icon
التغطية الحية

ماذا أرادت روسيا من مسرحية الهجوم الكيميائي في حلب؟

2018.11.27 | 18:11 دمشق

امرأة على نقالة قالت وسائل إعلام النظام إنها أصيبت إثر هجوم بالغازات السامة على حلب (رويترز)
تلفزيون سوريا - ماهر الوكاع
+A
حجم الخط
-A

في وقت متأخر من يوم السبت الماضي، ذكرت مصادر إخبارية مرتبطة بنظام الأسد أن هجومًا كيميائيًا أصاب منطقة الخالدية شمال غرب مدينة حلب، مما أدى إلى إصابة نحو 100 شخص بحالات اختناق، لتعلن مصادر النظام لاحقا أنه لم تحدث وفيات، وأنه تم إخراج جميع المصابين من المشافي في تلك الليلة.

في صباح يوم التالي، أي بعد ساعات من الهجوم الكيميائي المزعوم، نفذت الطائرات الروسية أولى غاراتها الجوية في مناطق سيطرة المعارضة منذ أوائل أيلول الماضي، مستهدفة ما وصفته وزارة الدفاع الروسية بأنه "مجموعات مسلحة" في منطقة الرشدين غرب حلب، تقف وراء الهجوم.

جاء الهجوم المزعوم بعد يوم من قصف النظام لمناطق المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح، بما في ذلك بلدة جرجناز، حيث قُتل 11 مدنياً بينهم ستة أطفال كانوا في مدرسة، ونُظر إلى الحادثة على أنها محاولة من النظام وروسيا للتغطية على خروقات اتفاق سوتشي الموقع بين بوتين وأردوغان، أو تمهيداً لنسفه.

 

إدلب ليست المقصودة

دوافع هكذا هجوم قد تعود في جزء منها إلى اتفاق سوتشي حول إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية المتصلة بها. لكن الجزء الأكبر منها يعود إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (opcw) والفشل الذي لحق بروسيا والنظام ومعهم الصين، داخل أروقتها قبل أسبوع من هجوم حلب المزعوم.

فالغارات الروسية توقفت فور القضاء على "المسلحين" -منفذي الهجوم-، ولم يتبعها تصعيد عسكري، واقتصر رد معسكر النظام على التحركات السياسية. روسيا دعت، لـ "رد دولي" وقالت خارجيتها أمس الاثنين " نتوقع من المجتمع الدولي، الذي أعلن مراراً رفضه القاطع لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، أن يقوم برد فعل مناسب".

وتحرك النظام عبر خارجيته طالباً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التحقيق في الهجوم، وقال رئيس المنظمة إنهم اتصلوا بإدارة الأمن في الأمم المتحدة لتحديد مدى إمكانية إرسال الفريق إلى حلب.

 

استقبال النظام لفريق (OPCW)

في حال أرسلت المنظمة فريقها، سيكون أول تحرك لها داخل سوريا، بعد منحها الصلاحيات الجديدة، والتي حاولت روسيا مراراً الحيلولة دون إقرارها، خوفاً من التهديد التي تشكله لها ولحليفها النظام.

فأعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية صوتوا الثلاثاء الماضي بأغلبية ساحقة ضد حملة قادتها روسيا لتقويض سلطات جديدة تسمح للوكالة بتحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الذخائر السامة المحظورة في سوريا.

حيث وافقت 99 دولة عضو في المنظمة على الزيادة في ميزانية المنظمة (70 مليون يورو)، والتي سيذهب جزء منها (2.5 مليون يورو) لفريق التحقيق الخاص بسوريا، في المقابل صوتت 27 دولة ضد القرار بينها روسيا وإيران والهند والصين.

وطرحت روسيا -كمحاولة أخيرة لشل المنظمة- في نفس اليوم الذي صوتت فيه أعضاء المنظمة على الميزانية، قرارا يقترح على المجلس التنفيذي تشكيل فريق خبراء "مفتوح العضوية" للنظر في منح المنظمة صلاحية تحديد المسؤولين عن الهجمات الكيميائية. لكن أغلبية الثلثين صوتت ضده.

الخطوة أزعجت روسيا بشكل كبير، وعلق وزير خارجيتها سيرجي لافروف على التفويض الجديد قائلاً "إن إعطاء سلطات إضافية للمنظمة هو تجاوزا لحدود معاهدة تأسيسها، وهي اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997".

 

هجوم إلكتروني على (OPCW)

محاولات روسيا تجريد المنظمة من الصلاحيات الجديدة، والتأثير على سير عملها لم تتوقف عند طرح مشاريع قرارات مُعطّلة، فهي سعت لقرصنة المنظمة وفق تصريحات للمخابرات الهولندية.

رئيس وكالة المخابرات العسكرية الجنرال أونو ايتشلشيم، كشف أن عملاء روس حاولوا قرصنة شبكة الإنترنت الخاصة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في الوقت الذي كانت تحقق فيه المنظمة في الهجوم الكيميائي على مدينة دوما في الغوطة الشرقية ومحاولة اغتيال الجاسوس الروسي في بريطانيا.

وأضاف أن السلطات الأمنية ألقت القبض في على الجواسيس الروس متلبسين في 13 من شهر نسيان الماضي، وبحوزتهم معدات تجسس في فندق مجاور لمقر المنظمة، وأنهم حاولوا إتلاف جزء من أجهزتهم، لكن السلطات صادرتها ورحّلتهم إلى روسيا.

وفي مواجهتها لـ"حظر الأسلحة الكيميائية" موسكو تدافع عن نفسها إلى جانب دفاعها عن النظام، فالمنظمة أكدت النتائج التي توصلت إليها المملكة المتحدة بشأن تحديد المادة الكيميائية السامة المستخدمة في سالسبيري في بريطانيا في الرابع من آذار الماضي، وقد أدت تلك الحادثة إلى إصابة 3 أشخاص من بينهم الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية سيرغي سكريبال وابنته، ووجه الاتهام يومها لروسيا.

 

2019 عام التحقيقات

بعد إقرار التعديلات التي لم تستطع موسكو عرقلتها، من المقرر أن يبدأ مطلع العام القادم -بعد نحو شهر- فريق مؤلف من عشرة خبراء بالتحقيق في هوية منفذ الهجمات الكيميائية في سوريا، ثم يتم توسيع عمله ليشمل أي مكان في العالم (قد يشمل بريطانيا مسرح الجريمة الروسية). فرناندو أرياس مدير المنظمة قال "حظر الأسلحة الكيميائية ليست محكمة وليست جهاز شرطة وستحيل القضايا إلى منظمات الأمم المتحدة التي تملك سلطة معاقبة المسؤولين".

بالعودة إلى "هجوم" حلب، يبدو أن روسيا والنظام فضلا استقبال فريق المنظمة، بمسرح زرعوه بأدلة اعتقدوا أنها مُحكمة، وستدين فصائل المعارضة، ريثما يعدّون لخطوة قادمة تُغطي الفشل الذي لحقهم في أروقة المنظمة الدولية.