icon
التغطية الحية

ما حقيقة التحركات السعودية والإماراتية في شرق الفرات؟

2018.11.29 | 12:11 دمشق

عنصر من قوات سوريا الديمقراطية مع دورية أميركية على الحدود السورية التركية (رويترز)
باز بكاري - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تداولت وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية خبر زيارة وفد من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لمنطقة شرق الفرات في سوريا، وعقد لقاءات مع قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، يأتي هذا بعد أيام من نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان خبر زيارة رتل عسكري من دولة عربية خليجية منطقة خطوط التماس بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة، في محافظة ريف دير الزور. الأمر الذي نفته السعودية عبر بيان رسمي صدر عن سفارة المملكة في أنقرة.
 

"قسد" تنفي

من جهته نفى مسؤول المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي في تصريح لموقع لتلفزيون سوريا انتشار قوات عربية في منطقة شرق الفرات وقال "قوات سوريا الديمقراطية هي جزء من تحالف دولي مكون من أكثر من تسعين دولة وبالتالي انتشار القوات العسكرية لا يعبر عن الدول التي أتت منها هذه القوات، بقدر ما يعبر عن التحالف الدولي، بمعنى القوات العربية إن كان المقصود بها السعودية أو الإمارات؛ إن ارتأت القيادة العامة للتحالف الدولي انتشار قوات من هاتين الدولتين فهو يعبر عن انتشار لقوات التحالف الدولي بالضرورة".

وعن موقف قوات سوريا الديمقراطية من انتشار قوات عربية في منطقة شرق الفرات أوضح" بالي" أن "التحالف الدولي ضد داعش هو تحالف بين قوات سوريا الديمقراطية وبين التحالف الدولي وليس بين الدول بصفتها كدولة، لذلك كقوات سوريا الديمقراطية نحن جزء من هذا التحالف ولا نتعاطى مع هذا الانتشار أو هذه الأخبار من منطلق أنه هناك قوات سعودية أو قوات إماراتية أو أمريكية، أو بريطانية، بقدر ما هي قوات لتحالف دولي من تسعين دولة".

من جانبه نفى القائد العام لقوات الصناديد الشيخ بندر حميدي دهام الهادي أي وجود عسكري لقوات سعودية أو إماراتية في شرق الفرات وأكد في تصريح لتلفزيون سوريا أنه "في حال كان هناك نية لنشر قوات سعودية أو إماراتية في المنطقة فسنكون على علم بذلك، وسيكون ذلك حسب آلية متفق عليها".
 

تأكيدات صحفية

أما الصحافي سيف الدين قادر وهو من الصحافيين الذين نشروا الخبر فقد أكد لموقع تلفزيون سوريا زيارة الوفد السعودي - الإماراتي لكوباني ولقائه بقوات سوريا الديمقراطية قائلا "الزيارة ورغم نفي السفارة السعودية في تركيا حصلت بالفعل وهذه  ليست الزيارة الأولى لوفد خليجي إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، فقبل الآن زار وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان مع مبعوث الرئيس الأمريكي في التحالف الدولي بريت ماكغورك  مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، وقبل يومين زار وفد آخر من التحالف العربي مناطق قوات سوريا الديمقراطية وحصل إجتماع بين وفد للتحالف الدولي والتحالف العربي (مصر والسعودية والإمارات) مع قيادات من قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في كوباني".

وأضاف قادر "فيما يتعلق بوجود قوات من مصر السعودية والإمارات في مناطق قسد، هي موجودة لكن بأعداد قليلة، ومن المتوقع أن يزيد التحالف العربي من عديد قواته بعد هذه الزيارة، وتواجد قوات لتحالف العربي في مناطق قسد يأتي في إطار إستراتيجية أمريكا والتحالف الدولي لمحاربة داعش والقضاء عليه وعدم ظهوره من جديد وأيضاً لاحتواء خطر الوجود الإيراني في سوريا".

 

ما الهدف من الانتشار العسكري السعودي-الإماراتي؟!

من جهته يرجح الباحث في مركز الشرق جلال سملي، تلبية السعودية للطلب الأمريكي بنشر قوات عسكرية عربي في منطقة شرق الفرات وقال في تصريح لتلفزيون سوريا إن "السيناريو الأرجح هو تلبية السعودية للطلب الأمريكي الذي بدأ مع تولي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وتزامن هذه التلبية مع أزمة اغتيال الصحافي السعودي جمال الخاشقجي، يوحي بتعرض المملكة لضغوطات سياسية، حيث كان النقاش حول الأمر منذ فترة ولكن لم يتم التنفيذ إلا في الوقت الحالي".
ويكمل سلمي قائلاً "بوضع مسألة تخفيض سعر النفط  بالاعتبار، إضافة لإيقاف العمليات العسكرية في بعض مناطق اليمن لا سيما الحديدة، ومن ثم نشر قوات في سوريا، يجعل سيناريو استغلال الولايات المتحدة الأمريكية التوقيت في تحقيق مصالحها أقرب للصوابية، لكن ذلك لا ينفي مسألة وجود توجه أمريكي خليجي مشترك لإحداث حالة من توازن القوى مع تركيا إذ تحاول هذه القوة المذكورة عبر تواجدها المباشر إرسال رسالة  ضغط لتركيا التي ترى أنها حليف لا يمكن الاستغناء عنه نظرا لموقعها الإستراتيجي".

ويستدرك الباحث في مركز الشرق للدراسات "الرسالة؛ أنه في حال عدم إبداء المستوى المطلوب من التعاون في سوريا، فأمام الولايات المتحدة خيار الإنزياح نحو العراق وكردستانه عبر دعم خليجي يمكنه من إنشاء قواعد متينة هناك وعلى الحدود العراقية السورية. أخيراً لا يمكن إغفال سياسة التطويق التكاملي التي تتبعها، الولايات المتحدة ضد إيران، حيث ترغب في تطويق نفوذ إيران وخدمة مصالحها ومصالح حلفائها في سوريا، عبر تقاسم الأعباء وتوزيع الأدوار.
 

تواجد سياسي ومالي

من جهته يجد الصحافي الكردي همبرفان كوسه أن السعودية والإمارات لهم وجود فعلي وإن كان غير ملموس في مناطق شرق الفرات ويقول "الحقيقة أنّ الوجود السعوديّ- الإماراتيّ قائم حتّى لو كان بغياب الوجود العسكريّ الفعليّ لجنود البلدين، شرقيّ الفُرات إحدى أبرز الأوراق السعوديّة- الإماراتيّة ضدّ محور تركيا وقطر. فالسعوديّة تدعم اقتصاديّاً الرّقة ودير الزور ومختلف مناطق الإدارة الذاتيّة، وهي من تدفع أموال كبيرة للولايات المتحدة الأمريكيّة والتحالف الدوليّ لاستمرار البقاء في شماليّ وشرقيّ سوريّا. بمعنى أخر، البقاء الأمريكيّ يعني الوجود الفعليّ للسعوديّة والإمارات وتقدّم خطوة في الحرب ضدّ تركيا وقطر وحتّى إيران، حليفة تركيا".

ويكمل كوسه "أعتقد أنّ ثمّة جنود سعوديين في شرقيّ الفُرات حتّى لو نفت السعوديّة وقوات سوريا الديمقراطية ذلك. لأنّه منطقة نفوذ العشائر الموالية لها، وستكون نقطة الحرب الاقتصاديّة ويمكن العسكريّة ضدّ إيران. بصورة أدق، مصالح السعودية والإمارات تحتاج بالضرورة إلى إقليم كرديّ حقيقيّ على حدود تركيا والعراق وأتوقّع أن تبدأ السعودية بدعم حقيقيّ لإعادة إعمار الرّقة ونفوذ عسكريّ حقيقيّ في كوباني وتل أبيض".

بين النفي الرسمي والتأكيدات غير الرسمية، تبقى الأنظار موجهة لمنطقة شرق الفرات، العقدة في الواقت الراهن في خضم القضية السورية، خاصة وأن المنطقة أضحت ساحة للصراعات وتصفية الحسابات بين الدول الإقليمية ومن خلفها الأقطاب العالمية، وهذا ما يزيد من ضبابية مستقبل شرق الفرات وحتى غربه.