icon
التغطية الحية

الإسماعيليون..تحالفوا مع صلاح الدين وتجاوزوا الإثني عشرية

2018.07.21 | 12:07 دمشق

الإمام سلطان محمد شاه وحفيده الإمام الحالي للطائفة الإسماعيلية كريم شاه الحسيني(إنترنت)
تلفزيون سوريا-سامر قطريب
+A
حجم الخط
-A

"هذا إمامكم إمام عصر الذَرّة" تلخص هذه العبارة التي يرددها كثير من الإسماعيليين فكرة الإمامة عندهم والغاية منها، وترجع هذه المقولة لإمام الطائفة الثامن والأربعين "سلطان محمد شاه" خلال نقل الوصية بالإمامة لحفيده كريم شاه الحسيني الملقب بالآغا خان، حدث ذلك في الهند سنة 1957.

وتعني المقولة أن لكل زمان إمام هو ابن عصره وهو خليفة الله على الأرض بناء على تأويلات الإسماعيليين لآيات قرآنية. يستوعب الإمام المتغيرات التي تطرأ على العالم علميّا ومعرفيّا، ومن مهامه قيادة المسلمين في العالم دينيا وزمنيا، وتطوير المذهب الإسماعيلي والدين الإسلامي وإبعاده عن الجمود والثبات ليكون المسلمون قادرون على التفاعل مع الثقافات والعيش في بيئات اجتماعية مختلفة في أنحاء العالم.

روايتان.. الإمام الصادق والنبي إبراهيم

تختلف المصادر التاريخية في تاريخ نشأة المذهب الإسماعيلي، الذي تعرّفه جماعة إخوان الصفاء وخلان الوفاء في إحدى رسائلها العلمية بأنه حركة دينية ثورية سياسية، وبحسب مصادر تاريخية تعود نشأة الفرقة الإسماعيلية لعام 128هـ في العراق على يد الإمام جعفر الصادق.

إلا أن مصادر أخرى تقول أن الدعوة الإسماعيلية قديمة قدم هذا الوجود، ولديهم مايثبت ذلك علميا وعقائديا، فيما يذهب آخرون إلى أن الدعوة بدأت في عهد إسماعيل ابن النبي إبراهيم الخليل ويستدلون على ذلك بنظريات فلسفية وعقائدية.

تقول الرواية الثانية إن الإمام جعفر الصادق أوصى بالإمامة من بعده لولده إسماعيل وبالتالي انتقلت منه إلى ولده محمد، لأن الإمامة بحسب المعتقد الشيعي تنتقل في الأعقاب وليس في الأخوة، وكان محمد بن إسماعيل حينها  أكبر من عمه موسى الكاظم الذي اتبعه قسم من الطائفة وسمّوا الإثني عشرية نسبة إلى 12 إماماً. 

وتشير المصادر أيضا إلى أن وفاة إسماعيل كانت خطة للتمويه والتغطية على العباسيين الذين طاردوا أئمة الشيعة في كل مكان.

إمام الزمان والإمام المنتظر

لا ينتظر المسلمون الشيعة الإسماعيليون إماما في آخر الزمان كما يفعل الشيعة الإثناعشرية بانتظارهم للمهدي، فلديهم كما تقول عقيدتهم إمام في كل زمان لا تنقطع ذريته التي يعود نسبها إلى الإمام علي بن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء.

إمام الإسماعيليين الحالي هو كريم شاه الحسيني الملقب بالآغا خان وإمام الزمان، وهو يعيش في مدينة كان بفرنسا.

يتزعم الآغا خان الطائفة الإسماعيلية زمنيا ودينيا، ويوجه الإسماعيليين بما يجعلهم جزءا فاعلا في عالم متغير، وهو مسؤول عن تأويل آيات القرآن(النص الديني) بما يناسب الزمان.

عقيدة الإسماعيليين ومبادئ مذهبهم أصبحت مكشوفة ومعروفة، وذلك بعد انتقالهم من دور الستر والتقيّة إلى دور الكشف، إثر انحسار الخطر الذي كان يهدد حياة أئمة الإسماعيليين وأبناء الطائفة في مراحل تاريخية مختلفة كان آخرها في فترة الخلافة العثمانية.

لايُحيي الإسماعيليون طقوس كربلاء التي يمارسها الشيعة الإثنا عشرية في العراق ولبنان وغيرهما من البلدان، باعتبار أن مذهبهم يمجد العقل ويتصف بالتحوّل ويعارض الثبات الفكري والأيديولوجي.

كما تختلف صلاتهم عن الشيعة وتسمى بالطريقة الإسماعيلية، حيث يصلي الرجال والنساء في المسجد معا ضمن صفوف متوزاية، وتضع النساء خلال الصلاة شالاً يغطي الرأس والرقبة. 

وجاءت صفة الباطنية لمذهبهم بسبب تسترهم في مراحل تاريخية كما ذكرنا سابقا، ولأنهم يعتمدون تأويل الآيات القرآنية للوصول إلى معانيها وعلومها الباطنية بعد فهم لظاهر الدين الإسلامي أي الشريعة.

أبناء العم

عقيدتان من أصل واحد هكذا يصف بعض الباحثين الطائفتين الإسماعيلية والدرزية، أما في الأوساط الشعبية فينادي أبناء الطائفتين بعضهم بأبناء العم، ولذلك قصة تعود بجذورها إلى فترة الدولة الفاطمية في مصر التي حكمها في إحدى مراحلها الإمام الحاكم بأمر الله.

في سنة 408هـ استدعى الحاكم بأمر الله أحد أكبر دعاته والأكثر قربا منه وهو الحمزة بن علي الفارسي الملقب(بالدرزي)، وأمره بالسفر إلى بلاد الشام والعمل على حل الخلافات بين أبناء الطائفة هناك، نفذ الفارسي الأمر وجعل مقره في وادي التيم. 

عقب موت الإمام الحاكم سنة 411هـ لم يعترف (الدرزي) بوفاته، واعتبر أنه دخل في غيبة لتخليص أتباعه من الذنوب، وبقي متمسكا بإمامة الحاكم ومنتظرا عودته من الغيبة، وأعلن انفصاله عن الإسماعيلية وسميت فرقته بالدرزية نسبة إليه.

وتشير المصادر إلى أن الحركة الإسماعيلية لا تعترف بالغيبة، وتؤمن بفناء الجسد وبقاء سر الإمامة في الروح، وتنتقل الإمامة إلى إمام آخر منصوص عليه بالاتفاق قبل وفاة الإمام.

وفي أصل تسمية (الدروز) كثير من المراجع، والمؤرخين لم يصلوا إلى نتيجة حتمية لسبب التسمية، يعتقد كثيرون بأن التسمية يعود نسبها إلى أحد القائمين على الدعوة التوحيدية وهو من أوائل الأشخاص الذين باشروا بنشر الدعوة ويُدعى نشتكين الدَرَزي و(الدَرَزي) تعني من يقوم بهمنة الخياطة.

قلعة آلموت

كانت النقطة المحورية للحركة الإسماعيلية قلعة آلموت في جبال البورز شمال إيران، استولى على هذا الحصن الداعي حسن بن الصباح سنة ٤٨٣/١٠٩٠ ليصبح مركزاً لعدد متزايد من الحصون التي تم إنشاؤها بالوسائل الدبلوماسية والعسكرية. ومع الزمن أصبحت هذه المراكز أماكن لسكنى الإسماعيليين في إيران وسورية وأقاموا نموذجا عن هذه الحصون في الجبال الساحلية.

عمل حسن بن الصباح – طبقا للتقليد الإسماعيلي - كممثل للإمام، ومنظم لأماكن سكنى الطائفة المختلفة، وعملية التدعيم هذه قدمت أساساً لما أصبح فيما بعد الدولة الإسماعيلية النزارية التي ضمت كلاً من قلاع الإسماعيليين الإيرانيين والسوريين والتي حكمت من آلموت من قبل الأئمة الإسماعيليين الذين تولوا الحكم بعد الفترة الأولى من إقامتها من قبل ممثلي الأئمة كحسن بن الصباح.

حققت هذه الدولة وجود متنام لأكثر من مئة وخمسين سنة، مع ذلك فإن المواجهة مع القوة المغولية المتمددة آلت إلى سقوطها، وتخريب حصونها الرئيسية، وإلى مذبحة عامة وواسعة للإسماعيليين.

وبرزت في هذه الفترة روايات وقصص وخرافات عن المقاتلين الإسماعيليين في قلعة آلموت منها وصفهم بالحشاشيين وانتشرت هذه التسمية إبان الحملات الصليبية والصراع مع صلاح الدين الأيوبي.

شيخ الجبل وصلاح الدين الأيوبي

اتخذ أئمة الإسماعيلية من مدينة سلمية قرب حماة في سوريا مقرا لهم ومركزا لدعوتهم في مرحلة الستر ومنها بعثو الدعاة إلى مختلف أنحاء سوريا. هناك ولد الإمام عبيد الله المهدي سنة 259هـ، ومن ثم اضطر للخروج إلى المغرب خوفا من مطاردة العباسيين، حيث كانت الدولة الفاطمية قيد التأسيس عقب انتشار الدعوة والسيطرة على البلاد، ثم ما لبثت أن توسعت إلى مصر وانتقل عمل الدعاة إلى سوريا.

بعد انتشار الدعوة في سوريا التي كانت تمر بمرحلة صعبة عقب تأسيس الإمارات الصليبية وبدء الحروب "المقدسة"، بلغ عدد حصون وقلاع الإسماعيليين ثمانية حصون هي القدموس ومصياف وبانياس والكهف والخوابي والنيقة والرصافة والقليقة.

وازدادت قوة الإسماعيليين في سوريا مع إرسال قلعة آلموت سنان راشد الدين كحاكم إلى قلعة مصياف، حيث بدأت فصول قصة جدلية مع صلاح الدين الأيوبي خلال فترة الحروب الصليبية.

الفدائيون

عمل سنان راشد الدين الذي لقب بشيخ الجبل، على بناء المدارس التعليمية لتأهيل الدعاة وتدريب الشبان على الأعمال العسكرية الفدائية، وخلال ذلك أرسل نور الدين الزنكي جيوشه عدة مرات لقتال راشد الدين دون أن يستطيع التغلب عليه وإسقاط قلعة مصياف.

وبعد وفاة الزنكي، حاصر صلاح الدين الأيوبي قلعة مصياف دون أن يتمكن من اجتياحها، وقد حاول الفدائيون الإسماعيليون اغتيال صلاح الدين قرب حلب إلا أن العمليات انتهت بجراح في جسد صلاح الدين.

ويقول محمد كامل حسين في مؤلفه "الإسماعيلية تاريخها ونظمها وعقائدها" إن العداء لم يدم بين صلاح الدين وشيخ الجبل، ويعود السبب إلى تهديد الحملات الصليبية.

كثرَ التهديد والوعيد بين صلاح الدين وشيخ الجبل، وينقل"حسين" في مؤلفه أن صلاح الدين استيقظ ذات صباح وهو في معسكره فوجد رسالة (أبيات من الشعر) مع خنجر مزروع في سرير صلاح الدين، تدل على أن سنانا هو نفسه من زار صلاح الدين ولو أراد لقتله، ويقال إن أحد الفدائيين هو من تسلل ووضعها هناك، وتقول أبيات الشعر:

 

ياذا الذي بقراع السيف هددنا      لا قام مصرع جنبي حين تصرعه

 

قام الحمام إلى البازي يروعه        واستيقظت لأسود البر أضبعه

 

أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه        يكفيه ماقد تلاقي منه أصبعه
 

لو أن عمرك حبلا أنت ماسكه         فسوف تعلم يوما كيف نقطعه

 

إنّا منحناك ثوبا للحياة فـــإن           كنت الشكور وإلا سوف نخلعه

بعد هذه التهديدات اتفق صلاح الدين وشيخ الجبل على محاربة الصليبيين، لذلك أرسل سنان راشد الدين فدائييه الذين كانوا يقومون بعمليات الهجوم والاغتيال مباشرة على العدو، وغالبا ما كانت تنتهي مهمتهم بالموت لذلك سموا بالفدائيين، وقال عنهم البعض بأنهم حشاشون أي"دخنوا عشبة الحشيش كي يقووا بهذه العمليات التي لاينفذها ربما العاقلون".

وإثر ذلك أرسل شيخ الجبل فدائييه لاغتيال الماركيز كونراد ألمونفراتي 588هـ لتدب بعدها الخلافات بين قادة الصليبيين، وعندما عقد صلاح الدين صلحا مع الصليبيين تضمن شروطا طلبها الإسماعيليون وهي عدم التعرض لأملاكهم وقلاعهم،"وكان اتفاق الإسماعيلية مع أهل السنة من أسباب انتصارات العرب على الصليبيين في حروب صلاح الدين" كما يقول الدكتور محمد كامل حسين في مؤلفه (طائفة الإسماعيلية-تاريخها -نظمها -عقائدها)، ويضيف" ويقول الإسماعيلية إن سنانا لم يشأ أن يقتل صلاح الدين لأنه كان يعلم من قران الكواكب (التنجيم) أنه يموت في نفس السنة التي يموت فيها صلاح الدين، ومن عجب أن يتحقق ذلك".  

 

المراجع: طائفة الإسماعيلية .تاريخها. نظمها .عقائدها، د. محمد كامل حسين

تاريخ الدعوة الإسماعيلية، د. مصطفى غالب

معهد الدراسات الإسماعيلية

 

كلمات مفتاحية