الخاشقجي والركبان جريمتان منفصلتان والهدف واحد!

2018.10.18 | 00:10 دمشق

+A
حجم الخط
-A

كثيراً ما تحدث عمليات قتل ممنهج فردية أو جماعية غالباً ما تكون بسبب موقف سياسي أو وطني لا يمكن مقاومته إلا بطريقة القتل والتصفية الجسدية، لكن بطرق مختلفة وبطرق ممنهجة تنفذها غالباً أجهزة مخابرات دول لإسكات الأصوات العالية من معارضيها، وخير مثال على القتل الفردي الممنهج ما حدث للإعلامي السعودي جمال الخاشقجي، أحد أبرز الإعلاميين االمدافعين عن حرية الرأي والمناصر العنيد للثورة السورية، في جريمة سيذكرها التاريخ في سجل أبشع جرائم الإنسانية، ولعل ما يحدث في مخيم الركبان من قتل ممنهج بطريقة أخرى وهي االحصار والتجويع حتى الموت هو القتل الجماعي بغرض الإمعان في إذلال شعب انتفض على قيادته طالباً الحرية والكرامة والعدالة. 

ولعل ما حدث للشعب السوري المنتفض من قتل وتدمير ممنهج خير مثال على الجريمة المنظمة التي استخدمها المجرم بشار الأسد ضد الشعب السوري الثائر، فأمعن في قتله بكل أنواع القتل وأشكاله، وقام بمحاولات حثيثة لإركاعه وإذلاله ظنًا منه أن هذا الشعب يمكن أن يعود إلى بيت الطاعة، مستفيداً من الدعم اللامحدود من معظم دول العالم وعلى رأسها إسرائيل وأمريكا وروسيا وإيران بل ومنظمات الأمم المتحدة، التي تجلى دورها في تقديم الدعم المباشر للمنظمات الدولية داخل سوريا والتي يسيطر عليها الأسد ومنها ما يسمى الهلال العربي السوري، والذي ذهب معظم ما قُدم له من المنظمات الدولية إلى الأسد وحاضنته بل إلى جيشه الذي يقتل مواطنيه جهاراً نهاراً دون أي رادع أو ضمير أو أخلاق، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك.

وما يحدث الآن في مخيم الركبان إنما هو استمرار لسياسة المنظمات الدولية والدول في محاصرة الشعب السوري وتركيعه

وما يحدث الآن في مخيم الركبان إنما هو استمرار لسياسة المنظمات الدولية والدول في محاصرة الشعب السوري وتركيعه فمن يرفض استقبال المرضى وتقديم العلاج لهم وخاصة المصابين بأمراض مزمنة يموت هؤلاء نتيجته إنما هو مجرم يقتل شعبًا بأكمله تحت غطاء المنظمات التي من المفروض أنها وجدت لحماية الشعوب المستضعفة والمنكوبة، ومن تابع مقتل الإعلامي الكبير جمال خاشقجي وقتل أربعة عشر مواطناً سورياً في مخيم الركبان الواقع على الحدود الأردنية يلاحظ أن الجريمتين نفذتا بدم بارد، لكن الفرق بينهما أن الجريمة الأولى ضحيتها شخص واحد بغض النظر عن مكانته وكفاحه الطويل ووقوفه الواضح مع الثورة السورية، والجريمة الثانية ضحيتها أربعة عشر مواطناً سورياً بسيطاً وما زالت المقتلة مستمرة وستحصد الكثير من الضحايا.

الجريمة الأولى تصدرت وسائل الإعلام بكافة أنواعه والجريمة الثانية تم ذكرها بشكل خجول على عدد محدود من وسائل الإعلام العربية والدولية خاصة من تنادي بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، والجريمة الأولى حركت مسؤولي العالم على أعلى مستوى من رؤساء ومسؤولين كبار نددوا بها وهددوا مرتكبيها بالعقاب الشديد، والجريمة الثانية لم يتذكرها أي مسؤول من الدرجة العاشرة من بلاد العرب أو بلاد الغرب التي تدعي حماية حقوق الإنسان، بل سمعنا وشاهدنا مشاركة أكثر من دولة في جريمة مخيم الركبان على رأسها الأردن التي أمعنت منذ بداية الثورة في التضييق على اللاجئين السوريين ومحاولة إذلالهم وسرقة مخصصاتهم من الداعمين بشكل ممنهج مستخدمة أذرعها من بعض السوريين المرتزقة.

لا فرق بين رئيس يجرم بحق شعب بأكمله وبين رئيس يقتل من يعارضه حتى بالكلمة

إن ما حدث للإعلامي جمال الخاشقجي جريمة متكاملة الأركان، أثبتت القرائن الدالة عليها أن المجرم مهما كان حذراً خبيراً إلاّ أنه وقع في عدد كبير من الأخطاء الجنائية إذ لا يوجد جريمة كاملة، وقد يتبادر لذهن البعض أن هذه الأخطاء مقصودة نتيجة سذاجتها ليبدو الهدف منها إلصاق التهمة بمن نفذ هذه الجريمة وخطط لها للتغطية على من أمر بتنفيذها لإسكات كل من يصدح بكلمة الحق رافضاً للظلم، ملتحقاً بركب المجرمين الذين قتلوا شعوبهم ودمروا بلادهم وارتكبوا أبشع الجرائم لإرضاء رغباتهم الجامحة بالسلطة متمترسين وراء مجتمع دولي بنيت مواقفه ومؤسساته على المصالح بعيدة عن الإنسانية وحقوق الإنسان ..

وتحت غطاء شعارات كاذبة جوفاء سرعان ما فضحتهم شعوب الربيع العربي وفي مقدمتهم الشعب السوري المكلوم الذي عرّى الأسد وأظهره بوجهه الحقيقي، إذ لا فرق بين رئيس يجرم بحق شعب بأكمله وبين رئيس يقتل من يعارضه حتى بالكلمة، وهذا ما أثبت أن الكلمة أقوى من الرصاص, فمن يحاصر حتى الموت الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ في مخيم الركبان البائس ومن يمنع استقبال المرضى ومعالجتهم في المراكز الصحية التي من المفترض أنها  أنشئت لخدمة هؤلاء المساكين والتابعة لمنظمات إنسانية دولية تدافع عن حقوق الإنسان إنما هو مجرم سفاح ضمِن العقاب من كل الجهات الدولية بل ساعدته هذه الجهات دول ومنظمات على الإمعان في جرائمه وفي حصاره للشعب الذي رفض العودة إلى بيت الطاعة الأسدية ولو كلفه البقاء سنوات في العراء وتحت أقسى الظروف.