icon
التغطية الحية

الأسد في الذكرى الثامنة للثورة.. ووهم الانتصار

2019.03.16 | 17:03 دمشق

+A
حجم الخط
-A

شهد العام الثامن للثورة السورية انتكاسات عسكرية كبيرة، تضمنت سيطرة نظام الأسد على أغلب المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في ريف إدلب الشرقي وجنوب حلب، وريف حمص الشمالي، والغوطة الشرقية وجنوب العاصمة دمشق، بالإضافة للجبهة الجنوبية (درعا والقنيطرة).

وأمام وهم الانتصار الذي ما كان له أن يرى النور لولا التدخل العسكري الروسي، ظن النظام أنه استطاع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبالتحديد لما قبل عام 2011، عندما كان يمسك بقبضته الأمنية على مصير الشعب السوري ومقدراته، ويحظى بدور إقليمي ودولي من خلال دوره الأمني والاستخباراتي المنوط به، بالإضافة لحمايته أمن وسلامة العدو الإسرائيلي.

أوهام النظام التي حاول الترويج لها من خلال أبواقه الإعلامية كان لا بد لها أن تتكسر على صخور الواقع الجديد الذي فرضته المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، والتي كان للنظام الدور الرئيسي فيها من خلال قراره الأرعن باللجوء للحل العسكري في مواجهة المطالب الشعبية الداعية للإصلاح والحرية والكرامة.

أوهام النظام التي حاول الترويج لها من خلال أبواقه الإعلامية كان لا بد لها أن تتكسر على صخور الواقع الجديد الذي فرضته المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية

ولأن لكل شيء ثمن فقد كان لا بد للنظام من دفع ثمن خياراته التي دفع الشعب السوري فاتورتها الأكبر وجاء الدور عليه وعلى مؤيديه ومريده ليكمل دفع هذه الفاتورة، والتي كان ثمنها باهضاً وباهضاً جداً.

فالنظام الذي يتباهى بوهم انتصاراته العسكرية يقف عاجزاً أمام استحقاقات المرحلة الجديدة، وأولى هذه الاستحقاقات كانت توفير مستلزمات الحد الأدنى للمعيشة الإنسانية للمواطنين السوريين في مناطق سيطرتها، وأكبر دليل على فشله هي أزمة الغاز والمحروقات والكهرباء التي ما زالت تعصف بمناطق سيطرته، رغم توقف العمليات العسكرية التي حاول سابقاً التذرع بها للتغطية على فشله.

ومن سخرية القدر أن يكون حل مشاكل النظام بيد حلفائه من الروس والإيرانيين، فروسيا تعتبر المنتج الأول للغاز في العالم، بينما تعتبر إيران في مقدمة الدول المنتجة للنفط، ورغم ذلك فقد تركا النظام يتخبط بأزماته، ليتضح لاحقاً بأن هؤلاء الحلفاء المزيفين ليسوا إلا محتلين جدد، وأنه أي النظام أصبح أجيراً ذليلاً لدى هؤلاء المحتلين.

وليكتمل مشهد الإذلال أمام العالم أجمع سربت روسيا صور رأس النظام بشار الأسد وهو يقف ذليلاً خلال كلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم الجوية، في رسالة واضحة بأن بشار الأسد ليس إلا بيدق بيد القيصر الروسي، وأن له الكلمة الفصل في سوريا.

وكما أذل بوتين الأسد جاء الدور على "الحليف" المحتل الآخر إيران، فقبل أيام تم استدعاء الأسد للعاصمة طهران للقاء المرشد الأعلى للثورة الإيراني علي خامنئي، ورئيس الجهورية حسن روحاني.

وخلال هذا الاستدعاء ظهر الأسد مجدداً في مشهد لا يقل ذلة عن مشهد كلمة بوتين في حميميم، حيث تم استدعاء الأسد وحيداً دون أي مرافق، أو مراسم استقبال كما يتم عادة خلال استقبال قادة الدول الحليفة أو غير الحليفة، كما لم يظهر علم النظام خلف الأسد كما هو معمول في البروتوكولات خلال استقبال الرؤساء والقادة.

وبالانتقال للملف السياسي والعسكري سيجد أي مراقب للأوضاع في سوريا بأن النصر الذي يحاول النظام تسويقه لمؤيديه ما هو إلا نصر مزيف

وبالانتقال للملف السياسي والعسكري سيجد أي مراقب للأوضاع في سوريا بأن النصر الذي يحاول النظام تسويقه لمؤيديه ما هو إلا نصر مزيف، فروسيا وإيران أدركتا تماماً بأن التوصل لحل سياسي يحفظ مكتسباتهما في سوريا لن يتم إلا بالتوافق مع تركيا التي بدورها استطاعت احتواء المعارضة السورية، وطبعا سيكون لهذا التوافق مع تركيا ثمن باهظ بالنسبة للنظام فهو يدرك تماماً ثقل تركيا الإقليمي، وقدرتها على فرض شروطها لأي حل مستقبلي في سوريا، ستكون في حدودها الدنيا استمرار سيطرتها العسكرية على الشمال السوري، بالإضافة لوجود ممثلين لها في أي نظام سياسي قادم في سوريا سواء ببقاء الأسد أم بدونه.

أما شمال وشمال شرق سوريا والتي باتت تعرف بشرق الفرات، فما زالت قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري تحتمي بالقوات الأميركية، وتسيطر على مقدرات سوريا النفطية والزراعية، فيما لا تخفي تركيا نيتها الصريحة بفرض سيطرتها العسكرية على المنطقة بحال تم انسحاب القوات الأميركية، بينما يقف النظام عاجزاً عن اتخاذ أي خطوة سوى إطلاق التصريحات الخلبية، لإدراكه التام بأن مستقبل هذه المنطقة مرتبط بالتوافقات التركية الروسية من جهة والتركية الأميركية من جهة أخرى.