ما هو مشروع قانون قيصر؟ إمكانات الكونغرس لفرض إجراءات بشأن سوريا

2019.02.10 | 14:02 دمشق

+A
حجم الخط
-A

بدأ الكونغرس الأمريكي مؤخراً بالنظر في سلسلة من مشاريع القوانين المتعلقة بالنزاع السوري. لكن في نهاية المطاف، تملك السلطة التنفيذية جُلّ سُلطة صنع القرار في مجال السياسة الخارجية. ومع ذلك، يتمتع الكونغرس أيضاً ببعض التأثير على السياسة الخارجية، مثل القدرة على المطالبة بفرض عقوبات وتخصيص أموال، بما في ذلك فرض قيود على التمويل الأجنبي والذي يمكن أن يوقّع الرئيس عليه ليصبح قانوناً. وتغطّي التشريعات الثلاثة التي نناقشها أدناه جوانب مختلفة من الإجراءات التي اتّخذها الكونغرس فيما يتعلق بالعدالة في سوريا، ولكن مع تداخل المواضيع، وفي حالة واحدة، تداخل الأحكام.

في آب/أغسطس 2018، أقرّ الكونغرس قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2019، الذي تضمّن فصلاً عن المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في سوريا. ونصّ مشروع القانون، ضمن بنود أخرى، على إجراء “وصف وتقييم…للبرامج التي تعهّدت بها حكومة الولايات المتحدة لضمان المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتُكبت ضد الشعب السوري من قبل نظام الرئيس بشار الأسد، ومجموعات متطرفة عنيفة، ومقاتلين آخرين”. وفوّض أيضاً إعداد تقرير حول آليات العدالة الانتقالية المحتملة التي يمكن أن تكون مناسبة في السياق السوري وخوّل إمكانية تقديم المساعدات لإنشاء مثل هذه الآليات إذا ما تمّ اعتبارها مناسبة. وعلى غرار ذلك، فقد فوّض مشروع القانون الكونغرس بدعم الكيانات والمنظمات التي تحدّد هوية الجناة المشتبه بهم، ودعم التحقيقات والملاحقات القضائية. ولم يتم الانتهاء من أي من التقييمين حتى وقت كتابة هذه المقالة، لذلك لم يؤثرا على التشريعين التاليين.

وتم تقديم مشروع قانون ثانٍ بعنوان قانون لا مساعدة للأسد في كانون الأول/ديسمبر 2017، وصادق عليه مجلس النواب في نيسان/أبريل 2018، وبعد ذلك لم يُفلح مجلس الشيوخ في المصادقة على مشروع القانون. ولا يزال يتعيّن إعادة طرحه في الكونغرس الجديد. وقد حدّد مشروع القانون الشروط الواجب توفّرها لتمضي الولايات المتحدة في تقديم المساعدة في التعافي أو إعادة الإعمار أو تحقيق الاستقرار.

وصادق مجلس النواب على قانون قيصر لحماية المدنيين لعام 2019 في 22 كانون الثاني/يناير. كما تمت المصادقة عليه في مجلس الشيوخ كمكوّن لمشروع قانون آخر، وهو قانون تعزيز الأمن الأمريكي في الشرق الأوسط، لذا فمن المحتمل أن يتم التوقيع عليه كقانون خلال الأسابيع القادمة. ويستحدِث مشروع القانون مجموعة جديدة من العقوبات تستهدف ليس فقط الحكومة السورية، ولكن أيضاً رجال الأعمال أصحاب الروابط الاقتصادية بالحكومة أو قطاع الأمن أو البنك المركزي أو البنية التحتية التي تديرها الدولة، بما في ذلك شركات الطيران، ووكالات الطاقة، ومشاريع الإنشاءات. ولكن يمكن للرئيس استخدام السلطة التقديرية لرفع العقوبات أو إنفاذها على أساس كل حالة على حِدة بناء على أهداف سياسته الخارجية.

ويتضمن قانون “قيصر لحماية المدنيين” وقانون “لا مساعدة للأسد” أحكاماً تفرض شروطاً مسبقة ينبغي الوفاء بهاء من أجل رفع العقوبات وتوفير أموال لإعادة الإعمار، على التوالي. وتشمل هذه الشروط إنهاء استهداف المدنيين والأعيان المدنية، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، والسماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى مرافق الاحتجاز، والسماح بالعودة الآمنة والطوعية للاجئين، وغيرها من وسائل الحماية المدنية. غير أن قانون “لا مساعدة للأسد” يذهب إلى أبعد من ذلك ليشمل أحكاماً تتطلب إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإصلاح القطاع الأمني ​​(بما في ذلك التدقيق والتطهير)، وإحراز تقدّم نحو تقليل الاعتماد على القوات العسكرية الإيرانية والقوات المقاتلة بالوكالة.

وعلى الرغم من أن قانون قيصر يتضمن التركيز على قضايا حقوق الإنسان، إلا أن المركز السوري للعدالة والمساءلة يوصي بأن يقوم المشرعون الأمريكيون بإجراء التعديلات التالية على كل من قانون قيصر وقانون “لا مساعدة للأسد” (إذا ما أعيد طرحه في الكونغرس الجديد):

-  في ضوء عدم اهتمام الإدارة الحالية بضمان حل سلمي للنزاع السوري، يجب على الكونغرس دعوة الرئيس بوضوح وحزم إلى دعم عملية السلام السورية بموجب أحكام قرار مجلس الأمن 2254. فمنذ أن وصل الرئيس ترامب إلى سدّة الحكم، غابت الولايات المتحدة إلى حد كبير عن عملية السلام، مما سمح لروسيا بالسيطرة على المفاوضات وتهميش حقوق الإنسان ومظالم الضحايا.

- ينبغي ألا يقتصر التشريع على “تخويل بتقديم المساعدة” فحسب، بل ينبغي أن يتضمن أيضاً تخصيص أموال للتوثيق والتحقيقات، بما في ذلك مجموعات حقوق الإنسان والآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسوريا.

- ينبغي أن يتضمن التشريع الذي يدعو إلى عودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين الذين شردهم النزاع إشارة إلى أن اللاجئين يتمتعون بحق العودة إلى ديارهم، تماشياً مع توصيات المركز السوري للعدالة والمساءلة بشأن استرداد الملكيات العقارية. ومن شأن ضمان عودة النازحين إلى ديارهم بموجب إطار واضح لاستعادة الملكية أن يساعد على منع التغييرات الديموغرافية التي تقوم بها الحكومة، والأنماط الأوسع للفساد والإساءة للنازحين.

- يجب أن يقوم أي تطبيع للعلاقات أو المساعدة على تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار على إصلاح مؤسسي، بما في ذلك إصلاح قطاع الأمن. وأجرى المركز السوري للعدالة والمساءلة مؤخراً مراجعة لخمسة آلاف صفحة من وثائق أجهزة الأمن التي أظهرت أنماطاً واسعة النطاق من الانتهاكات وتدخّلات منهجية من قبل قطاع الأمن في الحياة اليومية للسوريين، والتي سيتم نشرها في تقرير قادم.

 - لا تشكّل العقوبات وحدها بديلاً كافياً للمساءلة؛ بل يجب على الكونغرس أن يتناول أشكالاً أخرى للتطبيع المحتمل بطريقة ترسل إشارة إلى مرتكبي الانتهاكات بأن الولايات المتحدة لن تدعم الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان.

 - على موظفي الكونغرس المكلفين بصياغة هذه التقارير حول أنماط انتهاكات حقوق الإنسان أن يفعلوا ذلك بالتشاور مع الضحايا السوريين ومنظمات حقوق الإنسان.