icon
التغطية الحية

انتشار تجارة الأعضاء البشرية في سوريا.. ما دور المافيات؟

2020.10.23 | 17:56 دمشق

bc76dc789060d8f51d066fe2.jpg
إسطنبول ـ فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

ازداد انتشار الإعلانات في الطرق العامة في مناطق سيطرة النظام ولا سيما العاصمة دمشق، التي تبحث عن متبرعين بالأعضاء البشرية أو تقدم عروضا للبيع، ما يعطي مؤشرا على حجم هذه الظاهرة، إلى درجة لم تعد معها وسائل إعلام النظام تستطيع تجاهل هذه القضية.

ولم تقتصر هذه الإعلانات على من يحتاج كلية، أو قرنية، بل تعدّتها إلى إعلان بعضهم عن رغبتهم في بيع جزء من الكبد، أو عرض شبان بيع الخصية بحسب ما أورده الطبيب اختصاصي البولية والتناسلية عمار عبد الفتاح في حديث لـ المدينة إف إم.

وعددت صحيفة البعث التابعة للنظام في تحقيق بعنوان "تجارة الأعضاء.. نشاط تجاري تحت غطاء التبرع! جملة من الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة ومن بينها ازدياد نسبة الفقر، وانتشار عصابات تضم منظمات طبية وسماسرة للإتجار بالأعضاء البشرية، إلا أنها قالت إن هؤلاء مرتبطون بالخارج ويعملون تحت عنوان التبرع في إطار عملية تتم عبر دول هدفها التآمر على سوريا بكل الوسائل" بحسب تعبير الصحيفة.

وذكرت الصحيفة "أن عملية الحصول على أعضاء السوريين أصبحت أسهل وأرخص، حيث يتمّ بيع الأعضاء عبر مافيات، ومنظمات طبية وغير طبية، بدءاً من الكشف على الضحايا وانتهاء بعملية نقل الأعضاء مشيرة إلى أن عددا من الأطباء ممن استطلعت أراءهم أكدوا أن جريمة الإتجار بالأعضاء أصبحت تمارس بشكل علني أو شبه علني وتباع بمبلغ يعادل 15 ألف دولار ثمن الكلية مثلاً.

لماذا يلقي النظام مسؤولية الإتجار بالأعضاء على الخارج؟

وتتحدث صحيفة البعث في تحقيقها عن خطورة هذه التجارة التي تستهدف الأصحاء ومن هم في سن الشباب، وتقول إن أعضاء المرضى غير مرغوبة لتلك المافيات التي تؤمّن الأفضل لزبونها لكنها تلقي المسؤولية على دول تقول إن هدفها التآمر على النظام بكل الوسائل.

ويقول الكاتب والصحفي عبد الرحمن الحلاق لموقع تلفزيون سوريا إن عصابة الحكم تستغل الإعلام لإظهار الأمر وكأنه تدخل من الخارج مع أن كل هذه الجرائم تتم في مستشفيات يهيمن عليها النظام بالمطلق.

ويضيف أن النظام اعتاد منذ بداية الثورة أن يعزو ما حصل إلى مؤامرة كونية بهدف استمراره في السيطرة على قطعانه ومؤيديه، دون أن يفكر أحدهم ولو للحظة من فتح الباب لكل هذه الاحتلالات؟

ويقول الكاتب الحلاق "من يرجع إلى توثيقات الناشطين على اليوتيوب يكتشف ببساطة قيام عدد من الأطباء وهم يمارسون التعذيب ضد المرضى والمصابين من المعتقلين، وسيجد أيضاً بعض الفيديوهات وهي توثق شهداء الثورة وقد خيطت منطقة الصدر أو البطن بطريقة عشوائية تشير بوضوح إلى الشق المتعمد لاستخراج أعضاء من المريض".

ويضيف أن هناك أطباء حنثوا بقسم أبقراط وخانوا القيم الإنسانية يجدون الفرصة سانحة للإثراء عن طريق بيع الأعضاء البشرية وهؤلاء يتواصلون مع عصابات الخارج لتتم الاتفاقات في غياب تام لأي رادع قانوني بعد أن استباح رجال المخابرات والشبيحة البلد بكامله.

من هي المافيات التي تقوم بتجارة الأعضاء البشرية ؟

ويثير طرح الصحيفة حول ضلوع مافيات ومنظمات طبية وسماسرة بالإتجار بالأعضاء في الداخل والخارج تساؤلات حول طبيعة هذه المافيات وكيفية عملها في مناطق سيطرة النظام التي تخضع لقوى أمنية وميليشيات مرتبطة بالنظام.

اقرأ أيضا: سوري يتبرع بكبده.. الأعضاء البشرية بين التبرع والتجارة

المحلل السياسي وائل الخالدي رأى في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن تلك المافيات التي تحدثت عنها الصحيفة هي ميليشيات إيرانية وسورية تتعاون مع عصابات الجريمة المنظمة لدرجة أنها بدأت بفتح عيادات بيع أعضاء بشرية في طهران والضاحية الجنوبية لبيروت.

وكشف الخالدي أن هناك عصابات روسية أيضا تشترك مع النظام في عمليات الإتجار بالأعضاء البشرية وقال: " لدينا شهادات ضباط قيد التقديم للمحكمة الدولية وتتحدث عن فرز معتقلين شباب في معابر خاصة وإيهامهم باقتراب إطلاق سراحهم وبعدها يتم شحنهم أحياء إلى إيران على خطوط شركة أجنحة الشام وبيعهم أعضاء بشرية للإيرانيين وللمافيات الروسية".

اقرأ أيضا:السوريون في اليوم العالمي لـ مكافحة الاتجار بالأشخاص

وأكد الخالدي أن مثل هذه العمليات تتم بمشاركة النظام وموافقته وبتسهيل منه، سعياً منه لتسديد ديون بات عاجزاً عن دفعها لهذه الميليشيات ومشغليها، وقال: " النظام أطلق يد الميليشيات الإيرانية والسورية المرتبطة به حتى أصبح لها حواجزها وسجونها الخاصة وصاحبة قرار داخل النظام، واستطاعت بالتعاون مع عصابات الجريمة والمخدرات خلق كانتونات عابرة للحدود على مرأى وعين ومباركة النظام الذي يستفيد مادياً من كل تلك التجارات الممنوعة انطلاقاً من المخدرات وصولاً إلى تجارة الأعضاء البشرية".

قانون التبرع بالأعضاء يشرعن بشكل غير مباشر تجارتها

ويتيح القانون رقم 30 تاريخ 20/11/2003 الذي أصدره بشار الأسد التبرع بالأعضاء من الأقارب وغير الأقارب ماجعل مسألة الإتجار بالأعضاء رائجة تحت اسم التبرع، في حين أنه من الصعب أن يقوم شخص بالتبرع لشخص آخر لا تربطه معه صلة قرابة دون مقابل مادي ما يعني أن الأمر يتعلق ببيع أعضاء بشرية في ظل حماية القانون.

ويقول الخبير القانوني القاضي المستشار خالد شهاب الدين لموقع تلفزيون سوريا إن المادة الأولى من القانون جاءت عامة وفضفاضة وتتحدث عن إعطاء الحق للاختصاصيين في المستشفيات والأطباء أو المراكز الطبية بنقل النسيج من المتبرع إلى المريض، وتتيح تسهيل الإتجار بالأعضاء خاصة مع وجود شبكات تجارة الأعضاء المنتشرة حتى قبل الثورة دون أن يتم التصدي لها.

ويضيف المحامي شهاب الدين إن المادة الأولى لم تحدد من هو المتبرع ولم يتم تحديده هل هو قريب أو صديق وهل تتم العملية في ذات المشفى، كما لم تحدد المشافي التي يجب أن تتم فيها عمليات زرع الأعضاء أو تحديد أطباء مسؤولين عن زرع الأعضاء بل تركت الباب مفتوحا أمام الجميع لإجراء مثل هكذا عمليات.

الفقر دافع المتخلين عن أعضائهم والطمع دافع العصابات

لا توجد إحصائيات رسمية أو غير حكومية عن عدد حالات الإتجار بالأعضاء البشرية بسبب خصوصية الظاهرة وتورط عصابات مرتبطة بالنظام بها. إلا أن ازدياد انتشار الإعلانات في الطرق العامة بدمشق خاصة المناطق المزدحمة والقريبة من المشافي والصيدليات، والبحث عن متبرعين بالأعضاء دون أن تكون لغاية إنسانية بالضرورة، تشير إلى استفحال خطر هذه الظاهرة التي يعد الفقر أحد أبرز دوافعها.

اقرأ أيضا: السوريون في اليوم العالمي لـ مكافحة الاتجار بالأشخاص

وتضاف ظاهرة بيع الأهالي أعضاءهم، إلى ظواهر أخرى أفرزتها سنوات الحرب أو ساهمت في اتساع انتشارها، ومن بينها انتشار المخدرات، وزواج القاصرات والدعارة والهروب من بلاد، وتسيطر عليها مافيات مرتبطة بنظام لا يعبأ بأوضاع الأهالي، بل يواصل استثمار ما تبقى منهم في حربه الهادفة إلى الحفاظ على بقائه في الحكم مستخدما جميع الوسائل الأمنية تحت عنوان عريض هو تطويع السوريين بالقوة ووضعهم أمام خيار الموت أو الخضوع في ظل فقر لايجدون معه مناص سوى اتباع طرق مأساوية من أجل البقاء على قيد الحياة.