icon
التغطية الحية

ماذا تريد روسيا من التصعيد العسكري على الشمال السوري؟

2019.05.01 | 16:05 دمشق

قصف جوي ومدفعي لـ روسيا و"نظام الأسد" على إدلب (أرشيف - إنترنت)
فراس فحام - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بلغ التصعيد العسكري الروسي على الشمال السوري ذروته في الأيام الماضية، حيث تعرضت مناطق واسعة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي لعشرات الغارات الجوية من الطيران الروسي، كما عاد الطيران المروحي ليقصف الأماكن السكنية بالبراميل المتفجرة لأول مرة منذ توقيع اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا.

 

حصيلة ميدانية

أفادت مصادر في منظمة الدفاع المدني لموقع تلفزيون سوريا أن عدد الغارات الجوية الروسية خلال الـ 48 ساعة الماضية وصل إلى 55 غارة مستخدمة 108 صواريخ منها حشوات فراغية شديدة التدمير، بالإضافة إلى 35 برميلا متفجرا، وأكثر من 700 قذيفة مدفعية استهدفت مناطق كفرنبودة واللطامنة وكفرزيتا وقلعة المضيق بريف حماة، وبلدات وقرى تل هواش والهبيط ودير سنبل وترملا وعابدين والعديد من القرى الأخرى في ريف إدلب، كما طالت الغارات منطقة خان العسل في ريف حلب الغربي.

وحسب مصدر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) فإن عدد الضحايا المدنيين خلال اليومين الماضيين جراء القصف الجوي والمدفعي وصل إلى 16 مدنياً بينهم عائلة كاملة قضت في القصف على منطقة خان العسل غرب حلب، كما وقع أكثر من 60 جريحاً في الحملة.

وأكد "منسقو الاستجابة" وهم عبارة عن تحالف منظمات إنسانية في الشمال السوري، أن عدد النازحين من المناطق المستهدفة بالقصف بلغ 9500 نسمة، مشيرين إلى أن القصف طال البنى التحتية من مراكز صحية ومنشآت ومدارس.

 

الرسائل الروسية من التصعيد

انطلق التصعيد الروسي الذي ارتفعت وتيرته خلال اليومين الماضيين بعد ساعات فقط من إعلان موسكو عدم التوصل إلى تفاهم حول تشكيل اللجنة الدستورية خلال الجولة 12 من مفاوضات أستانا التي اختتمت في العاصمة الكازاخية في السادس والعشرين من شهر نيسان الماضي.

ويصر وفد النظام المدعوم من موسكو وطهران أن يتحكم بالأسماء التي ستجري إضافتها للثلث الثالث من اللجنة الدستورية والذي من المفترض أن تتولى الأمم المتحدة اختيارهم من منظمات المجتمع المدني المستقلة.

وترغب روسيا في ممارسة ضغوطات على تركيا الضامنة للمعارضة السورية، وذلك لقبول الأخيرة بدخول الشرطة العسكرية الروسية للمنطقة المنزوعة السلاح الممتدة من شمال غرب حماة حتى جنوب شرق إدلب، وأجزاء من ريف حلب الغربي، في حين أن أنقرة لا تبدو متحمسة للموافقة خاصة وأن روسيا لم تقبل بعد بالطلب التركي المتعلق بتسيير دوريات مشتركة في منطقة تل رفعت ومنغ والقرى المحيطة الخاضعة لسيطرة "وحدات الحماية".

لا تنظر موسكو بعين الارتياح إلى التقدم بالمفاوضات الأميركية – التركية حول مناطق شرق الفرات

ولا تنظر موسكو بعين الارتياح إلى التقدم بالمفاوضات الأميركية – التركية حول مناطق شرق الفرات، حيث جاء التصعيد الروسي الميداني في الشمال السوري الذي يعتبر فعلياً تحت الوصاية التركية بالتزامن مع جولة جديدة من المفاوضات بين أنقرة وموسكو جرت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، وجرى التوصل خلالها إلى تفاهم مبدئي حول المنطقة الآمنة، فقد وافقت واشنطن على الطلب التركي بابعاد "وحدات الحماية" عن الشريط الحدودي الممتد من ريف الحسكة حتى منبج، لكن ما تزال مسألة عمق المنطقة محل خلاف بين الجانبين بانتظار أن يبت في أمرها خلال جولة المفاوضات الجديدة في الشهر الحالي.

وتسعى موسكو إلى وضع المزيد من الضغط على أنقرة كي لا تذهب بعيداً في العلاقة مع واشنطن الطامحة لأن تملأ تركيا فراغها في شرق الفرات ضمن شروط محددة يجري الاتفاق عليها في الوقت الحالي، حيث تريد روسيا أن تحصل المكاسب مما ستفوز به تركيا من مفاوضاتها مع الجانب الأميركي.

 

حقيقة الحشود العسكرية للنظام 

عمدت وسائل إعلام محسوبة على نظام الأسد لبث مقاطع مصورة لأرتال عسكرية قالت إنها قوات ستشارك في العمليات المرتقبة على ريف حماة ومحافظة إدلب.

ونفت مصادر عسكرية خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن تكون هذه الأرتال تعزيزات إضافية، مشيرةً إلى أنها تتبع للفيلق الخامس المرتبط بقاعدة حميميم، والهدف منها الانتشار في المواقع التي انسحبت منها الفرقة الرابعة المدعومة إيرانياً من منطقة كرناز وبريديج بريف حماة، حيث تعتزم روسيا جعل المنطقة الممتدة من سقيلبية حتى كرناز مواقعاً تابعة لها وخالية من الميليشيات المرتبطة بإيران، استكمالاً لما بدأته قبل شهرين عندما أقامت قاعدة عسكرية لها في منطقة حيالين.

ويبدو أن الهجمات الجوية الروسية الأخيرة والتلويح باجتياح عسكري غايته الحصول على تنازلات جديدة من أنقرة سواء من خلال تعديل شروط اتفاق سوتشي وإدخال شرطة عسكرية روسية للمنطقة منزوعة السلاح مما سيساهم في المزيد من التأمين العسكري لقاعدة حميميم وضمان عدم وصول القذائف والصواريخ لها، بالإضافة إلى رغبة موسكو في عدم تفرد أنقرة بالمواقع التي ستنسحب منها الولايات المتحدة شرق الفرات، مما يعني أن التصعيد العسكري مقدمة لجولات تفاوضية جديدة لإعادة صياغة تفاهمات تضمن لموسكو تحقيق المزيد من المصالح، خاصة أن القصف هذه المرة وصل لمحيط النقطة التركية في شير مغار بريف حماة، في رسالة بالغة القوة وتشبه إلى حد كبير ما فعلته روسيا في صيف عام 2016 عندما قصفت قاعدة عسكرية تركية بمدينة الباب حتى تجبر أنقرة على التفاهم معها حول حدود ونطاق عملياتها العسكرية شمال شرق حلب في ذلك الوقت.