icon
التغطية الحية

الموافقة الأمنية.. سبيل النظام لحرمان المعارضين من أملاكهم

2018.09.08 | 16:09 دمشق

مبان مدمرة في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، 16 من نيسان(رويترز)
حسام الجبلاوي- تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بعد صدور المرسوم رقم 10 الخاص بالأملاك العقارية استشعر عدد كبير من المهجّرين السوريين الخطر على أملاكهم، وتهافت عدد كبير منهم إلى قنصليات النظام لإصدار وكالات عامة وخاصة تتيح لأحد أقاربهم داخل البلاد إمكانية التصرف بها، لكنّ أجهزّة الأمن والمخابرات أوقفت معظمها رغم قانونية الأوراق ومنعت الموكلّين من البيع بحجة الملاحقة الأمنية لأصحاب تلك العقارات.

الموافقة الأمنية ورقة باتت تلازم السوريين في جميع مناحي حياتهم، حفل الزواج، التوظيف، السفر، استئجار منزل، فتح مشروع تجاري، وأخيراُ بيع عقاراتهم.

التضييق على أملاك السوريين الخارجين على سلطة الأسد بدء منذ فترة طويلة لكنه أخذ صفة رسمية في الرابع من آب (اغسطس) 2015، حين أرسلت حكومة نظام الأسد تعميماً إلى وزارة الإدارة المحلية تطلب فيه إضافة قضية بيع العقارات أو الفراغ، والمنازل، والمحلات، في المناطق المنظمة وغير المنظمة إلى القضايا التي تحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة.

ووفق شهادات عديدة عطّلت أجهزة المخابرات العديد من الوكالات القانونية التي تم استصدراها من قنصليات النظام في العديد من الدول بحجة وجود قضايا أمنية على هؤلاء الأشخاص.
 

مزاجية وكيدية

يقول ياسر وهو شاب مقيم في مدينة أنطاكيا التركية لموقع تلفزيون سوريا إنه وبعد أكثر من شهر من التردد على قنصلية النظام في إسطنبول والصعوبات الكبيرة والتكاليف الباهظة، التي دفعها إلا أنه لم يستطع الاستفادة من هذه الوكالة، بعد رفض أجهزة الأمن في اللاذقية إعطاء أخيه الموافقة الأمنية لبيع عقاره بحجة خروجه من البلاد بصفة غير رسمية.

ووفق ياسر فإنّ "أجهزة الأمن أخبرت أخاه المقيم في اللاذقية بعدم المحاولة مجدداّ، وإلا ستتم ملاحقته بحجة التعاون مع إرهابيين" وهو ما يعني ضياع كل أملاكه في مدينته السابقة كما يؤكد.

الموافقات الأمنية التي يخضع معظمها للمزاجية والكيدية كما يصفها بعض السوريين الذين حاولوا استصدارها، فرضت سطوة الأمن على سوق العقارات بشكل واضح كما يؤكد المحامي أيمن طه، ومكّنت أجهزة المخابرات من التحكم بها وفرض أتاوات عالية على أي عمليات بيع أو شراء.

تعميم صدر عام 2015 يطلب الحصول على الموافقة الأمنية لبيع أي عقار

غير قانونية

وحول قانونية الموافقات الأمنية التي يشترطها النظام قال الخبير القانوني "طه" إنّ التعميم الذي صدر إلى دائرة العقارات والذي عرض نسخة منه في وسائل التواصل الاجتماعي هو "مخالف للملكية الفردية التي نص عليها دستور النظام في المادتين 14 و15 من حق الفرد في حرية التصرف بأملاكه، وعدم جواز مصادرتها". هذا بالإضافة إلى أنّ هذا التعميم ليس تشريعا صادرا عن مجلس الشعب ولا يحمل صفة وضع مؤقت كما أنه يحمل صفة سري وعاجل ولا يمكن للقضاء متابعته.

وتساءل طه في حديثه الخاص لموقع "تلفزيون سوريا" كيف يمكن تطبيق قانون على المواطن يحمل صفة السرية ولا يخضع لسلطة القضاء في حال أراد المواطن الاعتراض؟ وماهي الحكمة من شموله مناطق بعيدة بالأصل عن دائرة المعارك؟.

وختاما أكدّ الخبير القانوني أنّ "فرض رقابة الأمن على سوق العقارات لم يكن كما يدعي النظام لحماية أملاك المهّجرين ومنع التزوير، بل هي سبيل لمنعهم من التصرف بها ومصادرتها مستقبلاً بعد صدور القانون رقم 10 بحجة عدم تقديم أصحابها لأوراقهم الثبوتية".
 

ابتزاز

تتطلب الموافقات الأمنية مدة زمنية طويلة قد يصل بعضها إلى ثلاثة أشهر، وغالباً ما تأتي بالرفض في حال كان صاحب العقار خارج البلد أو لديه مشكلة أمنية.

يقدّر أحمد، وهو معقّب معاملات يعيش في دمشق، نسبة الموافقات الأمنية التي يتم رفضها بأكثر من 60% من مجمل الطلبات، وهو ما يفتح باباً كبيراً أمام عناصر أمن النظام، وسماسرة آخرين لتحويلها إلى مصدر ارتزاق عبر حصولهم على الرشى مقابل تأمين الموافقة الأمنية.

ويشير أحمد إلى أنّ عددا كبيرا من السوريين الراغبين باستئجار أو بيع عقار أو ما شابه يلجؤون إلى سماسرة لديهم علاقات قوية داخل الجهات الأمنية لتيسير أمورهم.

يعرض الشاب أنس الخوجة وهو أحد سكان حي الوعر تفاصيل ماحدث معه قبل خروجه من حيه حين باع منزله بعقد بيع قطعي لأحد أقربائه مقابل خمسة عشر مليون ليرة سورية، إلا أنّ أجهزة الأمن لم تقبل إعطاء المشتري منه الموافقة الأمنية لتثبيت العقد وإتمام عملية البيع وهددته بالاستيلاء على المنزل.

ويضيف الخوجة اضطررت لإرسال خمسة ملايين ليرة من ثمن المنزل مقابل الحصول على هذه الموافقة بعد أن قال الضابط المسؤول للمشتري بشكل مباشر نريد حصتنا وإلا فالبيع باطل.

وتُحكم أجهزة الأمن قبضتها على كامل سوق العقارات ليس فقط من خلال البيع أو الشراء بل أيضاً عبر التحكّم بعمليات استئجار المنازل في المناطق التي يسيطر عليها داخل المدن، وتتضمّن حصول المواطن على ورقة (لا حكم عليه)، وتقديم معلوماته الشخصية وتفاصيل عن حياته وسبب رغبته في استئجار المنزل والنشاطات التي يقوم بها داخله .