icon
التغطية الحية

ريادة الأعمال السورية في تركيا تلغي الصور النمطية للاجئين

2018.05.17 | 21:05 دمشق

أكثر من 6500 شركة أنشأها أو شارك في تأسيسها سوريون يعيشون في تركيا منذ 2011 (أ ف ب)
موقع 24 ماتان الفرنسي- ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كان بعض السوريين يتجاذبون أطراف الحديث حول الأعمال والأسواق التي ينوون غزوها في مدينة غازي عنتاب التركية، الواقعة على بعد حوالي مائة كيلومتر عن مدينة حلب. وقد ساهم نجاحهم في عالم الأعمال في كسر الصورة النمطية للاجئ السوري الذي يعيش على المساعدات، بعد فراره من الصراع الدائر في بلاده.

يسجل وجود قرابة 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا، وينتشر 500 ألف منهم في غازي عنتاب لوحدها. وفي الوقت الذي يستفيد فيه بعض اللاجئين السوريين من المساعدات الإنسانية التي تقدمها كل من أنقرة والمانحين الدوليين، اختار آخرون كسب رزقهم  من خلال الكدّ في العمل. وقد حل عدد كبير من السوريين بتركيا حاملين معهم خبراتهم وعملائهم، أيضا.

في الأثناء، قام بعض السوريين بفتح (أو إعادة فتح) شركاتهم الخاصة، بهدف بناء حياتهم من جديد أو مواصلة العمل في المجالات التي التي كانوا ينشطون فيها قبل بداية الحرب المشتعلة في سوريا منذ سنة 2011.

وفقًا لاتحاد غرف التجارة والبورصات التركية، تم تسجيل أكثر من 6500 شركة، أنشأها أو شارك في تأسيسها سوريون يعيشون في الأراضي التركية منذ سنة 2011.

وفقًا لاتحاد غرف التجارة والبورصات التركية، تم تسجيل أكثر من 6500 شركة، أنشأها أو شارك في تأسيسها سوريون يعيشون في الأراضي التركية منذ سنة 2011. وحسب توقعات المنتدى الاقتصادي السوري،  المشرف على تنمية ريادة أعمال اللاجئين السوريين، وبالعودة إلى احتساب الشركات الناشطة في القطاع غير الرسمي، من المرجح أن يتجاوز عدد هذه الشركات سقف العشرة آلاف شركة.

في مستودع كبير يقع في المنطقة الصناعية في غازي عنتاب، استأنف عامر حدري نشاطه الصناعي الذي كان يمارسه في حلب. وقد ذكر أنه يقوم "بتصنيع آلات مخصصة لصناعة وتعبئة رقائق البطاطس منذ أكثر من 20 سنة". وأضاف حدري، وهو جالس في مكتب شركته "زيرف"، حيث كانت تنتشر العديد من أكياس رقائق البطاطس بأحجام مختلفة، أنه "في السابق، كنا نصدر إلى العالم العربي، ولكن منذ استقرارنا في تركيا، حققنا طموحنا بالتصدير إلى العالم أجمع".

وحسب حدري، يُمكن أن نقرأ فوق أغلفة أكياس رقائق البطاطس الموجهة للأسواق الأوروبية عبارة "صنع في تركيا" التي تعد بمثابة "ضمان للجودة". من جهته، شدد نائب المدير التنفيذي للشركة، رامي شراك، على هذا التوجه نحو التصدير، قائلا إن "أكثر من 95 بالمائة مما ينتجه السوريون موجه للتصدير، سواء في  غازي عنتاب أو في كامل تركيا".

مزايا على الصعيد العالمي

تم تسجيل قرابة ألف و250 شركة سورية ضمن غرفة التجارة والصناعة التابعة لمدينة غازي عنتاب، الواقعة على مقربة من سوريا، حيث تنتشر العديد من المنتجات المصنعة في تركيا. وتشير غرفة التجارة والصناعة في غازي عنتاب إلى تعزيز السوريين للاقتصاد التركي. فقد ورد في تقرير لخبراء تابعين لمجموعة الأزمات الدولية في  شهر كانون الثاني/ يناير سنة  2018، أن اللاجئين السوريين قد ساهموا في ارتفاع النمو الاقتصادي التركي بنسبة 3 بالمائة سنة 2016.

 شاهين : "إتقان السوريين اللغتين، العربية والإنجليزية، يعد أمرا مهما خاصة وأنه يدعم التجارة الدولية".

في السياق ذاته، أفاد رامي شراك أن السلطات التركية، من جهتها، عمدت إلى تشجيع السوريين على بعث المشاريع، حيث أنها أتاحت لهم، في وقت ما، إمكانية فتح المحلات التجارية دون الحاجة إلى تسجيلها. من جانبه، أورد الباحث المعتمد في مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية التركية "تباف"، في أنقرة، عمر كاديكوي، أن هذا الأمر ينطبق "بشكل خاص" على "المشاريع التجارية الصغرى" على غرار "محلات البقالة".

عمد مصطفى تركمان أوغلو، أحد تركمان حلب الذين غادروا سوريا منذ خمسة سنوات، إلى إنشاء مشروع للنسيج في مدينة غازي عنتاب. في هذا الصدد، أفاد تركمان أوغلو أن "المداخيل التي يكسبها جميع التجار تكون عادة بالدولار، لأنها متأتية من الخارج". وأضاف تركمان أوغلو أن "هذا الأمر مصدر ربح لنا وأيضا للاقتصاد التركي ككل".

رحبت رئيسة بلدية غازي عنتاب فاطمة شاهين، بهذه الشراكة بين رجال الأعمال الأتراك والسوريين. وفي السياق ذاته، صرحت شاهين أن "إتقان السوريين اللغتين، العربية والإنجليزية، يعد أمرا مهما خاصة وأنه يدعم التجارة الدولية".

فاطمة شاهين رئيسة بلدية غازي عنتاب (أ ف ب)

قواعد معلقة

في حين توجهت بعض الشركات إلى التصدير، اختار بعض المستثمرين التوجه إلى السوق المحلية. خلال سنة 2016، افتتحت المهندسة القادمة من مدينة حماة، دانيا عبد الباقي، رياض أطفال، تستقبل فيها أطفالا من مختلف الجنسيات تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات. وفي حديثها عن مشروعها، أوضحت دانيا "كانت هناك حاجة ملحة إلى رياض أطفال في هذا الحي التجاري"، لتصبح بذلك النساء العاملات "قريبات من أبنائهن وقادرات على الذهاب لزيارتهم أو إرضاعهم خلال فترة الاستراحة".

قبل بعث مشروعها، شاركت السيدة عبد الباقي في دورات تكوينية في التسيير بفضل المنظمات غير الحكومية في غازي عنتاب، بينما جمع زوجها بعض الأموال من الأقارب لتمويله.

على الصعيد النظري، يشترط القانون التركي على مؤسس المشروع أو الشريك الأجنبي للمؤسس توظيف خمسة أتراك مقابل الحصول على رخصة عمل. وفي هذا الصدد، أشار الباحث عمر كادكوي إلى أنه "لا يوجد أي قانون يستثني السوريين من هذه القاعدة، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن هذه القاعدة لا تشملهم".

في سياق متصل، أفاد السيد توركمان أوغلو، الذي يوظف قرابة 40 سوريا في ورشته وخمسة آخرين في المحل، أن الأتراك يطالبون بأجور مرتفعة ولديهم امتيازات كثيرة بشأن التأمينات. وحسب السيد كادكوي، السوري الأصل، فإنه رغم تسليم رخص عمل للاجئين السوريين منذ سنة 2016، إلا أن قرابة واحد بالمائة فقط منهم تمتعوا بهذه الرخص، في حين أن قرابة الثلثين في سن العمل.

وأضاف السيد كادكوي، أن العديد من السوريين يعملون دون رخص بسبب الصعوبات الإدارية، كما يخشى اللاجئون فقدان المساعدات الاجتماعية إذا انخرطوا رسميا في سوق العمل. وحيال هذا الشأن، حذر كادكوي قائلاً "صحيح أنهم سيفقدون هذه المساعدات، إلا أنها لن تستمر إلى الأبد. وكلما سارعوا في الحصول على وظيفة رسمية، كان ذلك أفضل لهم لضمان حصولهم على دخل دائم".

رابط المقال: هنا