الثقافة السورية وقد أتمّت انسجامها

2018.08.13 | 00:08 دمشق

+A
حجم الخط
-A

كان الطيران الحربي يكتب سيرة البلاد عندما كان جناح «وزارة الثقافة-الهيئة العامة السورية للكتاب» في معرض «مكتبة الأسد» الدولي الثلاثين على موعد مع حفل توقيع الروايات الفائزة بالمسابقة التي نظمتها الهيئة في العام السابق، وحملت اسم الروائي الشهير «حنا مينة»

وصرّح الضابط الطيار صفوان إبراهيم، الذي حازت روايته «وصايا من مشفى المجانين» المركز الأول، أنها «تسرد معاناة الشعب السوري جراء من فقدوا عقولهم فحاولوا اغتيال حضارتنا ولم يعرفوا قيمتها». مبيناً أنها «تتحدث عن طبيب سوري شاب درس في ألمانيا وتفوق محرزاً المراتب الأولى، وترقى إلى درجة بروفسور، وتعرض لإغراءات البقاء هناك، لكنه فضل العودة إلى بلاده للقتال إلى جانب الجيش العربي السوري والدفاع عن وطنه ضد المرتزقة».

لإبراهيم رواية بعنوان «طابقان في عدرا العمالية»، صدرت عن الهيئة عام 2017، وروايتان تنتظران النشر هما «مطار منّغ: الحامية الأسطورية» و«حكاية أسير سوري»، مسجلتان في «مديرية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة».

"رعاية المبدعين الخلاقين جزء لا يتجزأ من مواجهة الحرب الغاشمة التي شنت على سورية بهدف وأد النور والمعرفة"

وكان «وزير الثقافة»، الناقد السينمائي محمد الأحمد، قد صرّح أثناء توزيع الجوائز أن «رعاية المبدعين الخلاقين جزء لا يتجزأ من مواجهة الحرب الغاشمة التي شنت على سورية بهدف وأد النور والمعرفة، وترمي إلى خرابها وهدم صرح العروبة فيها»، مؤكداً أن رعاية المبدع والاهتمام بما خطته يده لا يختلف عن رعاية الجندي الرابض على ثغور الوطن. أما الدكتور ثائر زين الدين، رئيس هيئة الكتاب، فأردف أن هذه الجوائز تسهم في تقديم أصوات جديدة ذات صبغة وطنية من داخل البلاد، ولا غاية لها إلا النهوض بالمشهد الأدبي. معتبراً أن إطلاقها من قبل وزارة الثقافة خطوة مهمة في وجه الحرب الإرهابية التي استهدفت سورية وكيانها الحضاري.

وينظر فريق المسؤولين الثقافيين هذا بالطريقة نفسها إلى تنظيم معرض الكتاب بوصفه «تكريساً لحالة النصر في مختلف المجالات»، ونتيجة لما حققه الجيش «الباسل» وما دفع من دماء «أبطال قواتنا المسلحة» في سبيل «عودة الأمن والاستقرار إلى دمشق وريفها». خاصة أن أكثر مستودعات دور النشر كانت في هذا الريف وتضررت خلال «الحرب على سورية»، على حد تعبير رئيس اتحاد الناشرين السوريين.

لجريدة «الوطن» المحلية أوضح مدير المكتبة، قبيل المعرض، عدم وجود لجنة للرقابة على الكتب إطلاقاً، وأن «الرقابة الوحيدة هي رقابة الضمير»، الذي يقضي بالطبع أن المعرض لا يمكن أن يحوي كتباً «تسيء للشعب السوري بتضحياته وشهدائه»، وهو ما أعاد الوزير تأكيده في مؤتمر صحفي عقد بمناسبة الافتتاح.

في السياق نفسه استضاف المعرض حفل توقيع كتاب «العدوان الثلاثي على سورية» لإبراهيم شقير، وكتابَي «الوجه الآخر للثورات العربية» و«صناعة شهود الزور» للصحفي اللبناني المقيم في فرنسا نضال حمادة، وقد حضر كوادر «لواء السيدة رقية» توقيع الكتابين في جناح دار الفارابي البيروتية. وكذلك وقّعت المذيعة السورية نهلة السوسو كتابها «جداريات الشمس» الذي «وثّقت فيه قصصاً واقعية لأفراد من الجيش»، وريم شيخ حمدان مقالاتها المنشورة سابقاً في جريدة «البناء» السورية القومية الاجتماعية، والصادرة الآن في كتابها «بيئات حاضنة نحتاجها»، وميس كريدي، «القيادية في الجبهة الديمقراطية السورية»، ديوانها «أنكيدو العاشق»، والمحلل السياسي عماد فوزي الشعيبي، رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية، كتابه «كيف تفكر الأنثى»‏.

وأقيمت ندوة عن كتاب «قتل الديمقراطية»، المترجم عن الروسية، والذي يرصد كيف تحارب الولايات المتحدة الأميركية الديمقراطية في بلدان مختلفة من العالم، شارك فيها الدكتور بسام أبو عبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، وقد عيّن مؤخراً في منصب «مدير مدرسة الإعداد المركزية لحزب البعث». وندوة حول كتاب «حزب الله وفلسفة القوة» للبرلماني اللبناني السابق ناصر قنديل، تحدث خلالها فيصل المقداد، «نائب وزير الخارجية»، الذي قال إن الكتاب «استثنائي».

إن "السياسيين يعمدون في كثير من الأحيان إلى أن يصبحوا مثقفين، ولذلك يحاولون إظهار سياساتهم بأطر ثقافية"

كما أقيمت ندوة بعنوان «القدس عاصمة فلسطين...»، حضرها «آية الله أبو الفضل الطباطبائي، ممثل الإمام الخامنئي، والمستشار الثقافي الإيراني في سورية، والوفد المرافق لهما». وندوة عن «الأصولية ومظاهرها المختلفة»، وألقى «وزير الأوقاف» محاضرة عن «المنهج العلمي في مواجهة الفكر المتطرف». أما مهدي دخل الله، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام في القيادة القطرية، فألقى محاضرة «بين الثقافة والسياسة»، التي قال فيها إن «السياسيين يعمدون في كثير من الأحيان إلى أن يصبحوا مثقفين، ولذلك يحاولون إظهار سياساتهم بأطر ثقافية، بينما المثقفون غالباً ما يحاولون إظهار ثقافتهم وكأنها حلول سياسية». فيما ألقى الدكتور بشار الجعفري، «المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية» في نيويورك، محاضرة بعنوان «الأمم المتحدة والأزمة السورية»، والإعلامي اللبناني في قناة «الميادين»، سامي كليب، محاضرة بعنوان «دور الرئيس الأسد في تأسيس وصمود محور المقاومة»، تلاها توقيع كتبه الثلاثة المشاركة في المعرض.

سينمائياً عُرض فيلم نجدت أنزور «رجل الثورة»، الذي يصفه الأفيش بوضوح -منعاً لأي سوء فهم- أن «قضيته الوحيدة هي نفسه»، لا شك، وفيلمه «رد القضاء: حصار سجن حلب المركزي»، وفيلما «مطر حمص» و«رجل وثلاثة أيام» لجود سعيد، طبعاً، وفيلمان لعبد اللطيف عبد الحميد، بالتأكيد.

أما أدبياً فأقيمت أمسية قصصية شارك فيها حسن يوسف، الذي وقّع مجموعاته الخمس الصادرة في كتاب واحد، مؤكداً أنها ليست «أعماله الكاملة». وأمسية شعرية لنزيه أبو عفش ألقى فيها، حسب وكالة «سانا» الرسمية، قصائد إنسانية ووجدانية ووطنية. وقد تجلت هذه النزعة الأخيرة في قصيدته «الحياة لا بد منها»، إذ دعا فيها إلى عودة الحياة الطبيعية بعد سبعة أعوام من الحرب، قائلاً: «نريد سلاماً/ نريد أن تعود الحياة التي سبقتنا...».