icon
التغطية الحية

قمة "رباعي اسطنبول" تثير قلق طهران على "ثلاثي أستانة"

2018.08.16 | 20:08 دمشق

موسكو - طه عبد الواحد - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تنشد الأنظار نحو برلين وطهران واسطنبول، التي ستشهد خلال الأسابيع القادمة محادثات على أعلى المستويات حول الأزمة السورية. حيث ستجري في برلين محادثات يوم السبت، 18 آب الجاري، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي سيتم خلالها التطرق لحل الأزمة السورية، في الوقت الذي برزت فيه تباينات مبدئية بين موسكو والعواصم الأوروبية على خلفية سعي روسي للدفع بملف إعادة اللاجئين" إلى الواجهة، قبل التوصل إلى حل سياسي.

 وفي طهران ينتظر أن يعقد قادة الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) قمة لبحث الأزمة السورية، والتي ينتظر أيضاً أن تكون الموضوع الرئيسي لقمة رباعية، روسية - تركية –فرنسية- ألمانية، يفترض أن تستضيفها اسطنبول في 8 أيلول القادم، وفق ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وكشفت الأيام الأخيرة عن إرباك حول قمتي الثلاثي الضامن في طهران، والقمة الرباعية في اسطنبول، وأحال مراقبون هذا الوضع إلى مخاوف إيرانية من أن تؤدي القمة الرباعية إلى إبعاد طهران تدريجيا عن الملف السوري. 

وسط هذه الأجواء يتجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى برلين يوم السبت 18 (آب) الجاري، حيث سيجري محادثات ثنائية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يتناولان خلالها جملة قضايا بينها الأزمة السورية، ويرجح مراقبون أن يدعو بوتين ميركل مجددا للتعاون مع موسكو في مبادرتها حول إعادة اللاجئين السوريين.

وقالت صحيفة "نيزافيسمايا غازيتا" الروسية إن "التسوية السورية تشكل أهمية بذات القدر بالنسبة لروسيا والمانيا"، وأشارت بصورة خاصة إلى أن "أزمة اللاجئين تبقى المشكلة الأكثر حدة وإلحاحا في الحياة الداخلية في ألمانيا، ويبقى مصير الحكومة الحالية رهين حل تلك المشكلة". ويستعد بوتين لبحث ملف "إعادة اللاجئين" مع ميركل، علما أن معظم، إن لم يكن كل، دول الاتحاد الأوروبي رفضت التعاون مع روسيا في إعادة اللاجئين، وتعمل على الخروج من الأزمات الداخلية بسبب تدفق مئات الآلاف منهم، عبر وضع آليات مشتركة لدول الاتحاد الأوروبي، وتعزيز برامج دمج اللاجئين في المجتمعات المحلية.

ومقابل وضوح تام بشأن لقاء بوتين –ميركل وموعده وجدول أعماله، يبقى الغموض مهيمناً على الترتيب الزمني للقائي طهران واسطنبول، وأيهما يكون الأول، لقاء طهران الذي سيجمع قادة الدول الضامنة لعملية أستانا (روسيا وتركيا وإيران)، أم لقاء اسطنبول الرباعي الذي أعلن عنه الرئيس رجب طيب إردوغان وقال إنه سيعقد يوم 7 أيلول، وسيبحث خلاله قادة روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا الأزمة السورية.

 وبرز هذا الغموض جليا في تصريحات دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، الذي أكد أن "العمل يجري حول إمكانية عقد قمة ثلاثية جديدة (روسية-تركية-إيرانية في طهران) في الربع الأول من شهر أيلول القادم (في طهران)"، لكنه لم يتمكن من إعلان موعد محدد للقمة، ووعد أن يتم الإعلان عنه "فور تنسيق جدول أعمال الرؤوساء الثلاثة عبر القنوات الدبلوماسية".

وبالنسبة للقاء الرباعي في اسطنبول، قال بيسكوف إنه "غير موجود بعد على جدول أعمال بوتين على صيغة اتفاق تم التنسيق له". وتثير تصريحات المتحدث باسم الكرملين تساؤلات عدة، لاسيما وأن وزارة الخارجية الروسية أكدت التحضيراتت للقاء الرباعي، وقالت في بيان رسمي يوم 12 أغسطس، حول زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أنقرة، إن "الوزيران (لافروف وجاويش أوغلو) سيبحثان سير التحضيرات للقمة الرباعية لقادة روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، حول الأزمة السورية، المخطط لها في وقت قريب في تركيا".

ويحيل مراقبون هذا الإرباك حول مواعيد اللقائين، إلى رغبة إيرانية، بأن تعقد قمة ثلاثي الدول الضامنة في طهران، بعد اللقاء الرباعي في اسطنبول. وقال شهيدي بهشتي حميد رضا الأستاذ في جامعة طهران الحكومية لصحيفة "كوميرسانت" إن إيران تنظر بحذر إلى القمة الرباعية في اسطنبول، وترى فيها محاولة لإبعادها عن الحديث حول مستقبل سوريا. وقال مصدر مطلع من موسكو إن الإيرانيين مستاؤون من عدم دعوتهم للمشاركة في القمة الرباعية، التي يفترض أنها اجتماع بين "إطارين" هما "الدول الضامنة" و "المجموعة المصغرة" حول الأزمة السورية والتي تضم فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة والسعودية والأردن.

وأضاف إن الهدف من الاجتماع هو بحث النقاط المشتركة بين الإطارين، للعمل جنيا إلى جنب على تسوية الأزمة السورية، وإيجاد تفاهمات حول النقاط الخلافية. وأشار إلى أن عدم مشاركة إيران، جاء لإبقاء الأبواب مفتوحة أمام انضمام الأميركيين إلى "رباعي اسطنبول" في وقت لاحق، بحال أبدت الولايات المتحدة رغبة بذلك.

وقالت "نيزافيسمايا غازيتا" إن القمة الرباعية في اسطنبول قد تبحث "حلول وسط" حول الأزمة السورية، يُعتقد أن بوتين وترمب توافقا عليها خلال قمة هلسنكي. وقال ألكسندر شوميلين كبير الباحثين في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن "فكرة القمة الرباعية تحمل في طياتها محاولة روسية لتسوية الأزمة السورية مستفيدة من الوضع الجديد"، وأضاف: "الوضع الجديد قائم على أن بوتين وترمب تمكنا على ما يبدو خلال قمة هلسنكي من تحديد النقاط المشتركة حول سوريا، لكن دون أي توثيق لاتفاقهما، والحديث يدور عن اتفاق ضمني على الخطوط العريضة للحلول الوسط، والتي من شأنها أن تثبت نقاط التوافق بين الجانبين، وتشكل الأطر العامة لاتفاقيات معلنة (بينهما لاحقا حول سوريا)".

وعبر الخبير الروسي عن قناعته بوجودج فهم مشترك بين موسكو وواشنطن حول السيناريوهات المفضلة التي تقرب سوريا من التسوية السياسية، لافتا إلى أن "استشعار المواقف من تلك السيناريوهات مع استقطاب الأوروبيين إلى العملية، هو ما يجري حالياً". وبالنسبة للأوروبيين فإن "موسكو لديها هدف الحد الأقصى، وهو استقطابهم للمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا، وهدف الحد الأدنى بأن يساعدوا على عودة اللاجئين السوريين، كخطوة أوروبية أولى في إعادة الإعمار". وختم قائلاً إن "الهدف من قمة اسطنبول تعبئة كل من يمكن تعبئته للانتقال من مرحلة الحرب الأهلية في سوريا إلى مرحلة إعادة إعمارها".