icon
التغطية الحية

بين تواطؤ النظام وعجزه.. فوضى وارتفاع في الأسعار

2018.12.02 | 18:12 دمشق

وجيه حداد - دمشق - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

خلافا لتصورات النظام ومؤيديه الذين تفاءلوا بعودة عجلة الاقتصاد وتحسن أحوالهم المعيشية، يضيق الخناق أكثر على المواطن السوري وتزداد أعباؤه اليومية والحياتية، وتزداد صعوبة تأمين حاجاته الأساسية، فقد شهدت الأسواق السورية  في الأيام الماضية مزيدا من الارتباك والفوضى في ظل انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار متجاوزة حاجز 500 ليرة للدولار الواحد، وعبرت عن نفسها بارتفاع في أسعار كافة السلع  المحلية والمستوردة بنسب متفاوتة تراوحت بين 10-30 %، وهي نسبة تفوق معدل انخفاض صرف الليرة السورية في نفس الفترة، والمقدر بأقل من 10%.

وكان أمين سر جمعية حماية المستھلك عبد الرزاق حبزة قد صرح لصحيفة "الوطن" الموالية أن بعض المنتجات مثل البلاستيك وبعض أصناف التبغ، والمواد الغذائية كالحلويات ارتفعت أسعارھا بنسبة نحو 20 بالمئة، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، وفيما أنكر حبزة علاقة ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بسعر الصرف، عاد وأكد أن إجراءات بسيطة من المصرف المركزي كفيلة بإعادة الأسعار إلى نصابها معتبرا أن الارتفاع في سعر الصرف لم يصل إلى حد الخطر على حد تعبيره.

من جهته برر رئيس" غرفة تجارة دمشق" غسان القلاع قيام التجار برفع أسعار السلع

ارتفع صحن البيض إلى 1400 ليرة، وكيلو البطاطا إلى 400 وكيلو البندورة إلى 300 ليرة، بالإضافة إلى السلع الغذائية المستوردة مثل  السكر والطحين الذي ارتفع سعر الكيلو الواحد لكل منهما 50 ليرة

مع ارتفاع سعر صرف الدولار، بأن رأسمال التاجر لا يقتصر على النقود فقط بل على السلع أيضا، وأوضح القلاع لصحيفة "الوطن" الموالية أنه إذا كان لدى التاجر كتلة من السلع وارتفعت الأسعار، فلن يستطيع المحافظة على الأسعار السابقة نظراً لأنه يجب أن يعوض كمية البضائع لديه.

 وتركزت النسب العالية من الارتفاعات السعرية على المواد الغذائية اليومية ذات المنشأ المحلي فقد ارتفع صحن البيض إلى 1400 ليرة، وكيلو البطاطا إلى 400 وكيلو البندورة إلى 300 ليرة، بالإضافة إلى السلع الغذائية المستوردة مثل  السكر والطحين الذي ارتفع سعر الكيلو الواحد لكل منهما 50 ليرة، وامتنع العديد من التجار عن  شراء أو بيع كميات كبيرة من البضائع خشية التقلبات اللحظية التي يشهدها السوق في ظل انعدام الأمان الاقتصادي العام، أما في حالة المفرق فقد عبر الفلتان عن نفسه بتباينات سعرية عالية بين مكان وآخر لنفس المادة.

 وفيما يحاول النظام الظهور بمظهر القوي فإنه يبدو عاجزا عن الإمساك بمفاتيح الاقتصاد السوري وتأمين الاستقرار له  بسبب هشاشته وسياساته الاقتصادية والأمنية بدءا من خفض معدل الفائدة الذي انعكس سلبا على أسعار الصرف مرورا بفتح معبر نصيب الذي توقع أن يشكل له طوق نجاة، لكن اقتصار الصادرات على الخضار والفواكه  دفع بأسعارها إلى الارتفاع مما انعكس سلبا على المواطن بشكل مباشر، كما أن قوائم الاحتياط التي عادت بقوة إلى الظهور لها دور كبير معنويا وماديا في خفض معدلات الإنتاج بسبب تواري الشباب وعدم قدرتهم على الحركة.

من جهة ثانية يربط خبراء الاقتصاد انخفاض سعر الليرة السورية بالعقوبات الأمريكية على إيران وتأثيرات ذلك على الخط الائتماني المفتوح للنظام وقدرتها على مساعدته، وهو ما أكدته مديرة الرقابة الدوائية سوسن برو في حديث لميلودي اف ام عن الأزمة الحاصلة على حليب الأطفال وارتفاع أسعاره نافية انقطاعه بالكامل، وعزت أسباب النقص في مادة حليب الأطفال الرضع إلى تأخر وصول المادة من إيران بسبب تعقيدات على الإجراءات الاقتصادية هناك.

 وفيما يبدو انه من المبكر تحديد اتجاهات حركة سعر الصرف ومآلاتها النهائية ارتفاعا أو هبوطا، فان المواطن السوري

اعتدنا أن يرفع التجار أسعار بضائعهم فورا وبنسب أعلى من ارتفاع الدولار، ولكنهم لا يفعلون ذلك عند الهبوط ويبقى السعر كما كان أو يهبط قليلا وببطء

الذي خبر في الأعوام الماضية مرونة السوق في الارتفاع اللحظي لأسعار المنتجات يعرف أن هذه المرونة غير محققة في عودة سعر الصرف أو هبوطه إلى معدلات أدنى.

ويشعر السوريون ولاسيما المؤيدين منهم بالمرارة والإحباط، ويعتبرون أن شيئا ما غير مفهوم لديهم، وان الحركة الاقتصادية لا تتساير مع "انتصاراتهم" التي حققوها في الميدان ، تقول ريم الموظفة في البريد " توقعنا بعد انتصاراتنا أن تتحسن أحوالنا وأن ترتفع الأجور والرواتب كما وعدت الحكومة مرارا، ولكن الأمر يسير على عكس ما انتظرناه" ويعبر أبوسامي المتقاعد عن خشيته من الوضع قائلا "اعتدنا أن يرفع التجار أسعار بضائعهم فورا وبنسب أعلى من ارتفاع الدولار، ولكنهم لا يفعلون ذلك عند الهبوط ويبقى السعر كما كان أو يهبط قليلا وببطء، وهي حالة لمسناها في السنوات الماضية"، أما وائل الذي يعمل موظفا في التربية فيرى أن النظام وراء ارتفاع سعر الصرف بشكل مقصود "يريد تحصيل زيادة الرواتب من جيوبنا قبل أن يعطينا إياها" ويرى أن النظام هو المستفيد منه؛ إن بقي  سعر الصرف مرتفعا، أو عاد  إلى الأسعار القديمة، وأن الحكومة لا تهتم بالمواطن، ولا تريد منه سوى القتال والموت.

مهما تكن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، وتأثيراتها على الأسواق والأسعار والحياة اليومية، فإن الثابت الأكيد أن اقتصاد النظام يعاني من خلل كبير لا تستطيع كل إجراءات الأمن أو الجباية التي يعتمدها أن تستر عورته، ويبقى المواطن السوري هو الضحية الدائمة لتلك السياسات حيث يدفع ثمنها من كرامته وطعامه، كما دفعها من دمه وممتلكاته بغض النظر عن انتمائه السياسي، أو اصطفافه مع النظام أو ضده.