بين سوتشي واللاذقية.. من صفع القيصر!

2018.09.18 | 18:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

على هدير صوت المدرعات والدبابات التركية التي دخلت سوريا لتعزيز نقاط المراقبة كانت قمة سوتشي بين أردوغان وبوتين. القمة التي عقدت على أنقاض قمة طهران الفاشلة.

حصلت تركيا في معركة الساعات الأخيرة قبل القمة على دعم أوروبي لامحدود وتحديدا من قبل ألمانيا وفرنسا، ودعم أمريكي أقل صخباً. هذه الرسائل التقطتها الدبلوماسية التركية سريعا حيث بدأت أنقرة بإرسال تعزيزات عسكرية غير مسبوقة إلى مناطق ريف حماة الشمالي وعموم محافظة إدلب مع ريف حلب الغربي، لتحصين نقاط المراقبة، ودعمتها بحشود عسكرية ضخمة على الحدود السورية التركية (تحدثت تقارير عن أكثر من ثلاثين ألف جندي تركي). الحشود التي أرادت تركيا القول من خلالها إنها جاهزة لكل الخيارات مقابل عدم  السماح لنظام الأسد الكيماوي بالسيطرة على إدلب.

خرجت القمة كما أرادها الأتراك الذين وضعوا كل ثقلهم الدبلوماسي والعسكري

يمكن وصف ما حدث في قمة طهران الثلاثية ولاحقاً قمة سوتشي الثنائية بالصفعة.. الصفعة التي تلقاها بوتين وطاقم وزارة دفاعه.

قبل القمة للخروج بموقف صلب وثابت أثناء لقاء بوتين الذي كان يتصرف إلى ما قبل القمة وكأنه الآمر الناهي بكل ما يتعلق بمجريات الأحداث في سوريا.

يمكن وصف ما حدث في قمة طهران الثلاثية ولاحقاً قمة سوتشي الثنائية بالصفعة.. الصفعة التي تلقاها بوتين وطاقم وزارة دفاعه التي طالما صرحت في الأسابيع الأخيرة بأنها تريد القضاء على ما تسميه الإرهابيين في إدلب وعودة سيطرة الحكومة السورية على حد وصفها.

مكاسب المعارضة ومختلف قوى الثورة جراء هذا الاتفاق كثيرة ويبنى عليها للمستقبل، نحتاج إلى بعض الوقت لمعرفة كل تفاصيل الاتفاق ومراحل تنفيذه والآلية التي سيطبق فيها. حتى نستطيع رسم خارطة طريق لمكاسب قوى الثورة.

بالعودة لاتفاق سوتشي وصفعة إدلب التي تلقاها بوتين مساء الأمس، فقد تسارعت الأحداث ميدانيا خلال الساعات اللاحقة بشكل هوليودي في سوريا، حيث أعلنت روسيا عن أن بارجة فرنسية قصفت موقعاً عسكريً في سوريا، في وقت كان إعلام نظام الأسد يتحدث عن هجوم إسرائيلي على قاعدة عسكرية في محافظة اللاذقية.

ثم صرحت وزارة الدفاع الروسية عن اختفاء-فقدان طائرة شحن عسكرية تقل ١٥ ضابط وجندياً روسياً، المفارقة الغريبة في سلسلة الأحداث المتسارعة هو ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية عن أن دفاعات نظام الأسد الجوية هي من أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ!

لاحقا تبنت روسيا الرواية الأمريكية وأضافت عليها بعض التفاصيل التي لا يمكن أن تصدق، من قبيل أن الطائرة الإسرائيلية اختبأت خلف الطائرة الروسية فقامت المضادات الأرضية التابعة لجيش الأسد الكيماوي بإصابتها!

لماذا كانت أمريكا هي من أعلن عن الجهة التي أسقطت الطائرة؟ هل كانت تريد إخفاء هوية الفاعل الحقيقي لحفظ ماء وجه القيصر وأيضا منعا لأي تصعيد بين المستهدف والروس. ربما كان الناتو هو من استهدف الطائرة في استعراض عضلات بين الطرفين وأراد الناتو من خلالها تذكير بوتين بحجمه الحقيقي وأن الفروقات بين القدرات العسكرية للطرفين شاسعة.

ما يعزز هذه الفرضية هو إعلان روسيا عن أن القصف على اللاذقية جاء من بارجة فرنسية

لا يمكن الجزم من خلال تحليل المعلومات والأخبار عن الجهة التي أسقطت الطائرة الروسية ليلة الأمس، لكن ما هو واضح ولا يمكن للعين أن تخطئه هو تلقي بوتين لصفعتين خلال بضع ساعات.

في عرض البحر المتوسط، وأن كل الأحداث الساخنة ليلة الأمس جاءت بعد ضغوط أمريكية على دول عدة منها ألمانيا للمشاركة في أي هجوم محتمل على الأسد الكيماوي. وجاءت أيضا بعد مناورات عسكرية غير مسبوقة في قاعدة التنف.. القاعدة التي طالما أقلقت بوتين.

لا يمكن الجزم من خلال تحليل المعلومات والأخبار عن الجهة التي أسقطت الطائرة الروسية ليلة الأمس، لكن ما هو واضح ولا يمكن للعين أن تخطئه هو تلقي بوتين لصفعتين خلال بضع ساعات.

صفعة إدلب والتي منعته ووزارة دفاعه من إعلان النصر النهائي على قوى المعارضة ومعظم فصائل الجيش الحر وعودة الأسد الكيماوي للسيطرة على عموم سوريا. وصفعة إسقاط الطائرة العسكرية.

صفعتان وضعت كل واحدة منهما بوتين وجيشه أمام تحدٍ جديد. والأهم: تأجيل إعلان هزيمة المعارضة عسكرياً إلى وقت لاحق.. وقت غالباً لن يأتي.