عودة الحديث عن مقعد الأسد في الجامعة العربية

2019.09.17 | 00:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

في تصريحات له الأسبوع الماضي عقب اجتماع لوزراء الخارجية العرب، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وجود مشاورات بشأن توقيت عودة سوريا –نظام الأسد- إلى الجامعة العربية، مشيراً إلى أنّ العمل على تجاوز الأزمة وتنفيذ المسار السياسي، من شأنه خلق فرصة أخرى، وتحفيز الحوار بين الوزراء العرب لتحديد التوقيت الملائم.

وتعكس تصريحات شكري وجود فيتو على عودة النظام علماً أنّ الأنظمة العربية ليس لديها مانع من عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، لا بل إنّ بعضها كان قد

اعترضت بعض الدول العربية وعلى رأسها قطر على عودة النظام معتبرة أنّ الأسباب التي كانت قد أدّت إلى حجب المقعد عنه لا تزال قائمة

ضغط مؤخراً في هذا المجال لاسيما بعد عملية التطبيع التي قادتها مصر مع عدد من الدول الخليجية. في نهاية العام الماضي، أعادت كل من أبو ظبي والمنامة افتتاح بعثتيهما الدبلوماسية لدى دمشق، ثم شرعتا في الترويج السياسي والدبلوماسي لعملية التطبيع مع جهود مماثلة لإقامة تطبيع اقتصادي.

اعترضت بعض الدول العربية وعلى رأسها قطر على عودة النظام، معتبرة أنّ الأسباب التي كانت قد أدّت إلى حجب المقعد عنه لا تزال قائمة، كما تدخّلت الولايات المتّحدة بقوّة لمنع العودة إلى الجامعة العربية على اعتبار أنّ ذلك سيكون بمثابة هدية مجانية له إذا لم يتم ربط العودة بشروط للضغط عليه، وهو مؤشر على أنّ واشنطن ليست في وارد إعطاء النظام حالياً أي أوراق مجانية لاسيما في ظل التنافس الإقليمي والدولي الحاصل في سوريا وعلى مستقبلها.

يعكس الموقف الأميركي في شق منه أيضاً طبيعة التنافس الجاري مع موسكو في سوريا. فروسيا تريد التسريع من عملية إعادة الشرعية إلى النظام لتسويق الأمر كانتصار سياسي أيضاً. علاوةً على ذلك، فإنّ إدخال الأسد إلى الجامعة العربية سيساعد موسكو على تجاوز المصاعب المتعلقة لاحقاً بالحل السياسي، حيث سيصبح بالإمكان فرض ما ينساب أجندة روسيا دون الحاجة إلى مناقشته مع أي طرف وبالتأكيد ليس مع المعارضة. ويسهّل هذا الأمر على تجاوز مسائل اللاجئين، وإعادة الإعمار من خلال إجبار اللاعبين الإقليميين والدوليين على التعامل مع نظام الأسد كأمر واقع.

تؤكّد التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف مؤخراً سعي روسيا إلى تنفيذ

العديد من الأنظمة العربية يناسبها الطرح الروسي ليس لأنّه يزيح عن كاهلها المسؤولية الأخلاقية والمعنوية للقضية السورية فقط، بل لأنّ هناك الكثير من المشتركات مع نظام الأسد فيما يتعلق بقمع المعارضين

هذه الأجندة. ففي مقابلة له مع صحيفة روسية الأسبوع الماضي، قال لافروف "لقد انتهت فعلا الحرب في سوريا. وأخذت هذه الدولة تعود بشكل تدريجي إلى الحياة الطبيعية السلمية. لقد بقيت هناك بؤر توتر في الأراضي التي لا تسيطر عليها الحكومة السورية، على سبيل المثال في إدلب وشرق الفرات".

العديد من الأنظمة العربية يناسبها الطرح الروسي ليس لأنّه يزيح عن كاهلها المسؤولية الأخلاقية والمعنوية للقضية السورية فقط، بل لأنّ هناك الكثير من المشتركات مع نظام الأسد فيما يتعلق بقمع المعارضين، فضلاً عمّا يمكن للأسد أن يلعبه في وجه بعض اللاعبين الإقليميين كتركيا. ولذلك من شأن السماح لنظام الأسد بدخول الجامعة العربية من جديد أنّ يفسح المجال أمام هذه الدول للقيام بتطبيع علني معه وإن كان ذلك سيتم بحجّة محاولة سحبه من الحضن الإيراني.

في المقابل، لا يناسب هذا الطرح الولايات المتّحدة التي ترى فيه أيضاً تعزيزاً للنفوذ الإيراني في الوقت الذي تشن واشنطن فيه أقصى حملة من العقوبات ضد نظام الملالي، ولذلك ضغطت واشنطن على الدول العربية لإيقاف عملية التطبيع وعودة النظام إلى الجامعة العربية. وبالرغم من تحذيرات إدارة ترمب من التعامل مع نظام الأسد تحت طائلة العقوبات الأميركية، قامت عدة دول عربية على رأسها أبو ظبي بالمشاركة في معرض اقتصادي في دمشق هذا الشهر وهو ما يطرح تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الدول تقف مجدداً خلف إعادة طرح أو مناقشة عودة النظام إلى الجامعة العربية.

أيّاً يكن الامر، لا أرى أنّ هناك إمكانية لعودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية طالما بقي الفيتو الأميركي موجوداً. ربما يشاغب البعض هنا وهناك، لكن القرار الأساسي بشأن التطبيق مع نظام الأسد ما يزال معلّقاً عند إدارة ترمب.