icon
التغطية الحية

هل يتجه اتفاق سوتشي حول إدلب للانهيار؟

2018.11.15 | 16:11 دمشق

تعزيزات عسكرية تركية على الحدود السورية (الأناضول)
فراس فحام - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

نفذت مدفعية النظام في الثاني من الشهر الجاري قصفاً عنيفاً على بلدة جرجناز شرق إدلب أودى بحياة 10 مدنيين بالإضافة إلى الجرحى، وفي التاسع من نفس الشهر قامت مجموعة عسكرية مشتركة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وقوات النظام بشن عملية أمنية ضد موقع لفصيل جيش العزة التابع للجيش السوري الحر قرب الزلاقيات بريف حماة الشمالي، نتج عنها مقتل 23 مقاتلاً، و4 عناصر من القوة المهاجمة.

وتكررت المواجهات خلال الأيام الماضية بالقرب من الكتيبة المهجورة في تل السلطان جنوب شرق إدلب بين قوات النظام وفصائل الشمال، بالتزامن مع إجراء طائرة استطلاع روسية من طراز "إنتينوف" لمسح شامل لمناطق واسعة شمال حماة وجنوب إدلب.

وتمكنت فصائل الشمال السوري المتمركزة قرب تل السطان من قتل مجموعة لقوات النظام حاولت التسلل إلى مواقع متقدمة، لتقع على إثرها في كمين تم نصبه لها.

وتمثل الرد التركي بإرسال وفد عسكري للاطلاع على الخروقات التي قامت بها الميليشيات في ريفي حماة وإدلب، حيث جرى توثيقها بالصور والفيديو لإرسالها إلى "الضامن الروسي".

وزرعت الخروقات المتكررة والتصعيد المتتابع من قبل روسيا والميليشيات الإيرانية الشكوك حول مستقبل الاتفاقية، وما إذا كانت الأيام القادمة ستشهد انهياراً لها وبالتالي العودة إلى أجواء الحرب من جديد.

من المقرر أن تجري اللجان العسكرية التركية والروسية المخولة بالإشراف على تنفيذ اتفاقية سوتشي لقاءاً هاماً خلال الأسبوع القادم لبحث الأحداث التي دارت خلال الأسبوعين الماضيين.

ومن المقرر أن تجري اللجان العسكرية التركية والروسية المخولة بالإشراف على تنفيذ اتفاقية سوتشي لقاءاً هاماً خلال الأسبوع القادم لبحث الأحداث التي دارت خلال الأسبوعين الماضيين، ونقاش موعد تسيير الدوريات المشتركة في حدود المنطقة منزوعة السلاح.

 

مخاوف روسية من تفاهمات أمريكية - تركية

تزامن تصاعد الانتهاكات الروسية في إدلب مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موعد القمة مع نظيره الأمريكي دونالد ترمب في باريس.

وسبق هذا الإعلان زيارة تمهيدية لفريق وزارة الخارجية بقيادة مايك بومبيو إلى أنقرة، حيث بحث مع "أردوغان" ملفات حساسة أهمها الأوضاع في منبج وشرق الفرات، بالإضافة إلى آلية توافقية خاصة بالعقوبات الاقتصادية على إيران.

موسكو التي كانت تسعى لتوحيد الجهود بينها وبين أنقرة لتشكيل ضغط مشترك على واشنطن في منطقة شرق الفرات، لديها مخاوف حقيقية من توصل كل من تركيا والولايات المتحدة إلى توافق حول المنطقة التي تضم ثلثي الثروة النفطية والغازية في سوريا، دون مراعاة مصالح روسيا.

وتمتلك تركيا وأميركا تفاهماً أولياً حول منطقة منبج وشرق الفرات يقوم على زيادة الاعتماد على المكون العربي والعشائري على حساب "وحدات الحماية"، من خلال تأسيس مجالس محلية وتشريعية مؤقتة، ثم الدعوى إلى انتخابات محلية بعد ستة أشهر تحت إشراف تركي – أمريكي.

القرار الأمريكي المتعلق بتخصيص مكافئات مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات عن أبرز قيادات حزب العمال الكردستاني pkk ( جميل بايك - مراد قره إيلان – دوران كالكان)، حمل في طياته رسائل تطمين للجانب التركي بأن العمل على فصل حزب الاتحاد الديمقراطي السوري عن جبال قنديل جدي، وأن واشنطن عازمة على المضي قدماً في تفاهماتها مع تركيا، خاصة وأنه تم تسيير الدورية المشتركة الثانية بينهما بمنطقة منبج في الثامن من شهر تشرين الثاني.

وتريد موسكو من خلال التصعيد تذكير تركيا بضرورة عدم الذهاب بعيداً في التفاهمات المنفردة مع واشنطن، والتلويح بإنهاء اتفاق إدلب في حال لم تتم مراعاة المصالح الروسية في منطقة شرق الفرات.

ولم تكتفِ روسيا بالضغط العسكري على أنقرة وإنما أتبعته بضغوطات سياسية، حيث دعا نائب وزير الخارجية " ميخائيل بوغدانوف" وبشكل مفاجئ قبل يومين إلى توسيع مشاركة الأكراد في اللجنة الدستورية السورية وعدم الاكتفاء بالتيار المتواجد ضمن هيئة التفاوض، وإنما مراعاة "حزب الاتحاد الديمقراطي" بهدف التخفيف من نزعته الانفصالية، مما يعتبر تلويحاً واضحاً بالانقلاب على التوافقات مع تركيا المتعلقة باستبعاد الحزب من العملية السياسية، وعودة روسيا إلى ممارسة الضغوطات على أنقرة من بوابة الملف الكردي.

 

رسائل إيرانية

تمكنت أنقرة قبيل التوصل إلى تفاهم "سوتشي" مع روسيا من تحييد طهران عن أي عملية عسكرية محتملة في إدلب، لتؤكد إيران ذلك صراحةً من خلال حديث الناطق باسم خارجيتها برهام قاسمي في السابع عشر من أيلول عن عدم نيتهم المشاركة بأي هجوم عسكري مرتقب على إدلب.

ثمة تغير قد طرأ على الموقف الإيراني، ويمكن تلمس ذلك بشكل واضح من خلال تزعم القيادي في الحرس الثوري الحاج جواد المجموعة العسكرية المشتركة مع النظام وحزب الله اللبناني التي هاجمت مواقع جيش العزة شمال حماة، كما شارك عناصر من "لواء فاطميون" في عمليات الكر والفر قرب الكتيبة المهجورة بمنطقة تل السلطان جنوب شرق إدلب، على مقربة من نقطة المراقبة التابعة للجيش التركي في تل الطوكان.

ويبدو أن اللقاءات المتكررة بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين قبيل إعلان واشنطن الحزمة الجديدة من العقوبات الاقتصادية التي تشمل قطاعي المال والنفط، أثارت بشكل كبير قلقل طهران من احتمالية تجاوب أنقرة مع تلك العقوبات، خاصة وأن الأخيرة قد خفضت تدريجياً وارداتها النفطية بشكل ملحوظ من إيران خلال الثلاث أشهر الماضية، حيث يشير المقياس إلى تراجعها من 200 ألف برميل يومياً إلى 135 ألفاً.

المؤشر الثاني الذي التقطته طهران ويشي بالمزيد من التقارب التركي – الأمريكي على حساب مصالحها، يتمثل في تحديد واشنطن لمكافئات مالية لمن يقدم معلومات عن قيادات "العمال الكردستاني" ومنهم "جميل باييك" من الطائفة العلوية، على اعتبار أن هذا القيادي تحديداً يتزعم تيارا علويا كرديا في قنديل ينسق بشكل فعال مع إيران، ولعب الدور الأبرز في تحييد "حزب الاتحاد الديمقراطي" عن المعركة ضد النظام السوري طيلة سنوات الحرب بسوريا.

وترغب طهران من خلال تصدر ميليشياتها لمشهد الخروقات للاتفاقية المتعلق بإدلب، تذكير أنقرة أن لديها أذرع يمكنها من خلالها تقويض الاستقرار قرب الحدود التركية .

وترغب طهران من خلال تصدر ميليشياتها لمشهد الخروقات للاتفاقية المتعلق بإدلب، تذكير أنقرة أن لديها أذرع يمكنها من خلالها تقويض الاستقرار قرب الحدود التركية في حال بحث الأتراك عن مصالحهم مع دون مراعاة للمصالح الإيرانية، والتأكيد على أنها ما تزال حاضرة وبقوة في الملف السوري وقادرة على خلط الأوراق.

تطورات مهمة ومرتقبة سيشهدها الأسبوع المقبل، أبرزها لقاء القمة بين أردوغان وبوتين في مدينة إسطنبول التركية المزمع عقده في التاسع عشر من تشرين الثاني، بالإضافة إلى الاجتماع بين اللجان العسكرية المسؤولة عن التفاوض حول تطبيق بنود "سوتشي"، وستساهم تلك اللقاءات إلى حد كبير في توضيح مستقبل خفض التصعيد في محافظة إدلب، لكنه بات واضحاً أن الاتفاقية ذات طابع مؤقت غالباً لن تستمر لأكثر من عدة أشهر أخرى، ولا تخضع لضمانات حقيقية، وتحمل في طياتها العديد من البنود "التفخيخية" خاصة ما يتعلق بالتنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب، كما أن دوام العمل بها متعلق بمدى قناعة كل من موسكو وطهران أن أنقرة تراعي مصالحهما في جميع تحركاتها.