icon
التغطية الحية

إندبندنت: 8 سنوات لم تخنق الغضب الذي دفع آلاف السوريين للتظاهر

2019.03.15 | 17:03 دمشق

فتاة تلوح بعلم الثورة السورية خلال احتجاج ضد بشار الأسد في القصير (رويترز)
إندبندنت - ترجمة وتحرير ربى خدام الجامع - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كتب كل من "جيما فوكس" نائبة رئيس تحرير القسم الدولي في صحيفة "إندبندنت" البريطانية، ومراسلها في الشرق الأوسط "ريتشارد هول" مقالاً مطولا تطرقا فيه إلى مآلات الثورة السورية بعد ثماني أعوام على انطلاقتها.

وذكر المقال المنشور اليوم الجمعة، أنه مع كل هذا العنف والدمار الذي عايشه السوريين إلا أن أفكار الحرية لم تسحق، ولم يُخنق الغضب الذي دفع الآلاف للخروج إلى الشوارع والتظاهر.

وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لتقرير إندبندنت:

مع دخول الحرب السورية عامها التاسع؛ ثمة موجة عنف جديدة تلوح في الأفق أمام ملايين المدنيين في الشمال السوري.

تمكن النظام خلال السنة الماضية من استعادة السيطرة على جميع المناطق التي سيطر عليها الثوار في الجنوب، الأمر الذي أنقذ بشار الأسد بوصفه رئيساً للبلاد، أما باقي من تبقى من المعارضة المسلحة فقد تم حصرهم في محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حلب.

وفي كلتا هاتين المنطقتين تمكنت قوة عسكرية، لم تبد ذلك الاهتمام بالأهداف الأساسية التي قامت من أجلها الانتفاضة في سوريا، من تعزيز سلطتها، وهي تسعى لمواجهة أخيرة مع جيش النظام وداعمه الروسي.

ومن جانبه صرح النظام بأنه رد على الهجمات المتزايدة لهيئة تحرير الشام الجهادية، وهي مجموعة وصفتها المملكة المتحدة بأنها عبارة عن تنظيم إرهابي له ارتباطات سابقة مع القاعدة.

إذ بعد سلسلة من الانتصارات التي حققتها تلك المجموعة على مجموعات معارضة أخرى، تحولت تلك المجموعة إلى القوة المسيطرة الضاربة في إدلب، كما سيطرت على المعابر الحدودية في المنطقة.

وفي تعزيز لقوتها انخرطت هذه المجموعة في ممارسة قمع من النوع ذاته الذي قامت بسببه الانتفاضة على حكم الأسد، حيث قام الفرع الأمني سيء الصيت لهذه المجموعة باعتقال وسجن كل من ينادي بالمبادئ الديمقراطية للثورة.

وسبق وأن وجهت اتهامات لهذه المجموعة بأنها كانت السبب وراء اغتيال العديد من الناشطين المعروفين ومن بينهم رائد الفارس وحمود جنيد اللذان كانا يديران محطة إذاعية محلية صرحا من خلالها عن مناهضتهما لمقاتلي هذه المجموعة.

وفي سياق منفصل لقي مئات السوريين مصرعهم بسبب الهجمات التي شنتها روسيا والنظام على مناطق "خفض التصعيد" في إدلب خلال الشهرين الماضيين، في حين نزح ما يقارب من 40 ألف مدني من بيوتهم هرباً من القتال الدائر.

لقد أصبحت هذه المحافظة مأوى لما يربو عن ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نزحوا من مناطق أخرى في البلاد، في الوقت الذي تحذر فيه فرق المساعدات الإنسانية العاملة على الأرض من تضاعف أعداد سكان المخيمات إلى أقصى الحدود.

مستقبل إدلب

وحول هذا الموضوع يصرح ناصر حاج حامد المدير التنفيذي لهيئة الإغاثة الإسلامية وهي مؤسسة خيرية تعمل في إدلب: "ثمة إحساس شديد بالذعر يسيطر حالياً على إدلب مع إغلاق المزيد من المرافق الصحية في الوقت الذي يعاني فيه الناس ويموتون من شدة الألم بسبب عدم حصولهم على العلاج اللازم".

ويضيف: "مرة أخرى يجد المدنيون المحاصرون أنفسهم عرضة للهجوم من كل الجبهات، بغض النظر عن مكان تواجدهم أو من يسيطر عليهم يجب أن يتمكن الناس من الوصول إلى الرعاية الصحية التي تنقذ حياتهم، ويجب على المجتمع الدولي أن يسعى لتأمين استمرار وصول المساعدات لكل من يعاني من هذه الأزمة".

إلا أن جميع المؤسسات والجهات الخيرية أصبحت عرضة لخرق القانون في حال قيامها بإرسال المساعدات إلى إدلب عبر المعابر التي يسيطر عليها تنظيم تم تحديده كإرهابي، أما خطر تورط تلك الجهات في القتال فقد أخذ بالتنامي يوماً بعد يوم.

هذا وقد شهد يوم الأربعاء الماضي تفجيرات وصفت بالأسوأ خلال الأسابيع الماضية، بعدما قامت القوات الروسية والقوات التابعة للنظام باستهداف إدلب المدينة وريفها.

وحول ذلك يعلق عبد الكافي الحمدو، وهو أستاذ محاضر في جامعة إدلب، أصله من حلب، بالقول: "إنه لأمر مرعب! كل شيء في إدلب المدينة يتعرض للقصف في هذه اللحظة"

ويعقب في تصريح لصحيفة إندبندنت: "إنها مدينة مكتظة بالسكان، ولهذا ستكون نسبة الإصابات فيها مرتفعة. الناس يعيشون في رعب حقيقي، والصدمة بادية بكل جلاء على كل الوجوه"

كثيرون في إدلب الآن يخشون من أي هجوم وشيك لقوات النظام، فالخطة التي ظلت تهدد المنطقة لمدة طويلة والتي تتمثل باستعادة السيطرة على المحافظة قد تم تعليقها السنة الماضية عقب اتفاقية بين روسيا وتركيا التي أرسلت قواتها العسكرية إلى الميدان هناك إلى جانب دعمها لعدد من المجموعات المقاتلة في المنطقة.

هذا وقد حذرت الأمم المتحدة من أن الهجمة العسكرية الموسعة على إدلب لابد وأن تخلق "أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم في القرن الحادي والعشرين".

أما تركيا التي نشرت قواتها العسكرية على الأرض في إدلب لمنع أي هجوم شامل لقوات النظام، فكان أملها أن يتيح ذلك الاتفاق بعض الوقت حتى يتم التوصل إلى اتفاق بين دمشق وما تبقى من معاقل للثوار، بيد أنه منذ ذلك الحين شددت هيئة تحرير الشام المتطرفة قبضتها وسيطرتها على المحافظة لتخيب بذلك كل أمل في التوصل إلى هذا الاتفاق.

هزاع، أحد قاطني إدلب وصف الوضع فيها كالتالي: "أصبحنا نخاف كثيراً من التفوه بأي شيء ضد هذه المجموعة،  فكل من يتحدث عن الديمقراطية يعتبر مجرماً بنظرها. ويضيف بعد أن سمح لنا باستخدام اسمه الأول فقط: "إلا أننا الآن صرنا نخاف أكثر من قصف النظام وروسيا".

وفي اعتراف بالهجمات التي نفذت يوم الأربعاء؛ صرح الجيش الروسي أنه استهدف مستودعاً يعود لهيئة تحرير الشام، وأن تلك الضربات الجوية تمت بالتنسيق مع تركيا.

وحول ذلك يخبرنا ياسر الذي يعيش في ريف إدلب والذي سمح لنا باستخدام اسمه الأول فقط، بأنه سمع التفجير من القرية التي يقيم فيها، وقال:

"جميع المقيمين والنازحين في المناطق المحررة يشعرون بالاضطراب والخوف مما يحدث الآن" ويتساءل: "هل سيقوم النظام وروسيا بالهجوم، أم ستوقف تركيا هذا القصف؟"

على أية حال، دخلت سوريا عامها التاسع من الحرب ولم يتغير حالها معها منذ السنة الأولى، إذ ظل العنف والقمع يجتاح معظم البلاد، لأن الظروف الأساسية التي أدت لقيام ثورة في البلاد بقيت على حالها.

درعا مهد الثورة

فخلال الأسبوع الماضي تظاهر المئات في مدينة درعا "مهد الثورة" ضد نصب تمثال جديد للأسد الأب في المدينة. درعا تلك المدينة ذاتها التي انطلقت منها الاحتجاجات السلمية ضد حكم الأسد منذ ثماني سنوات، قبل أن تنتقل تلك المظاهرات لبقية أنحاء البلاد.

ويمثل هذا الاحتجاج أكبر مظاهرة سلمية واسعة النطاق في المناطق التي يسيطر عليها النظام خلال هذه الفترة، إذ أتت بالرغم من حملة القمع الموسعة التي تجتاح الجنوب السوري.

هذا ولقد استعاد النظام السيطرة على هذه المدينة في أواسط العام المنصرم، وبالرغم من قيام عدد من اتفاقيات المصالحة مع ثوار سابقين، إلا أن هذه المدينة عادت لتكمل حلقة الثورة من حيث توقفت.

وحول الأوضاع في الجنوب السوري كتبت مجموعة الأزمة في تقرير لها ما يلي:

"بمجرد عودة النظام إلى المنطقة باشر باعتقال عشرات الثوار الذين قاموا بمصالحة رسمية إلى جانب المدنيين الذين مارسوا العديد من الأنشطة المعارضة غير المسلحة، الأمر الذي يدل على عودة أجهزة أمنية لم تتعرض للمساءلة إلى الظهور".

ولابد لهذه المقاربة أن تقف حجر عثرة أمام الجهود التي يبذلها النظام لبسط سيطرته على كامل البلاد، وقد سبق وأن عبر عن رغبته في ذلك بحسب ما ورد في التقرير الذي ذكر أيضاً:

"بما أن الوضع في الجنوب لم يشهد أي تحسن كبير، فهذا يعني أن النازحين لن يعودوا إلى مناطقهم بأعداد كبيرة، طالما ظلوا يخشون من البطالة والتشرد والاعتقال التعسفي".

تنظيم الدولة وقسد

وفي مناطق أخرى من سوريا تتسارع الأحداث بعيداً عن سيطرة النظام، إذ شارفت قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة والتي تسيطر على ثلث البلاد حالياً، على القضاء على من تبقى من دولة الخلافة التي أقامتها داعش.

وبالرغم من بعض المؤشرات؛ إلا أن الإدارة الكردية التي تسيطر على هذه المنطقة تسعى للمصالحة مع دمشق، فالشكوك حول مستقبل الوجود الأميركي في البلاد دفعهم لتوخي المزيد من الحذر، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن انسحاب مفاجئ لألفي جندي أميركي من البلاد في شهر كانون الأول الماضي، إلا أن ذلك القرار بقي يراوح مكانه منذ ذلك الحين.

أما تركيا التي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية جماعة إرهابية فلطالما هددت بعبور الحدود وإقامة منطقة آمنة في المناطق التي تسيطر عليها، مما قد يخلق احتمالية نشوء نزاع جديد بين الطرفين المتحالفين مع الولايات المتحدة. غير أن هذا النزاع المحتمل قد تم تجميده كما تم تجميد الأوضاع في إدلب في الوقت الذي أخذت فيه القوى الكبرى بالتفاوض حول مصيره.

وبالرغم من النظرة القاتمة التي تسيطر على الكثيرين في مختلف بقاع سوريا، إلا أن ثماني سنوات من الحرب لم تسحق الأفكار ولم تخنق الغضب الذي دفع الآلاف للخروج إلى الشوارع والتظاهر.

وحول ذلك يقول حمدو: "لا يمكنني أن أقول إن الثورة قد انتهت، فلقد نزحت من بيتي مرة، ولو نزحت مرة أخرى فلن يقنعني ذلك بأن الثورة قد انتهت، لأنها ماتزال في قلبي".