icon
التغطية الحية

بواخر نفط محتجزة وعقوبات مشددة.. مناطق الأسد أمام أزمة كارثية

2019.03.25 | 15:03 دمشق

طوابير الغاز تملأ كافة المناطق التي يسيطر عليها النظام رغم الأسعار الجنونية (إنترنت)
+A
حجم الخط
-A

قطعت العقوبات الأمريكية شحنات النفط الإيرانية إلى سوريا، مما تسبب في خسائر غير مسبوقة في تدفق النفط الخام الذي استمر في مواجهة القيود الدولية طويلة الأجل وساعد على إدامة نظام الأسد عبر سنوات من الحرب.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران تسببت بخسائر غير مسبوقة في تدفق النفط الخام إلى سوريا، ‏مما أدى إلى قطع شريان الحياة الذي كان يغذي نظام الأسد طوال السنوات الماضية ويساعده في الاستمرار.

وبحسب مزود البيانات البحرية الذي يرصد حركة البواخر البحرية "TankerTrackers"، لم تتمكن إيران من إيصال النفط إلى سوريا منذ الثاني من كانون الثاني. ما يعني حرمان الأسد من 66 ألف برميل يومياً خلال الأشهر الثلاثة السابقة.

وقال مؤسس المزود، سمير مدني، إن إمدادات النفط الإيرانية "سقطت إلى الهاوية" وإن صهاريج التخزين فارغة في بانياس، حيث تقع أكبر مصفاة ‏للنفط في سوريا.

وأدت العقوبات الأمريكية المتتالية المفروضة على إيران والأسد وحلفائهما إلى تجفيف تدفق النفط الخام إلى سوريا، ما دفع النظام إلى الاعتماد ‏بشكل أكبر على أسطوانات الغاز القادمة من روسيا، وهو مصدر آخر يخضع أيضاً للعقوبات، كما اعتمد على النفط القادم من المناطق الخاضعة ‏لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، لتلبية احتياجاته من الطاقة. ويشعر السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بأثر ذلك، من خلال نقص المحروقات وارتفاع أسعارها.

عزل النظام عن النفوذ الإيراني

توّجت الجهود المبذولة من وزارة الخزانة الأمريكية على مصر لإيقاف ناقلة نفط متجهة إلى سوريا في أواخر تشرين الثاني، حيث تهدف العقوبات الأمريكية إلى إيقاف شريان الحياة النفطي عن الأسد، وتحرم في الوقت نفسه إيران من نقطة قوة رئيسية في المنطقة.

ترسو السفينة التي تحمل اسم Sea Shark في ميناء برنيس المصري على البحر الأحمر، بعيداً عن قناة السويس منذ 29 تشرين الثاني الفائت، لتتم إعادتها قبل أسبوعين ومنع دخولها.

 

ناقلة النفط Sea Shark

 

ووفقًا لموقع FleetMon الألماني لتتبع عمليات الشحن، على مدار سنوات، كانت السفينة تنقل بانتظام حوالي 900،000 برميل من النفط الخام كل بضعة أشهر من محطة نفط الخرج الإيرانية إلى مصفاة بانياس السورية.

وبحسب الصحيفة، منعت السلطات المصرية، عبور الناقلة النفطية التي كانت متوجهة لسوريا بعد أن ظهرت على القوائم السوداء أثناء ‏دخولها قناة السويس.

ولم تتمكن الصحيفة من الوصول إلى مديري الباخرة Sea Shark في الإمارات العربية المتحدة للتعليق على الحادثة.

وبالإضافة إلى حادثة الناقلة النفطية في مصر، تم احتجاز الناقلة Tour 2 في تشرين الأول الفائت لمدة 28 يوماً في قبرص، بسبب انتهاك لوائح السلامة، بما في ذلك الاتصالات اللاسلكية الخاطئة المستخدمة في الملاحة، حيث كانت الناقلة التي تنقل النفط الإيراني إلى سوريا منذ 2013 تحاول تجنب العقوبات الأمريكية عبر إخفاء موقعها الملاحي في البحار.

 

الناقلة Tour 2

 

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، قد أصدرت أواخر العام الماضي، قائمة تحتوي على 30 باخرة قامت بتزويد النظام بالنفط والغاز الروسي المعبأ، ‏وحذرتهم بفرض عقوبات عليهم إذا ما استمروا بتزويد النظام بالشحنات، حيث أدى ذلك إلى انخفاض الشحنات الروسية ولكنها لم تتوقف.

ولزيادة فعالية العقوبات، تواصلت الولايات المتحدة مع حلفاء إقليميين لمراقبة ناقلات النفط التي تنتقل من شبه الجزيرة العربية إلى قناة السويس في ‏طريقها إلى موانئ سوريا في المتوسط‎.

 

وقالت الصحيفة، إن طهران تسلم النفط إلى نظام الأسد بموجب خط ائتمان، لا يمكن للنظام سداده، إلا أنه ضمن ترتيب قائم على التحالفات.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية للصحيفة "تدعم إيران نظام الأسد، حتى عندما يرتكب فظائع ضد شعبه، بما في ذلك الأسلحة ‏الكيماوية.. ولذلك، سنواصل التنسيق مع المجتمع الدولي لإيجاد سبل من شأنها الحد من الجهود الإيرانية الرامية لإعادة تزويد نظام الأسد بوسائل ‏تدعم وحشيته ضد الشعب السوري".

ودعمت صادرات النفط الإيرانية نظام الأسد طوال فترة الحرب خلال ثمان سنوات، حيث أنخفض إنتاج النفط الخام في سوريا من 353,000 ‏برميل يومياً في 2011 إلى 25,000 برميل يومياً في 2017‏.

وسعت واشنطن إلى خنق النفوذ الإيراني في سوريا منذ الانسحاب من الاتفاق النووي، وحاولت عزل النظام بسبب جرائمه ضد الشعب السوري ‏وفرضت عقوبات على "حزب الله" حليف إيران.

إيران تستميت لفتح طريق بري نحو سوريا

أعلن مساعد مدير شركة سكك الحديد الإيرانية مازيار يزداني، منتصف تشرين الثاني الفائت، إن الرئيس حسن روحاني، أوعز بوصل خط السكك الحديدية الإيرانية بالعراقية عبر مد خط يبلغ طوله 32 كم وتشييد جسر متحرك بطول 800 متر، يصل معبر شلمجة الحدودي بمدينة البصرة في العراق.

وقالت طهران إن خط السكة الجديد الذي ستبلغ تكلفته 2200 مليار ريال إيراني (حولي 51 مليون دولار أمريكي)، سيصل إيران بميناء اللاذقية عبر العراق.

إلا أن المسؤولين الإيرانيين الذين يواجهون حالة انفجار شعبي نتيجة تأثيرات العقوبات الأمريكية على إيران ونفطها، لم يتطرقوا إلى كيفية وصل العراق بسوريا وذلك لأن الخط الحديدي بين البلدين والقادم من مدن الرقة ودير الزور يمر من مدينتي الحسكة والقامشلي وصولاً إلى معبر اليعربية ثم الموصل، وتقع مدن الرقة والحسكة والقامشلي الآن تحت سيطرة وحدات حماية الشعب (المكون الرئيسي لقسد) المدعومة أمريكياً.

 

 

ووفق هذا الوضع الراهن والذي يبدو بشكل شبه مؤكد عدم وجود حصة لإيران في المنطقة التي ستنسحب منها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن على طهران أن تصل العراق بسوريا عبر المناطق الواقعة غربي نهر الفرات والتي عززت إيران من حضور ميليشياتها المتنوعة فيها، وهذا يعني أن على العراق أن تُنشأ خط سكة بين مدينة القائم ومدينة تدمر.

تبعد مدينة القائم العراقية عن مدينة تدمر السورية مسافة 260 كم خط نظر، وإذا كان خط شلمجة – البصرة ذو الـ 32 كم سيكلف 50 مليون دولار أمريكي، فإن خط القائم – تدمر سيكلف على أقل تقدير 400 مليون دولار، ذلك فضلاً عن المخاطر المدمرة للمشروع المتمثلة بالغارات الأمريكية أو هجمات تنظيم الدولة الذي عزّز مواقعه بشكل كبير في صحراء الأنبار الغربية وحمص الشرقية المتلاصقتان.

أحلام الأسد وطهران تتلاشى

ومع جولات بومبيو لدول الشرق الأوسط، لتمكين مشروع العقوبات الأمريكي على إيران، وطمأنة الحليف الإسرائيلي، وتنامي الصراع الروسي الإيراني الناعم في سوريا، استدعى الحرس الثوري الإيراني رأس النظام بشار الأسد أواخر شباط الماضي في زيارة هي الأولى منذ انطلاقة الثورة السورية.

وزار الأسبوع الماضي رئيسا الأركان العراقي عثمان الغانمي والإيراني محمد باقري العاصمة دمشق، وعقدا اجتماعاً مع نظيرهما السوري علي أيوب "لتعزيز التنسيق والتعاون العسكري بين البلدان الثلاثة"، وفق كل من هيئة الأركان الإيرانية ووزارة الدفاع العراقية.

وتطرق رؤساء الأركان الثلاثة إلى سبل إعادة فتح الطرق البرية بين العراق وسوريا، حيث يربط البلدان ثلاثة معابر برية هي البوكمال شرقي دير الزور (يقابله معبر حصيبة في العراق) واليعربية في محافظة الحسكة (يقابله معبر ربيعة في العراق) والتنف شرقي حمص (يقابله معبر الوليد في العراق). ويقع معبري التنف واليعربية تحت سيطرة الفصائل المدعومة أمريكياً.

وبالتالي سيتبقى للنظام معبر البوكمال فقط، والذي تشهد الطرق البرية عبر هذه المعبر نفس المخاطر التي يشهدها مشروع السكة الحديدية المنشود.

كل ما سبق من مؤشرات آخذة بالازدياد، وغيرها، تزيد الخناق على نظام الأسد الذي يحاول جاهداً استثمار "النصر العسكري" المزعوم، لإيصال صورة بأن أركانه ستعود كما كانت قبل آذار 2011، ولكن طوابير الغاز والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية والخضار والمحروقات، وانخفاض انتاج القمح السوري نتيجة فقدان النظام للسلال الغذائية الأكبر في شمال شرق سوريا والشمال السوري (إدلب وحلب)، واهتراء مصافي التكرير والبنى التحتية المتعلقة بتوليد الكهرباء، تقف أمام الأسد كمهام مستحيلة التحقيق، ويترنح نظامه بين روسيا وإيران التي طلبت من الأسد على لسان رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني "حشمت الله فلاحت بيشة"، تسديد ديونه لطهران.