مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية والأساليب المتبعة في التشييع

2018.05.01 | 19:05 دمشق

+A
حجم الخط
-A

تأتي هذه الدراسة استكمالًا لدراسة “محددات الوجود الإيراني في سورية”، وتوجه اهتمامها إلى المؤسسات الفاعلة التي أدّت أدوراها المختلفة في عملية التجييش المذهبي والسياسي لمصلحة إيران الشيعية. تشرح الدراسة بالتفصيل المؤسسات التي عملت على تكريس النفوذ الإيراني في المستوى السياسي والثقافي والتعليمي والمذهبي الطائفي، وتوضح الأساليب المختلفة التي تستخدمها إيران ووكلاؤها من المحليين في عملية التشييع المذهبي والسياسي، وكذلك الشخصيات السورية في مؤسسات الدولة التي كانت لها اليد الطولى في تكريس هذا الوجود، لا سيما في عهد الأسد الابن “بشار”.

 

أولًا: مؤسسات النفوذ الإيراني في سورية

1- جمعية المرتضى (1981 – 1983)

في إثر انتفاضة الإخوان المسلمين ضد حافظ الأسد عام 1981، أنشأ جميل الأسد “الشقيق الأكبر لحافظ الأسد”([1]) جمعية “الإمام المرتضى” بواجهة اجتماعية ومهمات طائفية بالتزامن مع مساعيه إلى تعزيز منزلته في سلم التشييع، فانتزع لنفسه صفة الإمام آية الله جميل الأسد ([2]).

كانت جمعية المرتضى في ثمانينيات سورية من القرن الماضي بمنزلة الرديف السياسي الديني للجناح العسكري لـ “سرايا الدفاع” التي يقودها رفعت الأسد “الشقيق الأصغر لحافظ”، التي كان هدفها الرئيس توسيع نطاق نفوذ النظام في مختلف أنحاء سورية من خلال نشر المذهب الديني الشيعي، وقد ركز بشكل أساسي على القبائل في منطقة درعا والجزيرة ومناطق وجود الأكراد في القامشلي وفي مدينة اللاذقية وقرى العلويين، ومناطق الإسماعيليين في السلميّة ومصياف.

انتسب إلى الجمعية آلاف المواطنين في المدن السورية وأريافها، تحت وطأة الخوف من المذابح الطائفية التي حصلت بحق سكان حماة، وبسبب الإغراءات التي قدمتها الجمعية من الحماية الأمنية لمنتسبيها وإمكان التوظيف في مؤسسات الدولة كما هو حال المنتسبين إلى حزب البعث الحاكم.

وقد روّجت الجمعية بعض الأفكار التي تتضمن أن عددًا من البدو والمزارعين في الجزيرة السورية والمناطق الصحراوية الجدباء من حمص وحماة كانوا في الأصل شيعة، واضطروا تحت ضغط السلطات العثمانية أن يتحولوا إلى السنة ([3]).

عملت الجمعية بصورة علنية، وعقدت ندوات واحتفالات ومهرجانات في مختلف المناطق السورية، وحتى في مناطق شديدة التعصب ضد الشيعة “مدينة دوما”، حيث تزعم الشيخ الكردي أبو الحسن الميقري افتتاح الجمعية وتميزت وقتها بانتساب عدد كبير من المسؤولين العلويين داخل النظام، وبعض كبار التجار وزعماء العشائر التي تستهويهم السلطة.

أما في القامشلي، فقد نسقت الجمعية مع حزب العمال الكردستاني (PKK) نشاطًا في قرى الحسكة والقامشلي، إذ أعلن زعيم الحزب “عبد الله أوجلان” أكثر من مرة أن أيديولوجيا الحزب تجمع ما بين الفكر الكربلائي الشيعي والماركسي، وافتتح للجمعية مقرات علنية في مدينة عفرين وجنديرس شمالي حلب.

وقد بلغ أعضاء الجمعية آلاف من الأكراد، ووصل الأمر إلى تشكيل حزب سياسي باسم “حركة التضامن الديمقراطي الكردي” بزعامة رشيد مراد من قرية كفر صفرة بديلًا عن الجمعية بعد قرار حلها ([4]).

حاول جميل الأسد الخلط بين العقيدة الدينية العلوية والعقائد الشيعية ربما على نحو قريب من أفكار الشيوخ الإصلاحيين في الطائفة العلوية الذين كانوا يؤمنون بعودة الفرع (العلوي) إلى أصله “الشيعي الجعفري” وجمع حوله رجال دين منتفعين من دور الإفتاء في دمشق وبعض القرى والمدن السورية، وخلع على نفسه لقب “الإمام المرتضى” وفي وقت لاحق ومع تزايد أتباعه أطلق على نفسه “قائد المسار” بموازاة اللقب الذي أطلقه حافظ الأسد على نفسه “قائد المسيرة”. لم تكن شخصيته الانتهازية ولا سمعته وممارساته السيئة ذائعة الصيت في الساحل تسمح بالقناعة به قائدًا متدينًا، ولم يكن هناك شيء من مظاهر التدين يدل على “تدينه” سوى لحيته، لهذا لم يكن بين أتباعه سوى البسطاء والانتهازيين، الذين سيكون لهم دور لاحق وخطر في الغزو الشيعي لسورية ([5]).

سرعان ما أقام جميل الأسد “الإمام المرتضى” علاقات مع الإيرانيين، وحظي بدعم ملالي الشيعة في إيران، لكن النظام الإيراني الرسمي نأى بنفسه، فعلاقته بحافظ الأسد لا تسمح له بالتورط في هذا النوع من النشاط التبشيري ذي الخلفية السياسية، وكان الإيرانيون يحاولون الدخول بطرائق شتى إلى المناطق التي توجد فيها الطائفة العلوية، مستغلين ما يعدّونه تقاربًا مذهبيًا مع أبنائها. وفي الأحوال كلها كان الإمام الجديد “المرتضى” يحظى بدعم مالي ومعنوي من المرجعيات الشيعية في العراق وإيران، التي اهتمت اهتمامًا كبيرًا بتشييع الطائفة العلوية وتصدير الثورة الإسلامية؛ وبالتأكيد لم يكن يتورع عن استثمار هذا الدعم للإثراء غير المشروع، وفي هذا السياق افتتح الإمام المرتضى أيضًا عشرات الحسينيات في أنحاء سورية، وخصوصًا في الساحل السوري حول مدينتي اللاذقية وطرطوس ([6])، إذ قدرها بعضهم بـ “76” حسينية في مدينة اللاذقية وحولها فقط ([7]).

عام 1983، حدث الصراع على السلطة بعد مرض حافظ الأسد، إذ أعلن جميل الأسد تأييده العلني لتوريث شقيقه رفعت للرئاسة، حتى وصل الأمر إلى قيام عدد كبير من أتباع جميل الأسد بمسيرة أمام قصر الضيافة بدمشق تطالب بتنصيب رفعت رئيسًا لسورية خلفًا لشقيقه حافظ المريض، لذلك وحال شفاء الأخير من مرضه، أصدر قرارًا بحل الجمعية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 1983، وفي إثر حل الجمعية اتجه بعض المتنفذين في الجمعية وبخاصة في الساحل السوري إلى العمل في التهريب والسطو على المواطنين بقوة السلاح بقيادة أبناء جميل الأسد، وهم من عرفوا “بالشبيحة”([8]).

وهكذا شكلت جمعية المرتضى أول نشاط تبشيري “شيعي” واسع النطاق مورس على الأراضي السورية برعاية النظام، لكن هذا النشاط التبشيري حمل بعدًا سياسيًا، يتعلق بالمحور الإيراني أو هلاله الشيعي ([9]).

 

2- جمعية البستان الخيرية

أسس “رامي مخلوف” جمعية البستان الخيرية عام 1999 في قرية بستان الباشا ([10]) في ريف اللاذقية، وكانت أهدافها المعلنة مساعدة الفقراء في تأمين العلاج والطعام وخدمات اجتماعية أخرى لعموم السوريين، ولكن خدماتها اقتصرت على أبناء الطائفة العلوية. وافتتح فرعًا للجمعية في منطقة المزة 86 في دمشق التي تقطنها أغلبية علوية قادمة من الساحل السوري، وتحوّل هذا الفرع لاحقًا إلى مركز لتطويع الشبيحة للاشتراك في قمع تظاهرات الثورة السورية 2011. وذكر أحد صف الضباط أن عدد الذين جرى تسليحهم وزجهم لقتل السوريين في هذا الفرع تجاوز خمسة وعشرين ألفًا، تركزت مهمتهم بداية على قمع المتظاهرين في دمشق، ثم تطورت لتشمل باقي المحافظات السورية([11]).

يعد رامي مخلوف رمزًا للفساد في سورية بنسخة عهد بشار، فقد كان يموّل التظاهرات الموالية للنظام في أنحاء سورية كلها وخارجها، ووظف قتلة مأجورين ضد المتظاهرين السلميين بمبالغ مالية زهيدة.

مارست هذه الجمعية “تشبيحًا” إغاثيًا تحت مظلة إنسانية إذ: يشرف النظام والقوات الأمنية التابعة له على نشر الدعايات التي تروج (لإنسانية رامي مخلوف) وجمعيته الخيرية التي أصبحت مقرًا للصوص و”الزعران” والشبيحة. فسمح بانتشارها في المناطق كلها التي كانت تحت سيطرته وإعطائها الأولوية في كل ما يتعلق بالاتصالات الدولية المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، وأصبحت الموزع الرئيس للمواد الطبية والإغاثية لتزيد سيطرة النظام على أبناء طائفته حتى من خلال قوت يومهم الآتي عن طريق المساعدات الدولية.

في الأسابيع الأولى للثورة السورية، صب الثوار جام غضبهم على رامي مخلوف، وأحرقوا مكاتب شركته سيريتل في مدينة درعا. وفي محاولة منه لتخفيف الغضب الشعبي عليه، قال في 16 حزيران/ يونيو 2011 إنه سيترك العمل في التجارة ليشارك في الأعمال الخيرية، وقال في مقابلة مع تلفزيون النظام إن تجارته ستدار من أجل خلق فرص عمل ودعم الاقتصاد الوطني ([12]).  وهذا ما فعله بتوظيف الشبيحة وإرسالهم إلى جبهات القتال. وأنيطت به مهمة تصدير خطاب النظام إلى “العدو الدائم إسرائيل” حينما قال في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز في 10 أيار/ مايو 2011 “إذا لم يكن هناك استقرار هنا في سورية فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل، ولا توجد طريقة ولا يوجد أحد ليضمن ما الذي سيحصل بعد، إذا -لا قدر الله- حصل أي شيء لهذا النظام”([13]).

في شهر نيسان/ أبريل 2011 بدأ نشاط جمعية البستان العسكري في المناطق السورية كافة التي تفجرت فيها الثورة، وبلغ تعداد من يتقاضى منها الرواتب أكثر من “100 ألف” شخص تتوزع أعمالهم في النشاط العسكري والأمني والإغاثي والمدني والإعلامي، وبدأ منتسبوها بتنفيذ أعمال مستقلة عن النظام في مدن وقرى عدّة منها مدينة حمص مثالًا، ففي أحياء الزهراء والأرمن ووادي الذهب الموالية للنظام عملت الجمعية على تسليح من يرغب من أبناء تلك الأحياء بأي سلاح يريده بحجة ضرورة الدفاع عن أحيائهم، وكانت الدعوات الأولى لتشكيل “لجان شعبية” ثم بدأ من انتسب إليها بشن حملات هجوم على التظاهرات والأحياء المعارضة ورفعوا شعار “شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد” للمرة الأولى. وقد كان “شبيحة الجمعية” حاضرين بقوة لقمع كل نشاط احتجاجي في المستوى الشعبي في الأحياء العلوية أيا كان نوعه. على نحو ما شهده حي الزهراء في حمص الذي تقطنه غالبيّة علوية، إذ نفذ عدد من أهالي الحي في شباط/ فبراير 2013، اعتصامًا ضد النظام في ساحة الحي. فما كان من شبيحة الجمعية إلّا أن عملوا على فض الاعتصام بالقوّة، الأمر الذي أدى إلى اشتباكات عنيفة، جرى فيها تبادل إطلاق الرصاص، سقط في إثرها عدد من الضحايا من الأهالي المعتصمين، بين قتيل وجريح، نقلوا على الفور إلى المشفى الأهلي التخصّصي في الزهراء، لتتوالى بعدها حوادث مشابهة كثيرة، وظلت الجمعية تتنافس مع قوات الدفاع الوطني واتسمت بقدرتها على تقديم خدمات ومبالغ أكبر لمنتسبييها واستطاعت أن تميز نفسها باللباس والسلاح عن قوات الدفاع الوطني ([14]).

مع انطلاق ثورات الربيع العربي أسس رامي مخلوف أول شركة أمنية خاصة في سورية في شهر كانون الثاني/ يناير 2011 في بلدة “دير علي” القريبة من منطقة “الكسوة” جنوب دمشق، قوامها بعض الشباب “العاطلين عن العمل” على أساس طائفي ممن تقدموا بطلبات انتساب رسمية للتوظيف في تلك الشركة لحماية الشركات والبنوك الخاصة في حال تعرضها لأي خطر محتمل بحسب ما أخبرهم المسؤولون في تلك الشركة، ولم يخف عدد من هؤلاء الشبان فرحهم بالعمل الجديد ذي الأجر الجيد بالمقارنة مع بقية الموظفين([15]). حينها جرى تحويل مسار “جمعية البستان” من جمعية خيرية إلى “ميليشيا تشبيحية” إذ باتت تقوم بجولات على القرى والبلدات العلوية وتعمل على تطويع الشبيحة بعقود عمل نظامية مدتها خمس سنوات وراتب شهري يصل إلى مئة وخمسين دولارًا، مع تعهد بألا يطالب الشخص أو أهله بأي تعويضات في حال موته أو إصابته في المعارك التي يخوضها، ومن أهم أعمالها أنها تتولى حماية حقل “الشاعر” النفطي وغيرها من مواقع مهمة للنظام، ونالت عقد حماية الحقل بملايين الدولارات. الذي خسرته مرات عدة منها على يد الجيش الحر في معركة قادمون ومنها على يد تنظيم الدولة “داعش”.

تنفذ الجمعية نشاطها عبر غطاء “الهلال الأحمر السوري” الذي يبلغ في مستوى تبعيته للأجهزة الأمنية حدًا يتحول فيه في بعض الأحيان إلى جهاز استخبارات بحد ذاته، وتتحول المساعدات في غالبها إلى المناطق الآمنة “مناطق النظام”. كما أن الجمعية تعمل بشكل ممنهج على زيادة الشرخ الطائفي في سورية بتخصيص العلويين بالمساعدات الإنسانية التي تحصل عليها من المؤسسات الدولية والمحلية لتعود عليها بالقدرة على تجنيد مزيد من أبناء الطائفة العلوية وزجهم في الدفاع عن مصالح آل الأسد ومخلوف، وحرمان أبناء الطوائف الأخرى حتى لو كانوا موالين للنظام، ومن هذه المساعدات ذات التوجه الطائفي تقدّم جمعية البستان “الخيرية” مبالغ مالية كبيرة للعائلات العلوية فقط من سكان قرى “كسب وبيت الشكوحي وعرامو وأوبين”، التي تعرضت منذ مدّة لمقتل عدد كبير من شبابها خلال المعارك بين الثوار وقوات الأسد في جبال اللاذقية، وهرب العائلات معظمها وترك منازلهم، وذلك بهدف تشجيعهم على العودة إلى القرى التي نزحوا منها، وترميمها وإعادة الزراعة فيها، ليتسنى للجمعية زج مزيد من شباب الطائفة العلوية في المعارك المشتعلة دفاعا عن النظام.

يتحدث أبناء الساحل السوري همسًا في ما بينهم عن شبكة كبيرة من الأطباء تابعة لجمعية البستان تقوم بتجارة الأعضاء البشرية، عبر أخذها من مرضى وجرحى أصيبوا من جراء الاشتباكات، وتهريبها إلى الدول الأوروبية وأميركا الجنوبية لبيعها بأسعار مرتفعة.

وأُشيرَ إلى أن مرضى كثيرين ماتوا خلال عمليات جراحية بسيطة، وبعضهم نجا، واكتشف لاحقًا أنه خسر أحد أعضائه الداخلية، وتضاعفت سرقة الأعضاء مع تأزم الحرب في سورية، وتعرض أعداد كبيرة من جنود النظام للإصابة ([16]).

 

3- حزب الله الشيعي اللبناني

تأسس حزب الله عام 1982 نتيجة انشقاق التيار الخميني في حركة أمل الشيعية، إثر انضمام الأخيرة إلى جبهة الإنقاذ اللبنانية الوطنية، التي تضم مختلف القوى السياسية اللبنانية، التي رفضتها إيران وقتذاك، لذلك قرر الخمينيون في الحركة الانشقاق وتأسيس الحزب ([17]).

وقد جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 شباط/ فبراير 1985 أن الحزب “ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة”([18]).

يعد حزب الله مؤسسة عسكرية أمنية سياسية دينية من المؤسسات الإيرانية في لبنان، إذ عين مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي كلًا من “حسن نصر الله” الأمين العام للحزب والشيخ “محمد يزبك” عضو شورى حزب الله والمدرس في حوزة الإمام المنتظر في بعلبك الوكيل الشرعي لمرشد الثورة الإسلامية في لبنان ([19])، وهناك عشرات الخطابات للأمين العام للحزب حسن نصر الله يقر من خلالها بأنه جندي صغير في جيش ولاية الفقيه علي خامنئي. ومن أهم تصريحاته قوله: “إن رواتب حزب الله وصواريخه ومصروفاته كلها مصدرها الجمهورية الإسلامية وما دام هناك أموال في إيران فنحن عندنا أموال” ([20]).

وقد لوحظ السماح لقادة الحزب بالتحرك السياسي في أنحاء سورية، وأصبح بإمكان السيد “محمد حسين فضل الله” المفكر الديني للحزب، القدوم إلى ضاحية السيدة زينب جنوب دمشق كل يوم سبت أسبوعيًا لإلقاء دروس دينية تستهدف ترسيخ المرجعية الشيعية، وبات له مكتب خاص في السيدة زينب ما يزال مستمرًا حتى اليوم.

اصطف الحزب مع إيران في حربها على العراق في ثمانينات القرن الماضي، وبعد حوادث الجنوب العراقي “الشيعي” عام 1991، انتقل عدد من العراقيين الحركيين القياديين إلى سورية، إذ أقاموا في “حي الأمين” و”السيدة زينب”، وشاركوا في النشاط الشيعي في مدينة دمشق، وخُصصت حلقة تلفزيونية أسبوعية من كل يوم جمعة لمدة عام 1992– 1993 للواعظ الشيعي “عبد الحميد المهاجر” الذي كان ناشطًا من قبل في العمل التبشيري بشكل شبه علني، إضافة إلى المبشر العراقي الشيعي “علي البدري”، الذي كان ناشطًا في المدن والقرى السورية وعلى وجه الخصوص: حلب وحمص والحسكة والرقة واللاذقية ودير الزور وأريافها، وافتتح عدد من الحسينيات والمكتبات الشيعية، مثل الحسينية التي أقيمت قرب جامع الفاروق في مدينة دمشق.([21])

بدأت حركة تشييع واضحة تنمو وتتجه إلى القرى والأرياف، وإلى طلاب العلوم الدينية خصوصًا، وباتت عروض الدراسة في “قم” وسيلة لجذب الشباب وغيرهم إلى الفكر المذهبي الشيعي.

وفي حركة رمزية، في أثناء العزاء بوفاة حافظ الأسد، جاء حسن نصر الله مستعرضًا أمام بشار الأسد رتلًا عسكريًا من نخبة مقاتلي الحزب بلباسهم الأسود الرسمي، رسالة أن مقاتلي الحزب هم جند بشار الأسد، ([22]) وهو ما حصل على أرض الواقع عند انطلاق الثورة السورية 2011.

ومن المفيد الإشارة إلى أن لقاءات بشار الأسد بحسن نصر الله بدأت إثر مقتل شقيقه باسل الأسد 1994، وكانت اللقاءات في إطار التحضيرات لوراثة بشار لأبيه.

في 30/5/ 2000 شارك “نعيم قاسم” الأمين المساعد لحسن نصر الله في احتفال كبير في مدينة حلب (مشهد النقطة) ([23]) في نشاط ديني شيعي من خلال الإعلان عن زواج 60 عريسًا شيعياُ في زواج جماعي هو الأول من نوعه في مدينة حلب، التي لم تشهد قبل هذا التاريخ زواجًا جماعيًا. واللافت أن تمويل الزواج كان من الحكومة الإيرانية على حد تصريح الخطباء في الحفل، وهو من النشاط التبشيري التشيعي ([24]).

استثمر النظام السوري حرب 2006 بين حزب الله و”إسرائيل” إعلاميًا، إذ نقل الإعلام السوري ما يسمى البطولات العسكرية لعناصر حزب الله على التلفزيون السوري، ووزعت أجهزة الأمن السورية الصور المشتركة لحسن نصر الله وبشار الأسد على المحال والسيارات، ولم يجد السوريون غضاضة في ذلك، بل رحبوا به استنادًا إلى ما يسمى بالانتصارات ضد إسرائيل، وأيضًا استغل حزب الله هذا “الانتصار” بقيام قياداته معظمها بجولات في المدن السورية وإلقاء الخطابات والمهرجانات مستثمرين ذلك بالتبشير الشيعي في سورية.

لكن المشهد الطائفي المباشر في إعدام الرئيس العراقي “صدام حسين” صباح عيد الأضحى 30 كانون الأول 2006 قلب المزاج السوري العام ضد الشيعة وإيران وحزب الله دفعة واحدة، إذ أزال كثير من السوريين صور حسن نصر الله وأعلام حزب الله من منازلهم ومحالّهم. ([25]) فقد فهم السوريون، والأغلبية الساحقة السنّية العربية، أن حادثة الإعدام تلك هي عقاب مذهبي لا عدالة وطنية ([26]).

مع قيام الثورة السورية 2011، ومنذ الأيام الأولى أعلن حزب الله أنها مؤامرة أميركية صهيونية ضد نظام “الممانعة” ومحور “المقاومة” الإيراني والسوري والقوى المذهبية الشيعية في العالم العربي والإسلامي. أرسل الحزب نخبة مقاتليه للاشتراك في قمع التظاهرات السورية في الأشهر الأولى للثورة ومن ثم الاشتراك العلني إلى جانب النظام السوري في حربه ضد الشعب السوري.

 

4- المقامات الشيعية في سورية

اجتهدت إيران في العقود الماضية في التأسيس لمراقد شيعية عدة في سورية، عدّت أنها مراقد للأئمة المعصومين لديها، ما جعل المراقد أحد مراكز الوجود العلمي والديني، ومن ثم الاجتماعي والسياسي وحتى العسكري لها. هذا وتعد زيارة المراقد لدى الشيعة الإثني عشرية بمنزلة الحج في أركان الإسلام الخمسة الرئيسة.

تحولت المراقد الشيعية في سورية إلى مواقع ليست دينية وسياسية فقط، بل امتدت لتكون مواقع عسكرية بعد ثورة 2011، تسوّغ وجود قوات شيعية غير سورية، بذريعة الدفاع عنها، للحصول على شرعية الدخول ودعم النظام.

يذكر أن أحد الكتب التي يستشهد بها الشيعة تقول إن المؤرخين أحصوا وجود 49 مقامًا ومشهدًا أغلبها في دمشق ثم في حلب وباقي المدن والمناطق السورية. وهو كتاب بعنوان “مشاهد ومزارات ومقامات آل البيت عليهم السلام في سورية” للسيد “هاشم عثمان” ويتضمن الكتاب أنه يوجد في دمشق 20 مشهدًا، وفي حلب 7، وفي اللاذقية 4، وفي حماة 4، وفي حمص 3، وفي مدن الجزيرة السورية 11. والعدد الأكبر من هذه المشاهد منسوب إلى علي بن أبي طالب، ثم إلى الحسين، ثم إلى زين العابدين، ثم بقية آل البيت([27]).

وبعد انتصار الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1979، بدأ الشيعة ينقبون عن مقامات مندثرة لآل البيت لإحيائها، واكتشفوا عددا من المقامات مثل مقام السيدة زينب، ومقام السيدة رقية في حي العمارة الجوانية، حارة الأشراف، ومقام الصحابي “حجر بن عدي الكندي” في بلدة عدرا في ريف دمشق.

 

أهم المقامات الشيعية في سورية

مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب في دمشق

مركز الدعوة في مسجد زينب في ضاحية دمشق الجنوبية مبني على قبر يزعمون أنه لزينب بنت علي. مع أن المحققين في التاريخ يؤكدون أن السيدة زينب بنت علي ماتت في المدينة ودفنت في البقيع في المدينة المنورة، إلا أن الشيعة اختلقوا في رأيهم، من حيث افتراض أن لها ضرائح في عدد من البلدان أشهرها في دمشق، وهو القبر الأول الذي يحظى بحج جماهيرهم، ولا يقل عنه ذلك الضريح المنسوب إليها في القاهرة الذي لم يكن له وجود ولا ذكر في عصور التاريخ الإسلامي إلى ما قبل محمد علي باشا بسنوات معدودة ([28]).

فمنطقة السيدة زينب، قبل عام 1976، لم يكن فيها أي شيعي، بل كانت قرية سنية خالصة، ثم بعد التأسيس للمقام والحوزات التابعة له، بدأت هجرة مكثفة من شيعة العراق وإيران، حتى صارت المنطقة شيعية بالكامل. وبعد عام 2012 هُجِّرت العائلات السنية كلها المتبقية في منطقة السيدة زينب من الميليشيات الشيعية متعددة الجنسيات “إيران، العراق، لبنان، سورية، أفغانستان، باكستان … إلخ”. وجرى الاستيلاء على ممتلكاتهم من منازل ومحال تجارية وغيرها. إضافة إلى ذلك يزور عدد من الحجاج الإيرانيين المقام، ومن اللافت زيادة عدد الحجاج الإيرانيين من 27.000 عام 1978 إلى 290.000 عام 2003، وتضاعفت النسبة في الأعوام التالية، حتى وصلت إلى مليون ونصف مليون في السنوات الأخيرة ([29]).

 

مقام مرقد السيدة رقية بنت الحسين في دمشق

في سياق اكتشاف المراقد الشيعية، بدأت عملية السيطرة على المنطقة المحيطة بقبر السيدة رقية بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو الواقع في حي العمارة الجوانية في دمشق، حيث كانت البيوت الدمشقية العريقة في حارة الأشراف “سادة آل البيت السنة”. لتتعرض هذه البيوت المجاورة لمقام السيدة رقية للخراب من أجل إقامة مبنى ضخم للمقام الذي انتهى إعماره في نهاية عام 1990.

يقع مقام السيدة رقية ([30]) على بعد 100 متر أو أكثر قليلًا من الجامع الأموي في دمشق في حي العمارة ([31]). وإلى القرب منه يقع “قصر يزيد بن معاوية” الذي كان مقرًا للخليفة الأموي، الذي تحوّل إلى مكان مهجور ومكب للنفايات في عهد حكم الأسد الأب حتى الآن.

استُملك المقام من الحرس الثوري الإيراني في مربع سكني كامل، ويعد مستوطنة إيرانية، وهو ثاني مزار، من حيث الأهمية، بعد مزار السيدة زينب ([32])، وكذلك يأتي ثانيًا في الترتيب من حيث عدد الزوار في سورية، نظرًا إلى موقعه داخل العاصمة دمشق، فهو يجلب الحشود الكبيرة للصلاة اليومية وصلاة يوم الجمعة، ويعدّ إمام مسجد السيدة رقية الشيخ “نبيل الحلباوي” من أهم الشخصيات الشيعية البارزة في سورية.

 

مقام السيدة سكينة بنت علي بن أبي طالب في دمشق

اختلقت إيران الشيعية مقامات لا أساس لها تاريخيًا، كما مقام السيدة سكينة بنت علي بن أبي طالب في مدينة داريا ([33])، ففي أحد أيام عام 1999 استيقظ أهالي مدينة داريا على لافتة تشير إلى مقام صغير شُّيد حديثًا في منطقة قريبة من مبنى البلدية باسم “مقام السيدة سكينة” وينفي الأهالي وجود أي أصل لهذا المقام ([34]).

لم يذكر كتاب “تاريخ داريا” لعبد الجبار بن محمد بن مهنا الخولاني “وهو أشهر الكتب التاريخية وأهمها وأكثرها ثقة عند المؤرخين عن مدينة داريا”، أي شيء بخصوص المقام. ولم يذكر أي من كتب التاريخ الأخرى وجود مقام في بلاد الشام لسكينة بنت علي بن أبي طالب. وقد رجح ابن عساكر أن سكينة ماتت في المدينة المنورة ([35]).

وقد زار مسؤولون إيرانيون بارزون الموقع للتعبير عن دعمهم لهذا المشروع، ومن أبرزهم الرئيس “محمود أحمدي نجاد” بنفسه في 20 كانون الثاني/ يناير 2006.

وقد احتج سكان بلدة داريا على المخطط الإيراني لدى رئيس البلدية، لكن رداات الفعل كانت عنيفة من أجهزة الأمن على الأهالي، وعلى رئيس البلدية، إذ طرد من عمله.

 

مقام سكينة في مقبرة باب الصغير في دمشق

للسيدة سكينة مقام في “مقبرة باب الصغير” ذكره ابن جبير في رحلته، وهو قائم إلى اليوم. وذلك ضمن مقبرة، يقال إنها لآل البيت، وهو ما يعرفه الشيعة جيدًا، وبخاصة شيعة دمشق، لأن مسؤولية العناية به رسميًا في عهدتهم. وقد أقيم المقام على المقبرة وبني مركز شيعي وجامع كبير.

وللسيدة سكينة بنت الحسين مقام في دمشق، وفق مصادر الشيعة “باب الصغير” وآخر في القاهرة ([36]).

 

مشهد الحسين في مدينة حلب أو مسجد النقطة

مشهد النقطة هو مقام أنشئ في عهد الدولة الحمدانية الشيعية في حلب في القرن الرابع الهجري على أنقاض دير نصراني، كما هو مثبت في لوحة التعريف على جداره باللغتين العربية والفارسية. إذ يقال إنه لما مر حملة رأس الحسين في طريقهم إلى دمشق من هذا الدير عام 61 ه أخذ راهب الدير الرأس، فقطرت من دم الحسين قطرات، فصار الراهب يتبرك بأثرها. وفي سنة 333 ه أشاد سيف الدولة عليه بناء ضخمًا وأصبح مزارًا منذ القرن الرابع معروفًا بـ “مشهد النقطة” أو “مشهد الإمام الحسين”([37]).

استعمل مشهد النقطة في أواخر الدولة العثمانية مستودعًا للأسلحة عام 1323 ه، وقد انفجر المستودع في الحرب العالمية الأولى، ثم أعيد بناء هذا المقام ثانية عام 1337هـ، من الجمعية الخيرية الجعفرية في حلب، وجرى التوسع فيه بدعم من الجمهورية الإسلامية في إيران ([38]).

وهناك عدد من الأضرحة تنسب إلى الحسين، فهناك الضريح المنسوب إلى الحسين في عسقلان في فلسطين ومشهد الحسين في القاهرة. وثمة مواضع أخرى في جامع دمشق، وفي الحنانة بين النجف والكوفة.

يذكر أن للحسين أكثر من مقام، فله مقام في دمشق حيث دفن رأسه، وآخر في كربلاء حيث قتل، وثالث في القاهرة، ويمكن أن تخرج روايات أخرى تسمح بإقامة مقامات في أي مكان يريده الشيعة ([39]).

 

مقام عمار بن ياسر و أويس القرني في مدينة الرقة

وافقت الحكومة السورية على طلب إيران عام 1988، السماح لها بالاعتناء بمقام الصحابي “عمار بن ياسر”، الذي يضم أيضًا ضريح كل من الصحابي “أبي بن قيس النخعي” و”التابعي أويس القرني” في الرقة، والإشراف على ترميمه وتوسيعه وبناء جامع كبير عليه كأحد المقامات المقدسة الشيعية، وقد دشن مقام عمار بن ياسر عام 2004([40])، وللصحابي عمار بن ياسر مقام آخر في سورية في قرية عريقة “محافظة السويداء” على تل مسمى باسمه شمالي القرية ([41]).

قيل إن في هذه المقبرة بعض قبور من قتل في معركة صفين قرب الرقة بين علي ومعاوية وجندهما. لكن لا يوجد دليل على ما يقولون، لا سيما أن هذه المقبرة هي على يسار الفرات في الجزيرة في حين دارت رحى صفين على الضفة اليمنى للفرات في الشامية، ولا يوجد داع لنقل القتلى إلى الجزيرة، ولم يكن هذا معهودًا لا سيما أن عدد القتلى كان كبيرا ([42]).

ظلت هذه المقبرة سنية مئة في المئة، يدفن فيها أهل الرقة موتاهم، فهي المقبرة الرئيسة لمدينة الرقة. لكن إيران استطاعت استصدار أوامر بنبش القبور كلها فيها ونقلها إلى مكان آخر، والإبقاء على قبرين فقط، يزعم أنهما لعمار وأويس، وتسليم تلك الأرض كلها للشيعة لبناء مركز لهم كبير مشابه لمركز زينب في دمشق، وأنذر أهالي الرقة بنقل جثث موتاهم إلى مكان آخر بعيد، وبني عليها مقام للشيعة ([43]).

 

مقام حجر بن عدي في مرج عدرا قرب دمشق

في عدرا قرب دمشق، بنى الشيعة مسجدًا فخمًا على ما زعموا أنه قبر لحجر بن عدي ([44]). الذي يقولون عنه إنه رفض التبرؤ من علي بن أبي طالب، عندما طلب منه معاوية ذلك، وقبل بالتضحية بابنه، وتوفي في منطقة العذراء، وهي منطقة عدرا اليوم ([45]).

 

5- الحوزات العلمية

يقصد بالحوزة العلمية: “مركز دراسات الفقه والأصول والحديث وما يرتبط بتربية مجتهدين أو دعاة في الشريعة الإسلامية. وهي أشبه ما تكون بالمعاهد الأكاديمية، التي تخصص للدرس والتحصيل، وأصبحت الدروس تلقى في فصول دراسية ويجري اختبار الطالب الدارس للمواد الحوزية في المراحل جميعها بدءًا من المقدمات ومرورًا بالسطوح الأولى والعليا وانتهاء بالبحث الخارج”([46]).

وعلى الرغم من أن الهدف المعلن للحوزة هو تحصيل العلم، إلا أنها أدّت كثيرًا من الأدوار السياسية والمذهبية وتعزيز الصراعات الطائفية، وتمويل المليشيات الشيعية العسكرية، وتجنيد المقاتلين في بؤر الصراع، في سورية والعراق ولبنان.

في مطلع السبعينيات لجأ إلى سورية عدد من علماء الدين الشيعة هربًا من العراق، وكان من بينهم حسن مهدي الحسيني الشيرازي، ذو الأصل الإيراني. أقام الشيرازي في قرية سنية ([47]) “السيدة زينب” بجوار مقام كان ما يزال غير معروف، هو مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب. وأسس الشيرازي عام 1976حوزة علمية للتعليم الديني، عرفت بـ “الحوزة الزينبية”، وهي أول حوزة للتعليم الديني “العالي” للشيعة في سورية. وكان تأسيس الحوزة من وجهة نظر الشيرازي “إحياء مذهب أهل البيت، في عاصمة الأمويين، أعداء أهل البيت” (مفترضًا) أن “سورية هي بوابة إلى العالم العربي وإلى العالم بأسره”([48]).

وابتداءً من عام 1995 شهدت بلدة السيدة زينب تشييد عدد من الحوزات وتأسيسها لتبدو كما لو أنها تسير لتصبح مدينة “قم سورية”، إذ أُسس ما بين عام 1995-2000 ما يزيد على خمس حوزات علمية ([49]). وما بين عامي 2001-2006، أُنشئ في ناحية “السيدة زينب” أكثر من 12 حوزة، وثلاث كليات للتعليم الديني، وأنشأت ما يسمّى بمديرية الحوزات، وجرت الموافقة على اعتماد خاتمها في إدارة الهجرة والجوازات بخلاف مؤسسات التعليم الديني كلها التي تعتمد على وزارة الأوقاف في مخاطبة الهجرة والجوازات. ولهذا دلالات خطرة، أقلها أن الحوزات هي بالأساس كيانات أجنبية على الأرض السورية، وفوق ذلك منحت حق استخدام من تشاء من إيران وأفغانستان، والعراق والخليج، وتوطينه في سورية بحجة التعليم ([50]).

لقد جرى بناء عدد من الحوزات العلمية الشيعية، ووصل عددها إلى 69 حوزة، تعمل على جذب الطلاب الشيعة من الجنسيات كافة للدراسة المجانية فيها، وتشجيعهم على الاستقرار في سورية، والحصول على الجنسية السورية وممارسة الدعوة للمذهب الشيعي، علمًا أن سورية كانت خالية تمامًا من أي حوزة علمية شيعية قبل عام 1976، وحتى عام 1995 لم يكن في سورية سوى حوزتين هما: الحوزة الزينبية، تأسست عام 1976 وحوزة الإمام الخميني أنشئت عام 1981.

 

أهم الحوزات في سورية

“الحوزة الزينبية” أسست عام 1979

حوزة الإمام الخميني أنشئت عام 1981

حوزة المرتضى 1995، أسسها محمد حسين فضل الله (لبناني)

حوزة المصطفى للعلوم القرآنية، أسسها الشيخ جمال الوكيل (عراقي) الأمين العام لحركة الوفاق الإسلامي عام 1995

حوزة أهل البيت، أسسها السيد محمد الموسوي (إيراني) عام 1996

حوزة “الإمام السيستاني”، أسسها بالنيابة عنه الشيخ حليم البهبهائي (وكلاهما إيرانيان) 1996.

حوزة “المهدي العلمية للدراسات الإسلامية” لـ “علي باقر قصور” الشيعي الهندي 2002

حوزة ” الإمام علي” بإشراف الشيخ عبد المنعم الحكيم “عراقي” 2001

حوزة “فقه الأئمة الأطهار” (آية الله محمد فاضل اللتكراتي) 2006

حوزة الإمام علي أو الحوزة الحيدرية – السيد فضل الله

حوزة الإمام جواد التبريزي – عباس النزاع

حوزة الإمام الصادق

حوزة الرسول الأعظم

حوزة الإمام المجتبى “هندي الجنسية”

حوزة الإمام الحسين

حوزة إمام الزمان التعليمية

حوزة الشهيدين الصديقين

حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية

حوزة الإمام الأعظم في اللاذقية

حوزة في تل أبيض

والملاحظ أن هذه الحوزات جميعها غير مسجلة في وزارة الأوقاف، وكوادرها التدريسية والتعليمية جميعها من جنسيات غير سورية “عراقية، إيرانية، لبنانية” وأخرى.

وفي 26/2/2006 صدر قرار بإخضاع المؤسسات التعليمية الدينية والمعاهد الشرعية والحوزات العلمية القائمة لوزارة الأوقاف، وقد رفضوا مديرو الحوزات الانصياع للقرار ولم يمتثلوا له.

 

6- مؤسسات التعليم الثانوي والعالي الشيعي الشرعي

في مستوى سياسة الدولة، أصدر بشار الأسد عام 2014 مرسومًا يسمح بتعليم المذهب الشيعيّ في المدارس السورية إلى جانب المذهب السنّي، إضافة إلى افتتاح أول مدرسة شيعية عامة في البلد في أيلول/ سبتمبر 2014 “مدرسة الرسول الأعظم” على أطراف مدينة جبلة ([51]).

وكانت حوالى 40 مدرسة شيعية خاصة أصغر منها قد افتتحت في دمشق في السنوات السابقات، لا سيما في مناطق شارع الأمين، باب مصلى وشارع الحمرا. وانتشرت الحسينيات الشيعية بكثرة.

منح النظام السوري للطائفة الشيعية عشر ثانويات شرعية تتبع وزارة الأوقاف، وتعترف بها وزارة التربية “مدرستين في كل من دمشق، حلب، اللاذقية، إدلب، دير الزور” وعيّن عبد الله نظام مشرفًا عليها. ومن أشهر هذه المدارس “المدرسة المُحسنية” التي تعد من أشهر المدارس التابعة للشيعة في دمشق وتقوم بدعوة الطلاب المنتسبين إليها من السنة بتقديم التسهيلات المادية لمن يتشيع.

 

أهم مؤسسات التعليم العالي الشيعية في سورية

فرع دمشق للجامعة العالمية للعلوم الإسلامية الشيعية، ومقرها في مقام السيدة رقية ويرأسها الشيخ نبيل حلباوي. وتضم كليات وأقسامًا عدّة، أشهرها كلية الإعلام، التربية، اللغة العربية، التاريخ، وقسم الدراسات الإسلامية والدعوية من خلال المذهب الجعفري، وأصول الدين الشيعي.

فرع معهد الدراسات الإسلامية باسم “كليات الدراسات الإسلامية” في مدينة إدلب، يديره الشيخ خليل الشادي.

كلية الدعوة والاجتهاد في مدينة الطبقة ويشرف عليها الدكتور المتشيع علي الشعيبي

معهد “الشام الإسلامي”، الذي أُسس بمرسوم من الأسد حمل الرقم 48 عام 2011. ونص المرسوم على إحداث معهد الشام العالي للعلوم الشرعية واللغة العربية والدراسات والبحوث الإسلامية، وهو مرتبط بوزير الأوقاف ومقره مدينة دمشق. ويتضمن معهد “الشام الإسلامي”، كلًا من “معهد الفتح، ومجمع أحمد كفتارو، ومعهد السيدة رقية”، الذي يعدّ الجناح الشيعي من “معهد الشام”.

حينما أسس الشيخ الراحل محمد صالح الفرفور منذ 55 عامًا، معهد “الفتح الإسلامي”، كان يتمنى أن تعترف الحكومة بمعهده لكنه لم يستطيع ذلك في عهد الأسد الأب، على الرغم من المحاولات الكثيرة. ومع بداية عهد الأسد الابن لم يجرِ الاعتراف به إلا عام 2011. وعلى النهج نفسه سار مجمع الشيخ أحمد كفتارو، إذ بقي يصارع 40 عامًا حتى اعترفت به الحكومة في 2011. ولم يكن هذا الاعتراف سوى بفضل معهد السيدة رقية للدراسات الإسلامية، الذي شهد دعمًا من إيران وميليشيا “حزب الله” وبعض الكتائب العراقية، إضافة إلى تجار شيعة في دمشق، بحسب ما أكد أحد المدرسين في المعهد ([52]).

معهد رقية: الذي يعد جزءًا من معهد الشام الاسلامي، وبيّنت إحدى المدرسات في المعهد أن طرائق الاستقطاب في المعهد مختلفة، إذ يقبل المعهد مدرسين وطلابًا من طوائف متعددة ويقدم لهم كثيرًا من المزايا التفضيلية. أما الدراسات الإسلامية على المذهب الجعفري، فهي محصورة فقط بالشيعة. ووفقًا لما قالته المدرسة: “لا يحاول المعهد أن يستقطب الناس للتشيع بصورة مباشرة، لكنه يحرص على التعامل الإيجابي مع الطلاب والأساتذة أكثر من باقي المعاهد الإسلامية في سورية، وهذا مخطط له من القائمين عليه”([53]). تبلغ مدة الدراسة في المعهد أربعة أعوام، ويضم كليات وأقسامًا عدة، أشهرها كلية الإعلام، والتربية، واللغة العربية، والتاريخ، وقسم الدراسات الإسلامية والدعوية من خلال المذهب الجعفري، وأصول الدين الشيعي. ويتجاوز عدد الطلاب خمسة آلاف، ينتمون إلى الجنسيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والبحرينية واليمنية والباكستانية والأفغانية. وبحسب مصادر من داخل المعهد، فإن “كثيرًا من طلابه يشاركون في القتال مع كتائب شيعية منها حزب الله اللبناني، وعصائب أهل الحق العراقية، وكتائب أبي الفضل العباس، وآخرين غيرهم ([54])“. ويمنح هؤلاء ميزات منها التسجيل المجاني وتأمين السكن، ورواتب شهرية. ويقدم معهد رقية لهؤلاء الطلاب منحًا مجانية للدراسات العليا في إيران والعراق. ويعدّ المعهد جزءًا من أذرع التشيع التي تعتمدها إيران في سورية، وفي دمشق بشكل خاص، ويستغل المعهد تدهور الأوضاع المالية لكثير من العائلات بعد مرور سبع سنوات على الحرب.

وللمعهد برنامج للتوسع في بقية المحافظات السورية، قبل نحو أربعة أشهر افتتحت مديرية التربية في اللاذقية وبدعم من رامي مخلوف مدرسة ثانوية شرعية “شيعية” للبنين والبنات في ناحية “البهلولية”، وأُقرت المناهج فيها على مذهب الإمام جعفر الصادق. وأعلنت مديرية التربية، حينها أنه سيسمح لخريجها بالتسجيل في الجامعات السورية أسوة بالشهادتين العلمية والأدبية. الجدير بالذكر أن هذه المؤسسات التعليمية جميعها حصلت على ترخيص أمني وليس قانوني.

فرع الجامعة الإسلامية الإيرانية الحرة “آزاد”.

كلية المذاهب الإسلامية في دمشق: جرى إعلان تأسيسها في 28/2/ 2018 في طهران وهو ما يظهر مرحلة جديدة من النفوذ الثقافي الإيراني، وتصدير الثورة الخمينية وأيديولوجية نظام ولاية الفقيه، وذلك في ظل استمرار تدخل طهران العسكري في سورية. ووفقًا لوكالة “تسنيم” الإيرانية، فقد جرى إعلان “كلية المذاهب” خلال لقاء الأربعاء بين رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي بوزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد ([55]). وتهدف إيران إلى كسب مزيد من الأنصار بتجنيد طبقة متعلمة تؤيد النفوذ الثقافي الإيراني في دولها، وتكون بمنزلة طابور لها، كما هو الحال مع الميليشيات التي تنفذ أجندة التدخل السياسي والعسكري والأمني لمصلحة النظام الإيراني. وتهدف إلى الهيمنة الثقافية من خلال فرض مناهج تعليم تنشر مبادئها.

 

7- الحسينيات

بدأت حركة قوية لتأسيس عشرات الحسينيات في المدن السورية من أقصى قرية جنوبًا في درعا إلى أقصى قرية شمالًا في القامشلي، لتكون مكانًا لإحياء الشعائر الدينية الشيعية، التي لم تسجل لدى وزارة الأوقاف، وعادة ما تبنى هذه الحسينيات بأموال المرجعيات أو الحكومة الإيرانية، أو بأموال المحسنين الخليجين الشيعة، ويقدر عددها بـ 500 حسينية في سورية. ويصف الأكاديمي السوري سليمان طعان الفرق بين الحسينية والجامع”، أن إيران تمتلك (الحسينية)، في حين إن (الدولة الإسلامية) لا تمتلك الجامع. هذا فرق جوهري يجب أن نضعه نصب أعيننا، ونحن نتابع التمدد الإيراني عبر الحسينيات والكليات المذهبية، من هذا المنظور ([56]).

 

8- الجمعيات الخيرية والهيئات الشيعية

ما ينتشر بين الناس في سورية أن أنشط الجمعيات الخيرية حاليًّا وأكثرها فاعلية في دعم المحتاجين ومساعدتهم هي جمعيات ذات تمويل إيراني تتولى توفير مساعدات مالية وعينية شهرية.

ومن أهم الجمعيات والهيئات الشيعية في سورية:

جمعية “بيت النجمة المحمدية” 1995، إذ أقامت عددًا من الندوات الخاصة بالشيعة.

هيئة خدمة أهل البيت عام 2001 كمؤسسة تبشيرية بإشراف الشيخ عبد الحميد المهاجر.

هيئة علي الأصفر لشباب كربلاء عام 2004

هيئة المختار الثقفي

هيئة شباب جعفر الطيار

هيئة خيام الإمام الحسين

هيئة شباب أهل البيت

جمعية “كشافة الإمام المهدي” تصدر مجلة دورية بعنوان “نور المهدي”

منظمة جهاد البناء الإيرانية وتركز على تشييع الأطفال ورعاية عوائل القتلى من جيش النظام والرحلات الترفيهية الدينية ([57]).

تُمّول تلك المؤسسات والجمعيات المحلية جميعها من خلال “المستشارية الثقافية الإيرانية” في دمشق، التي ترسل هيكلية ومخططًا المؤسسات إلى “جمعية الفرات للسلام والسلم الاجتماعي” التي تتخذ من منطقة المزة في دمشق مقرًا لها. ورئيس “جمعية الفرات” حسين المعذب، وأمينتها العامة آسية الماشي، بنت ذياب الماشي عضو مجلس الشعب المشهور. وتقدم “منظمة الفرات” نفسها على أنها تدعم المبادرات التي تؤسس للسلام، وتمتد فروعها إلى كل من العراق وسورية وفلسطين ولبنان، وهي الجهة الوسيطة التي تقوم بتمويل جميع فاعليات المجتمع المحلي التي ترعى مصالح إيران في سورية ([58]).

وتقوم هذه الجمعيات بنشاط واسع النطاق يشمل إقامة المعارض والرحلات الترفيهية للأطفال من مناطق دمشق الجنوبية والمشاركة في المسيرات المؤيدة للنظام، وهناك نشاط غريب وغير تقليدي مقارنة بما ينبغي أن تكون عليه جمعيات الأطفال، إذ تغسل جمعية “كشافة الإمام المهدي” عقول الأطفال غسلًا منظمًا، عن طريق جمعهم في قاعات مجهزة بآلات عرض، وسرد بعض القصص والأفلام حول “النواصب” وأهمية الثأر للحسين، وتعرض بعض المشاهد التمثيلية والعروش المسرحية التي يحضرها رجال دين من وقت إلى آخر، وتنشر  صفحات الكشافة هذه بنشر صور لبعض الأطفال باللباس العسكري ويحملون علم إيران وصور الخامنئي في مسيرات ومواكب “حسينية” في مناسبات متعددة.

أما النشاط الأكثر إثارة للاستغراب، فهو تدريبات رياضية شبيهة جدًا بتلك التي تقدم للجنود في الوحدات العسكرية، إذ أعدّت الجمعية مراكز تدريب خاصة مجهزة بأدوات للقفز والزحف وبعض التمارين القاسية، في ما يبدو أنه إعداد مبكر لهؤلاء الأطفال كي يكونوا جنودًا مستقبليين في خدمة “الإمام المهدي”.

وتنشر صفحة الجمعية على “فيسبوك” صورة لمفتي النظام أحمد حسون واصفة إياه بـ “الضيف العظيم” في خطوة تعكس الرعاية الرسمية للنظام لهذا النشاط ([59]).

 

ثانيًا: أساليب التشييع في سورية

1- أساليب شعبية

– إقامة علاقات مع شيوخ العشائر: من الأساليب العملية الاتصال برؤساء العشائر والعائلات الكبيرة الغنية ذات المكانة في المجتمع السوري، وأكثر تركيزهم على القبائل التي تدّعي أن لها نسبًا إلى آل البيت، وهذا ما لوحظ في التواصل مع زعماء قبيلة “البقارة” في دير الزور.

ومن الأساليب الحديثة القديمة دعوة شيوخ العشائر لزيارة إيران مجانًا كما حصل مؤخرًا، إذ زارت مجموعة من رؤساء العشائر في سورية إيران بدعوة من سفيرها ومسؤوليها ذكروا أن بعضهم من الرقة. إضافة إلى منح العطايا إلى رؤساء العشائر مثل السيارات والأموال لهم ولعشيرتهم ممن يتشيع ([60]).

– دعوة الرجال والنساء لحضور احتفالاتهم: يقوم دعاة التشيع في سورية بدعوة الناس إلى حضور الاحتفالات في مراكزهم وتشمل الدعوة الرجال والنساء. وفي مراكزهم كلها يوجد قسم كبير للنساء ودومًا تكون الدعوة عامة ولكن يخصون أئمة المساجد والشخصيات المهمة ببطاقات دعوة خاصة بأسمائهم. فإذا ما أرادوا دعوة شيخ أو إمام مسجد أو من يطمعون بنصرته أو يسعون لاستمالته فإنهم يكتبون له بطاقة صادرة من أكبر مسؤوليهم من مثل سفير إيران مثلًا أو نائبه في المدن الأخرى ويبالغون في الثناء على الشخص المدعو فيكتبون له مثلًا: الشيخ العلامة إمام مسجد كذا أو الأستاذ الشيخ فلان يتشرف سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعوتكم لحضور الاحتفال بمناسبة كذا ([61]).

– إقامة المهرجانات الخطابية التي تجري في أعيادهم كذكرى عاشوراء ويتركز نشاطهم في هذه المواسم إما في الست زينب أو في حي الأمين.

 

2- أساليب الدعم المادي والمعنوي

– تشجيع المتشيع الجديد بالوسائل والمغريات كلها، المد المالي وتسهيل عمله وتزويجه.

– يو زع بعض دعاة الشيعة في بعض النواحي مبالغ من المال على شكل قروض على بعض المعوزين والمحتاجين فإذا حل موعد التقاضي أعفاه منها ووهبها له.

 

3- أساليب ثقافية

– إقامة المعارض التي تتضمن كتبًا إسلامية، لتسويق الكتب الدينية. وهذه المعارض تقام إما في المركز الثقافي الإيراني في ساحة المرجة (الملحقية الثقافية) أو في المزة (السفارة) أو المكتبة المركزية للجامعة ([62]).. وظهرت بعض دور النشر الشيعية في سورية، مثل مكتبة دار الحسين لصاحبها محمد علي اليوسفي (إيراني الجنسية).

– عقد الندوات الدورية للدعاة الشيعة في الجامعات وفي المراكز الثقافية في المحافظات يساق إليها الطلاب والموظفون لتغسل أدمغتهم، هذه الندوات تقام بين الحين والآخر تارة في مكتبة الأسد وتارة في المراكز الثقافية أو في السيدة زينب ويلحظ فيها مشاركة واسعة لأساتذة كلية الشريعة.

– إعداد دعاة للتشييع: ففي الرقـة أسست الشيعة ما يشبه كلية الشريعة، يدرس فيها الطلاب أسس التشـيع ومبادئه، ثم يرسل النابهون منهم إلى “قـم” ليتخرج منه داعيـة إلى التشـيع.
– فتح مكتبات يسموها “حوانيت” ومنها يعيرون الكتب أو يوزعونها مجانًا، ويخصصون جوائز ورواتب لمن يقرأ كتابا أو أكثر من كتبهم وتزداد الهبة بازدياد القراءة وجاءت فكرة هذه الحوانيت بعد أن شعروا أن توزيع الكتب من الملحقية الثقافية الإيرانية ومن المراكز في المدن لم يعد يكفي ولا يتناسب مع نفوذ الشيعة وطموحاتهم في سورية.

– توزيع بعض البرامج (CD) التي تحتوي كتب الشيعة بأسعار زهيدة أو رمزية وأحيانًا مجانًا مثل سيديه السلسلة الإسلامية – المكتبة الإسلامية الشاملة، إضافة إلى توزيع الكتب والمجلات والجرائد التي تطعن في الصحابة مثل جريدة جيهان باللغة العربية.

– تسهيل الدراسة في حوزات السيدة زينب وتشجيعها حيث تكون مجانًا مع راتب شهري للطالب من دون اشتراطات.

–  تقديم تسهيلات للدراسة في الجامعات الإيرانية بمختلف الاختصاصات

– إقامة احتفالات في السفارة الإيرانية، وبخاصة بمناسبة انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية. ([63])

 

4- أساليب دينية

– بناء الحسينيات في القرى والمدن، ففي مدينة الطبقة مثلًا تجلّى نشاط الشيعة ببناء حسينية فيها بمساعي بعض المتشيعين والشروع ببناء مدرسة شرعية شيعية. وأقاموا حسينية في درعا تؤمن لمن يدخلها متطلباته كلها، وفيها قسم للأطفال هو رياض وقسم كمبيوتر ومكتبة. وشُيدت حسينية في السلمية ومصياف.

– المشاركة في الموالد الصوفية: بمناسبة المولد النبوي وميلاد حفيده إمام الأئمة جعفر بن محمد وأسبوع الوحدة الإسلامية.

 

5- أساليب ديموغرافية

– هجرة الشيعة الإيرانيين والعراقيين إلى سورية لتعزيز وجودهم في دمشق واستيطانهم فيها لا سيما في منطقة السيدة زينب ما أدى إلى كثرة عددهم. ويذكر “محمد حبش” أن عدد الوافدين من إيران إلى سورية عام 1978 “قبل ثورة الخميني” كان سبعة وعشرين ألفًا ثم بعد خمس سنوات ضوعف العدد إلى أكثر من تسعة أضعاف.

– ترخيص المهور دعايةً لجذب الشباب الراغبين في الزواج إلى مذهبهم

– زواج المتعة بالنسبة إلى الشباب، وبخاصة المراهقين والعاطلين عن العمل

– تضخيم حجم المتشيعين، إذ يقول الشيخ محمود الحائري الذي يشرف على حوزة شيرازية بأنه يلتقي على الأقل كل أسبوع بسوري يريد اعتناق المذهب الشيعي وأن هؤلاء السوريين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية كلها ومختلف المناطق ([64]).

 

6- أساليب الدعم الصحي

لوحظ أن إيران تؤدي دورًا في تمويل بناء مستشفيات ومستوصفات خيرية مثل مشفى الخميني في دمشق والمشفى الخيري في حلب. و”مركز الرائد الطبي” الذي يترأسه الطبيب رائد بدران، الذي يقدم الخدمات الطبية والمعونات للعناصر الذين يخدمون في قوات النظام ومليشيات “الدفاع الوطني” و”كتائب البعث” في الأشرفية ([65]).

 

7- أساليب اقتصادية

في ما يخص زيارة مقام السيدة زينب ومردوداته الاقتصادية على الاقتصاد السوري فإن عشرات آلاف الزوار من مختلف العالم الإسلامي القريب والبعيد تأتي إلى الشام بمناسبة شعبان وغيرها من المناسبات التاريخية لتزور مقام السيّدة زينب، ويستفيد الاقتصاد السوري من هذه السياحة الدينية.

 

8- أساليب دعائية وإعلامية

استغلال قضية فلسطين واسم الجهاد في سبيل تحرير فلسطين ليتاح لهم تشيع عدد من الفلسطينيين المقيمين في سورية.

محاولة نشر التشيع في المخيمات الفلسطينية واستغلال حالة الإعجاب بحسن نصر الله بعد حرب تموز 2006.

نشر قصص المتشيعين ويسمونهم المستبصرين، وإقامة ملتقى لهم في الحوزة الزينبية وتوزيع أقراص ممغنطة تروي قصص هدايتهم إلى مذهب آل البيت بزعمهم.

وجود إذاعة إيرانية شيعية في السيدة زينب تبث على موجة قصيرة أف إم على غرار إذاعة حزب الله.

استغلال القنوات الإعلامية والخطابات المثيرة والملتهبة من نصر الله ضد إسرائيل ومن نجاد ضد أميركا وإسرائيل لكسب تعاطف العامة مع الشيعة وقد نجحوا في ذلك بشكل كبير في مختلف الدول العربية.

ترخيص جمعيات شبابية شيعية في دمشق: مثل “جمعية شباب الحسين” وجمعية الشيرازي والإعلان عن جمعيات جديدة بشكل دوري في الشوارع السورية ورفع شعارات مثل “يا لثارات الحسين”([66]).

 

9- أساليب رسمية

– قامت الحكومة السورية بعقد عشرات الاتفاقات مع إيران وفي المجالات جميعها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والخدمية والدينية أيضًا.

– السماح بدخول عشرات الألوف من الإيرانيين إلى سورية دوريًا “أكثر من مليون سائح سنويًّا” إذ يتوزع هؤلاء في المراكز السياحية الدينية الشيعية مثل السيدة زينب والسيدة سكينة والأضرحة جميعها التي تعدّ عتبات مقدسة شيعية يؤممها آلاف الإيرانيين.

– التغاضي عن النشاط الإيراني المثيرة للشبهات وعن الانتشار الكثيف للمظاهر الشيعية في السنوات الأخيرة الذي شمل المحافظات كلها في بلد يعدّ ذا أغلبية سنية ساحقة ولا يمثل الشيعة فيه “إذا استثنينا العلويين” سوى واحد في المئة وحوالى 150 ألف نسمة (2006).

– التغاضي عن التوسع في بناء الحوزات التي تفيد المعلومات أن عددها قد ازداد كثيرًا بدعم إيراني واضح، حيث قامت حوزات متعددة تتوزع مرجعياتها الدينية بين آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وآية الله علي السيستاني المرجع الشيعي العراقي والمرجع اللبناني محمد حسين فضل الله.

– التغاضي عن التوسع في نشاط الدعاية والترويج للتشيع، إذ تفيد المعلومات أن دعاة شيعة يطوفون المدن والقرى السورية لنشر المذهب الشيعي وفتح حسينيات ومراكز دينية وثقافية ومراكز تدريس ومكتبات في أغلب المناطق ووصلت إلى حلب وضواحيها وحمص وحماه والحسكة والقامشلي والرقة واللاذقية، ودير الزور وغيرها، ولم يعد هذا النشاط محصورًا في ضاحية السيدة زينب كما في السابق([67]).

– فتح باب التعاون الثقافي والعلمي بين إيران وسورية على مصراعيه، وتقديم المنح المجانية للدراسة في إيران، وصولًا إلى نشر المذهب الشيعي في صفوف الدارسين.

– التعاون الجامعي والثقافي: وفي الآونة الأخيرة بدأ الإيرانيون بإعداد برامج تعاون ثقافي تشمل زيارات منظمة إلى سورية وتوزيع دعوات على فاعليات من مختلف القطاعات السورية وإلى أساتذة الجامعات وتخصيص منح دراسية في الجامعات الإيرانية. وقد أدى هذا التعاون الجامعي مؤخرًا إلى إدخال تعليم اللغة الفارسية إلى عدد من الجامعات السورية.

– منح النظام السوري الجنسية لعشرات الألوف من الإيرانيين، في حين يحجبها عن المواطنين الأكراد السوريين منذ أربعين سـنة ([68]).

 

ثالثًا: الشخصيات المتشيعة الفاعلة في مؤسسات الدولة في عهد بشار

1- الشخصيات الدينية ([69])

أحمد بدر الدين حسون، مفتي حلب، وأصبح مفتي سورية في ما بعد، وقد لقب بمفتي البراميل ([70]).

علي حسين مكي، زعيم الطائفة الشيعية في سورية.

عبد الله نظام، رئيس الجمعية المحسنية في دمشق. أحد مراجع الشيعة في حي الأمين -دمشق- وهو المسؤول عن المتشيعين في سورية. وهو الراعي للجامعات الشيعية الأهلية في دمشق وإدلب والرقة، وقد جرى تعينه مستشارا لوزير الأوقاف للشؤون الدينية.

محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف، وهو رجل لا يخفي تشيعه مطلقًا، والرجل جاء به اللواء هشام بختيار خصيصًا لينجز مشروع التشيع في سورية بأسرع وقت ممكن، وقد وضع له خطة محكمة، أخذ يتابعها بصورة شبه يومية من خلال مجموعة من القرارات، من أهمها:

إضعاف التعليم الشرعي السني من خلال منع إحداث أي ثانوية شرعية جديدة لأهل السنة.

منع تمويل الثانويات الشرعية عن طريق الوزارة.

منع قبول الطلبة العرب والأجانب في مؤسسات التعليم الديني السني.

منع أي تمويل خارجي للتعليم الشرعي من الجاليات السورية أو العرب أو المسلمين.

فك الارتباط بين المعاهد والثانويات الشرعية والجمعيات الخيرية التي كانت تقوم بالتمويل.

منع منتسبي الأوقاف والمدرسيين والعلماء من أن يكونوا أعضاء مجلس إدارة الجمعيات.

محمود عكّام: وهو أخطرهم لأنه دكتور في كلية الشريعة ويدرِّس في جامعة حلب في كليتي الحقوق والتربية فيستقطب كثيرًا من الطلاب والمثقفين، وثانيًا لأنه يخطب في مسجد التوحيد وهو من أكبر المساجد وأشهرها وموقعه متميز، وثالثًا لأن الناس ما زالت مخدوعة به وتظنه من أهل السنة ([71]).

نبيل الحلباوي، إمام مسجد مقام السيدة رقية.

هشام آل قطيط، مواليد 1965، وقد تشيع في بيروت في أثناء الخدمة العسكرية.

 

2- الشخصيات العلمية والثقافية

د. هاني مرتضى: رئيس جامعة دمشق، ثم وزير التعليم العالي، وحامل مفاتيح مسجد السيدة زينب، وهو من الشخصيات الشيعية وعمل على تشيع الوزارة في عهده، حتى سميت بوزارة العمائم الشيعية ([72]).

حسين الرجا، مؤلف كتاب “دفاع من وحي الشريعة ضمن السنة والشيعة”، وقد كان بالأصل شيخًا لأحدى الطرائق الصوفية ([73])

د. عبد الرزاق عيسى، أمين جامعة دمشق، ثم معاون وزير التعليم العالي.

عباس صندوق، أمين جامعة دمشق وعضو مجلس الشعب 2016، وممثل “مجمع السيدة رقية” لدى جامعة بلاد الشام والعلوم الشرعية، وعضو مجلس الأمناء في الجامعة ذاتها، ونائب أمين فرقة حزبية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق. وقد عرف بسلوكه الطائفي الشيعي في عمله الإداري في جامعة دمشق، وقد كانت له الكلمة الأولى والأخيرة في الجامعة، وهو الرئيس الفعلي لجامعة دمشق قبل حصوله على الدكتوراه، إذ حصل على الدكتوراه في الهندسة، وهو في هذا الموقع([74]).

د. علي سعد: وزير التربية، من الطائفة المرشدية، الذي عمل على التضييق على التعليم الديني السني. وطالب بتأليف كتاب تربيــة دينيــة لكل طائفة (دروز، علوية، إسماعيلية، شيعة، ســـنة) وتابع وزير الأوقاف المهمة، فمنع قبول الطلاب الأجانب والعرب في أي مؤسسة تعليمية سورية، ومنع منحهم إقامات، ومنع التمويل الخارجي لهذه المؤسسات، وأعفى كبار القائمين على التعليم الديني من عملهم مثل “عبد الرزاق الحلبي، سارية الرفاعي، والدكتور عبد الفتاح البزم، ود. حسام فرفور”([75])

أنور النابلسي، مدير أوقاف درعا، وهو شخص معوم من السفارة الايرانية، وقد أطلق يد المتشيعة في درعا وعلى راسهم زيدان الغزالي المدعوم من السفارة الإيرانية. ومن ابن عمه رستم غزالي رئيس فرع المنطقة للأمن العسكري آنذاك ([76]).

عمران الزعبي، متشيع من درعا، وزير الإعلام السابق. نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية

مهدي دخل الله، متشيع من درعا، وزير الإعلام سابقًا وسفير النظام السوري في السعودية، وعضو القيادة القطرية حاليًا.

صائب النحاس، رجل أعمال بارز، يملك فندق السفير قرب مقام السيدة زينب، وعزا إنشاءه إلى تفعيل السياحة الدينية، ولا سيما بالتعاون بين إيران والعراق. ([77])

 

3- الشخصيات الأمنية الفاعلة في عملية التشييع

ماهر الأسد: يعد ماهر من أهم الشخصيات التي تدعم المصالح الإيرانية في سورية، ولديه علاقات مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية. وتجدر الإشارة إلى أن الهياكل شبه العسكرية الشيعية مكونة من الجماعات الفرعية التي يسيطر عليها ماهر الأسد في إطار الفرقة الرابعة، يجري تشكيل الكتيبة الشيعية المسماة “لواء سيف المهدي”([78]).

اللواء هشام بختيار رئيس الأمن القومي سابقًا، وكان يشغل منصب رئيس فرع المنطقة للأمن العسكري، وهو رجل متشيع بصورة علنية، ويقول معارضون إنّ أصول بختيار الإيرانية جعلته رجل إيران الأول في سورية نظرًا إلى الدور المهم الذي أداه في العلاقات الإيرانية السورية إضافة إلى علاقته الوطيدة بحزب الله اللبناني. وكان له دور أساس في ترخيص 10 ثانويات شرعية شيعية، وإنشاء الحوزات الشيعية في سورية ([79]).

اللواء آصف شوكت، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ([80]).

اللواء محمد منصورة، رئيس شعبة الأمن السياسي، إذ أصدر الموافقات الأمنية غير القانونية لافتتاح الحوزات الشيعية في سورية.