icon
التغطية الحية

الصين تسعى إلى حصة أكبر في سوريا عن طريق "أستانة"

2018.05.13 | 23:05 دمشق

الصين تخطط للمشاركة بصفة عضو كامل الحقوق في مسار "أستانة" (إنترنت)
تلفزيون سوريا، موسكو - طه عبد الواحد
+A
حجم الخط
-A

قالت صحيفة "إزفستيا" الروسية، إن الصين تسعى للانضمام إلى إطار "الدول الضامنة" وعملية المحادثات في "أستانة" بصفة عضو إلى جانب كل من روسيا وتركيا وإيران.

ونقلت عن دبلوماسي صيني قوله، إن الصين تخطط للمشاركة بصفة عضو كامل الحقوق في مسار "أستانة" حول سوريا، وأضاف الدبلوماسي الذي لم تكشف الصحيفة هويته واكتفت بوصفه "دبلوماسي رفيع المستوى مكلف بملفات الشرق الأوسط"، إن "الصين تتبنى في هذه المرحلة سياسة أكثر نشاطاً في الشؤون الدولية، ولو وجهت لنا دعوة للمشاركة في عملية أستانة وإطار سوتشي بصفة عضو رابع، فإننا سنتعامل مع اقتراح كهذا بمنتهى الإيجابية".

وتابع الدبلوماسي "لقد بحثنا هذا الموضوع مع الزملاء الروس، وروسيا لا تعارض مشاركتنا في العملية"، لافتاً أن روسيا ليست الوحيدة صاحبة القرار في هذا الشأن، وأنه هناك تركيا وإيران، مرجحاً أن عدم التجاوب مع هذه الرغبة الصينية يعود إلى غياب إجماع بين الضامنين بهذا الصدد، في إشارة منه إلى أن واحدة من الدول الضامنة تعارض انضمام الصين إلى المفاوضات في أستانة.  

يُذكر أن الصين أبدت رغبة واستعدادا للمشاركة في عملية "أستانة" بصفة عضو مراقب، منذ أن أطلقت روسيا وتركيا وإيران هذا المسار التفاوضي مطلع عام 2017، حينها قال "شين شو يان" المبعوث الصيني الخاص في الشأن السوري، إن بلاده مستعدة لأي اقتراح يساهم في تحريك عملية التسوية السورية".

وأضاف "إذا وصلتنا دعوة للمشاركة في عملية أستانة بصفة مراقب، فإننا مستعدون للنظر في هذا الأمر بإيجابية". إلا أن الدول الضامنة لم توجه لـ بكين الدعوة المنتظرة خلال عام 2017. وبقيت الصين، العضو في مجلس الأمن الدولي خارج عملية أستانة، حتى مطلع عام 2018، حين وجهت لها الدول الضامنة دعوة للمشاركة بصفة مراقب في "مؤتمر الحوار السوري" بمدينة سوتشي، نهاية يناير (كانون الثاني) الفائت.

منذ بداية الثورة السورية وقفت الصين إلى جانب النظام في سوريا ولكنها لم تبد حماسة ظاهرة وحاولت البقاء خلف الموقف الروسي

ومنذ بداية الثورة السورية، وقفت الصين إلى جانب النظام في سوريا، إلا أنها لم تبد حماسة ظاهرة، وحاولت البقاء خلف الموقف الروسي، دون أن تتقدم بشكل واضح إلى واجهة الصدام الدولي حول سوريا، مستفيدة في ذلك من الانخراط الروسي الكبير سياسيا وعسكريا لـ صالح النظام في سوريا. 

وكان لافتاً أن الصين حاولت النأي بنفسها نوعا ما عن الموقف الروسي، الأمر الذي برز جليا خلال التصويت على مشاريع قرارات تدين "نظام الأسد" في مجلس الأمن. ومع أن الصين استخدمت الفيتو أكثر من مرة إلى جانب روسيا وأجهضت مشاريع قرارات غاية في الأهمية، من شأنها حماية أرواح السوريين، إلا أنها لم تكن دوما حليفة روسيا في مجلس الأمن، وامتنعت أكثر من مرة عن التصويت على مشاريع قرارات أجهضها الفيتو الروسي وحده، ومنها على سبيل المثال حين امتنعت عن التصويت في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) على قرار حول تمديد ولاية لجنة التحقيق المشتركة بالهجمات الكيماوية في سوريا، في حين أجهض الفيتو الروسي حينها مشروع القرار المذكور، ما أدى إلى "موت" لجنة التحقيق. 

في موازاة ذلك كانت بكين حريصة على عدم البقاء بعيدة تماما عن "مسرح العمليات" في سوريا، مع تقديم مساعدات إنسانية للنظام، كما أجرت اتصالات معه لبحث التعاون العسكري، لعل أبرزها خلال زيارة وفد عسكري صيني رفيع المستوى إلى دمشق منتصف أغسطس (آب) عام 2016 ، والاتفاق خلال تلك الزيارة على توسيع الصين برامج تدريب العسكريين السوريين، وتعهدها بتقديم مساعدات إنسانية إلى سوريا.

أوفد "الأسد" مستشارته بثينة شعبان إلى بكين في محاولة لـ دفع القوات الصينية للمشاركة في القتال إلى جانب قوات النظام

سعى النظام في سوريا إلى دفع الصين نحو انخراط أوسع في الشأن السوري، وأوفد "الأسد" مستشارته بثينة شعبان إلى بكين، خريف العام الماضي، في محاولة لدفع القوات الصينية للمشاركة في القتال إلى جانب قوات النظام بذريعة "التصدي للإرهاب"، وذلك من خلال اللعب على وتر "المتطرفين في مناطق الأويغور". 

وقالت وسائل إعلام، إن "شعبان" بحثت خلال تلك الزيارة مشاركة قوات خاصة صينية في المعارك في سوريا ضد "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" التي زعم النظام أنها تنتشر في مناطق قرب دمشق. إلا أنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت الصين أرسلت بالفعل قوات خاصة إلى سوريا، لكن الأكيد وفق ما هو معلن، أن الصين لم تنضم رسمياً إلى ما تطلق عليه موسكو والنظام "الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب في سوريا".

ويعود التباين بين الموقفين الروسي والصيني ومدى انخراط كل منهما في تفاصيل الشأن السوري، إلى عوامل عدّة، في مقدمتها الأهمية التي تشكلها منطقة الشرق الأوسط بالتنافس الروسي - الأمريكي، والصيني – الأمريكي. إذ تشكل تلك المنطقة جبهة متقدمة بالنسبة لـ روسيا في مواجهتها مع الولايات المتحدة، أما الصين ومع عدم تجاهل اهتمامها الكبير ومصالحها في الشرق الأوسط، فإنها تركز جهودها على التطورات في منطقة آسيا – المحيط الهادئ بشكل عام، التي باتت اليوم جبهة رئيسية للمواجهة مع الولايات المتحدة، ولكبح مساعيها  في الحد من تنامي نفوذ المارد الصيني. ومن هنا فإن اهتمام الصين بالملف السوري يأتي بما في ذلك في سياق رؤية شاملة لإدارة المواجهة مع الولايات المتحدة.

بالعودة إلى رغبة الصين في الحصول على صفة عضو رابع ضمن إطار "الدول الضامنة"، يرى مراقبون أن التحرك الصيني بهذا الاتجاه في هذه المرحلة تحديداً، جاء على خلفية تبلور تكتلات دولية تتنافس في سوريا، الأول تقوده روسيا وتوجه دفته عبر الاتفاقيات الثلاثية (الروسية - التركية - الإيرانية)، والثاني تقوده الولايات المتحدة ويضم معظم الدول الغربية وعدد من الدول العربية. 

من جانب آخر لا يستبعد أن رغبة الصين في انخراط أوسع في الجهود السياسية للدول الضامنة حول الملف السوري، ربما يخفي في طياته مساعي لضمان حصة مقبولة من المشاريع الاقتصادية في سوريا، بعد أن حصلت روسيا من النظام على صفقات مهمة في مجالات حساسة من الاقتصاد السوري، مثل النفط والغاز والفوسفات. ولا تسقط من الحسابات في هذا الصدد عملية إعادة الإعمار في سوريا، لاسيما وأن الصين عبّرت بصراحة عن استعدادها ورغبتها لدور أكبر في هذا المجال.