icon
التغطية الحية

صحيفة لوموند: لماذا لن تنتهي الحرب في سوريا قريباً؟

2018.07.11 | 16:07 دمشق

نازحون من درعا قرب السياج الفاصل مع الجولان المحتل في محافظة القنيطرة (رويترز)
تلفزيون سوريا - باريس- نبيل شوفان
+A
حجم الخط
-A

يرى الكاتب وأستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس جان بيير فيليو إنه على الرغم من التقدم العسكري الأخير لنظام الأسد، فإن الديناميكيات المحلية والدولية سوف تستمر في تأجيج الحرب في سوريا لفترة طويلة.

ويقول الكاتب في مقال بصحيفة "لوموند" الفرنسية إنه وبعد تعزيز سيطرته على المحور المركزي لدمشق وحلب، أعاد نظام الأسد سيطرته على العاصمة بأكملها وضواحيها الشهر الماضي وبعد شنه هجومًا مميتًا على معقل الثورة في مدينة درعا بجنوب البلاد، فإن هذه النجاحات التي لا يمكن إنكارها، والتي فاز بها بعد دعم غير مشروط من روسيا، لا تنبئ بنهاية الحرب في سوريا، ويرجع ذلك إلى الديناميات المعقدة للصراع الذي أثاره الأسد للحفاظ على سلطته بأي ثمن.

 

استحالة إعادة الإعمار دون انتقال سياسي

بعد سيطرة النظام عسكريا على مدينة (حمص القديمة) في ربيع 2014 و(حلب الشرقية) في أواخر 2016 وحتى آخر انتصاراته في دمشق ودرعا، فإن بشار الأسد أجبر جزءاً كبيرا من سكان هذه المناطق على التهجير والرحيل، وتغاضى عن نهب ممتلكاتهم، إن الحجم الهائل لعمليات الهدم، والذي يرجع بشكل كبير إلى تدخل الطيران الروسي وشنه غارات غير مسبوقة على مناطق المدنيين، حول المناطق "المحررة" المفترضة إلى حقول من الخراب الأسمنتي الممتد على مساحة البلاد، لا يبدو أن الأسد يريد عودة المعارضين الذين يبادلونه العداء، وبالتالي لا يريد إطلاق عملية إعادة إعمار تجبره على حقهم  فيالعودة، ثم إنه لم يبد اهتماما بشروط المانحين الدوليين المحتملين بتحقيق انفتاح وتغيير سياسي في البلاد، بل على العكس، فإن "القانون 10" ، الذي أصدره الأسد في نيسان (أبريل) الماضي، يسمح بمصادرة جماعية لأملاك السوريين الفارين من الحرب.

يرى النظام الدكتاتوري في سوريا، أن نجاحاته العسكرية تعطيه الشرعية الكاملة لجهة عدم تقديم أي تنازل سياسي للمعارضة، والعودة بسوريا إلى ما قبل عام 2011، و في مواجهة هذا المنطق المغلق، فإن السوريين، المحرومين من أي تصويت ديمقراطي!، "صوتوا بأقدامهم" هذه المرة حين فرّوا بمئات الآلاف من بلدهم، وحين تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عدد اللاجئين السوريين بـ 5.6 مليون لاجئ في يوليو 2018 -وهو رقم تقريبي لإحصائيات أكبر بكثير- بزيادة 10٪ خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وتشير تقديرات المفوضية ذاتها إلى وجود 6.5 مليون من النازحين داخلياً من السوريين و 1.2 مليون يعيشون تحت خط الفقر، فعلينا أن نعلم أن تقدم نظام الأسد أبعد ما يكون عن "استقرار" البلاد.

 

حروب الآخرين

أثبت الهجوم الأخير على جنوب غرب سوريا أنه حتى مع موافقة الولايات المتحدة والأردن وإسرائيل على قمع الثوار، فإن الأسد لم يستطع قمعهم دون استخدام عنف غير مسبوق وأساليب لم نسمع عنها من قبل، (كالحصار الشديد، والقصف الكثيف جدا)، ومع ذلك كله فإن روسيا غير قادرة على القيام بالتزاماتها في تحقيق أي اختراق سياسي في سوريا، ودون هذا الاختراق فإن سوريا ستبقى مسرحا للتناقضات السياسية بين الجهات الفاعلة الإقليمية تناقضات ستؤدي إلى أعمال عدائية جديدة، ومثالا على ذلك رأينا عندما أرادت إسرائيل فرض "خطوطها الحمراء" على إيران وشركائها في سوريا، كيف حدثت موجات قصف متكررة على أهداف للنظام وإيران.

ذلك يمكن أن يتكرر الآن بين الأطراف الضامنين في أستانا أنفسهم إذا ما أصرت تركيا على الحفاظ على إدلب كمنطقة خفض تصعيد، ناهيك عن احتمال تخلي واشنطن عن حلفائها الأكراد في الشمال السوري، ما سيؤدي إلى هجوم تركي لا أسدي حتمي وأكيد على شرقي الفرات، وسط كل هذه التناقضات، يتنفس "تنظيم الدولة" الصعداء في الصحراء السورية، حيث يقاتل مؤيدو "أبي بكر البغدادي" بروح عالية في جنوب وادي الفرات، وفي شرقي حمص، لسبب واحد هو أن غياب أي حل سياسي للنزاع السوري، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى عودة "لهيب الجهاديين".

وتحت سقف الاعتبارات الأخلاقية يؤكد المؤرخ والمستعرب الفرنسي وكاتب هذه المقالة "فيليو" إنه بات واضحا جدا أن "انتصارات الأسد" لا تزال "هزائم" لبلاده، تبتعد بها عن أفق "الاستقرار"، والسلام.