icon
التغطية الحية

تغييرات في قوانين اللجوء الهولندية.. كيف أثرت على السوريين؟

2018.08.19 | 13:08 دمشق

هولندا- زياد الحلبي -تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

انخفضت هجرة السوريين إلى هولندا في عام 2018 بشكل ملحوظ، مقارنة بالأعوام الماضية ما بين 2014 حتى 2017، الفترة التي شهدت فيه هولندا أكبر موجة من اللاجئين والمهاجرين، ممن دخلوا بطرق شرعية وغير شرعية.

في بداية عام 2018، ورغم اشتداد المعارك في سوريا، وزيادة عدد المهجرين منها، قامت الحكومة الهولندية بتطبيق حزمة من القرارات المشددة على الوافدين الجدد من الجنسية السورية.
 

بصمة اليونان

بدأت هولندا بتفعيل العمل ببصمة اليونان، وذلك مطلع العام الجاري، بالنسبة للاجئين السوريين، بعدما كانت تقدم التسهيلات لمن لديه بصمة بأي بلد أوروبي بشكل عام، وتتغاضى عن بصمة اليونان بشكل خاص.

ورغم الكتمان الشديد في سياسة اللجوء، وعدم التصريح بشكل مباشر بكل شيء حول قضايا اللاجئين السوريين، إلا أن الإجراءات الجديدة باتت واضحة أمام حقوقيين هولنديين.

رحلة اللجوء في هولندا تبدأ عندما يسلم طالب اللجوء لنفسه في إحدى المطارات الهولندية أو أي مركز من مراكز الشرطة، حيث يتم نقل المتقدم للطلب لأكبر مركز لجوء في هولندا "تير آبل"، حيث يتم أخذ بصمات المتقدم، ويُجرى فحص لبصماته فيما إذا كانت موجودة على نظام "دبلن". لتكون النتيجة على الشكل الآتي:

الاحتمال الأول: الرفض المباشر لطالب اللجوء السوري، ممن حصل على كرت الإقامة ووثيقة السفر اليونانية ذات الخمس سنوات. كاوا سيدو شاب سوري من مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب، وصل مطار أمستردام الهولندي في نيسان الماضي، بطائرة من العاصمة أثينا، بعد حصوله على الإقامة ووثيقة السفر اليونانية.

يقول سيدو لموقع تلفزيون سوريا بعد وصولي إلى هولندا، ذهبت إلى أقاربي، وبقيت عندهم لعدة أيام، ثم قمت بتمزيق كرت الإقامة ووثيقة السفر اليونانية. ويتابع: "بعدها ذهبت لتقديم طلب اللجوء في المركز الرئيسي لاستقبال الطلبات في هولندا مركز (تير آبل) أجروا التحقيق الأولي معي، وتم سؤالي عما إذا كنت أملك "بصمات" أو " إقامة" في إحدى دول الاتحاد الأوربي فأجبت بـ لا."

بعد ذلك أخذت "مصلحة الهجرة والتجنيس" (IND) بصمات سيدو، للتأكد فيما إذا قد طلبت اللجوء في أي بلد من الاتحاد الأوربي، ومن ثم نُقل مركز الانتظار في الجنوب إلى مركز "بودل "، يقول سيدو "وصلني القرار بعد أربعة أسابيع من الانتظار، وكانت نتيجته الرفض، بسبب اكتشاف أنني لاجئ في اليونان وامتلك وثيقة سفر وإقامة من الحكومة اليونانية، وأمامي الآن خياران؛ الترحيل أو الطعن في قرار الرفض.

الاحتمال الثاني: الرفض المباشر، ممن لديه " فقط" بصمة دون حصوله على الإقامة في إحدى دول الاتحاد الأوربي الأخرى (فرنسا، ألمانيا، النمسا، اسبانيا، إيطاليا، بلجيكا، كرواتيا، سلوفينيا، المجر، مقدونيا).

الاحتمال الثالث: هو الانتظار لمدة تتراوح بين 3 حتى 9 شهور، ممن لديه "بصمة لجوء فقط " في اليونان دون حصوله على كرت الإقامة ووثيقة السفر، وغالباً ما ينتهي الانتظار بالموافقة على منحه حق الاقامة لمدة خمس سنوات وكافة حقوقه الأخرى.

جمال الشيخ عبد الله رجل سوري من ريف إدلب يبلغ من العمر 50 عام، بدأ حديثه لموقع تلفزيون سوريا قائلاً: " تعبت من الانتظار.. ليس لأجلي بل لأجلي أولادي أتيت إلى هنا، ألا يكفي الانتظار لشهور في اليونان.

يضيف جمال: أصابتني الصدمة عندما استلمت قراري "الانتظار" لمدة تتراوح بين شهر حتى ستة شهور، والسبب أنه لدي "بصمة" في إحدى الجزر اليونانية، وتريد مصلحة الهجرة والتجنيس" IND" التأكد من عدم حصولي على الإقامة ووثيقة السفر في اليونان.

ويتابع: "رحلة امتدت لشهور وضعت فيها كل ما أملك حتى وصل المبلغ الذي دفعته للوصول إلى هولندا 15 ألف يورو، ثروة بحد ذاتها، قمت بدفعها لأجل أولادي فقط كي يعيشوا حياة أفضل، سأنتظر انتهاء المدة لا أملك خيار آخر."

الاحتمال الرابع: هو التساهل مع بعض الحالات، ممن لديه بصمة لجوء في الجزر اليونانية المقابلة لتركيا، لعلم الحكومة الهولندية البصمة تكون إجبارية فيها.
 

مصير مجهول للعاملين في مخابرات نظام الأسد

بعد عملية التحقق من حاملي البصمات أو الإقامات بالنسبة لطالبي اللجوء السوريين، يتم التحقيق عن كيفية الوصول إلى هولندا وعن المبالغ المدفوعة والشخصيات التي ساعدت في إيصال المتقدم وعن أسباب اللجوء.

ويوضع المتقدم بطلب اللجوء في مركز للانتظار فترة قصيرة، يُجرى بحث شامل عن الشخص وعمله، فيما إذا كان قد ارتكب جرائم حرب في سوريا، أو كان بإحدى التنظيمات المتشددة.

التدقيق الأمني وصل إلى حد تصدر لائحة أولويات البحث، حيث بدأت الحكومة الهولندية منذ العام الماضي، البحث بشكل معمق حول الشخص المتقدم وخلفيته فيما إذا كان يعمل في مخابرات النظام أو متورط بحمل السلاح بجانبه ضد السوريين، وذلك عبر البحث في جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى فحص أمني بطرق وأساليب خاصة بالحرس الملكي الهولندي وشرطة الأجانب.

من يثبت تورطه في الخدمة بأحد أفرع المخابرات، يتم تحويله لمحكمة العدل الدولية في "لاهاي" بشكل مباشر، وإجراء التحقيقات معه وتقرير مصيره.

المحامي تامر حسيب قال لموقع تلفزيون سوريا إن الحكومة الهولندية قامت بالتدقيق على السوريين الواصلين إلى هولندا في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، وبالخصوص عن علاقتهم بقوات النظام. وتابع " بالتأكيد هناك غموض شديد وكتمان وعدم تصريح من الحكومة الهولندية في هذا الأمر، لكن في حال ثبت من خلال التحريات أن الشخص له صلة قديما أو حديثا او منشق من المخابرات، يتم إعطائه انتظار مدة تسعة أشهر، وتحويله لمحكمة العدل الدولية في "لاهاي" لاستكمال إجراءاته.

 

ووفقاً "حسب" يخضع الشخص لعدة تحقيقات أمام محققين أصحاب خبرة ضخمة في مجال التحقيق وعددهم ثلاثة، يمارس على المتهم ضغط نفسي قاسي من خلال ساعات التحقيق الطويلة وطرح أسئلة عليه من بداية ولادته حتى مغادرة البلاد، حتى يعترف بكل ما يخفيه، في حال ثبت تورطه بسفك دم تتولى المحكمة إصدار قرار بحقه برفض طلبه وطرده خارج هولندا.

ويضيف حسيب إن الأمور اختلفت عن الماضي، حيث كان الواصلين الجدد يحصلون على الإقامة بعد عشرة شهور من تقديم طلب اللجوء، بغض النظر عما كان يعمل في سوريا سواء كان منشق جيش أو منشق من أحد الأفرع الأمنية، لكن الآن الإجراءات تغيرت بشكل شامل مع السنتين الأخيرتين بالنسبة للعسكريين ومن يثبت عملهم في أجهزة الاستخبارات حديثاً أو قديماً.

 

حاملي الإقامات في دول الخليج وتركيا

تتغاضى الحكومة الهولندية عن حاملي الإقامات في إحدى دول الخليج وتركيا، كونها دول ليست ضمن الاتحاد الأوربي، و تكتفي فقط بإجراء تحقيق عن الإقامات والأختام وتواريخ الحصول عليها والدخول والخروج وفترة الإقامة في كل مكان، دون التسبب بأي عوائق بالانتظار أو الرفض أو اعتبار الشخص المتقدم بطلب لجوء قادم من دول آمنة.

محمد النايف شاب سوري من ريف حمص الشمالي يبلغ من العمر 33 عام، وصل إلى هولندا مطلع العام الحالي، وحصل على الإقامة ووثيقة السفر الهولندية بعد شهر ونصف من وصوله، رغم امتلاكه إقامة في السعودية منذ سنين.

يقول "النايف" وصلت هولندا مطلع 2018، قدمت طلب لجوء في مركز "تير آبل"، تم سؤالي في جميع التحقيقات التي أجريت معي عن الإقامة السعودية وعن كافة التفاصيل بخصوصها، حصلت على الإقامة بعد شهر ونصف من تقديم طلب اللجوء، على عكس الوقت الطبيعي والمقدر ثلاثة شهور، الآن انتظر منزلي في مركز اللجوء الدائم، ربما يكون في الأيام القليلة القادمة.
 

اللجوء السياسي والإنساني

عند الانتهاء من عمليتي التحقيق، يتم إصدار قرار بنوع الإقامة التي ستعطى لطالب اللجوء السوري، وقامت الحكومة الهولندية باختصار 6 أنواع من الإقامات، كانت تمنح فيما مضى لطالبي اللجوء العراقيين، إلى نوعين فقط لطالب اللجوء السوريين.

الإقامة من النوع (A): وهي إقامة لجوء سياسي، تمنح للمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية في قوات النظام، أو من يثبت بدلائل ملاحقته من قبل أطراف أخرى ويوجد تهديد حقيقي على حياته. وتصل مدتها لـ 5 سنوات، يمكنه التقدم على الجنسية الهولندية عند انتهاء المدة.

هذه الإقامة غير مشروطة بالعودة إلى سوريا، طالما نظام حكم "الأسد" قائم، أو الأطراف الأخرى التي تشكل خطر على حياة طالب اللجوء.

الإقامة من النوع (B): وهي إقامة لجوء إنساني، تمنح للنساء، ومن يثبت أنه "وحيد" في عائلته، ويكون معفى من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، أو من يفتقر لسبب حقيقي يشكل خطر على حياته. ويعطى طالب اللجوء حق الإقامة في هولندا 5 سنوات، يمكنه الحصول على الجنسية الهولندية عند انتهاء المدة. لكنها إقامة مشروطة بالعودة إلى سوريا في حال تحسن الوضع العام في البلاد، أي غير مرتبطة بتغير نظام الحكم.