icon
التغطية الحية

الغارديان: العالم الغربي يجلس مكتوف الأيدي بينما يدمر الأسد إدلب

2019.08.23 | 00:08 دمشق

انتشال جثة طفلة من تحت الأنقاض بعد أن قصفت طائرات النظام وروسيا مدينة أريحا (الأناضول)
الغارديان - ترجمة وتحرير تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تجاهل هذه الفظائع يمنح المستبدين والديكتاتوريين والدول المارقة والإرهابيين قوة وسلطة تسمح لهم بالقتل والإفلات من العقاب.

تتعرض محافظة إدلب شمال غرب سوريا لهجوم يعتمد على سياسة الأرض المحروقة يذكرنا بما حدث في حقبة القرون الوسطى، وذلك مع قيام القوات السورية والروسية بحرق وقتل كل شيء في طريقهم، وقد تمكنت تلك القوات خلال هذا الأسبوع من استعادة مدينة خان شيخون من أيدي الثوار، وهي تستعد الآن للهجوم على قوات جيش دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، ألا وهي تركيا، وذلك في سعيها لتحقيق نصر كامل، ولكن كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟

يصادف اليوم مرور ست سنوات على الهجوم بغاز الأعصاب المدمر الذي شنه النظام السوري في الغوطة والذي تسبب بمقتل 1500 شخص. وبعد مرور أسابيع على تلك الحادثة، قررت الحكومة البريطانية والأميركية عدم معاقبة الأسد لتجاوزه الخط الأحمر عبر استخدام أسلحة كيماوية. وبالنتيجة، انتشرت تلك الأسلحة المرعبة بشكل أكبر على مستوى العالم، لنشهد ما يصل إلى 500 ألف حالة استخدام موثقة لتلك الأسلحة من قبل النظام السوري، بالإضافة إلى الفظائع التي ارتكبتها داعش في سوريا والعراق، وكوريا الشمالية في ماليزيا، والروس في المملكة المتحدة.

وأثبتت الأسلحة الكيماوية بأنها أسلحة رائعة وفتاكة إن كنت لا تمتلك أي قدر من الأخلاق أو الروادع، وبأنها السبيل الأمثل لبث الذعر والرعب. ونظراً لفشلنا وعدم قيامنا بتحديد وتبني خط أحمر بالنسبة لاستخدام هذا النوع من الأسلحة، لذا فمن المحتمل أن نقع فريسة لتهديدها وخطرها خلال السنوات المقبلة.

كنت في إدلب منذ أسبوعين، وكان لدى الأطباء تخوف شديد من وقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية، فالأسد يستخدم السلاح الكيماوي عندما يحس أنه في ورطة، كما حدث في الغوطة عام 2013، أو لانتزاع أهداف صعبة مثل ما حدث في حلب عام 2016 ودوما عام 2018. ولهذا يستعد الجميع في إدلب لمواجهة أي استخدام لتلك الأسلحة خلال الأيام والأسابيع القادمة.

ثم إن الأسد يعلم أنه سيحصل على بعض صواريخ كروز ليحل مشكلاته، لكنها ستخدمه في استرجاع إدلب، كما أن الإصابات والخسائر ضمن صفوف قواته لن تعود عليه سوى بنسبة ضئيلة من العواقب طالما تمكن من تحقيق ذلك الهدف. ولا شك أن بوتين قد قدم له نصيحة حول مدى اهتمام مجموعة الدول السبع ومجلس الأمن بالوقوف في وجه هذا العمل الشائن. ولقد تقصيت وبحثت في ملابسات ووقائع الهجوم الكيماوي الذي وقع في التاسع عشر من شهر أيار/مايو من العام 2019 جنوب إدلب، ولكن بما أنه كان موجهاً ضد هيئة تحرير الشام، لم تبد تلك الجهات أية رغبة بالقيام بأي شيء تجاه ذلك الهجوم. وفي هذه المرحلة يبدو أن أحداً لن يبذل أي جهد في الوصول إلى تلك المنطقة لإنقاذ أرواح ثلاثة ملايين نسمة عالقين في تلك المحافظة المدمرة التي تقع شرق المتوسط.

إنها لمفارقة صارخة أن يكون كل ذلك يحدث جنباً إلى جنب مع الذخيرة الحية التقليدية التي تمطر إدلب، حيث يقتل مئات المدنيين يومياً كل أسبوع منذ بدء مقاتلي الأسد والمقاتلين الروس بتطبيق سياسة الأرض المحروقة هناك، مع وابل من الغارات الجوية والقصف المدفعي، ما أدى إلى تدمير وقتل كل شيء في طريقها بينما يجلس المجتمع الدولي مكتوف الأيدي. وهنالك ثلاثة ملايين مدني إلى جانب 5 آلاف مقاتل جهادي من هيئة تحرير الشام محتجزين ضمن منطقة تعادل مساحتها مساحة لندن الكبرى، وكل ذلك على مرأى الجميع ومسمعه. ولكن إذا لم نقم بأي شيء لوقف ذلك، فلابد أن يلقى آلاف المدنيين حتفهم خلال الشهور القليلة القادمة، وسندفع بفعلتنا هذه آلافاً أخرى نحو الانضمام لتنظيم الدولة (داعش). وفي هذا السياق لابد وأن نذكر بأن مجموعة الدول السبع ستجتمع في غضون أيام لذا لابد أن تكون هذه الإبادة الجماعية ضمن جدول أعمالها، لكنها لم تحظ برتبة الأولوية على ما يبدو.

أقول: إذا لم نفعل أي شيء لحماية النساء والأطفال الموجودين في إدلب، كما سبق أن وقفنا مكتوفي الأيدي عند استخدام الأسلحة الكيماوية منذ ست سنوات، عندها سيكون أمام أي ديكتاتور ومستبد ودولة مارقة مطلق الحرية في شن أي هجوم أو اغتيال أو قتل مع ضمان الإفلات من العقاب بكل جلاء ووضوح. لذا حان الوقت لتقوم الدول الغربية على وجه الخصوص لاستعادة بوصلتها الأخلاقية عبر إقناع بوتين ودفعه لوضع حليفه الأسد المستبد تحت السيطرة، وإذا لزم الأمر، يجب علينا أن نسعى إلى نشر جنود بريطانيين وأميركان وفرنسيين إلى جانب الروس إذا لزم الأمر والأتراك وذلك ليقوموا جميعاً بدحر "الإرهابيين" في إدلب وإنقاذ أرواح ثلاثة ملايين نسمة من المدنيين الموجودين فيها. عندها فقط يمكننا أن نتوقع للسلام أن يدوم وأن تبدأ عملية إعادة الإعمار التي لابد وأن يدفع الغرب فاتورتها بلا ريب. وعملياً، ظلت الأمم المتحدة غائبة عن المشهد خلال النزاع لذا لابد لها من النهوض والتدخل قبل أن يقوم الجميع بتهميشها بشكل كامل.

 

المصدر: الغارديان