icon
التغطية الحية

الأذان في الإسلام.. نداء وروحانية

2018.05.17 | 19:05 دمشق

الأذان هو شعيرة من أعظم شعائر الإسلام
تلفزيون سوريا - سعيد غزّول
+A
حجم الخط
-A

كثيرة تلك القصص التي تتحدث عن اعتناق (الإسلام) مِن قبل بعض المنتمين لـ ديانات أخرى أو "الملحدين"، وأن السبب الرئيس في إسلامهم كان سماعهم (الأذان)، إمّا مِن خلال المساجد مباشرةً، أو مِن خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وخاصة في شهر رمضان المبارك، الذي تشهده الأمة العربية والإسلامية اليوم.

حتى الذين لم يعتنقوا الإسلام وبينهم مشاهير، يتحدّثون أيضاً عن الأذان وجماله وتأثرهم وإعجابهم به، وعن عذوبته التي ملأت قلوبهم سكينة وطمأنينة، منهم الممثل الأميركي العالمي الشهير "مورغان فريمان"، والذي قال في إحدى مقابلاته "صوت الأذان عند المسلمين واحد من أكثر الأصوات جمالاً وروحانية في العالم".

يعتبر الأذان راحة لـ نفوس المسلمين وطمأنينة للصغار والكبار، حتّى إن "غير المسلمين" يستمعون إليه ويطربون، لذا يفضل دائماً - ويعتبره العلماء المسلمون مِن السُّنّة - الاختيار الصائب لـ مَن يرفع الأذان، وأن يكون صوته رخيماً وعذباً يخرج مِن قلبه ويدخل قلوب الناس، فالمؤذن المتمكّن بالأداء والنغم (مقامات الآذان) يُطرب الناس بصوته الشجي ويحدث أثراً طيباً في قلوبِ المستمعين لما له مِن روحانية عظيمة.

ومِن بعض القصص التي قيل إنها حدثت في العراق - إبّان الغزو الأمريكي -، أن أحد قادة الجيش البريطاني دخل إلى العراق وعبر من "جسر الأعظمية" فسمع (أذان الظهر) وبعد أن وصل إلى منطقة الميدان فسمع صوت أذان آخر، فأمر بإحضار المؤذن (الآخر) وأعطاه كل ما في جيبه من مال، وقال "عندما سمعت صوت المؤذن الأول دخل قلبي، وكدت أعلن إسلامي، وبعد أن سمعت صوت المؤذن الثاني خرج من قلبي هذا الإحساس، ولـ هذا أكرمته".

لذلك يجب على المؤذن أن يكون صوته جميلا، يُطرب الناس عند سماعهم لـ أدائه الأذان ويشدّهم إلى الصلاة والعبادة، فليس أي إنسان يصلح لأن يكون مؤذناً، كما يجب أن يكون المؤذن عاقلاً راشداً، ويجب أن يقرأ الأذان مرتباً - وفق كلمات الأذان المعروفة دون زيادة أو نقصان -، ومِن المؤذنين مَن يستعينون بـ علم الموسيقى حتى يصبح الأذان جميلاً يجذب الناس إلى الصلاة.

وكان المؤذن يؤدّي الأذان مِن مئذنة الجامع (مكان عالٍ مرتفع يبنى مع المسجد) ويصعد عليه المؤذن لـ ينادي بالأذان، أمّا في الوقت الحالي يتم استخدام "مكبّر الصوت" لضمان وصول صوت المؤذن إلى أبعد مكان ممكن، ومع ظهور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، باتت القنوات تعرض أذان الصلوات الخمس حسب مواقيتها بشكل دائم، ومنها مّن يعرض الأذان في شهر رمضان فقط، عند أذان المغرب (موعد الإفطار)، وأذان الفجر (موعد الإمساك/ الصوم).

 

ما هو الأذان؟

الأذان هو شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، وبه تميزّت أمة الإسلام، وبه يُجمع المسلمون لـ أداء أعظم المناسك التعبدية (الصلاة)، وعلى قلة ألفاظ الأذان إلا أنه - بحسب العلماء المسلمين - مشتمل على مسائل العقيدة والتوحيد والإيمان والتسليم والطاعة والفلاح في الدنيا والآخرة، لذلك كان فضله عظيما وثوابه جزيلا.

ولمَّا كانت الصلوات الخمس موقتةً بأوقات معينة (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) النساء:103، لا يجوز فعلُها قبل دخول تلك الأوقات، ولما كان كثير من الناس قد لا ينتبه إلى أن وقت الصلاة قد دخل، شرع الله تعالى (الأذان) إعلاماً بدخول وقتها.

إذن (الأذان) هو الإعلامُ بدخول وقت الصلاة المفروضة بذِكرٍ مخصوص لـ دعوة المسلمين إلى الاجتماع إليها، وهو النداء الذي يُنادي به المسلمون إيذاناً وإعلاناً بدخول وقت الصلاة، فهم ينادون بـ كلمات (الأذان) ويُسمعون بعضهم البعض الأذان مِن فوق المآذن والأماكن المرتفعة حتى يدعون بعضهم للتجمع والمشاركة في أوقات الصلاة.

سابقاً - حسب مواضع تاريخية عدّة -، كان الأذان مستخدماً في المناداة بشأن الأمور الدنيوية للتجمّع والتشاور بأي أمر دنيوي طارئ، فيجتمع المسلمون في المسجد وهو المكان الذي كانت الدولة تُدار منه، ومع الوقت اختفت الحاجة لذلك خصوصاً مع تطور أشكال إدارة الدولة وتوسعها، ومع التطور التكنولوجي، لذا اقتصر الأذان اليوم، على الاستخدام للمناداة على الصلاة حين يحين موعدها.


 

كيف بدأ الأذان؟

لم يكن المسلمون ينادون على بعضهم البعض البعض حين يحين وقت الصلاة، بل كانوا يعرفون أوقات الصلاة لـ وحدهم فيذهبون إلى المسجد لـ أداء هذه الشعيرة، كما يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلما حان وقت الصلاة، الصحابي الجليل (بلال بن رباح)، أن ينادي في المسلمين (الصلاة جامعة) ليجمع الناس للصلاة ومع مرور الوقت فكّر الرسول فى طريقة أخرى ليجمعهم بها.

فاقترح صحابة رسول الله – رضي الله عنهم – على الرسول الأعظم أن يُنادي للصلاة باستخدام الناقوس فقال لهم "ذاك لـ النصارى (المسيحية)"، فقالوا لو اتخذنا بوقاً؟ فقال (ذاك لـ اليهود)، فقالوا لو رفعنا ناراً؟ فقال (ذاك لـ المجوس)، حتى جاء في اليوم التالي الصحابي (عبد الله بن زيد) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقصّ عليه رؤيا، أنه رأى رجلاً طلب منه أن يعلّمه كلمات ينادى بها المسلمين وقت الصلاة، وهي:

الله أكبر، الله أكبر
الله أكبر، الله أكبر

أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لا إله إلا الله

أشهد أن محمدًا رسولُ الله
أشهد أن محمدًا رسولُ الله

حيَّ على الصلاة
حيَّ على الصلاة

حيَّ على الفلاح
حيَّ على الفلاح

الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله

فأعجب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا النداء وأمره بأن يعلّم الصحابي الجليل (بلال بن رباح) هذه الكلمات لـ يؤذن بها وكان معروف بصوته الجميل والعذب، ومِن يومها أصبحت هذه الكلمات هى الأذان الذى يجمع المسلمين لأداء فريضة الصلاة.

ولأن جمال الصوت هو القاسم المشترك بين الأذان والغناء، ولأن الأذان تحديداً طمأنينة للنفوس، الكثير مِن المطربين العرب اعتلوا مآذن المساجد وأدّوا الأذان بأصواتهم - خاصة في شهر رمضان -، منهم "محمد عبد الوهاب، وسيد مكاوي، وصباح فخري، وفريد الأطرش، إيهاب توفيق، وإيمان البحر درويش.." وغيرهم.

إلى ذلك، تشهد سوريا ودول عربية وإسلامية عدّة، اليوم الخميس، أول أيام شهر رمضان المبارك، ولـ صوت الأذان في هذا الشهر وقع جميل وعذب على مسامع الناس، وخاصة خلال موعد صلاتي المغرب والفجر، حيث تحرص معظم وسائل الإعلام العربية والإسلامية - المرئية والمسموعة - على عرضه باختيار أجمل الأصوات بأدائه.