icon
التغطية الحية

الفروج المستورد.. مخاطر غذائية وتهديد للمنتج المحلي في إدلب

2019.01.09 | 15:01 دمشق

صورة تعبيرية (إنترنت)
حسام الجبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تشهد أسواق محافظة إدلب إقبالا ملحوظا على اللحوم المثلجة المستوردة من تركيا نظراً لرخص أسعارها، ويطغى الفروج المثلج بكافة أنواعه (كامل، صدر، فخاذ، دبوس) على موائد سكان إدلب كبديل عن المنتج المحلي الذي يواصل ارتفاع أسعاره مع غلاء المواد الغذائية، ما أدى إلى تراجع أعداد المداجن وإغلاق قسم كبير منها بسبب الخسائر.

ويصل الفروج المثلج التركي إلى الشمال السوري عبر شاحنات تبريد من خلال معبر باب الهوى بعد تغليفه وإعداده في الداخل التركي، حيث يقوم مختصون بفحص جودته وصلاحيته قبل السماح بدخوله، إلا أنّ مخاطره الغذائية تبقى كبيرة بحسب بعض الأطباء نتيجة سوء التخزين والنقل، وبيعه في أماكن مكشوفة دون الحفاظ على تبريده، وهو ما يجعل هذه اللحوم عرضة للفساد خاصة بعد تجميدها مرة أخرى من قبل بعض التجار وطرحها في السوق مرة أخرى.

 

حالات تسمم

ورغم تأكيد مسؤولي المعبر موافقة الفروج المستورد للمواصفات الصحية المطلوبة، فإنّ حالات تسمم عديدة سجلتها مشافي إدلب خلال الآونة الأخيرة بسبب فساد هذه اللحوم.

ووفق الطبيب ماهر يعقوب المقيم في مدينة إدلب فإنّ حالات التسمم الغذائي في إدلب ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة بسبب سوء تخزين هذه اللحوم وانتهاء مدة صلاحيتها.

ويرى يعقوب أنّ الطريق الطويلة التي تسلكها هذه اللحوم للوصول إلى المستهلك، وعدم وجود شروط صحية للتخزين (درجات حرارة منخفضة)، وضعف الرقابة على الأسواق، وجشع التجار وبيعهم الفروج رغم انتهاء مدة صلاحيته جميعها عوامل تؤدي في النهاية لتهديد حياة الناس.

وحول طريقة تمييز الفروج المثلج عن المحلي قال يعقوب في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا إنه "يمكن التمييز بين النوعين من خلال اللون والرائحة، فالبلدي رائحته جيدة، ولون لحمه زهري، بينما المثلج يأتي لون لحمه معتما وعظامه رمادية اللون".

ونصح يعقوب الأهالي بضرورة البحث عن الطعام الطازج الصحي والتأكد من لون الفروج ورائحته قبل شرائه، حيث يطغى على الفاسد منها اللون الأزرق، وتكون رائحته ظاهرة بشكل واضح.

وفي هذا السياق يروي مصطفى شعبان والد الطفلة هلا تفاصيل ما حدث مع ابنته قبل مدة بعد إصابتها بتسمم غذائي كان يودي بحياتها.

يقول شعبان " من المعتاد أن أشتري من تلك اللحوم بين فترة وأخرى نظراً لانخفاض أسعارها وضيق الحال، ولكن في إحدى المرات وبعد تناول وجبة الغذاء بعدة ساعات بدأت ابنتي بالتقيؤ بشكل حاد وارتفعت حرارتها بشكل مفاجئ لم أفهم بداية ما يحصل، وقمت لاحقاً بنقلها إلى المشفى، وهناك أخبرني الأطباء أن ابنتي تعاني من تسمم حاد وتم اسعافها بشكل عاجل ".

ووفق والد الطفلة فإنّ الدجاج الذي تناولته كان من متجر يعرض بضاعته على أحد البسطات تحت أشعة الشمس ودون وجود تبريد.

وختاماً أكدّ شعبان أنّ بعض التجار يقومون باستغلال فقر الناس وبيعهم مواد تالفة على الرغم من انتهاء صلاحيتها، مستغلين ضعف الرقابة وعدم وجود أي ملاحقة لهم.

 

دواعي اقتصادية

من جانب آخر رأى أبو معتز وهو تاجر جملة يقوم باستيراد هذه اللحوم من تركيا أنّ "اللحوم المثلجة كغيرها من أنواع اللحوم المحلية قد تفسد من خلال سوء التخزين والاستخدام"، مضيفاُ أن هذه اللحوم لا تدخل إلى البلاد إلا بعد التأكد من جودتها.

وعزا التاجر زيادة حالات التسمم بهذه اللحوم إلى الأماكن العشوائية وغير النظيفة التي يتم عرضها بها، وعدم مراعاة درجات الحرارة، وجشع بعض التجار وبيعهم هذه اللحوم رغم انتهاء مدة الصلاحية المسجلة عليها.

وخلال جولة على أسواق مدينة إدلب يستطيع أي زائر رؤية عدد كبير من بسطات عليها لحوم دجاج مختلفة الأنواع قوامها طاولات خشبية وعدد من الصحون التي تحتوي فراريج كاملة أو مقطعة، حيث تتفاوت الأسعار أحيانا بين بائع وآخر لكن المؤكد أن جميعها يباع بأقل من سعر البلدي بمقدار يتراوح بين 100 إلى 150 ليرة للكيلو الواحدة.

ورغم تدني القيمة الغذائية للفروج المثلج وعدم جودته الكبيرة من حيث الطعم مقارنة بالبلدي، إلا أنّ انتشاره الواسع في أسواق إدلب له ما يبرره بحسب جمال البيك أحد سكان مدينة تفتناز بريف إدلب .

ويعتبر البيك أنّ ضعف القوة الشرائية للأهالي هو أحد أهم الأسباب التي تدعوهم لشراء المواد الأرخص بغض النظر عن جودتها، فالمستهلك مثلاً بحسب البيك لن يُقدِم على شراء السلع المرتفع الثمن بل سيتوجه للبدائل التي تتناسب مع دخله.

ويؤكد الرجل الأربعيني أنّ "المشكلة الأساسية في الأسواق هي ضعف الرقابة التموينية فالبضائع التالفة و المغشوشة تملأ الأسواق، وعلى المستهلك في هذه الحالة أن يكون حذراُ تجاه أية سلعة يشتريها لا سيما إن كانت غذائية".

 

خسائر للمحلي

استيراد الفروج المثلج في إدلب كان له دواعي أخرى تتمثل بخسائر كبيرة أصيب بها مربي الدواجن المحليين، بعد أن كان من الأعمال الرائجة في محافظة إدلب قبل الثورة.

وتبين إحصاءات سابقة أن أكثر من 1200 هنكار كانت تستخدم كمداجن تابعة للقطاع الخاص في إدلب تقلصت مساحتها كثيراً خلال سنوات الحرب بسبب عدة عوامل أهمها القصف والغلاء.

ويعزو محمد يحيى وهو أحد العاملين السابقين في هذا القطاع تراجع الإنتاج المحلي إلى "ارتفاع تكاليف العلف والنقل و المحروقات ومنافسة المستورد للمحلي حتى باتت النفقات تضاهي أسعار المبيع" وفق قوله.

ورأى يحيى في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أنّ استمرار الاستيراد وتهميش المنتج المحلي أمر يتحمل مسؤوليته القائمون على إدارة الأمور في إدلب منوها إلى أن استمرار الحال دون تقديم دعم حقيقي يعني التخلي عن هذه الصناعة التي هي مصدر دخل لآلاف الأسر في المنطقة .