تسابُق روسيا وإيران من أجل السلطة في سوريا

2018.07.05 | 18:07 دمشق

+A
حجم الخط
-A

يتصاعد التوتُر في سوريا بين الميليشيات الموالية لروسيا وتلك الموالية لإيران، وسط علامات على أن موسكو وطهران تتسابقان من أجل تجنيد العشائر المحلية، في الشهر الماضي أطلق أفراد من عشيرة الجمال اللبنانية الصغيرة الموالية لحزب الله الرصاص على مقاتل من عشيرة الجعفري الموالية لروسيا على الجانب السوري من حدودها مع لبنان مما أسفر عن اشتباكات دموية بين القبائل، وبينما يبدو الأمر وكأنه ثأر تقليدي في وادي البقاع، إلا أنه يعكس شقاقا مُتنامِياً بين روسيا وإيران، ففي الوقت الذي تحاول فيه موسكو تجنيد العشائر وإنشاء ميليشيات لبنانية –سورية؛ يحاول حزب الله إظهار نفسه على أنه من يملك اليد الطولي فعلياً في البقاع، حيث تحافظ العشائر على الأعراف القبلية.

فمنذ تأسيسه عام 1982؛ تنصّل حزب الله من العشائر الشيعية اللبنانية الكبرى في البقاع كعشائر آل جعفر (الجعافرة) وآل زعيتر وآل المصري وآل دندش وآل شمص، وعلى الرغم من أن قائمة قادة حزب الله والمشرعين ووزراء الحكومة تضم شخصيات من وادي البقاع إلا أن أياً منهم لا ينحدر من تلك العشائر الكبرى.

وحينما كان نظام الأسد يسيطر على لبنان؛ تمكّن رئيس الاستخبارات غازي كنعان من إخضاع تلك العشائر من خلال منحهم امتيازات في الدولة اللبنانية مقابل ولائهم إلا أنه ومنذ الانسحاب السوري وحتى عام 2015 تُرِكت تلك القبائل تواجه مصيرها بنفسها، ثم بدأت روسيا تلجأ إلى تلك القبائل في محاولة لإحياء شبكة كنعان، فمثلما استخدم بشار الأسد هذه العشائر في السابق كقوة مناوئة لحزب الله؛ يبدو ان موسكو ماضية بكل عزم في ذات الطريق بل وبصورة أقوى مما فعله بشار الأسد.

وحتى عام 1990، قدم الاتحاد السوفييتي منحًا دراسية للطلاب من جميع أنحاء العالم، ودرس العديد من أعضاء العشيرة اللبنانية في موسكو، وتزوجوا من النساء الروسيات وأصبحوا يتحدثون الروسية بطلاقة، وعندما قررت موسكو إحياء قوة كنعان القبلية، بدأ سفيرها في بيروت ألكسندر زاسبكين ، إعادة الاتصال مع خريجي الكليات الروسية، وكانت أكثر العلاقات الروسية تطوراً مع العشائر الشيعية اللبنانية تلك التي أقامتها موسكو مع قبيلة آل جعفر (الجعافرة) التي تتباهى بأنها تستطيع حشد خمسة آلاف مقاتل، وبالمثل تزعُم عشيرة آل زعيتر أنها تدير ميليشيا يتراوح قوامها بين خمسة آلاف وعشرة آلاف مقاتل.

لكن على الرغم من بذل قصارى جهدها، فإن موسكو تدرك على الأرجح أن قوتها القبلية اللبنانية الجديدة لا يمكنها مواجهة حزب الله الأفضل تدريباً وتسليحاً والأكثر خبرة في ميادين القتال، فما تستطيع هذه العشائر اللبنانية الشيعية القيام به، بدلاً من ذلك، هو ان تحل محل مقاتلي حزب الله في المنطقة التي استردها تحالُف الأسد خلال السنوات القليلة الماضية.، وكانت روسيا قد وعدت إسرائيل بأن تحل القوات الموالية لروسيا محل الميليشيات الموالية لإيران في سوريا، وصرح مسؤولون روس إن الوقت قد حان لسحب جميع المقاتلين غير السوريين، سواء الروس اوالأمريكان أو الإيرانيين من سوريا الأمر الذي قوبل بالرفض من إيران.

وصرح حسن نصرالله، رئيس حزب الله، في خطاب له، ان السلطة الوحيدة التي يمكن أن تأمر ميليشياته بمغادرة سوريا هي سُلطة الأسد، الذي يبدو أنه يعتمد على طهران بشكل كامل في سبيل مساعدته على البقاء في الحُكم، وبينما قد يساعد تسليح العشائر اللبنانية الشيعية على تخلُص الأسد من إيران وميليشياتها فمن المحتمل أن تقوم موسكو بتجنيد مقاتلي العشائر كبديل لحزب الله والأسد؛ لذات السبب الذي كانت تدعم من أجله ضباط الجيش السوري كسهيل الحسن المعروف ب” النمر” كبديل للرئيس السوري.

كان الخبراء قد لاحظوا أن الوحدات القتالية التي تشارك في الهجوم ضد المعارضة في الجنوب السوري جاءت في الغالب من ميليشيا النمر، ورداً على ذلك، سارعت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله إلى إعلان أن الحزب وغيره من المقاتلين الموالين لإيران كانوا موجودين مع قوات الأسد عندما استعادت سيطرتها على بعض المناطق في الجنوب، لكن لا يمكن التحقُق من ادعاء حزب الله بالمشاركة في هذا الهجوم من مصدر مستقل، وقد يوحي هذا بأن إيران تخادع حفاظاً لماء الوجه.

وتتوافر علامات الانقسام داخل تحالُف الأسد عبر التنافُس بين روسيا وإيران لتجنيد العشائر المحلية، إلى الحوادث في القصير غرباً وبوكمال شرقاً ، وأخيراً ميليشيا النمر بديلاً عن قوات الأسد وحزب الله في قيادة الهجوم الجنوبي، وكلما ازداد التنافس الروسي الإيراني سخونة، كلما كان من المتوقع حدوث المزيد من الشقاق داخل التحالُف المؤيد لـ “الأسد” الذي كان يبدو مُتماسِكاً في السابق، بما في ذلك وادي البقاع، حيث أجبر عدم الاستقرار الجيش اللبناني تحت تأثير حزب الله -على تعزيز وجوده في الوادي في محاولة لكبح جماح العشائر.