icon
التغطية الحية

جرحى الغوطة في الشمال يناشدون "أردوغان" الوفاء بوعده

2018.09.19 | 17:09 دمشق

مصاب مِن مدينة دوما في مخيمات الشمال السوري (تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - سعيد غزّول
+A
حجم الخط
-A

كان مهجّرو مدينة دوما آخر المغادرين مِن الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري، بعد اتفاق "التهجير" الذي فرضته روسيا دعماً لـ"نظام الأسد"، ولكن سبقهم في الخروج قوافل الجرحى الذين وعد الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) باستقبالهم في بلاده وتقديم العلاج لهم في مشافيها.

وجاءت وعود "أردوغان" باستقبال جرحى الغوطة الشرقية في تركيا، تزامناً مع الحملة العسكرية "الشرسة" التي شنّها "نظام الأسد" والميليشيات المساندة له - بدعم روسي - على مدينة دوما، أواخر شهر شباط الماضي، وذلك بعد إتمام تهجير مدن وبلدات الغوطة شرق دمشق، باتفاق مع جميع الفصائل في المنطقة، ونقلهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريفي حلب وإدلب.

وقال الرئيس التركي"أردوغان"، يوم الـ 24 مِن شهر شباط الماضي، استعداد بلاده لـ استقبال جرحى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، مضيفاً "نريد علاج جرحى أهالي الغوطة الشرقية في مستشفيات تركيا"، حسب ما ذكرت وكالة "الأناضول" التركية.

في مطلع شهر نيسان الماضي، خرجت قافلتان ضمّتا (2325 مدنياً بينهم (814 طفلاً، و 605 نساء) بينهم نحو 400 جريح، ضمن اتفاق إجلاء "الحالات الإنسانية" الذي جرى بين "جيش الإسلام" (الذي كان يسيطر على مدينة دوما) وبين روسيا، قبل أن يصعّد "النظام" فيما بعد على دوما ويستخدم للمرة الثانية "السلاح الكيماوي"، لـ ينتهي الأمر بتهجير سكّان دوما ومقاتليها إلى الشمال، بعد مقتل نحو 150 شخصاً وإصابة أكثر مِن ألف بحالات "اختناق".


جرحى الغوطة.. تهجير ومعاناة وانتظار

مرَّ على وصول قافلتي التهجير مِن مدينة دوما إلى ريف حلب نحو خمسة أشهر، وتوزّع المهجّرون بين مدن الباب (التي تضم العدد الأكبر مِن مهجّري دوما) واعزاز وعفرين، وما تزال معاناة الجرحى مستمرة يروي ألمها الناشط الإعلامي "أبو أحمد الأبجر" (أحد المصابين أيضاً، خرج مع القافلة الثانية)، وينقل مناشدة الجرحى لـ الرئيس التركي "أرودغان" مِن أجل الوفاء بوعده.

وقال "الأبجر" في حديث خاص لـ موقع تلفزيون سوريا، إنهم وقبل الخروج مِن مدينة دوما بنحو شهر تقريباً، وعدَ "أردوغان" باستقبال جرحى الغوطة (منهم جرحى دوما) في تركيا وعلاجهم في مشافيها، وبناء على ذلك سجّل الجرحى الراغبون في الخروج إلى تركيا، أسماءهم لدى "الهلال الأحمر السوري".

مصاب مِن مدينة دوما يتلقى العلاج في مخيمات الشمال السوري (تلفزيون سوريا)

وأضاف "الأبجر"، أنه وخلال مقابلته لـ"الهلال الأحمر" أكّدوا له ولـ جميع جرحى الغوطة الشرقية - بما فيهم جرحى دوما، وذلك قبل الاتفاق على خروجهم -، بأن جميع الأسماء ستُرفع لـ(الهلال الأحمر التركي) وسيختار منهم نحو 600 جريح إصابتهم خطيرة، وسيخرجون مِن الغوطة إلى تركيا بشكل مباشر لـ تلقي العلاج والرعاية الصحية في مشافيها.

ويبلغ عدد جرحى الغوطة الشرقية - حسب "الأبجر" -، أكثر مِن 1200 جريح بينهم إصابات خطيرة ومتوسطة وخفيفة، وكثيرون منهم بُترت بعض أطرافهم وغيرهم أصيبوا بـ"الشلل" (بينهم الأبجر الذي أصيب بـ شلل نصفي دائم)، وتوزّع جرحى الغوطة بين ريفي حلب وإدلب، ولم يتم إدخال أي جريح منهم - حتى اللحظة - إلى تركيا لـ تلقي العلاج هناك.

ولفت "الأبجر"، أن ملف جرحى الغوطة (على وجه خصوص جرحى مدينة دوما في ريف حلب)، غُرض على المسؤولين الأتراك في المنطقة والتقى بهم بعض ممثلي الجرحى وقالوا لهم، إن الرئيس التركي "أردوغان" وعدَ بمعالجتهم في تركيا، مناشدين "أردوغان" الوفاء بوعده وإدخالهم إلى مشافي بلاده لتلقي العلاج والرعاية التي لا توفرها إمكانيات منطقة ريف حلب التي يقيمون في مخيماتها.

وبعد أشهر مِن متابعة ملف جرحى الغوطة أرسل المسؤول التركي في ريف حلب لجنة طبية لـ فحص الجرحى، وثّق "الأبجر" أسماء نحو 90 جريحاً منهم معظمهم مقيمون في مجمع سكني بمدينة الباب والباقي في مدينتي اعزاز وعفرين، إلّا أن المسؤول قال إنه لا أحد منهم يحتاج الإحالة للعلاج في مشافي تركيا، متجاهلاً وعد الرئيس التركي بإدخال جميع جرحى الغوطة وعلاجهم ورعايتهم في المشافي التركية.

بعض الأسماء الموثّقة مِن جرحى دوما (تلفزيون سوريا)

جرحى الغوطة.. وضع مأساوي ومناشدة 

تشهد معظم مخيمات الشمال السوري وخاصة تلك الواقعة على الحدود السورية - التركية، أوضاعاً إنسانية صعبة تزداد مع تساقط الأمطار، واشتداد الرياح التي تقتلع أحياناً بعض الخيام  وتتلف أخرى، في ظل عدم توفر وسائل التدفئة والمقومات الأساسية للحياة، وتكون أصعب بكثير على المهجّرين الجرحى الذين تحتاج إصابتهم - عدا عن العلاج السريع والأدوية - إلى رعاية طبية خاصة.

ويعيش جرحى الغوطة الشرقية حالةً مأساوية كبيرة - حسب "الأبجر" - الذي لفت إلى أن بعضهم بّترت أطرافهم وبعضهم مصاب بـ"شلل نصفي" وآخرون بـ"شلل دماغي"، يحتاجون إلى عمليات جراحية لا يمكن إجراؤها إطلاقاً في منطقة الشمال السوري، مشدّداً على ضرورة تأمين الرعاية الصحية والطبية لهم حتى بعد إجراء العمليات.

وتحدّث أحد الجرحى (أبو راتب حنش) لـ موقع تلفزيون سوريا، عن إصابته البليغة التي تعرّض لها خلال قصف "عنقودي" على دوما، أفقده إحدى رجليه ويديه مع فقدان عينه اليمنى، لافتاً إلى أن وضعه الصحي سيء للغاية خاصة أن عينه اليسرى مهدّدة بـ"العمى" أيضاً وأنه لم يتلق العلاج الجيد في الشمال لـ ضعف الإمكانيات الطبية هناك، مناشداً الحكومة التركية بتسريع عملية إدخاله إلى أراضيها لـ تلقي العلاج هناك.

ونقل "الأبجر" مناشدة جميع جرحى دوما (الذين يقيم القسم الأكبر منهم ضمن مجمّع سكني في مدينة الباب)، للرئيس "أردوغان" الوفاء بوعده وإدخال الجرحى إلى تركيا، بعد معاناتهم خلال خمس سنوات مِن الحصار الشديد على الغوطة في ظل نقص الغذاء وانعدام الدواء بشكل شبه كامل، عقب تدمير روسيا والنظام لمعظم المشافي والنقاط الطبية في المنطقة.

ويواجه مهجّرو الغوطة (الجرحى بشكل خاص) أوضاعاً إنسانيةً ومعيشيةً صعبة بعد وصولهم إلى مناطق سيطرة الفصائل العسكرية في ريف حلب ومحافظة إدلب أيضاً، بسبب الضغط الكبير على المؤسسات الإغاثية والإنسانية التي لم تتمكن مِن توفير الاحتياجات الضرورية لهم.

يشار إلى أنَّ الغوطة الشرقية تعرضت لـ حملة عسكرية "شرسة" نفذتها روسيا والنظام، أسفرت عن اتفاقات تهجير كامل الغوطة إلى الشمال السوري، فيما بقيت مدينة دوما محاصرة بمفردها لمدة شهر تقريباً، قبل أن يتوصل النظام إلى اتفاق مع "جيش الإسلام" الذي يسيطر على المدينة، إلى اتفاق "تهجير" مماثل، بعد ارتكابه مجزرة "كيماوية" أودت بحياة العشرات وإصابة المئات بحالات "اختناق".