بيدرسن..التمرن على التسويف قادم

2018.11.13 | 23:11 دمشق

+A
حجم الخط
-A

مَثلَ حضور الوسطاء الدوليين في القضية السورية منذ العام 2012، حتى الآن وجهة نظر المجتمع الدولي  نحو معالجة " الأزمة السورية " كما تسمى بالأروقة الدبلوماسية، إذ لم ينجح الوسطاء الدوليين الذين تناوبوا كوسطاء من كوفي عنان، والأخضر الإبراهيمي، إلى المنتهية ولايته ستيفان دي ميستورا في إنهاء معاناة السوريين، ولا بأية قضية إنسانية أو سياسية أو اجتماعية، ويمكن القول إن مهمة الراحل كوفي عنان هي التي حملت إقرار مبدأ الحل الواجب تنفيذه، مع إقرار مؤتمر جنيف 1 ومن بعده جنيف 2، الذي أقر أن لا يكون للأسد أي دور في مستقبل في سوريا وعليه الإقرار والمساعدة على تنفيذ  المرحلة الانتقالية  والتخلي عن كل المناصب.

أما من خَلفه بعد ذلك، سواءا الأخضر الإبراهيمي، أو دي مستورا  المستقيل صاحب فكرة " مناطق خفض التصعيد " فكانت الفترة التي توليا بها مهام الوساطة هي الأثقل خصوصا دي مستورا، في حجم الخسائر التي مني بها الشعب السوري،  وزادت من هواجسه، طول فترة ولايته التي قضى فيها عشرات الآلاف وهجر مئات الآلاف من حلب وحمص درعا ودير الزور والرقة والقامشلي .

سيكون للسوريين مقدرة على حفظ  رابع اسم من الوسطاء هو :غير بيدرسن ، ليأخذ مهمة سلفه دي مستورا، وينضم لنظرائه في قائمة الوسطاء إلى سوريا، لكن دون رفع سقف للآمال مع وجود سؤال وعنوان كبير " ما الذي سيضيفه أو ينجزه بيدرسن " في ظل الوضع القائم ومآلاته  اذا ما أرجعنا إنجازات من سبقوه إلى خانة تحقيق الاختراقات التي لم تتم  إلا على أجساد مئات آلاف السوريين تحت حطام منازلهم، وفي أقبية التعذيب في زنازين النظام.

أهم إنجاز حققه دي مستورا ويتركه لخليفته غير بيدرسن، أنه حقق ارتياحاً للأسد من خلال اللغة التي أشاعها، والسلوك الذي انتهجه حيال الجرائم الكبرى

أهم إنجاز حققه دي مستورا ويتركه لخليفته غير بيدرسن، أنه حقق ارتياحاً للأسد من خلال اللغة التي أشاعها، والسلوك الذي انتهجه حيال الجرائم الكبرى، ونحو عدم المساس بمصيره خلافاً لنظرائه عنان والإبراهيمي، لغة تتوافق ونغمة النظام على كل الموجات من محاربة الإرهاب الى تجزيء وقضم الحلول المطروحة، بالإضافة لتمرين المعارضة على نهج التسويف المتبع من قبل المجتمع الدولي، وبما أن كل المبعوثين والوسطاء يمثلون جهود المجتمع الدولي، فإن التعامي الدولي المستمر عن الجرائم لا يتحمل وزره الوسيط الولي وحده، بل المجتمع الدولي الذي يوفده ويوافق على مهمته وإلى أين يكون المسار والوجهة بالوساطة.

مهمة الوسيط الجديد بيدرسن، لن تحمل آمال كبيرة في أهم المسائل الموفد إليها، من الناحية القانونية والإنسانية " لفض النزاع " في ظل تمتع مستمر ومريح  للنظام بممارسة الجرائم والانتهاكات، وبالقدرة على التهديد لسحق باقي المجتمع الخارج عن سيطرته بالإضافة إلى عدم توفر الدلائل التي تشير إلى انتزاع تعهد واضح من قوى الاحتلال الروسي والإيراني بالكف عن ممارسة الجرائم ودعم النظام، ناهيك عن ضعف إمكانية تحقيق الهدف العادل للسوريين من خلال النظر لجهود المجتمع الدولي السياسية التي تحولت لهشاشة وضعف أظهرت أنياب النظام ومخالبه مجدداً.

فما هو الخلل الذي يسمح للنظام بالتحول من طرف ضعيف مثقل بالجرائم وعلى حافة الهزيمة، إلى طرف " قوي " بالاستعلاء على القانون الدولي والإنساني، ويجعل من مهام الوسطاء الدوليين غير مفيدة ؟ طبعاً بالاستناد لوضع عربي ودولي واقليمي يوفر للنظام إمكانات خرق كل المواثيق، وقدرته على إحداث هذا الخلل لصالح أجندة باتت معروفة الأبعاد ومرهونة بثغرات الواقع العربي، الذي يساعده في عملية الخرق السياسي والاجرامي وبالارتكاز لتحشيد المجتمع الدولي عن الإرهاب.

يمثل هذا الحشد  بالنسبة للنظام، على المستوى الإستراتيجي المبدأ الأول من مبادئ  الاستعلاء، ومن جهة ثانية عدم تماثل الإحساس بالخطر من وجود واستمرار النظام لأنه بات قدوة  لأحلام  محتل و طغاة كثر في المنطقة ومنه تُستمد عزيمة الإفلات من العقاب، ومن المؤكد أن مستوى الإحساس بالخطر يتعلق بخطط النظام المتبقية لمناطق ومدن سورية. 

تلك الأجواء القادم إليها المبعوث الدولي الجديد بيدرسن، تسويف وتزوير للحقائق، فهل يمتلك المجتمع الدولي عزيمة وإرادة لرفع الظلم والضيم عن السوريين؟، وهل يعيد بيدرسن، ألقاً للحديث عن جنيف1، ويعيد الاعتبار لجوهر المهمة الدولية للمساعدة بوقف الجرائم ومحاكمة  النظام المجرم، المؤشرات تقول لا، وعلى السوريين متابعة مقاومة التسويف والتزوير لنيل حرية وكرامة  ومواطنة باتت تضحياتها عظيمة.