مقابلة محطة "الميادين"

2018.11.05 | 00:11 دمشق

+A
حجم الخط
-A

على محطة تلفزيونية لـ “حزب الله" شكّلت خلال السبع سنوات الماضية بوقاً لنظام الأسد، وبمشاركة ضيفين- إذا قالا الحق، أو سميّا الأمور بمسمياتها تعتقلهما سلطات الاستبداد أو تقتلهما- ومع مضيف خبير قرّر أن يلعب "دور الشيطان" بهدف الانتصار لمنظومة الأسد بصيغة رسمية وبحرفية مهنية؛ تمت المقابلة مع تلفزيون الميادين عبر /سكايب/. معروف أن معظم جمهور المحطة قد تمّت برمجته على العبودية الذهنية للمنظومة ذاتها لسنوات، حيث تعوّد أن يسمع البروبغندا الأسدية الإيرانية فقط. في ظل كل ذلك، لم يكن الوقت ولا الأداة ولا البيئة ولا طبيعة التخاطب مناسبة أو تسمح أو تفسح في المجال لتحقيق الكثير من الانتصارات لقضية نبيلة عادلة شريفة كقضية الشعب السوري. مع كل ذلك رأيت أن هكذا معركة قد تكون مفيدة لكسر هذا التكلس الجامد الظالم ولتحقيق بعض النقاط.

كانت المعركة الأولى حول الموقف تجاه الجولان، حيث رسم إعلام نظام الاستبداد أن المعارضة لنظام الأسد

الثمان سنوات المأساوية التي حلّت بالسوريين على يد منظومة الاستبداد كانت بسبب موقفهم العدائي الحقيقي للاحتلال الذي يحرص على منظومة الاستبداد التي قتلتهم

لا علاقة لها بالجولان، وهي متصالحة مع إسرائيل على عكس "المقاومة والممانعة" التي تقف في وجه إسرائيل. تبيّن في الحوار أن هذا السوري الذي يتحدث أمامهم بـ “اسم المعارضة" معاد لإسرائيل إلى "أبد الآبدين" ويعتقد أن أهل الجولان السوريين هم من يعلم العالم المقاومة والممانعة الحقيقية لا المزيّفة التي يدعيها النظام، الذي تعمل المحطة كبوق له؛ وأن الثمان سنوات المأساوية التي حلّت بالسوريين على يد منظومة الاستبداد كانت بسبب موقفهم العدائي الحقيقي للاحتلال الذي يحرص على منظومة الاستبداد التي قتلتهم.

تخلل المقابلة الكثير من المسائل التي سعى المضيف وضيفاه "النظاميان" من خلالها ضرب مصداقية كل من يقف في وجه منظومة الاستبداد كـ /ضعف المعارضة وتشرذمها/ و/سيطرة "النظام" على الجغرافيا السورية/ و/انتصاره/ وأن لديه دستور و/ما هو بحاجة إلى لجنة دستورية أو انتقال سياسي/ و/من يدعمه هم حلفاؤه وأتوا بدعوة شرعية منه/. تم احتواء كل تلك التخرصات والرد عليها؛ فأحد أسباب ضعف المعارضة يكمن بقتل الأسد للحياة السياسية في سوريا لعقود، وبسبب إلغاء أي صوت مخالف له بالنار؛ أما السيطرة الجغرافية، فليست للسوريين، بل للإيرانيين وللروس؛ وما يسميه أبواق النظام "انتصارا" لا يكون على الشعب؛ والدستور الذي بحوزة هذا النظام لم يُحتَرم يوماً؛ والانتقال السياسي منصوص عليه في القرارات الدولية كي يكون للدستور مفاعيله وللقانون احترامه؛ وإن ميليشيات حزب الله وإيران وروسيا ليست إلا قوات احتلال قتلت الشعب السوري الثائر على منظومة الاستبداد، وساهمت بتدمير سورية وتهجير شعبها.

الجزء الأخطر في المقابلة، والذي أثار لغطاً، كان المتعلق بوجود قوات أجنبية على الأرض السورية. فعندما أتت الإشارة إلى وجود ميليشيات حزب الله وإيران وروسيا كقوات احتلال أجنبية تدعم نظام الأسد ضد شعبه- ورغم ذلك لا يسيطروا على كل الجغرافيا السورية-؛ وأن أمريكا تسيطر على الجزء الشمالي الشرقي من سوريا؛ عندها تدخل المضيف وسأل فيما إذا كانت المعارضة

كل قوة أجنبية على الأرض السورية ساهمت بقتل السوريين وتدمير حياتهم؛ وكان الاستثناء تركيا. هناك الكثير من الأمثلة على المواقف التركية التي لا يمكن اعتبارها احتلالاً كباقي الاحتلالات الأجنبية للأرض السورية

تعتبر وجود القوات الأمريكية والتركية احتلالاً كما تعتبر الآخرين. وهنا كانت الإجابة بأن كل قوة عسكرية غريبة على الأرض السورية تعتبر احتلالاً؛ وتم ذكرها مجتمعة؛ وما كان من مجال أو فسحة لتفنيدها أو التمييز بينها وتوصيف فعل كل منها.

اللغط أُثير حول اعتبار تركيا قوة احتلال في سوريا؛ وهنا لا بد من القول إنه تجاه السوريين وقضيتهم، من الخطأ وضْعُ موقف أو فعل تركيا في الخانة ذاتها مع موقف أو فعل أي جهة أو دولة أو مجموعة تدخلت في الوضع السوري. تركيا ذاتها لا تحتاج من يقول لها بأنها مختلفة بتدخلها بالشأن السوري عن تدخل الآخرين. كل قوة أجنبية على الأرض السورية ساهمت بقتل السوريين وتدمير حياتهم؛ وكان الاستثناء تركيا. هناك الكثير من الأمثلة على المواقف التركية التي لا يمكن اعتبارها احتلالاً كباقي الاحتلالات الأجنبية للأرض السورية؛ فعندما أُغلقت بوابات دول عربية كثيرة في وجه الفارين من نار النظام الاستبدادي، كانت بوابات تركيا مشرّعة للسوريين؛ وكان التعامل معهم كضيوف، لا كلاجئين.

في أستانا، تركيا كانت الطرف المتصدي لروسيا وإيران بخصوص معتقلي سوريا، وكانت الضامن للجيش الحر المدافع عن المدنيين السوريين في وجه استهداف الروس والإيرانيين. وفي اتفاق سوتشي الأخير، الذي حمى ملايين السوريين في منطقة إدلب، كان الفعل التركي وراءه. ومن هنا فإن محاولات البعض الاصطياد بالماء العكر ليست إلا محاولات يائسة بائسة.