icon
التغطية الحية

شتاء إدلب..وسائل التدفئة لمن يملكون المال

2018.10.15 | 12:10 دمشق

طفلة سورية في مخيم بالشمال السوري(تلفزيون سوريا-أرشيف)
إدلب-حسام الجبلاوي-تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يستعد أهالي إدلب ونازحوها لاستقبال فصل الشتاء وتحضير مستلزماته وسط ظروف معيشية صعبة، وارتفاع حاد بالأسعار حال دون قدرة عدد كبير منهم على تجهيز مؤونة كافية، تقيهم برده وتساعدهم على إدخال الدفء لخيامهم البالية وأجساد أبنائهم الغضة .

أسواق إدلب امتلأت خلال الأيام الماضية بتجهيزات الشتاء، من مدافئ ووسائل تدفئة، وأغطية شتوية وملابس، لكن المفاجئة كانت باستغلال التجار للطلبات المتزايدة من الأهالي على هذه المواد، وارتفاع أسعارها لمستويات قياسية حتى باتت دون استطاعة الطبقة المتوسطة والفقيرة أيضا.

ووسط توقف عمل معظم المنظمات الإغاثية وتراجع مساعداتها والضغوط المعيشية، يبحث الأهالي عن وسائل تدفئة اقتصادية تعينهم على إدخال الدفء إلى بيوتهم، خاصة مع الارتفاع الكبير في الأسعار.

 

زيادة الطلب والأسعار

خلال الأعوام الماضية اعتمد أهالي إدلب على الحطب والوقود كوسائل للتدفئة، لكنّ أسعار العام الحالي سجلت ارتفاعا ملحوظا حيث يباع سعر طن الحطب حالياً بـ65 ألف، والمازوت المكرر بـ 45 ألف للبرميل الواحد، بزيادة بلغت تقريباُ 10آلاف ليرة لكل صنف عن العام الماضي .

ويتوقع الأهالي زيادة هذه الأسعار أيضاُ مع زيادة الطلب عليها خلال الأيام المقبلة، خاصة الحطب الذي تراجع معروضه في الأسواق بشكل لافت بسبب تناقص الثروة الحراجية، وسيطرة قوات النظام على غابات ريف اللاذقية المورد الرئيسي لأهالي إدلب خلال السنوات الفائتة.

ويقول علاء نعنوع وهو أحد سكان قرية إحسم بجبل الزاوية لموقع تلفزيون سوريا "تحتاج الأسرة المتوسطة لقرابة 3 أطنان من الحطب لكامل فصل الشتاء، ما يعني مبلغ180 ألفا في العام، وهو مبلغ خارج عن قدرة معظم الأهالي هنا الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري 50 ألفا".

وحول أسباب زيادة الأسعار يوضح شاب نازح من ريف اللاذقية إلى إدلب أن "ارتفاع أعداد السكان في المحافظة، وزيادة النازحين، والطلب على مواد التدفئة ساهم برفع الأسعار من قبل التجار، وسط غياب شبه تام لمؤسسات الرقابة على الأسواق".

وأمام هذا الواقع توجه عدد كبير من الأهالي للاعتماد على مواد محلية جديدة للتدفئة أقل تكلفة لم تكن منتشرة في إدلب مثل الفحم المحلي و"البيرين" و"نشارة الكرتون" وملابس البالة، وهي مواد قد يكون لبعضها آثار سلبية على مستخدميها.

في جولة على أسواق إدلب لوحظ انتشار كميات كبيرة من الفحم المحلي المعروض للتدفئة، وصل سعر الطن في بداية طرحه إلى 25 ألف، ثم ما لبث أن ارتفع خلال أيام قليلة إلى 40 ألف للطن الواحد.

أما مادة "البيرين" وهي مادة محلية بدأ أهالي إدلب بتصنعيها من بقايا معاصر الزيتون بعد كبسها، فقد سجل سعر الطن قرابة 55 ألف ليرة سورية، لكنه أكثر استدامة من الحطب والمازوت كما يوضح بعض الأهالي.

ويضيف أبو عمر وهو أحد سكان مدينة سراقب "العام الماضي اشتريت مادة البيرين لأنها أوفر ومدة احترقها أطول بالمدفأة، هذه السنة تفاجئت بارتفاع ثمنه مثل غيره اعتقد أنني   في هذه السنة سأكتفي بالحرامات الشتوية وما استطعت توفيره من بقايا الحطب في أرضي".

 

عودة للوسائل البدائية

خلال العام الحالي انتشرت مؤخراً وسائل تدفئة بدائية تتميز برخص تكاليفها، مثل الكرتون، ونشارة الخشب، حيث يتم كبسها معاً في آلات خاصة، ويضاف إليها بعض الماء ثم تجفف وتباع للراغبين بأسعار زهيدة.

يتوقع وائل حاج علي وهو أحد سكان مخيم الأنصار بريف إدلب الغربي أن يكون هذا الشتاء هو الأقسى على النازحين بسبب عدم وصول أي دعم لهم من قبل المنظمات الإغاثية، وصعوبة تأمين وسائل التدفئة البعيدة كلياً عن قدراتهم الشرائية.

ويوضح حاج علي كلامه بالقول" كانت العائلات تعتمد على ما يمنح لها من أكياس الفحم القادمة من تركيا ويجمعون بعض أعواد الحطب لإشعاله، لكن هذا العام لم يصل شيئ والناس بدؤوا بتجهيز الملابس البالية وبعض المخلفات رغم ما لها من تأثير كبير على صحتهم".

ويختم كلامه بتوجيه اللوم على التجار الذين يستغلون حاجة الناس ويقومون برفع أسعار المواد للضعف خلال فصل الشتاء، دون وجود أي جهة رقابية تضبط الأسعار.

وبالتزامن مع زيادة أسعار مواد التدفئة طرأت تغيرات أيضا هذا العام على أسعار المدافئ نتيجة زيادة الطلب عليها مع وصول أعداد كبيرة من النازحين إلى المحافظة.

أحمد أيوب وهو أحد سكان مدينة إدلب، ويعمل تاجراً في بيع المدافئ يوضح لموقع تلفزيون سوريا، أنّ سبب زيادة الأسعار هذا العام يعود إلى تكلفة شحنها الباهظة من المناطق الصناعية التابعة للنظام.

وتختلف أسعار المدافئ بحسب جودتها وتتراوح بين 25 إلى 50 ألف ليرة لمدافئ المازوت و20 ألف لمدافئ الفحم والبيرين.

 

غياب الإغاثة

ورغم أنّ هذا العام لا يعتبر الأول في النزوح لدى معظم سكان مخيمات إدلب، إلا أنّ معظمهم سيفتقد على ما يبدو لمساعدات المنظمات الدولية والمحلية التي كانت توفر لهم بعض الحاجات الأساسية مثل وسائل التدفئة، والأغطية والملابس الشتوية، إضافة لصيانة بعض الخيم قبل هطول الأمطار.

وفي هذا السياق أطلق العديد من مسؤولي المخيمات بإدلب نداءات استغاثة لمساعدة النازحين، وتأمين حاجاتهم قبل وصول موجات البرد.

ويؤكد أبو عبد الله وهو نازح من الغوطة الشرقية يقيم بمخيم "تل دم" بجبل الزاوية، أنّ "معظم سكان المخيمات هنا يقيمون في خيم مبنية على دعامات من الخشب، وهي من القماش السميك وبحاجة إلى أغطية من البلاستيك لكي تواجه المطر، ومع بدء الأمطار يصبح من الصعب جدا إصلاح أي ضرر فيها".

ويتابع الرجل الأربعيني "جميع من نزحوا إلى هذا المخيم لم يستطيعوا إخراج كامل متاعهم، وليس بحوزتهم حرامات شتوية، ومعظمهم من النساء والأطفال" مضيفاُ في الوقت ذاته أنّ "الوضع مأساوي للغاية ولا يوجد أي استجابات من قبل المنظمات رغم كل المناشدات السابقة".