الأخيرة تدفع لعدم استبعاد احتمال افتعال الصدامات بين الأتراك والسوريين من قبل بعض الجهات لحسابات خاصة، فمن الواضح أن هناك رغبة لدى مفتعلي هذه المواجهات بأن تتدحرج وتنتقل إلى ولايات تركية تستضيف مئات الآلاف من السوريين بحيث يصعب على الحكومة التركية مواجهتها.

صحيح أن المعارضة التركية صاحبة مصلحة أساسية في تفجير أزمة اللاجئين بوجه الحزب الحاكم لاستثمار الأمر في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكنها ليست المستفيد الوحيد، فقد تقف أيضاً جهات دولية خلف محاولات إثارة الفوضى للضغط على تركيا ودفعها لفرملة اندفاعها لتنشيط دورها أكثر على صعيد الملفات الخارجية، ومما يقوي احتمالية الدور الخارجي هو تزامن الأزمة الحالية مع التطورات في أفغانستان، مع دخول الآلاف من الأفعان للأراضي التركية، ورغبة أنقرة بنشر قوات لها في مطار كابول، حيث أثارت المساعي التركية اعتراضاً من روسيا التي طالبتها بعدم التحرك في أفغانستان دون تنسيق مسبق.

في مطلع شهر آب/ أغسطس الجاري رفضت تركيا برنامجا أميركياً لنقل لاجئين أفغان إلى أراضيها عن طريق تركيا، حيث ترغب واشنطن بنقل الأفغان الذين تعاونوا معها وعوائلهم إلى الأراضي الأميركية، واعترضت أنقرة على البرنامج بسبب عدم التنسيق المسبق معها، إذ تريد الأخيرة أن يكون دورها في أفغانستان منسقاً مع الأميركان وبدعم منها.

مصادر مقربة من الحكومة التركية تتحدث عن تدقيق غير مسبق من الاستخبارات على علاقات الناشطين السياسيين والإعلاميين الأتراك بالدول الأخرى، في خطوة توضح مدى التخوفات من ازدياد التدخل الدولي في الشأن التركي، بالتوازي مع زيادة الفاعلية التركية في الملفات الخارجية مثل: سوريا – أذربيجان – ليبيا، حيث يسود الاعتقاد في أروقة الجهات الرسمية التركية أن ما حصل في تونس مؤخراً مؤشر مهم على قرب استهداف حزب العدالة والتنمية في تركيا.

من غير المستبعد أن تلجأ مختلف الأطراف الدولية المتضايقة من الدور التركي الخارجي إلى اللعب بورقة اللاجئين واستثمار الغضب في الشارع التركي

مع بداية التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا آواخر عام 2015، ظهرت الصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف روسية الصنع في أيدي مقاتلين من حزب العمال الكردستاني جنوب شرقي تركيا، وتم استخدام بعضها في إسقاط مروحيات تابعة للجيش التركي، وهذا على الأرجح كان رسالة روسية للتأثير على موقف أنقرة في الملف السوري، ومن غير المستبعد أن تلجأ مختلف الأطراف الدولية المتضايقة من الدور التركي الخارجي إلى اللعب بورقة اللاجئين واستثمار الغضب في الشارع التركي بسبب تراجع مؤشرات الاقتصاد لإشعال أزمة تؤدي في نهاية المطاف إما لإشغال الحكومة التركية في الشأن الداخلي، أو تساهم في إيصال حكومة ضعيفة سيكون من أولياتها الانكفاء الداخلي لتوطيد أركان حكمها.