icon
التغطية الحية

بندر بن سلطان يتحدث عن سياسة أوباما الكارثية في سوريا

2019.02.13 | 19:02 دمشق

الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما (إنترنت)
تلفزيون سوريا - متابعات
+A
حجم الخط
-A

كشف الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية وأمين عام مجلس أمنها الوطني وسفيرها الأشهر لدى واشنطن، عن الحوار الأول الذي دار بين الأسد ورئيس الوزراء المنشق عنه رياض حجاب، وعن تراخى الرئيس أوباما فيما يتعلق باستخدام النظام للكيماوي وانتهاكاته بحق الشعب السوري وكيف استغلت روسيا وإيران ذلك.

وفي حديثه مع صحيفة "إندبندنت عربية"، في الحلقة الثالثة، تحدث الأمير بندر أن بلاده كانت تتابع التطورات عن كثب، ولم تعلن موقفاً، إلا أنها أرسلت لرأس النظام في سوريا بشار الأسد مندوباً، وطلبت منه اتخاذ ما يمكن لإنقاذ الوضع وتطوراته، بعد أن خرج أهالي درعا في أولى مظاهراتهم ضد الأجهزة الأمنية.

وبعد أن استمر الأسد في سياسته القمعية بحق الشعب السوري، أرسلت المملكة مندوباً ثانياً، لتحذيره من تدهور الوضع، فكان رد الأسد أنه يعي ما يحصل وسيتخذ إجراءات إصلاحية عاجلة، وطلب من المملكة مساعدة مالية لرفع مرتبات قواته، فأرسل له الملك عبدالله 200 مليون دولار كمساعدة عاجلة لتهدئة الوضع والتعامل مع الأمور سياسياً واقتصادياً، إلا أن الأسد لم يفِ بأي من وعوده، بل زاد في القمع والتنكيل.

ولفت الأمير بندر إلى الحديث الأول الذي جرى بين الأسد ورئيس الوزراء المنشق عنه رياض حجاب، والذي سمعه من حجاب، الذي حاول أن يشرح للأسد الأوضاع في دير الزور الذي هو أحد أبنائها، وذلك بعد أن اتصل به عدد من الأهالي وأبلغوه بما يحصل من قتل وتنكيل، فكان رد الأسد "لا تشغل نفسك بهالحكي، بس في هناك عقد التلفونات بدو تجديد وهذا بدك تعطيه لرامي مخلوف، وفيه أرض للدولة لماهر الأسد بدك تشتروها منه".

وخرج حجاب بعد حديثه مع الأسد بقناعة أن "الدنيا وما يحدث في وادٍ وبشار الأسد في وادٍ آخر".

ولفت الأمير إلى أنه وبعد أن بدأ بشار بضرب المدن السورية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، اقتنع الملك عبدالله أنه لا يمكن التعاون معه، معرباً عن أسفه بأنه "لا يوجد بيت أو حي أو قرية أو مدينة إلا وقد سحل فيها الناس وقتلوا ودمروا". 

تراخي أوباما وتدخل الروس الحقيقي

أما عن التدخلين الروسي والإيراني في سوريا، فأكد الأمير بندر بأنه لم يحدث إلا بعد أن قدمت واشنطن ضمانة بأنها لن تتحرك، وانشغال إدارة أوباما بالتفاوض مع الإيرانيين بشأن الاتفاق النووي، مشدداً على أن الخطوط الحمراء التي رسمها البيت الأبيض أكثر من مرة للأسد، كانت مجرد فرقعات إعلامية.

وفي هذا السياق قال بندر "السبب في تدهور الأوضاع في سوريا، وتدخل الروس وغيرهم، هو الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. كان الروس يتوقعون جدية من أوباما، وأن الأميركيين ومعهم البريطانيين والألمان والفرنسيين، والدول العربية الرئيسية كمصر والسعودية والإمارات والأردن، وتركيا كدولة إقليمية سيوقفون تجاوزات الأسد، ولم يكن الروس يريدون اتخاذ موقف يخالف هؤلاء جميعا، لكن الروس حين شعروا أن لا جدية من أوباما تحركوا".

 كاميرون يحذّر من سياسة أوباما في زيارة لمزرعة الأمير بندر

كشف الأمير بندر عن الحدث الذي جعل الرياض تتيقّن بأن أوباما يراوغ، وذلك عندما زار ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق مزرعته خارج العاصمة البريطانية لندن، وطلب من أحد أبناء الأمير بأن يوصل له رسالة بأن أوباما ليس جاداً في سوريا، ولن يقوم بشيء، وأضاف كاميرون لابن الأمير "قد حاولنا مع الفرنسيين بجهود كبيرة، وأوباما يرفض الاستماع إلينا... لو بالإمكان أن تبذل السعودية مجهوداً قد يكون هناك تحرك".

وعندما أخبر الأمير بندر الملك عبدالله بذلك، قال الأخير " غير ممكن!".

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع مكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون، وسألته عن تعليقه على هذه القصة، فكان الجواب بتأكيد اللقاء بين كاميرون وأحد أبناء الأمير بندر في جلمبتون خارج لندن، لكن دون تعليق على التفاصيل التي وردت أعلاه.

أوباما والوعود الوهمية للسعودية وبريطانيا

بات الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز على قناعة بأن أوباما أصبح مثل الأسد من ناحية عدم المصداقية والوفاء بالوعود، وذلك بعد 4 مكالمات بين الرئيسين.

حتى أن وزير الخارجية الأميركي في عهد أوباما جون كيري أخبر الأمير بندر بأنه سيستقيل إذا لم ينفذ أوباما وعده فيما يتعلق بالخطوط الحمراء، ولكنه لم يفعل رغم عدم تنفيذ أوباما لوعده.

وحول تعطيل أوباما لأي تحرك ضد نظام الأسد، قال بندر "التقيت برئيس الاستخبارات الأميركي السابق ديفيد بتريوس، في أحد الاجتماعات في الأردن، وقال لي إن مجلس الأمن الوطني موافق على وضع حد لتجاوزات بشار الأسد واستخدامه الكيماوي، وكلما جئنا بأمر تحرك ليوقعه أوباما قام بتأجيله وتجاهله".

الملك عبدالله تفاجأ برد فعل أوباما، ومراوغته، ولم يستسغ ذلك، ويقول الأمير بندر إنه في آخر مكالمة بين أوباما وبين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وكان فيها الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق كاميرون، ومدتها تزيد عن 40 دقيقة، ومما قاله الملك عبدالله لأوباما في مكالمة هاتفية " لا أصدق نفسي أنني يوما ما سأعيش ورئيس للولايات المتحدة الأميركية يكذب عليّ". وكان أوباما يحاول الدفاع عن موقفه.

مراوغات أوباما مع بريطانيا وفرنسا

أخبر الرئيس الفرنسي هولاند الملك عبدالله عن المكالمة الأخيرة، قائلاً عندما أبلغوني في الأليزيه بأن أوباما يريد التكلم معي، توقعت أنه يريد التدخل فعلاً في سوريا، فاستدعيت مسؤولي الأمن الوطني بما في ذلك رؤساء القطاعات العسكرية عندي للاستماع إلى المكالمة، ومن ثم ينفذ كلٌّ ما عليه، توقعت رداً حاسماً من أوباما وموقفاً تجاه استخدام الأسد للكيماوي. وكانت صدمة هولاند أن أوباما قال له، يجب أن أعود للكونغرس للحصول على الموافقة وهذه خطوة قد تأخذ وقتاً.

بداية فقدان الثقة بين الرياض وواشنطن والذي تسببت به ضبابية أوباما تجاه إيران والأسد، جعلت المسؤولين السعوديين يشككون في كل تحرك من الإدارة الأميركية، ويذكر الأمير بندر أيضاً قصة مرتبطة … يقول فيها : "كنت في جدة عندما عندما تلقيت اتصالاً من جون كيري وزير الخارجية الأميركي وقال: من الضروري أن تتصل بالملك عبدالله، وتطلب منه مشاهدة قناة "السي إن إن" بعد قليل لأن الرئيس أوباما سيدلي ببيان. في هذا الوقت كنت أعرف أن شيئاً لن يحدث، لأنني سمعت الكلام من رئيس الاستخبارات الأميركية ومن كاميرون ومن الجميع بأن أوباما لن يتدخل. قلت لجون كيري: الملك لديه شاشات الأخبار، ويشاهد القنوات الإخبارية. ولو قال الرئيس أوباما أي شيء يهم السعودية والمنطقة، ستنقله قناة العربية والقنوات الإخبارية الأخرى، وأود أن أذكرك أنني رئيس الاستخبارات وأمين عام مجلس الأمن الوطني، ولست وزير الخارجية، نظيرك هو سعود الفيصل تستطيع الاتصال به. قال ظننتك تستطيع الاتصال بالملك أسرع، قلت له: هذا غير صحيح. وبعد 5 دقائق اتصل بي الأمير سعود الفيصل وقال لي: هل اتصل بك جون؟ قلت نعم. سألني عن رأيي وقلت له لا دخل لي بالموضوع طلبت منه الاتصال بك. قال لي سعود: هل تتوقع أن الرئيس جاد وسيعلن شيئاً؟ قلت لا. وسألني سعود الفيصل: هل أبلغ الملك؟ قلت له لو كنت مكانك سأصبر قليلاً، إن كان الخبر جيداً فالملك سيشاهده وإن كان سيئاً فلم تسعى و توصل رسالة سيئة. رد عليّ سعود الفيصل وقال لكن هذه رسالة من رئيس الولايات المتحدة كيف لا أوصلها؟ قلت له من قال لك لا توصلها؟ أنت طلبت رأيي وأخبرتك به".

حدس الأمير بندر وتوقعه، والمعلومات التي كانت لديه عن موقف وجدية الرئيس أوباما، أنقذته ومعه الأمير سعود الفيصل من موقف محرج مع الملك عبدالله، يقول عن تلك اللحظة: "وبعد ذلك بقليل خرج الرئيس أوباما على قناة "سي إن إن" ولم يعلن شيئا وقال إنه سيعود للكونغرس للموافقة، واتصل بي الأمير سعود الفيصل يشكر الله أنه استشارني. وبعدها مباشرة اتصل الديوان الملكي يطلبني للقاء الملك، وكذلك الأمير سعود الفيصل".