icon
التغطية الحية

في الرقة.. نظام جديد وبيوت ملغمة

2018.02.25 | 13:23 دمشق

الحياة تعود ببطء إلى بعض أحياء مدينة الرقة(تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - سامرقطريب
+A
حجم الخط
-A

"لا أعرف كيف هي ...الرقة موجوعة، عبرتُ اليوم إلى الضفة الأخرى بسلام، القوارب صغيرة وخطرة، في الأيام الماضية غرق 35 شخصاً وهم يعبرون بين ضفتي الفرات"، تكمل شمس (اسم مستعار) حديثها بسرعة قبل انقطاع الإنترنت عن هاتفها المحمول" بدؤا اليوم بالسماح لنا بافتتاح محال تزود بخدمة بالإنترنت الفضائي كي لا نبقى معزولين عن العالم".

تعود الحياة ببطء إلى مدينة الرقة السورية(شمال شرقي العاصمة دمشق) معقل تنظيم الدولة الإسلامية سابقا بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها بدعم من التحالف الدولي، البيوت المدمرة و الشوارع المكتظة بالركام ومخلفات الحرب على التنظيم هي الصورة الأكثر تكرارا رغم عودة بعض النازحين إلى ماتبقى من  بيوتهم.

عاد إلى مدينة الرقة 61 ألف مدني بحسب الأمم المتحدة منذ شهر تشرين الأول الماضي رغم صعوبة الحياة أمام انعدام الخدمات وحظر التجول ليلاً في شوارع المدينة المظلمة، المليئة بالألغام التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية.

وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان نزوح 120 ألف مدني من معظم محافظة الرقة، منذ بدء معركة "قسد" للسيطرة عليها في السادس من تشرين الثاني 2016 وحتى 30حزيران 2017.

يَعبر المدنيون العائدون إلى الرقة ضفتي الفرات بقارب يدعونه"الكسرة" بعد تدمير الجسر الجديد في قصف المقاتلات الحربية الروسية، وكان للجسر أهمية اقتصادية واجتماعية إذ يربط بين جنوب نهر الفرات وشماله.

بعد نزوح دام سنتين، عادت شمس مع أهلها من مدينة تل أبيض شمالي الرقة، تغيرت خلالها ملامح حي المشلب الذي تقطنه أكثر من ذي قبل بسبب الدمار وتحول واجهات بيوت الحي الفارهة إلى دكاكين لبيع الخضار والمواد الغذائية، وتتابع شمس" حي المشلب..حي القصور ..أجمل حي في المدينة، أصبحت تشاهد في واجهة كل بيت أكثر من 4 محال تجارية... والبضاعة تأتي من كل مكان، لكن النسبة الأكبر تأتي من إقليم كردستان العراق ومن مدينة منبج ودمشق". 

مهنة جديدة تفرضها ظروف الحرب في مدينة تبعد عن سد الفرات 50 كيلومترا، انتشرت تجارة أمبيرات الكهرباء في الرقة كغيرها من المدن السورية، ويبلغ سعر الأمبير الواحد 750ليرة وتقول شمس، "يحاول تجار الكهرباء تغطية الأحياء المسكونة بالتيار الكهرباء لمدة ساعتين نهاراً وست ساعات مساء من الساعة الخامسة حتى الحادية عشرة ليلاً ".

ينتشر بناء المحال التجارية ضمن المنازل في بعض أحياء المدينة                                                                                                                                                                                                  

أكاديمية للمرأة الديمقراطية !                                                                                                                           

فتحت قوات سوريا الديمقراطية ومجلسها المعروف بـ"مسد" باب التوظيف للمتعلمين وخريجي الجامعات، وتبدأ الرواتب من مبلغ 50 ألف ليرة سورية شهرياً، في قطاعات التعليم والإدارة والخدمات.

وأسست"قسد" أكاديمية المرأة السورية الديمقراطية في الرقة، وفق برنامج تدريبي مكثف، وتوضح شمس أن العاملين مع قسد يخضعون لدورة مغلقة مدتها شهر أو 45 يوماً، يمنع خلالها استخدام الإنترنت إلا مرة واحدة في الأسبوع، وتتم الدورة في إحدى مدارس مدينة القامشلي أو مدينة الحسكة شمالي شرقي سوريا، وتهدف الدورة لتعليم المتدربات كيفية اتباع "النظام الجديد" في الرقة تحت سيطرة "قسد".

وتتابع شمس" عندما نكون في تأبين أحد شهداء "قسد" يمنعوننا من ارتداء الملابس الرياضية والنظارات الشمسية، كما نُمنع من وضع الخزام في الأنف، ويمنع وضع ِرجل على أخرى خلال الجلوس في الدوائر الرسمية".

" في ذلك اليوم اجتمعت بنا إحدى المسؤولات في مجلس سوريا الديمقراطية، وقالت إنه يفضل عدم تزين الفتاة بالمكياج أو أن يكون خفيفاً، كما تعلّم الأكاديمية الفتيات الإعتماد على أنفسهن وليس على الرجال."

 

بيوت مفخخة

وثقت الأمم المتحدة في تقرير إصابة 569 مدني بالعبوات المتفجرة أثناء عودتهم  إلى الرقة، ووصل متوسط عدد الإنفجارات إلى 50 حادثا أسبوعيا.

وسجلت في حزيران الماضي، مقتل عشرات المدنيين وحصار أكثر من مئة ألف آخرين في المدينة، مشيرة إلى انتهاكات وإساءات ارتكبتها قسد في المناطق التي تسيطر عليها بالرقة، في حين وثق ناشطون محليون مقتل مئات المدنيين، خلال أيار الماضي، معظمهم بغارات للتحالف الدولي.

زرع تنظيم الدولة الإسلامية قبل سيطرة "قسد" على مدينة الرقة آلاف الألغام في داخل المنازل وبين الأنقاض، وصمم ألغاما مبتكرة تنفجر عند الإقتراب منها، وتصف شمس الوضع بالمرعب رغم تنظيف أجزاء من أحياء الطيارة والعجيلي والرميلي والنعيم والحسون وسيف الدولة، حيث عاد بعض المدنيين إلى هذه الأحياء.

يقف بعض الشباب في هذه الأحياء بانتظار العائدين إلى منازلهم، ويعرضون خدماتهم في تفقد البيوت والتأكد من خلوها من الألغام قبل دخول أصحابها وذلك مقابل مبلغ مالي، و تقول شمس إن بعض العائدين نصبوا خيامهم فوق أنقاض منازلهم أو في الشوارع بالقرب منها لعدم قدرتهم على إعادة بناء وترميم بيوتهم المدمرة.

عادت أكثر من 14,500 أسرة إلى الرقة بحسب هيومن رايتس ووتش، لا سيما في الأحياء الواقعة في ضواحي المدينة بحلول 20 كانون الأول الماضي وتتوقع المنظمة استمرار عودة سكان الرقة، رغم ارتفاع مستوى التلوث بالألغام ومحدودية الخدمات المتاحة في المدينة الخارجة حديثاً من الحرب.

و وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها أن العبوات الناسفة قتلت وجرحت مئات المدنيين، بينهم أكثر من 150 طفلا منذ طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة في تشرين الأول 2017.

وقال نديم حوري مدير قسم مكافحة الإرهاب في المنظمة "خلال زيارة الرقة، كان هناك تناقض مدهش بين الدعم الدولي لهزيمة داعش عسكريا والدعم المحدود لما بعد الهزيمة. إذا لم يتغير الوضع، سيستمر إرث داعش من الألغام الأرضية القاتلة لسنوات".