icon
التغطية الحية

على وقع تفجير اللاذقية: هل انتهى شهر العسل بين إيران وروسيا؟

2019.01.24 | 15:01 دمشق

انفجار سيارة بساحة الحمام باللاذقية (إنترنت)
اللاذقية - همام الخطيب - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

لا تزال تتوارد الأنباء، منذ أيّامٍ، عن نشوب اشتباكاتٍ مسلّحةٍ في منطقة الغاب التابعة لمحافظة حماة، بين قوّات الفيلق الخامس المشكّل والمدعوم روسيًّا، وميليشياتٍ مدعومةٍ إيرانيًّا اصطفّت معها في هذا الموقع الفرقة الرابعة عصب الجسم العسكريّ المركزيّ لسلطة الأسد، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام، وبحسب ناشطين من المنطقة وتقاريرَ صحفيّةٍ، فإنّ هذه الاشتباكات هي الأكثر دمويّةً بين تلك الأطراف.  
وعلى الرغم من أنّ هذا الاشتباك بين أتباع الدولتين (روسيا، إيران) هو الاشتباك الأوّل الذي خرج عن السيطرة، ولم تستطع الأطراف التعتيم عليه لكبر حجمه وامتداده، إلّا أنّ العلاقات الروسيّة الإيرانيّة لم تكن على ما يرام، وإن بدت عكس ذلك في إطار تحالف الدولتين لقضم مناطق سيطرة المعارضة. وهناك أدلّةٌ كثيرةٌ على هذا من الواقع السوريّ بعد أيلول/ سبتمبر 2015 (تاريخ دخول القوّات الروسيّة رسميًّا إلى سوريا)؛ فمنذ هذا التاريخ بدأت إيران تصرّح عن عدد قتلاها وخسائرها خلافًا لما كان سائدًا قبل هذا التاريخ. وقد يكون استعراض الوجود العسكريّ الإيرانيّ على الأرض السوريّة والإعلان عن الخسائر هدفه توجيه رسالةٍ إلى روسيا مفادها أنّنا نحن من قدّمنا التضحيات، ومن ثمّة لا يمكن لأحدٍ تجاوزنا أو إخراجنا من سوريا، وفي هذا السياق يأتي الاستعراض العسكريّ الذي قدّمته مليشيا حزب الله في القصير، وظهور قاسم سليماني وهو يتجوّل في مدينة حلب بعد السيطرة عليها.

محطّات نزاع ساخنة تخللت النزاع البارد
وقد ظهر النزاع البارد بين إيران وروسيا من خلال تصريحاتٍ عدّةٍ أطلقها كلا الطرفين، ومنها "تغريدة" أطلقها مدير مكتب قناة "العالم" الإيرانيّة في سوريا على "تويتر"، حسين مرتضى، والتي قال فيها: "لولا الجيش السوريّ وحزب الله وصمود سوريا، لاحتلّت أوكرانيا موسكو بأيّام". وهو ما استدعى ردّ "قاعدة حميميم" في سوريا ببيانٍ لها قالت فيه إنّ هذه التصريحات صدرت عن شخصيّاتٍ رسميّةٍ تعمل في سوريا، واصفةً إيّاها بالتصريحات الاستفزازيّة والمهينة للجيش والدولة الروسيّة. ولعلّ عمليّة إخلاء المهجّرين من حلب وما رافقها من عرقلة الميليشيا الإيرانيّة لها يأتي في هذا السياق، إضافةً إلى سعي إيران الدائم لخرق اتّفاقات الهدنة التي تشرف عليها روسيا. إلّا أنّه تخلّل هذا النزاع البارد محطّات نزاعٍ ساخنة، أبرزها ما تناقلته بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعيّ، عن نشوب خلافاتٍ قويّةٍ وصل بعضها لاشتباكاتٍ مسلّحةٍ بين قوّات العقيد سهيل الحسن (النمر) وعناصر تابعةٍ لماهر الأسد جرت في الساحل السوري على خلفيّة تعاظم دور ونفوذ "النمر" في عقر دار العائلة الحاكمة، بسبب دعم الروس له، تلاها أحداث الغاب آنفة الذكر التي جرت مؤخّرًا. لكن علينا أن نأخذ في الحسبان أنّ كلا الطرفين حذِرٌ من الانزلاق نحو مواجهاتٍ واسعةٍ، في ظلِّ استشعارهما للخطر المركزيّ المتمثّل في الولايات المتّحدة الأميركيّة.

اعتراف إيراني بالخلاف
في المقابل عملت روسيا على استبعاد إيران من أكثر من اتّفاقٍ مفصليٍّ في سوريا مع أنّها من الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا، بحسب اتّفاق "آستانة"، ومنه اتّفاق خفض التصعيد في الجنوب السوريّ الذي وقّع بين الأردن وأميركا وروسيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، واتّفاق إدلب في أيلول/ سبتمبر 2018. وهو ما دفع وزير الخارجيّة الإيرانيّ، محمد جواد ظريف، إلى الاعتراف بأنّ "هناك اختلافًا في وجهات النظر مع الروس ميدانيًّا في سوريا". وما زاد الطين بلّة في ما يتعلّق بالعلاقات بين البلدين هو التنسيق الروسيّ - الإسرائيليّ، حيث وصل هذا التنسيق إلى إخبار الروس بموعد القصف الإسرائيليّ للميليشيات الإيرانيّة قبل حدوثه (وقد يكون التنسيق قد وصل إلى أبعد من ذلك)؛ ففي الأسبوع الماضي وقبل موجات القصف الإسرائيليّ العنيفة والواسعة التي حدثت مؤخّرًا، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيليّ أنّ "اللقاءات (بين الجانبين الروسيّ والإسرائيليّ) جرت في أجواءٍ جيّدةٍ ومهنيّةٍ، وشملت مباحثاتٍ حول دفع نظام عدم الاحتكاك بين الجيشين في الجبهة الشماليّة، وعمليّات الجيش الإسرائيليّ ضدّ التموضع الإيرانيّ، وتسلّح حزب الله في سوريا". وأضاف البيان الرسميّ أنّه "تمّ التوصّل إلى تفاهماتٍ بين الجانبين، وجرى الاتّفاق على استمرار العمل المشترك".

الساحل السوريّ "كعب أخيل" لروسيا
إنّ أشدّ ما يؤذي روسيا في سوريا هو الخروق الأمنيّة التي قد تطال أماكن تمركزها ونفوذها، ويعدّ الساحل السوريّ هو بيضة القبّان لدى روسيا بسبب وجود قواعدها واستثماراتها الرئيسة فيه، ولأنّه منفذها إلى المياه الدافئة. وفي الوقت نفسه تعلم إيران أنّ "كعب أخيل" لدى روسيا هو الساحل السوريّ، للأسباب المذكورة آنفًا، ما يفتح باب التساؤلات حول احتمال أن يكون كان التفجير الأخير الذي وقع في ساحة "الحمام" في مدينة اللاذقية يحمل توقيع الميليشيات الإيرانيّة أو بتسهيلٍ منها، لتُوجّه من خلاله رسالةً إلى روسيا، على وقع أحداث منطقة الغاب الأخيرة، بأنّها قادرةٌ على إدخالها في متاهةٍ شبيهة إلى حدٍّ ما بالمتاهة التي أدخلت أميركا فيها في العراق عبر المساهمة في تصنيع مقاومة ضدّها، ولاسيّما إن علمنا أن هذا التفجير ليس الوحيد منذ وصول القوّات الروسيّة إلى سوريا فقد سبقه أربعة تفجيراتٍ ضربت الساحل السوريّ. وما يعطي المشروعيّة لمثل هذه التساؤلات هو أنّ هذه المناطق التي استُهدفت بالتفجيرات، ومنها التفجير الأخير، هي مناطق أمنيّة بامتياز، ولا يمكن النفاذ إليها إلّا عن طريق الميليشيات التابعة لإيران التي تتميّز بصلاحيّاتٍ واسعةٍ ونفوذٍ كبيرٍ يمكّنها من التحكّم بالملفّ الأمنيّ للمنطقة، في ظلّ التزام الجنود الروس مبدأ عدم الاختلاط بالجنود السوريّين، وعدم إقامتهم للحواجز الأمنيّة على الطرقات.

كلمات مفتاحية