icon
التغطية الحية

ماذا وراء إعلان أردوغان اقتراب موعد عملية عسكرية شرق الفرات؟

2018.12.13 | 12:12 دمشق

دوريات تركيا ضمن اتفاق خريطة الطريق حول مدينة منبج (الأناضول)
فراس فحام - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بشكل مفاجئ وعلى عكس مجريات الأمور مؤخراً بين أنقرة وواشنطن أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأمس الأربعاء، عن اقتراب موعد إطلاق بلاده لعملية عسكرية في منطقة "شرق نهر الفرات" و "منبج" معتبراً أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم الوعود فقط بهدف "المماطلة".

الإعلان التركي بدا مفاجئاً على اعتبار أن تحسن العلاقات مع واشنطن دخل في منحنى تصاعدي منذ إطلاق سراح القس الأمريكي "أندرو برونسون" المحتجز بولاية أزمير في شهر تشرين الأول الماضي، وما تبعه من رفع متبادل للعقوبات بين تركيا وأمريكا، بالإضافة إلى شروع الطرفين باتخاذ خطوات جديدة فيما يتعلق بخارطة طريق "منبج"، حيث تم تسيير العديد من الدوريات المشتركة بين الجيشين الأمريكي والتركي بالمنطقة.

وجاءت تصريحات الرئيس التركي هذه التي أطلقت العد التنازلي لبداية عمليات عسكرية رغم تأكيدات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا "جيمس جيفري" على رغبتهم بجعل التعاون في "منبج" نموذجاً لإحلال السلام بسوريا، والعمل على بحث تطبيق نفس الآلية في مناطق أخرى، وذلك خلال زيارة المبعوث إلى أنقرة في السابع من شهر كانون الأول / ديسمبر الجاري.
 

تعزيزات متبادلة

أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الجيش التركي أرسل تعزيزات عسكرية عقب تصريحات "أردوغان" إلى منطقتي "أقجة قلعة" المواجهة لمدينة تل أبيض في محافظة الرقة السورية، و "جيلان بينار" المقابلة لمدينة رأس العين بريف الحسكة على الجانب السوري.

وأضافت المصادر أن تركيا طلبت من بعض فصائل "الجيش الوطني السوري" وعلى رأسها "تجمع أحرار الشرقية" و "لواء السمرقند" تسليم قوائم بأسماء المقاتلين الذين سيشاركون في العملية المحتملة.

وشهدت مناطق منبج وتل أبيض ورأس العين يوم أمس الأربعاء قرب منتصف الليل تحليقاً مكثفاً لطائرات إستطلاع تركية، بالتزامن مع وصول رتلين عسكريين تركيين جديدين إلى قضائي "أقجة قلعة" و "جيلان بينار" قرب الشريط الحدودي مع سوريا.

وردت القوات الأمريكية بتعزيز تواجدها بالقرب من "رأس العين"، حيث أنشأت مساء أمس الأربعاء نقطتين مراقبة جديدتين في بلدة "تل حلف"، وذلك بعد ثلاثة فقط من تثبيت نقطة مراقبة في منطقة "عياطين" شرق مدينة تل أبيض، كما عزز دعم الجيش الأمريكي قاعدته في مدينة عين العرب (كوباني) بالمزيد من الجنود، وأجرى على مدار اليومين الماضيين زيارات لمواقع "وحدات الحماية" في قرية "زور مغار" وبلدة "الشيوخ" قرب منبج.

وعقب التصعيد الإعلامي التركي دفعت "وحدات الحماية" العمود الفقري في "ٌقوات سوريا الديمقراطية" بتعزيزات عسكرية إلى مدينة تل أبيض، تضمنت مصفحات تحمل عناصر، وعربات دفع رباعي مزودة بمدافع رشاشة.
 

حدود العملية المتوقعة

تحدث مصدر عسكري في "الجيش الوطني السوري" لموقع تلفزيون سوريا (طلب عدم الكشف عن اسمه) عن العمليات المحتمل شنها ضد "وحدات الحماية" في منطقة شرق الفرات، ورجح أن تسير بشكل تدريجي بناء على الواقع السياسي الذي يفرضه التواجد العسكري الأمريكي هناك.

وتوقع المصدر أن تنطلق العمليات من أكثر من محور بهدف التوغل في عمق مناطق سيطرة "الوحدات"، مع تجنب أي صدام مع نقاط المراقبة التي نشرتها واشنطن خلال الأسبوعين الماضيين.

 

وتشير المعلومات المتقاطعة إلى أن بلدة "زور المغار" الواقعة شرق مدينة جرابلس ستكون إحدى محاور الهجوم على اعتبار أنها تخلو من أية نقاط أو قواعد أمريكية، والتوغل العسكري فيها سيكون مهماً كونه يضيق الخناق بشكل أكبر على مدينة عين العرب ( كوباني)، بالإضافة إلى إمكانية التقدم إلى تخوم تل أبيض، وتكثيف القصف المدفعي والصاروخي على نقاط "الوحدات".

ومن غير المرجح أن تشهد منطقة "شرق الفرات" عملية عسكرية مشابهة لما حصل في "غصن الزيتون" مطلع العام الحالي، عندما شن الجيشين التركي والوطني السوري هجوماً على "وحدات الحماية" نتج عنه إخراج الأخيرة من منطقة "عفرين"، ذلك لأن "ِشرق الفرات" تعتتبر منطقة تحت نفوذ واشنطن والجيش الأمريكي له قرابة 16 قاعدة ونقطة عسكرية على طول المنطقة الممتدة من رأس العين بريف الحسكة وحتى منبج شمال شرق حلب.
 

السيناريوهات المحتملة

لايمكن التسليم بفكرة أن تركيا ستشن هجوماً يشمل كل مناطق "ِشرق الفرات" كما حصل سابقاً في "درع الفرات" و "غصن الزيتون"، لأن هذا الأمر يحمل في طياته احتمالية ومخاطر الصدام المباشر مع واشنطن التي أعلنت مؤخراً على لسان "جيمس جيفري" دعمها الكامل للجهود التركية في إدلب، خاصة وأن أرتالاً تابعة للميليشيات الإيرانية المختلفة والفيلق الخامس الروسي توافدت خلال الأسبوع الماضي إلى محافظات حماة وإدلب واللاذقية، مع تكثيف الطلعات الجوية الاستطلاعية للطائرات الروسية في سماء المناطقة والتلويح بهجوم بري وإن كان محدوداً.

ويبدو أن تسخين الأجواء وقرع طبول الحرب من قبل أنقرة هدفه واحد من احتمالين:

1-الضغط على واشنطن: قد تلجأ تركيا إلى عمليات قصف مدفعي، وهجمات بطائرات بدون طيار على مواقع "وحدات الحماية"، بالتزامن مع توغل بري محدود قرب الشريط الحدودي، وذلك بهدف إشعار واشنطن بجديتها في استخدام الحل العسكري لإخراج الوحدات من المناطق الحدودية، مما قد يؤدي لدفع أمريكا بالإسراع في تنفيذ خارطة طريق منبج، والقبول بمقترحات تركية سابقة تتعلق بتسليم بعض المدن والبلدات مثل ( تل أبيض – منبج) لمجالس محلية من سكان المنطقة العرب وتحت إشراف تركي – أمريكي، وتقليل الاعتماد على الوحدات في عموم شرق الفرات لصالح توسيع مشاركة المكونات الأخرى في إدارة المنطقة.

ومن المؤشرات التي ترجح سيناريو الضغط على القرار الأمريكي، أنها التصعيد التركي أتى بعد أيام قليلة على إعلان "البنتاغون" استكمال تدريب 8000 عنصر من "قوات الحماية المحلية" التي تشكل "وحدات الحماية" عمادها الأساسي.

2-تفاهم تركي – أمريكي: قد تطلق تركيا عملية عسكرية للسيطرة على بعض المناطق الحدودية مثل"زور المغار" و "تل أبيض" بالتفاهم مع أمريكا، وبذلك تحقيق أنقرة هدفين مهمين وهما: إبعاد خطر منظمة تعتبرها تركيا إرهابية (وحدات الحماية) من مواقع إضافية قريبة من الحدود التركية، وأيضاً عزل "عين العرب" عن محيطها وبالتالي توجيه ضربة جديدة بعد ضربة "عفرين" لمخطط إنشاء حزام يصل بين مواقع "الوحدات" في الحسكة و "عين العرب" و "منبج".

وفي حال كان مثل هذا السيناريو وارداً، فقد نشهد خلال الأيام القادمة انسحاباً أمريكياً من نقاط المراقبة المؤسسة حديثاً بالقرب من "تل أبيض" أو بقاءها مع عدم تدخلها عند بدأ العمليات العسكرية التركية.

ماتزال الصورة ضبابة بما يخص العمليات العسكرية التركية المحتملة في منطقة شرق الفرات رغم التصريحات الساخنة التي أطلقها كل من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" و قيادات بارزة في "الجيش الوطني السوري"، وسنحتاج لانتظار المزيد من الوقت لنعرف المسار الحقيقي للأمور بعيداً عن الحرب الكلامية، لكن الواضح أن واشنطن باتت تتحرك وفق رؤية جديدة في سوريا تعتمد على بقاء طويل الأمد لضمان خروج القوات الإيرانية وتحقيق انتقال سياسي ليس على القياس الروسي، وفي هذا السياق يأتي تكثيف التواصل مع تركيا لضمان فعالية أكبر للتحركات وعدم خسارتها لصالح موسكو، كما أن أنقرة وفي ظل مخاوفها من الإنقلاب بالمواقف الروسية وفي ظل الخلافات بين الطرفين على تأسيس اللجنة الدستورية ليست في وارد صب المزيد من الزيت على نار العلاقات مع واشنطن الأمر الذي يجعل خيارات "الحل الوسط" واردة جداً في ملف شرق الفرات ومنبج.