التخبّط الأمريكي في سوريا...متواصل!

2018.09.11 | 00:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

بعد أن قال قبل خمسة أشهر فقط إنّ الولايات المتّحدة لن تبقَ في سوريا وأنّه سيقوم بسحب قواته للعودة إلى الوطن في نهاية العام الحالي، غيّر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من رأيه ليوافق هذه المرة على بقاء القوات الأمريكية لأجل غير مسمى على أن يتضمن ذلك أيضاً دعماً غير محدود للجهود العسكرية ودفعاً للعملية السياسية في سوريا بما يحقق الأهداف الأمريكية هناك.

ووفقاً لمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الإدارة الامريكية أعادت تعريف أهدافها في سوريا لتتضمن استراتيجيتها الجديدة خروج القوات الإيرانية وميليشياتها من سوريا وإنشاء حكومة مستقرة ومقبولة من جميع السوريين ومن المجتمع الدولي. لكن وكما في المرات السابقة، تتضارب أهداف الولايات المتّحدة المعلنة في سوريا مع سلوكها على الأرض ومع سياساتها المتّبعة في المنطقة بشكل يصعب فيه القول إنّها تسير على المسار الصحيح.

الإدارة الامريكية أعادت تعريف أهدافها في سوريا لتتضمن استراتيجيتها الجديدة خروج القوات الإيرانية وميليشياتها من سوريا وإنشاء حكومة مستقرة ومقبولة من جميع السوريين

كيف من الممكن تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه للسياسة الأمريكية الجديدة في سوريا في الوقت الذي يقول فيه مبعوث الولايات المتّحدة الخاص جيمس جيفري إنّ السياسية الأمريكية لا تعني "أنّ على الأسد أن يرحل....ليس من مهامنا التخلّص منه"؟ لا بل إنّ الجانب الأمريكي ذهب أبعد من ذلك عندما قالت نيكي هيلي، مندوبة الولايات المتّحدة لدى الامم المتّحدة، في تصريح لها قبل عدّة أيام فقط أنّه باستطاعة النظام السوري وحلفائه أن يأخذوا كل سوريا إذا ما أرادوا ذلك، لكن ليس بإمكانهم فعل ذلك باستخدام السلاح الكيماوي".

بمعنى آخر، الجانب الأمريكي لم يعط الضوء الأخضر فقط للأسد وحلفائه بشن حملات عسكرية لإعادة السيطرة على المناطق خارج سيطرته في سوريا فقط، وإنما أشار بشكل غير مباشر إلى أنّه باستطاعته استخدام الأسلحة التقليدية في حملاته العسكرية ضد المدنيين، لكن من غير المسموح لهم استخدام السلاح الكيماوي! كيف من الممكن لمثل هذه الرسائل أن تتماشى مع الأهداف الأمريكي الجديدة المعلنة؟

هل يمكن فعلا إخراج إيران من سوريا إذا ما بقي الأسد رئيساً؟ وكيف يمكن تحقيق الاستقرار وتشكيل حكومة تحظى برضى كل السوريين إذا كان نظامه هو السبب الأساسي فيما جرى

هل يمكن فعلا إخراج إيران من سوريا إذا ما بقي الأسد رئيساً؟ وكيف يمكن تحقيق الاستقرار وتشكيل حكومة تحظى برضى كل السوريين إذا كان نظامه هو السبب الأساسي فيما جرى خلال السنوات السبع الماضية؟ لا تنتهي التساؤلات عند هذه الحدود، إذ هناك ما يرتبط بعلاقة أمريكا بغيرها من اللاعبين أيضاً على المسرح السوري. تجديد إعطاء الضوء الأخضر لنظام الأسد من أجل الاستمرار في سياسة القتل والبقاء في السلطة يأتي بالتزامن مع الموقف الإسرائيلي الرسمي الذي لا يمانع بقاءه أيضاً.

في المقابل، ما تزال واشنطن تعمل بالضد من المصالح التركيّة في سوريا على الرغم من أنّ الأهداف المعلنة للجانب الأمريكي تتقاطع مع الأهداف التركية. عملياً أدّى تفضيل الولايات المتّحدة العمل مع الميليشيات الكرديّة إلى كوارث على الساحة السورية ودفع تركيا باتجاه روسيا وإيران للحفاظ على ما تبقى. كيف من الممكن لواشنطن اليوم أن تحقق أهدافها دون التعاون مع قوّة دولاتيّة في سوريا لاسيما في الوقت الذي تتسابق فيه الميليشيات الكرديّة الموالية لها إلى عقد الصفقات مع النظام السوري؟

كيف من الممكن أن تكسب الولايات المتّحدة تركيا إلى جانبها في معركتها ضد الوجد الإيراني في سوريا إذا كانت تستمر في التعاون مع الميليشيات الانفصالية الكردية فضلاً عن تهديد أنقرة بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية والإجراءات العسكرية؟ من دون إيجاد حل لهذه التناقضات التي تدور فيها الولايات المتّحدة منذ ٧ سنوات في سوريا، من غير المتوقع لها أن تحقق الأهداف المعلنة على الأرجح!