لامصلحة روسية في شن حملة واسعة على إدلب

2018.08.17 | 00:08 دمشق

+A
حجم الخط
-A

بدت تصريحات كل من وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" و نظيره الروسي "سيرجي لافروف" خلال المؤتمر الصحفي قبل يومين في أنقرة متباينة ومتناقضة في كثير من محطاتها، لكنها حملت أيضاً في مدلولاتها نوعاً من التكامل، حيث تحدث "لافروف" عن عدم شمول اتفاق خفض التصعيد لـ"جبهة النصرة" وسعيهم للتعاون مع "المعارضة المعتدلة" ، وأشار إلى نقاش ملف عودة اللاجئين مع الجانب التركي، في حين أن "أوغلو" أشار إلى عدم إمكانية ضمان "أمن إدلب" في ظل وجود "جماعات إرهابية" ورفض في الوقت ذاته استهداف كامل المنطقة وتنفيذ مجازر بحجة قصف الإرهابيين، ورأى أنه حان الوقت لنقاش عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، كما أشار الوزيران إلى أنهما "بحثا بدقة وضع خفض التصعيد  في سوريا".

بالجمع بين تصريحات الجانبين يمكن استخلاص رسائل أساسية مشتركة تتعلق بالبحث عن "تفاهم" حول منطقة خفض التصعيد،

إن لروسيا مصالح أساسية في الشمال السوري تسعى لتحقيقها مثل فتح شرايين اقتصادية مهمة كطريق حلب – دمشق الدولي، وطريق حلب – اللاذقية خاصة بعد وصولها إلى معبر نصيب.

والتركيز على مسألة "عودة اللاجئين" والبدء بإعادة الإعمار، وكذلك الرغبة باستدامة التنسيق المشترك وتجنب الصدام ، أما الحديث عن "جبهة النصرة" وسيطرتها فيمكن فهمه في إطار الضغط السياسي لتسريع تنفيذ التفاهمات الغير معلنة في الكثير من تفاصيلها حتى اللحظة.

بالتأكيد إن لروسيا مصالح أساسية في الشمال السوري تسعى لتحقيقها مثل فتح شرايين اقتصادية مهمة كطريق حلب – دمشق الدولي، وطريق حلب – اللاذقية خاصة بعد وصولها إلى معبر نصيب ، ووضع يدها على بوابة ربط الساحل السوري مع الشمال والوسط والحديث هنا عن "جسر الشغور" و "سهل الغاب"، كما ترغب بفرض نموذج الانتخابات المحلية في جميع أنحاء البلاد كمقدمة للحل السياسي الذي تتبناه والقائم على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ظل نظام حكم موحد لامركزي، بالتوازي مع السير في "سلة تعديل الدستوري"، وتدرك روسيا أن بقاء وضع إدلب دون تسوية يعني استمرار التوترات في سوريا وبقاء بؤرة يمكن أن يلجأ إليها الشباب الرافض للخدمة الإلزامية من جميع أنحاء البلاد مما يقوض مساعيها بفرض النظام الموحد وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بما يضمن تخفيف قبضة الميليشيات الإيرانية بسوريا.

ورغم المصلحة الروسية في تسوية وضع إدلب إلا أنه لا يعني بالضرورة تفضيلها الحل العسكري الشامل ودعمه، لأن ذلك سيفسد جهودها القائمة على إقناع الدول المستضيفة للاجئين السوريين بضرورة إعادتهم للبدء بمرحلة إعادة الإعمار لما ستسببه العمليات في إدلب من موجة لجوء جديدة، خاصة وأن موسكو تسعى للمشاركة في اجتماع رباعي مطلع الشهر القادم في اسطنبول يجمعها مع تركيا وألمانيا وفرنسا لنقاش هذه المسائل.

وقد تحدثت صحيفة "كوميرسانت" المقربة من النظام الروسي أن الهجوم على إدلب

في ظل استمرار "نقاط المراقبة العسكرية" التابعة للجيش التركي في الشمال السوري، فمن غير المرجح أن تذهب روسيا بعيداً بدعم هجوم بري على المنطقة من خلال طيرانها لما في ذلك من احتمالية الصدام مع تركيا.

من شأنه أن يؤدي لنزوح قرابة 700 ألف شخص، وهذا يتناقض مع الجهود الروسية – التركية لإعادة اللاجئين السوريين والشروع في عملية إعادة الإعمار.

وفي ظل استمرار "نقاط المراقبة العسكرية" التابعة للجيش التركي في الشمال السوري، فمن غير المرجح أن تذهب روسيا بعيداً بدعم هجوم بري على المنطقة من خلال طيرانها لما في ذلك من احتمالية الصدام مع تركيا، وهو أمر بطبيعة الحال لا ترغبه موسكو التي تريد استغلال اللحظة الفارقة التي تمر بها العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

تشير تصريحات وزير الخارجية الروسي "لافروف" وحديثه عن عدم قدرتهم على منع النظام السوري من شن الهجمات بأن السيناريو الأقرب للتحقق في الشمال قيام روسيا بتقديم دعم غير مباشر للنظام لشن حملة على مواقع محددة بهدف الضغط على أنقرة لتسريع تسوية وضع إدلب، أو لتحصيل مكاسب ميدانية فشلت في تحقيقها عن طريق التفاهم مع أنقرة.

إن التدخل الروسي قبل عدة أيام وطلب الوساطة التركية من أجل عودة التهدئة إلى الشمال السوري بعد حملة قصف متبادلة بين النظام وبين "الجبهة الوطنية للتحرير"، أظهر بأن روسيا ما تزال تفضل التوصل إلى صيغة تفاهم مرضية لها حول محافظة إدلب وريفي حلب وحماة المتاخمين لها، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة استبعاد الخيار العسكري الذي قد تلجأ له مختلف الأطراف في حال عدم تحصيلها للمكاسب التي تريدها، لكن من المؤكد أن تعقيدات الوضع  في الشمال السوري تجعله مختلفاً عن أي تجربة سابقة خاضها النظام والروس.