icon
التغطية الحية

هل ستعرقل التعقيدات الأخيرة إعلان اللجنة الدستورية في أستانا 12؟

2019.04.24 | 22:04 دمشق

موسكو - طه عبد الواحد - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تنطلق في العاصمة الكازاخية "نور سلطان" الجولة الثانية عشرة من مشاورات "أستانا" حول سوريا، ويبدو أن المشاركين فيها سيضطرون إلى بذل جهود مضاعفة بغية التغلب على عقبات برزت في الآونة الأخيرة، قد تحول دون الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، أو أن يقتصر الأمر على إعلان "شكلي" عن تركيبتها، دون اتفاق على آليات ومقر عملها. 

ملامح العقبة الأولى التي قد تعترض تحقيق تقدم فعلي في تشكيل اللجنة الدستورية، برزت في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم 17 نيسان الجاري، قال فيها إن "اللجنة الدستورية يجب أن يتم تشكيلها في أقرب وقت".  ولأول مرة في التصريحات الروسية حول تشكيل اللجنة الدستورية، توقف لافروف عند "الوضع على الأرض"، أي في سوريا، وأكد أنه "مستقر إلى حد ما ولا يشكل عائقاً" في موضوع اللجنة. وربط مراقبون كلام الوزير الروسي بالنقاش الدائر حول المقر الدائم لعمل اللجنة، وهل يكون في دمشق أم في جنيف؟ وأنه يريد بهذا الشكل طمأنة المجتمع الدولي للموافقة على اعتماد دمشق مقرا دائما للجنة. وبعد إشارته بصورة خاصة إلى أن الوضع يبقى

يبدو أن الوزير لافروف مستاء من موقف محدد تتبناه الأمم المتحدة حاليا بشأن اللجنة الدستورية، ولا يتوافق مع الرغبات الروسية بهذا الشأن

غير مستقر فقط في إدلب ومناطق شرق الفرات، كشف لافروف عن عقبات ما تزال تعترض عمل اللجنة، وقال إن "ذات الوقائع التي حالت دون الإعلان عن تشكيل اللجنة في كانون الأول نهاية العام الماضي، تبقى على درب تشكيل اللجنة حتى الآن"، زاعماً أن "الدول الغربية طالبت حينها الأمين العام بالتريث وأخذ مهلة زمنية إضافية كي يتم تشكيل اللجنة بموافقة الأمم المتحدة".

ويبدو أن الوزير لافروف مستاء من موقف محدد تتبناه الأمم المتحدة حاليا بشأن اللجنة الدستورية، ولا يتوافق مع الرغبات الروسية بهذا الشأن، إذ ذهب في تصريحاته تلك إلى تحجيم دور المبعوث الدولي في عملية تشكيل اللجنة، حتى دور "الميسر".  وقال إن المبادئ الأساسية المثبتة في وثائق مؤتمر الحوار السوري في سوتشي "تنص على أن السوريين أنفسهم يقومون بتشكيل اللجنة الدستورية، والأمم المتحدة عبارة عن ميسر، يساعدهم في حل المسائل التنظيمية، وبدء الحوار الداخلي". بيد أن "وثائق سوتشي" واضحة، وحددت مهام وصلاحيات الأمم المتحدة، في الفقرة الأخيرة من البيان الختامي، وجاء فيها: "يكون الاتفاق النهائي على ولاية ومراجع إسناد وصلاحيات ولائحة إجراءات ومعايير اختيار أعضاء هذه اللجنة الدستورية، عبر المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف". وكان المبعوث الدولي السابق ستيفان دي ميستورا، قال في حلقة نقاشية حول "النضال من أجل العدالة" على هامش منتدى الدوحة نهاية عام 2018، إن "الدستور نقطة الانطلاق (...) ومهما تكون الدول كبيرة، فإن القرار في النهاية هو للأمم المتحدة، وإن لم تعط موافقتها على هذه اللجنة، فهي غير شرعية".

أما العقبة الثانية فمصدرها دمشق، المحطة الأخيرة في جولة تمهيدية للقاء أستانا، أجراها المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتيف، رافقه فيها سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي ومسؤول من وزارة الدفاع. وأجرى الوفد بداية محادثات في الرياض مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومع هيئة المفاوضات السورية. ويبدو أن نتائج المحادثات كانت إيجابية، الأمر الذي دفع نصر الحريري، رئيس هيئة التفاوض للترحيب بما وصفه "تقارب" مع الجانب الروسي، وأضاف خلال مؤتمر صحفي في أعقاب محادثاته مع لافرينتيف: " نستطيع القول إننا في وضع أقرب ما نكون فيه إلى نهاية تشكيل اللجنة الدستورية (...) إننا الآن أمام لجنة دستورية ستتشكل برعاية الأمم المتحدة". من جانبها قالت وزارة الخارجية الروسية إن المحادثات "ركزت على مسالة تشكيل اللجنة الدستورية في أقرب وقت".

إلا أن محادثات الوفد الروسي في دمشق لم تكن إيجابية على ما يبدو، بقدر المحادثات في الرياض. على الأقل هذا ما عكسه بيان عن "القصر الرئاسي" للنظام السوري في أعقاب المحادثات، تجاهل فيه تماما مسألة تشكيل اللجنة الدستورية، أي القضية الرئيسية التي حملها معه الوفد الروسي، واكتفى بعبارات عامة أشار فيها إلى أن "اللقاء تناول الملفات المدرجة على جدول أعمال الجولة المقبلة من محادثات أستانا". وأشار بعد ذلك إلى أن رأس النظام السوري والمبعوث الرئاسي الروسي أكدا على "أهمية التنسيق المتواصل بين الجانبين حول القضايا المطروحة للخروج بنتائج إيجابية تحقق ما يصبو إليه الشعب السوري"، لينتقل البيان بعد ذلك إلى طرح "أولويات النظام السوري"، حين شدد على أنه في مقدمة ما يصبو إليه الشعب السوري "التخلص من الإرهاب". أي أن "أولوية" النظام الآن تبقى "التصدي للإرهاب".

بناء على ما سبق حدد النظام السوري في البيان المهمة الرئيسية التي يريد أن يتم التركيز عليها في لقاء

أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا حول المحادثات مع الأسد، بدت بعض عباراته وكأنها رسائل طمأنة له، بأن كل شيء سيجري "تحت المظلة الروسية"

أستانا الحالي، حين أكد على "ضرورة العمل خلال هذه الجولة للتغلب على العوائق التي تحول دون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً حول منطقة إدلب والذي يتمحور حول القضاء على المجموعات الإرهابية الموجودة فيها"، دون أن يفوته تذكير روسيا بأن تلك الجماعات "تقوم أيضا بالاعتداء على المدنيين في المناطق الآمنة المجاورة".

وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا حول المحادثات مع الأسد، بدت بعض عباراته وكأنها رسائل طمأنة له، بأن كل شيء سيجري "تحت المظلة الروسية"، وقدمت "مؤتمر الحوار في سوتشي" على "القرارات الدولية" كأرضية للتسوية السياسية، وقالت في بيانها: "جرى خلال المحادثات بحث مسائل ضمان تسوية سياسية مستدامة، بموجب مقررات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، و القرار الدولي رقم 2254". وأكدت" بناء عليه جرى التركيز بصورة خاصة على تشكيل اللجنة الدستورية في أقرب وقت وإطلاق عملها".

ولعل العبارة الأخيرة هي الأكثر أهمية في بيان الخارجية الروسية عن المحادثات مع الأسد، وجاء فيها: "كما جرى بحث مهام إعادة بناء سوريا بعد انتهاء النزاع، وتطبيع علاقاتها مع الدول العربية". إذ فسر بعضهم هذا الكلام بأنه دليل على رسائل حملها لافرينتيف من الرياض لرأس النظام السوري، حول تطبيع العلاقات والمساهمة في إعادة الإعمار. بالمقابل هناك من رأى أن موسكو أرادت من هذا الكلام تذكير الأسد بأن غالبية الدول تشترط انخراطه بداية في عملية سياسية ذات مصداقية، لانخراطها في محادثات حول المساهمة في إعادة الإعمار، وكذلك تشترط جامعة الدول العربية الأمر ذاته للحديث عن استعادة سوريا مقعدها في الجامعة، ولا يختلف الأمر بالنسبة للحل السياسي كشرط لتطبيع العلاقات مع الدول العربية.