icon
التغطية الحية

خاص.. "السايح" يوضّح تفاصيل محاكمته بجرم تحقير "أردوغان"

2018.08.28 | 17:08 دمشق

الطبيب (محمود السايح)
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

صدر عن محكمة مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، خلال شهر آب الجاري، حكماً بالسجنِ مع غرامة مالية بحق الطبيب (محمود السايح)، في قضية أثارت الجدل مِن حيث الجُرم - تحقير رئيس دولة أجنبية -، والحُكم الصادر وفق قانون العقوبات المعمول به عند "نظام الأسد".

الطبيب (محمود السايح) أوضح في تصريح خاص لـ تلفزيون سوريا، تفاصيل محاكمته في مدينة الباب التي ينحدر منها، بتهمة تحقير الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تسرّب قرار الحكم فيها يوم وقفة عيد الأضحى المبارك (20 مِن شهر آب الجاري).

وأكّد "السايح" صحة  الدعوى وقرار الحُكم الصادر بحقه، والذي يقضي بالحكم عليه مدة ستة أشهر - خُفّفت إلى ثلاثة أشهر - وغرامة مالية قدرها "خمسة آلاف ليرة تركية" على سبيل التعويض للرئيس التركي (طيب رجب أردوغان) عن طريق وزارتي العدل والخارجية التركية أصولاً، فضلاً عن تضمينه الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة، طبقاً لما جاء في القرار.

قرار الحكم الصادر مِن محكمة الباب بحق الطبيب (محمود السايح)

والحكُم الصادر وفق الدعوى التي أقامها المدّعي قائد القوات التركية في مدينة الباب (خالد كولتان) - حسب "السايح" -، جاء على خلفية منشورات وتغريدات لـ"السايح" على معرّفاته في "فيس بوك" و"تويتر" تنتقد الرئيس التركي "أردوغان" وتصريحاته بما يخص الشمال السوري، والتي رأى فيها أنها تحمل وعوداً "خلبية" لـ سكّان ونازحي تلك المناطق.

ولفت الطبيب "السايح"، أن المدّعي - قائد القوات التركية في الباب (خالد كولتان) - مُدرج في الإضبارة وأن قاضي محكمة "صلح الجزاء" في الباب (أحمد الشبلي)، قَبِل إدّعاء "كولتان" بصفته ممثلاً للرئيس التركي "أردوغان" رغم عدم وجود توكيل قانوني مِن الأخير، الذي يُحاكم "السايح" بتهمة تحقيره، مضيفاً أن "الشبلي" أعفى "كولتان" مِن دفع سلفة الإدعاء الشخصي، في خطوة تدل على انحياز القاضي للمدّعي وتجعل منه خصماً لا حكَماً، على حدِّ تعبيره.

وروى "السايح" تفاصيل المحاكمة قائلاً، إنّ القاضي "أحمد الشبلي" هو السبب الرئيس في إثارة قضيته ورفع دعوى ضده بتهمة تحقير الرئيس التركي، وأنّه أدار أربع جلسات مِن أصل ست، وهو مَن استجوبه في أول جلسة بمحكمة "بداية الجزاء"، قبل أن يتفاجأ بتنازل "الشبلي" عن الدعوى للقاضي "أحمد النعيمي" الذي تضمّنت جلساته نداء على المدّعي وتسجيل عدم حضوره، قبل أن يسطّر الحكم الصادر بحقه مؤخّراً.

وتابع "السايح": أن القاضي "أحمد الشبلي" هو مَن أدار جلسات الاستجواب وصاغ الحكم، وهو مَن مرّر استئناف المدّعي التركي بعد قرار إخلاء سبيل "السايح" بكفالة مالية تقدّر بألف ليرة تركية، منوّهاً أنه وخلال سير الدعوى، وقبل عيد الفطر بثلاثة أيام تمت دعوته إلى المحكمة أكثر من مرة، وكان في كل مرة يحضر فيها الجلسة لا يجد المدّعي التركي (خالد كولتان)، إنما يجد ورقة مسطّرة تفيد بإدّعاء "كولتان" بصفته قائداً للقوات التركية وممثلاً للرئيس "أردوغان" في ريف حلب.

واستغرق سير الدعوى الكثير مِن الوقت حسب "السايح" الذي تفاجاً - وفق قوله - بالحكم عليه دون أن يحضر الجلسة التي لم يتلقَّ أي دعوة لـ حضورها، رغم وجوده في مدينة الباب وعنوان منزله وعيادته فيها معروفان، موضحاً أنه عَرِف بالحكم عن طريق مراجعته للمحكمة، وعن طريق شرطي طلب منه ضرورة الاستئناف خلال عشرة أيام كـ حد أقصى.

والقاضي "أحمد الشبلي" - حسب الطبيب "السايح" -، تابع لـ فصيل "فرقة الحمزة" في الجيش السوري الحر، الذي اعتقله أواخر شهر تموز الماضي، تعرّض خلال فترة الاعتقال لـ "أذى جسدي جسيم" قال "السايح" إنه موضّح بالتقارير الطبية، قبل أن تفرج عنه، أواخر شهر حزيران الماضي، بعد اتهامها إياه بالتعامل مع تنظيم "جند الأقصى" في إدلب، دون أن تثبت ذلك.

وحاول موقع تلفزيون سوريا التواصل مع القاضي "أحمد الشبلي"، إلّا أنه اعتذر عن الإدلاء بأي تصريحات حول قضية "السايح" قائلاً بأنه لا يمكنه التصريح حول قرار صادر عن محكمةٍ غير محكمته، محيلاً الأمر إلى قاضي المحكمة التي أصدرت الحكم أو النائب العام، اللذين لم يتمكّن تلفزيون سوريا مِن الوصول لهما حتى اللحظة.

 


"السايح" يطلب التبرّع مِن أجل التعويض لـ"أردوغان"

ظهر الطبيب (محمود السايح) في تسجيلٍ مصوّر، معلّقاً على التهم المنسوبة إليه، والقرار الصادر بحقه مِن محكمة الباب، مبيَناً بالأدلة بطلان قرار تجريمه شكلاً ومضمونا، قائلاً "لست بصدد صحة الحكم أو عدم صحته بل إنني مهتم أساساً بإلغاء أي قانون يعيق الحريات العامة (حرية الرأي، حرية التفكير، حرية التعبير)، ومهتم أيضاً بإلغاء أي قانون يصادر الأقلام الحرة، ويحوّل الزعماء والقادة والأمراء إلى آلهة تُعبد من دون الله، والذي يكرس الدكتاتورية ويعيدها مرة أخرى".

وأضاف "السايح"، أنه مما جاء في قرار الحكم الصادر عن القاضي "أنني متهم بتحقير رئيس دولة أجنبية (أردوغان) والذي وصفه القاضي برئيس الأمة الإسلامية والتركية العظيمة، على الرغم من مخالفة هذا التوصبف للمبادئ الدستورية في تركيا، والتي تنص على علمانية الدولة، كما ورد في تصريحات "أردوغان" أكثر مِن مرة.

وخلال المقطّع المصوّر دعا "السايح"، "الأحرار الذين يؤمنون بالحرية ويقدّرون قيمتها، بدعم حملة التبّرع بـ ليرة تركية واحدة، حتى يتمكّن مِن جمع مبلغ الغرامة المالية المفروض عليه وهو (خمسة آلاف ليرة تركية) مِن أجل تقديمه كـ تعويض لـ الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) الذي وصفه بـ"رئيس الأمة الإسلامية والتركية" طبقاً لمِا ورد في نص قرار الحٌكم -.

وفي سؤاله عن تلك الحملة قال "السايح"، إن غايتها "حث الأحرار على رفض القانون الذي يستهين بالحريات الشخصية"، مؤكّداً أنه يكن للرئيس التركي "أردوغان" كل التقدير، ولكنه يدعو في الوقتِ عينه إلى فضح المفسدين ومحاربة الفساد في المؤسسة القضائية بمنطقة النفوذ التركي، معتبراً أن هذا الفساد "هو مِن صنع بقايا المنظومة الأسدية واستمراره، يهدّد المشروع الثوري".

الطبيب (محمود السايح) من مواليد مدينة الباب 1970، درس الطب وجراحة العظام في جامعة حلب، واعتقلته أجهزة الأمن التابعة لـ"نظام الأسد" أكثر مِن مرة بتهم تتعلق بانتقاد "بشار الأسد" ونظامه، إضافةً لـ قضايا تتعلق بمشاركته في "نصرة العراق عام 2003"، وخرج مِن معتقل "أمن الدولة" أواخر عام 2009، لـ يكون فيما بعد مِن الدعاة والمشاركين الأوائل في الثورة السورية التي اندلعت منتصف شهر آذار عام 2011.

وعمِل "السايح" في معظم المشافي الميداينة خلال الثورة السورية المستمرة وتنقّل في محافظات سوريّة عدّة، قبل أن يستقر في مدينة إدلب التي شهدت قصفاً روسيّاً طال منزله في المدينة، وأسفر عن مقتل 14 شخصاً مِن أفراد عائلته (بينهم زوجته وأطفاله السبعة)، كما سبق وعمِل في تصنيع الذخائر والأسلحة محلية الصنع.

"السايح" قرب منزله المدّمر في إدلب بغارة روسية أودت بحياة أطفاله السبعة

وأثارت محاكمة الطبيب (محمود السايح)، حالة استياء سادت في مدينة الباب وعموم ريف حلب، نتيجة الحكم على طبيب سوري في محكمة بمدينته، لمجرّد انتقاده رئيس دولة أجنبية (ربما يتسامح به قانون رئيس تلك الدولة ذاتها)، فيما اعتبر حقوقيون سوريون، أن قرار الحكم بحق "السايح"، قرار مشوب بالبطلان - على الأقل - لـ مخالفته مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

يشار إلى أن معظم المحاكم في منطقة النفوذ التركي (شمال وشرق حلب)، تعمل وفق القانون السوري بما لا يُخالف أحكام الدستوري السوري للعام 1950، ورغم إثارة الجدل حول ذلك إلّا أن القضاة والمحامين في المنطقة برّروا العمل بالقانون بأنه الأفضل في حال تنقيحه مِن المواد التي وضعها "نظام الأسد" وتضر بالحريات العامة، والقرار الصادر بحق "السايح"، استند إلى قانون العقوبات العام المعمول به عند "النظام"، ويٌستدل بذلك مِن نص القرار الذي اعتمد على إحدى مواد القانون (المادة 282).