icon
التغطية الحية

معبر كسب.. حضن النظام المفتوح إلى معتقلاته

2019.09.16 | 16:09 دمشق

معبر كسب في ريف اللاذقية (إنترنت)
حسام الجبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

رحلة طويلة كابدها اللاجئ السوري عمر من إسطنبول إلى مدينة أنطاكيا الحدودية لتسليم بطاقة حمايته المؤقتة والحصول على إذن مغادرة من أمنيات أنطاكيا إلى معبر كسب الحدودي نحو حضن الوطن.

ورغم أن عمر هو عسكري منشق عن قوات النظام في العام 2014، إلا أنّ ظروف الحياة الصعبة أجبرته كما يقول قبل مغادرته على اتخاذ هذا القرار الصعب، معبراً في الوقت ذاته عن أمله بأن يكون كلام أصدقائه الذين تواصل معهم في اللاذقية صحيحاً وأن يتم تسوية وضعه والعفو عنه.

في تموز الماضي دخل عمر عبر معبر كسب وكانت عائلته بانتظاره، لم يدم اللقاء أكثر من دقائق معدودة لتعود عائلة الشاب إلى منزلها بدون عمر، وليبقى هو حتى اليوم معتقلاً في أجهزة المخابرات دون أن يعلم أحد حتى الآن مكانه و مصيره.

 

ترويج إعلامي:

منذ آذار الماضي افتتح معبر كسب الذي يصل بين مدينتي اللاذقية وأنطاكيا بشكل رسمي، إثر زيادة أعداد السوريين الراغبين بالعودة إلى مناطق النظام، بعد إغلاقه منذ عام 2011 من الجانب التركي.

ومنذ ذلك الوقت يرّوج النظام للعودة إلى حضن الوطن وفتح باب "المصالحات" وتسوية أوضاع العائدين و"العفو" عنهم، حيث بثت قنوات إعلامية ومواقع موالية مقابلات عديدة مع عدد من الأفراد والأسر التي دخلت من المعبر، وشجع من خلالها معدّوها على عودة كل اللاجئين، بادعاء سير الحياة بشكل طبيعي، وأنّ من حق الجميع أن يعود إلى منزله وبلده، وأن النظام يرحب بهم، وأن كل ما يتوجب عليهم فعله هو الحصول على ورقة من الجهات الأمنية الموجودة على المعبر.

ووفق ما نشره عضو هيئة "المصالحة الوطنية" في حكومة النظام وعرّاب المصالحات "عمر رحمون " على صفحته الشخصية، "يحصل الواصلون بمجرد دخولهم إلى المعبر على ورقة تسوية وضع من المخابرات العسكرية في المعبر للشبان أو الأشخاص المطلوبين، يستطيعون من خلالها التنقل، والوصول إلى محافظاتهم، وهناك يطلب منهم مراجعة الأمن السياسي لتسوية وضعهم وهو أمر روتيني"، وفق زعمه.

وتشير مصادر متعددة إلى أن مجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي على صلة بـ"رحمون" تنشر باستمرار في تركيا وبين أوساط الشباب أخباراً تتعلق بالعودة الآمنة، وعن تطمينات للراغبين بالعودة حيال الملاحقات الأمنية، وإرشادات للوصول إلى المعبر، وسماح النظام بدخول السوريين الذين لا يملكون أي إثباتات شخصية.

 

زيادة من إسطنبول:

لا يوجد إحصاءات دقيقة حتى الآن من الجانب التركي حول أعداد العائدين عبر معبر كسب من تركيا، لكن أحمد غزال وهو مترجم يعمل في أمنيات أنطاكيا قال إنّ الأعداد زادت بشكل واضح بعد الحملة الأمنية في إسطنبول.

وأضاف "غزال" في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا "وصلت عدة دفعات من إسطنبول وتوجهوا مباشرة إلى معبر كسب، بعد حصولهم على الإذن، وكان عددهم في إحدى الدفعات يقارب الـ 70 شخصا".

ووفق "غزال" يتفاوت أعداد الذين يتقدمون للحصول يومياً على إذن الخروج من معبر كسب، ويصل متوسط عددهم في بعض الأيام إلى ثلاث أو أربع عائلات مع بضعة شبان، ويتفاوت هذا العدد بين يوم وآخر.

وأشار المترجم في ختام حديثه إلى أن جميع من يتقدم للحصول على إذن المغادرة يقوم بتسليم بطاقة الحماية المؤقتة، ويوقع على ورقة المغادرة الطوعية التي لا تتيح له العودة مرة أخرى إلى تركيا إلا بعد انقضاء 5 سنوات.

 

وعود كاذبة:

لكن ورغم التطبيل الإعلامي للنظام، إلا أنّ العديد من التقارير والناشطين الإعلاميين يؤكدون اعتقال العشرات من هؤلاء العائدين رغم أن بعضهم ليس عليه أي ملاحقة أمنية .

وفي هذا السياق قال عضو "لجان التنسيق المحلية" في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي إنّ "لجان التنسيق في المدينة وثقت حتى اليوم اختفاء 7 أشخاص من العائدين إلى المدينة، أحدهم عمره يقارب الـ 55 عاما وامرأة والباقي من الشبان".

وأضاف الناشط أنّ بعض العائدين أوقف لأيام وبعضهم لشهرين أو ثلاثة وآخرون ما زالوا حتى اليوم، ومن خرج من المعتقل من الشبان تم إلحاقه مباشرةً بالخدمة الإلزامية أو الاحتياط.

وأوضح "جبلاوي" أنّ "جميع من يعود من تركيا هو متهم عند النظام، ففي مدينة بانياس اعتقل النظام أحد الرجال العائدين مع زوجته لقرابة شهر كامل، تعرضا خلاله للتعذيب النفسي، وتم التحقيق معهم في تفاصيل حياة أقربائهما الذين ما زالوا في تركيا.

وكانت مواقع إعلامية تداولت في شهر آذار الماضي مقتل شاب من مدينة اللاذقية فور عودته مباشرة من تركيا كما اعتقل 12 آخرون ينحدرون من الغوطة الشرقية، حيث اقتادت ميليشيا النظام الشباب العائدين إلى فرع المخابرات الجوية في حرستا بريف دمشق.

كما وثقت جهات حقوقية مقتل خمس أشخاص تحت التعذيب خلال الأشهر الثلاثة الماضية بينهم شباب عادوا عبر معبر كسب، ومعابر لبنان، ثلاث من محافظة حماة واثنان من ريف محافظة حمص.

من جانب آخر ذكر الناشط الحقوقي أيهم بارود المقيم في مدينة أنطاكيا، صعوبة الوصول إلى أرقام حقيقية حول مصير من عادوا من تركيا إلى مناطق النظام وأجروا مصالحات، لكنّ الكثير من الشهادات التي وصلت تؤكد اعتقالهم لأوقات متباينة، واستغلالهم لاحقا في التجنيد رغم أن بعضهم أنهى الخدمة الإلزامية، مشيرا إلى أنّ بعض الشبان الذين عادوا مؤخراً لقوا حتفهم على جبهات القتال مع المعارضة ما يؤكد استغلال النظام لهم وكذب ادعاءته.

ورأى الناشط الحقوقي أنّ ترويج النظام للعودة الآمنة "لا يعدو أن يكون مجرد فقاعة إعلامية تقف ورائها المخابرات السورية والروس لاصطياد الشباب الهاربين من الخدمة فقط"، مدللا في الوقت ذاته على غدر النظام بسكان المناطق الذين أجروا مصالحات واعتقال العشرات منهم فكيف بمن عاد من تركيا.

وكانت "الشبكة السورية لحقوق الانسان" قالت في تقرير صدر في منتصف شهر آب الماضي، إنّ النظام السوري اعتقل أكثر من 1916 لاجئا عادوا إلى البلاد منذ مطلع 2014 حتى آب 2019، بينها 219 طفلاً و157 سيدة، أفرج النظام عن 1132 حالة عاد واعتقل بعضها لاحقاً، وبقي 784 حالة اعتقال تحوّل 638 منهم إلى حالة اختفاء قسري، وسجل مقتل 15 منهم تحت التعذيب.

وذكر فضل عبد الغني مدير الشبكة في التقرير ذاته: "لا يمكن لأحد توقع ما يحصل مع اللاجئ الذي يرغب بالعودة إلى سوريا، فقد يسمح له بالدخول وقد يعتقل بعد مدة من الزمن دون توضيح أي سبب، وقد يختفي أثره لاحقاً، وربما نحصل على معلومات تفيد بوفاته تحت التعذيب، لا يمكن معرفة ما إذا كان اللاجئ مطلوبا من قبل أجهزة الأمن جميعها"، محذرا في الوقت ذاته اللاجئين من خطر العودة.