تسريح الدورة 102 .. هل انتصر الأسد؟

2018.05.30 | 00:05 دمشق

+A
حجم الخط
-A

عندما يتسلم أحد جنود الأسد المتبقين من الدورة (102 صف ضباط) قرار تسريحه الموعود في الأول من شهر حزيران القادم يكون قد أمضى ثماني سنوات وشهراً واحداً في الخدمة العسكرية الإلزامية، أي قرابة الثلاثة آلاف يوماً بدأت قبل الثورة السورية بعام.

يغادر إذاً هذا المُسرّح ثكنته كأحد الناجين المتبقين من الدورة العسكرية الأطول على الإطلاق في هذا الجيش منذ تأسيسه، ليس خبراً عادياً وقد يكون الأبرز الآن في الداخل السوري لأنه يحمل في طياته الكثير إذ أنه الخبر الذي طال انتظاره هناك وصدر "وهمياً" مرات كثيرة حملت كلُّ واحدة منها مزيداً من الإحباط لمن تبقى في الدورة، لكنَّ الأمر لا يقتصر فقط على إنهاء التزام هؤلاء الشبان أو بقاياهم بالحياة العسكرية وعودتهم إلى حياتهم المدينة بل يضعهم أيضا في مواجهة مجتمعهم المتغير، المنقسم، المتشظي، المطحون والذي كانوا هم -أي جنود الأسد- أحد الأسباب الرئيسة في ذلك، فقد يخرج أحدهم للحياة "الجديدة" لا يجد فيها بيته أو قريته أو حتى أهله وعليهم جميعا مواجهة ذلك بعد أن أفنوا زهرة شبابهم في فعل كل ذلك، قتلا وتدميرا وتهجيرا وتعفيشا.

تناسى بشار الأسد كقائد للجيش والقوات المسلحة قرار تسريح هؤلاء ليكونوا من حملة الرسالة التي كان يحلم أن يبعثها طوال سنوات الثورة التي كان يدير آلة قمعها بأشرس ما عرفه البشر من قوة وبطش وإجرام، رسالة للكل في الداخل والخارج مفادها أنه الآن انتصر وأصبح غنياً عن خدمات الفائض من عساكره، الاحتياطي؛ نعم أجّل الأسد ذلك وكانت هذه الدورة وكل بقايا الجيش، منسيين كآخر الاهتمامات إذ كانت كل أفعاله ونظامه تشي بأن عسكر التجنيد الإجباري من السوريين ليسوا سوى وقود للمعركة ولا أهمية لمصائرهم لا إن قتلوا أو فقدوا أو أسروا أو جرحوا ، وكان كل المقاتلين الأجانب (اللبنانيين، الإيرانيين، الروس وغيرهم) أفضل وأكثر أهمية وأولوية في كل صفقات التبادل.

 قرار تسريح هذه الدورة تحديدا ليس له أي أثر عسكري، فبعد ثمانية أعوام لم يبقَ من أولئك الجنود فعالون في الميدان إلا نسبة ضئيلة، لكنه قرار يصرف معنويا عند العساكر في كل هذا الجيش الذين كان يحسبون أن لا منجى، ويصرف أيضا كإشارة بأن القتال انتهى أو أوشك على ذلك، وحان الآن وقت الاستراحة؛ في القرار أيضا مؤشر ورسالة للمرتزقة وللمدافعين عن المراقد والباحثين عن طريق القدس بأن أدوارهم انتهت، قالها الرئيس الروسي صراحة " بأن على كل القوات غير السورية الرحيل عن البلاد"، وها هو بشار الأسد يقولها مواربة من خلال تسريح دورة  في جيشه لا يتعدى من بقي من عددها المئات في أحسن الأحوال.

 لن يجرؤ بشار الأسد على التصريح بأن كل من استجلب سابقا للدفاع عنه، قد أصبح اليوم عبئاً فلم يعد لديه ما يبرر وجود هذا الكم من المرتزقة، ولم يعد لديه أيضا ما يمكن أن يقدم في هذا السبيل فلا قواعد جديدة متاحة ولا ثروات ولا أرزاق لسرقتها، فتكفل بوتين برسم خريطة القادم وبدأها بطلب الرحيل، لترد إيران وهي العالمة أنها المقصودة بأنها لن تغادر سوريا فيأتيها اليوم قرار البدء بتسريح عناصر من جيش الأسد النظامي وكأنه يقول "ما الحاجة لوجودكم".

الأهم في رسالة التسريح أن الأسد زَامن قراره هذا مع إرسال الأسماء التي طلبتها روسيا للمشاركة فيما سمتها (اللجنة الدستورية) وهذا التزامن يعني أن المرحلة القادمة ستكون بالمطلق برعاية ورؤية روسية وعمادها الجنوح للسياسية والمفاوضات والحوارات على غرار سوتشي وما تفيض به القريحة الروسية من مؤتمرات.